تركيا تنفي استهداف قواتها المدنيين أو المعالم الدينية شرق الفرات

نددت بقرارات أميركية وفرنسية حول «نبع السلام» ودعم «الوحدات» الكردية

عنصران من القوات الحكومية السورية في موقع بريف عين العرب (كوباني) على الحدود السورية - التركية أول من أمس الأحد (أ.ف.ب)
عنصران من القوات الحكومية السورية في موقع بريف عين العرب (كوباني) على الحدود السورية - التركية أول من أمس الأحد (أ.ف.ب)
TT

تركيا تنفي استهداف قواتها المدنيين أو المعالم الدينية شرق الفرات

عنصران من القوات الحكومية السورية في موقع بريف عين العرب (كوباني) على الحدود السورية - التركية أول من أمس الأحد (أ.ف.ب)
عنصران من القوات الحكومية السورية في موقع بريف عين العرب (كوباني) على الحدود السورية - التركية أول من أمس الأحد (أ.ف.ب)

قالت وزارة الدفاع التركية إن القوات التركية المشاركة في عملية «نبع السلام» العسكرية في شمال شرقي سوريا، التي انطلقت في 9 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حرصت على عدم إلحاق أي ضرر بالمدنيين والمعالم الدينية والثقافية والتاريخية وتجنب أي تخريب في البيئة والتزمت تماماً بهذه المبادئ.
وأضافت الوزارة، في بيان أمس (الاثنين)، أن القوات المسلحة التركية ملتزمة بمبادئها في عملية «نبع السلام»، كما التزمت بها في عمليتي «درع الفرات» و«غصن الزيتون»، ولو كان ذلك على حساب تأخير العملية، بحسب ما قالت.
وفنّد البيان ما وصفه بـ«الأكاذيب التي روجها أتباع وداعمو وحدات حماية الشعب الكردية»، أكبر مكونات «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، قبل بدء عملية «نبع السلام»، بأن الجيش التركي «سيسحق الأكراد ويستهدف جميع المكونات العرقية والدينية، وعلى رأسهم المسيحيون».
واتهم البيان «قوات سوريا الديمقراطية» بأنها نصبت مدفع هاون في إحدى كنائس مدينة تل أبيض، وعلقت صور زعيم «حزب العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان على جدران بعض الكنائس، مشيراً إلى أن الصور الواردة من مدينتي رأس العين وتل أبيض تبيّن عدم إلحاق أي ضرر بأي كنيسة في هاتين المدينتين خلال عملية «نبع السلام».
وأكد البيان أن «الجنود الأتراك يحرصون على مراعاة التركيبة العرقية والدينية في منطقة نبع السلام ويبذلون قصارى جهدهم من أجل تلبية جميع احتياجات» سكان هذه المناطق في شمال شرقي سوريا.
وكانت الوزارة أشارت، في بيان أول من أمس، إلى استمرار أعمال الاستطلاع والمراقبة ونزع الألغام والمتفجرات المصنوعة يدوياً في إطار عملية «نبع السلام». ونفت تقارير عن إطلاق النار على عناصر تابعة لمؤسسات مدنية ولدول التحالف المحتمل وجودها بالمنطقة. وأكّدت أن هذه الأنباء لا تعكس الحقيقة.
في السياق ذاته، قالت مصادر عسكرية إن أعمال التمشيط التي يجريها الجيش التركي و«الجيش الوطني السوري» (فصائل من المعارضة السورية) في منطقة «نبع السلام» كشفت تزويد الولايات المتحدة «وحدات حماية الشعب» الكردية بمدافع هاون.
ونشرت وكالة أنباء الأناضول الرسمية أمس، صوراً قالت إنها لأحد مستودعات الذخيرة، بمدينة رأس العين، كشفت عن 60 صندوقاً للذخيرة تحوي قذائف هاون صناعة أميركية من عيار 120 ملليمتراً ويصل مداها إلى 8 كيلومترات.
في سياق متصل، قالت وزارة الخارجية التركية إن عدم ذكر واشنطن في تقريرها حول الإرهاب لعام 2018، «وحدات حماية الشعب» الكردية تنظيماً إرهابياً والاستعاضة عن ذلك بالإشارة إلى «امتدادات حزب العمال الكردستاني في سوريا»، يعد محاولة للتستر على موقفها الذي يعارض القانون.
وقال المتحدث باسم الخارجية التركية حامي أكصوي، في بيان حول تقرير الإرهاب لعام 2018 الصادر عن وزارة الخارجية الأميركية الجمعة الماضي، إن التقرير أكد أن تركيا معرضة للتهديدات الإرهابية من قبل تنظيمي «داعش» و«حزب العمال الكردستاني»، وشدد على «كفاح تركيا ضد المنظمات الإرهابية، وإسهاماتها الفعالة في الجهود الدولية وعلى رأسها التحالف الدولي ضد (داعش)».
وأضاف: «أقر التقرير أن حزب العمال الكردستاني المدرج على لائحة المنظمات الإرهابية الأجنبية من قبل الولايات المتحدة، تسبب في استشهاد أكثر من 1200 مدني وشرطي وجندي في تركيا في الفترة بين 2015 و2018». وتابع: «عدم ذكر اسم وحدات حماية الشعب الكردية بالاسم والاستعاضة عن ذلك بالإشارة إلى أنها الامتداد السوري لحزب العمال الكردستاني، يعد محاولة للسلطات الأميركية التي لا تخفي تعاونها مع التنظيم الإرهابي (الوحدات الكردية) للتستر على مواقفها المتعارضة مع القانون».
وكانت وزارة الدفاع التركية نددت، في بيان أول من أمس، بقرار مجلس النواب الأميركي الذي اعترف بالإبادة الجماعية للأرمن على يد العثمانيين في شرق الأناضول خلال الفترة من 1915 إلى 1917 إبان الحرب العالمية الأولى، وبقرار الجمعية الوطنية الفرنسية التي وصفت الوحدات الكردية بـ«الحليف». وعدّ البيان أن تركيا ما زالت تتلقى تهديدات خطيرة من «داعش» و«الوحدات الكردية» الموجودين في مناطق شرق الفرات في سوريا.
وأضاف البيان أن قرار مجلس النواب الأميركي فرض عقوبات على تركيا ومسؤوليها رداً على عملية «نبع السلام»، بحجة مزاعم الإبادة الأرمنية، يتعارض مع روح الاتفاق المبرم بين أنقرة وواشنطن بشأن المنطقة الآمنة شمال سوريا في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي و«التحالف والشراكة الاستراتيجية» بين البلدين.
وتابع: «يجب أن تعلم أوروبا جيداً أن تركيا هي العائق الأخير بينها وبين والإرهاب، وهي بمثابة خط جبهة في محاربة الإرهاب»، ولفت إلى أن استهداف فرنسا عملية «نبع السلام» ما هو إلا محاولة من حكومتها لـ«تحريف وإخفاء الحقائق» عن الشارع الفرنسي والمجتمع الدولي بأكمله. وأشار البيان إلى أن أولوية تركيا الحليفة في «الناتو» منذ 70 عاماً، هي القضاء على التهديدات الإرهابية بالتعاون مع حلفائها، قائلاً إنه «رغم الاتفاقات المبرمة بين تركيا وحلفائها في مجال مكافحة التنظيمات الإرهابية، فإن الحلفاء تركوا تركيا وحدها في هذه المسيرة».
وأضاف: «لهذا أطلقنا عملية نبع السلام يوم 9 أكتوبر الماضي بهدف عرقلة تأسيس حزام إرهابي وتوفير العودة الآمنة والطوعية لإخوتنا السوريين إلى ديارهم، والعملية موافقة للقوانين الدولية التي تمنح تركيا حق الدفاع المشروع عن نفسها، وتهدف إلى توفير الأمن للشعب التركي وجميع الشعوب والشرائح الاجتماعية في المنطقة». وأضاف البيان أنه من غير الممكن أن يكون تنظيم «داعش» ممثلاً للمسلمين، وكذلك لا يمكن أن تكون «الوحدات الكردية» ممثلة للأكراد.
وأكد أن تركيا اعتقلت جميع عناصر «داعش» الذين أُخلي سراحهم من قِبل «الوحدات الكردية»، بحسب ما أكد البيان، علماً أن الأكراد يقولون إن عناصر «داعش» فروا خلال الهجوم الذي شنه الجيش التركي على مناطقهم شمال شرقي سوريا الشهر الماضي. وتابع البيان التركي: «ننتظر من الدول التي التحق مواطنوها بصفوف (داعش)، تعاوناً من أجل إعادة هذه العناصر إليهم، وأن سحب الجنسية من هؤلاء الإرهابيين، ليس وسيلة من وسائل مكافحة الإرهاب».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.