دفعة أممية للانتخابات الفلسطينية

«فتح» تطالب الفصائل بردود خطية على رؤية عباس للاقتراع

TT

دفعة أممية للانتخابات الفلسطينية

قال نائب رئيس حركة «فتح» محمود العالول، إن قائد الحركة الرئيس الفلسطيني محمود عباس يريد «ردوداً خطية واضحة» من الفصائل الفلسطينية بشأن الانتخابات.
وأضاف العالول أن عباس ضمّن رؤيته بشأن إجراء الانتخابات في ورقة سلمت إلى رئيس لجنة الانتخابات المركزية الدكتور حنا ناصر «لترسل من خلاله إلى كل الفصائل من أجل أن تكون هناك ردود خطية» عليها. ورأى أن «هناك بعض القضايا التي لا تحتمل الضبابية في الموافقة عليها، ويجب أن تكون واضحة بموافقة خطية مثل قانون الانتخابات وغيرها من القضايا».
وحول مطالبة بعض الفصائل بفتح حوار شامل قبيل إصدار مرسوم رئاسي بإجراء الانتخابات، شدد العالول على أن «حركة فتح تريد الحفاظ على الأجواء الإيجابية لإجراء الانتخابات وتفضل عدم الذهاب إلى حوارات قد تؤدي إلى بروز نقاط خلافية تضرب فكرة إجراء الانتخابات».
وأشار إلى أنه حركته «ليست ضد مبدأ الحوار. لكن بعد إصدار المرسوم، لا بد للفصائل جميعاً من أن تجتمع وتفتح نقاشاً معمقاً من أجل الذهاب إلى الانتخابات بشفافية وبتعاون، ومن أجل بناء أسس للشراكة الفلسطينية».
وكان العالول يرد على مطالبة رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية بإجراء «لقاء وطني جامع». وقال هنية بعد لقائه رئيس لجنة الانتخابات المركزية حنا ناصر، أول من أمس، إنه «يجب أن تكون الانتخابات شاملة رئاسية وتشريعية، وصولاً إلى إجراء انتخابات مجلس وطني». وشدد على «ضرورة إجراء لقاء وطني جامع لبحث كل التفاصيل».
ويشير حديث هنية ورد العالول إلى وجود عقبات تعرقل الاتفاق النهائي على الانتخابات. وتريد «فتح» إجراء انتخابات لضمان إنهاء الانقسام على قاعدة أن يتسلم من يفوز الحكم في الضفة الغربية وقطاع غزة، من دون أن يتعلق الأمر باجتماعات فصائلية أو بمنظمة التحرير أو باتفاق مصالحة. لكن «حماس» تريد أن تكون الانتخابات ضمن توافق عام على مخرجات المصالحة، وأن تشمل منظمة التحرير الفلسطينية.
ووصل مبعوث الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ميلادينوف إلى قطاع غزة، أمس، والتقى قادة «حماس» من أجل دفع اتفاق حول الانتخابات. وتعمل الأمم المتحدة على إنجاح العملية الانتخابية وتعهدت تقديم المساعدة المطلوبة لذلك.
وقال مكتب هنية إنه ناقش مع ميلادينوف «كيفية إنجاح إجراء الانتخابات العامة والشاملة وصولاً إلى إنهاء كامل للانقسام الفلسطيني». ورحب هنية بـ«الموقف الإيجابي للأمم المتحدة، والداعم لهذه الخطوة، آملاً أن تحقق أهدافها في توحيد الصف الفلسطيني»، مؤكداً «موقف حركة حماس الإيجابي وجاهزيتها لإنجاح الانتخابات».
وعرض رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» خلال اللقاء، بحسب مكتبه، «مواقف الفصائل الإيجابية وحرصها على إتمام هذه العملية، وتأكيدها على ضرورة عقد اللقاء الوطني لترتيب إجراء الانتخابات وإنجاحها قبل الشروع في الإجراءات الفنية»، عادّاً أن الانتخابات حق للمواطن الفلسطيني، كما هي في الوقت نفسه استحقاق وطني.
وقال ملادينوف عبر حسابه على «تويتر» أمس، إنه عقد «لقاءات جيدة في غزة مع الفصائل الفلسطينية حول آفاق الانتخابات التي طال انتظارها». وأضاف: «ما زال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به، وهناك الكثير من العقبات التي يجب التغلب عليها، لكنها ليست مستحيلة. آمل أن يقوم الجميع بدوره لتحقيق ذلك».
وكان عباس أعلن عن نيته إجراء الانتخابات العامة ثم أطلق سلسلة اجتماعات داخلية من أجل وضع خريطة طريق لإجراء الاقتراع الذي يعتقد أنه سيواجه تعقيدات في القدس وغزة. ورغم ذلك، قال العالول إن مساعي التوافق بشأن إجراء الانتخابات «تسير بشكل إيجابي»، مؤكداً أن «الجهود متواصلة مع الدول الفاعلة للضغط على إسرائيل من أجل إجراء الانتخابات في القدس المحتلة». وخاطبت السلطة الاتحاد الأوروبي ودولاً عدة للضغط على إسرائيل كي توافق على إجراء الانتخابات في القدس.
ورحب رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية بما وصفه بـ«التقدم الحاصل على صعيد التحضير للانتخابات». وأكد أمس أن «الرئيس يريد لهذه الانتخابات أن تتم، وهناك إرادة سياسية لدى القيادة لإجرائها». وأضاف: «نريد للإشعاع الديمقراطي أن يعود، وأن تتوج العملية الديمقراطية بحوار وطني تحت قبة البرلمان».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم