قادة «آسيان» يتجاهلون اجتماعاً مع مسؤولين أميركيين بعد غياب ترمب عن قمتهم

قادة دول «آسيان» في بانكوك (إ.ب.أ)
قادة دول «آسيان» في بانكوك (إ.ب.أ)
TT

قادة «آسيان» يتجاهلون اجتماعاً مع مسؤولين أميركيين بعد غياب ترمب عن قمتهم

قادة دول «آسيان» في بانكوك (إ.ب.أ)
قادة دول «آسيان» في بانكوك (إ.ب.أ)

تجاهل عدد من قادة «رابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان)» اجتماعاً مع مسؤولين أميركيين، اليوم (الاثنين)، بعد أن قرر الرئيس الأميركي دونالد ترمب عدم حضور قمة إقليمية للرابطة في بانكوك. وحضر 3 قادة فقط من الرابطة التي تضم 10 دول، الجلسةَ التي شارك فيها عدد من وزراء الخارجية، حسبما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
وترمب متهم بإدارة ظهره للمنطقة بعدما أعلن انسحاب بلاده من اتفاق «الشراكة الاقتصادية عبر المحيط الهادي» فور توليه السلطة.
ولم ترسل واشنطن مسؤولين كباراً إلى القمة، واكتفت بإرسال وزير التجارة ويلبور روس، ومستشار الأمن القومي روبرت أوبراين. ولم يحضر الاجتماع مع المسؤولين الأميركيين سوى قادة تايلاند وفيتنام ولاوس، رغم أن قادة كثير من الدول حضروا اجتماعات «آسيان» السابقة التي عقدت في عطلة نهاية الأسبوع.
وقال دبلوماسي في بانكوك: «ليس من المناسب أن ترسل آسيان قادتها عندما لا يكون التمثيل الأميركي على قدم المساواة». فيما قال دبلوماسي آخر: «إنها ليست مقاطعة؛ بل إن القادة الآخرين لديهم اجتماعات أخرى لحضورها».
وعوضاً عن الوجود الفعلي لترمب، قرأ أوبراين رسالة من الرئيس تدعو «قادة (آسيان) إلى الانضمام في الولايات المتحدة لحضور قمة خاصة» في الأشهر الثلاثة الأولى من العام المقبل. واستمع إلى كلمة أوبراين رئيس وزراء تايلاند، بالإضافة إلى رئيسي وزراء لاوس وفيتنام التي تستضيف قمة «آسيان» العام المقبل.
وحضر ترمب قمة «آسيان» في الفليبين عام 2017 بينما حضر نائبه مايك بنس دورة العام الماضي.
ونفى مسؤول رفيع في البيت الأبيض أن تكون واشنطن تجاهلت دورة العام الحالي، مبرراً غياب ترمب وبنس بانشغالهما بحملة انتخابات الرئاسة المقبلة.
لكن روس أكد خلال منتدى لقادة المال والأعمال عقد على هامش قمة «آسيان» أن «إدارة ترمب منخرطة بشدة وملتزمة بشكل كامل حيال هذه المنطقة». وأضاف: «نواصل التفاوض على اتفاقيات تجارية مع دول هذه المنطقة».
وانتقد ترمب الدول الآسيوية مراراً بسبب الفائض الكبير في ميزانها التجاري مع الولايات المتحدة، وتعهد بإبرام اتفاقيات ثنائية في المنطقة بدلاً من تلك متعددة الأطراف. ووقع اتفاقاً للتجارة الحرة مع اليابان في وقت سابق هذا العام، وأعاد التفاوض على شروط اتفاق تجاري مع كوريا الجنوبية.
وبعد وقت قصير من وصوله إلى السلطة، انسحب ترمب من اتفاقية «الشراكة عبر المحيط الهادي» التي كان من المتوقع أن تصبح أكبر اتفاق للتجارة الحرة في العالم، ووصفها بأنها «قاتلة للوظائف».
ومن المقرر الآن أن يحل اتفاق تجاري دعمته الصين محل اتفاقية «الشراكة عبر المحيط الهادي»، ليصبح الأكبر في العالم عندما يتم توقيعه. ويشمل اتفاق «الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة» الذي يضم 16 بلداً، والذي قد ينجَز العام المقبل، 30 في المائة من الناتج الداخلي العالمي ونحو نصف سكان العالم. وتنضوي فيه جميع دول «آسيان» العشر إلى جانب الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا ونيوزيلندا بينما يستثني الولايات المتحدة.
لكن المحادثات التي استمرت 11 ساعة واجهت عراقيل كبرى مع رفض الهند الموافقة على مسودة الاتفاق الذي وافقت عليه الدول الأخرى. ويواجه رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي مخاوف من أن تتضرر الشركات الصغيرة بشدة من تدفق البضائع الصينية الرخيصة مما سيؤدي، في رأيه، إلى «عجز تجاري لا يمكن تحمله».
وأبلغ نائب وزير الخارجية الصيني لو يوتشنغ الصحافيين بأنّ «الدول الـ15 المشاركة هي التي قررت المضي قدماً أولاً»، مضيفاً أنه يمكن توقيع الاتفاق العام المقبل مع الهند إذا كانت تريد الانضمام.



موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

يشكّل تحديث العقيدة النووية لروسيا الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً، تحذيراً للغرب، وفتحاً ﻟ«نافذة استراتيجية» قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب البيت الأبيض، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

«إن تحديث العقيدة النووية الروسية يستبعد احتمال تعرّض الجيش الروسي للهزيمة في ساحة المعركة»، بيان صادر عن رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريتشكين، لا يمكن أن يكون بياناً عادياً، حسب «لوفيغارو». فمن الواضح، حسب هذا التصريح الموجه إلى الغربيين، أنه من غير المجدي محاولة هزيمة الجيش الروسي على الأرض، لأن الخيار النووي واقعي. هذه هي الرسالة الرئيسة التي بعث بها فلاديمير بوتين، الثلاثاء، عندما وقّع مرسوم تحديث العقيدة النووية الروسية المعتمد في عام 2020.

ويدرك الاستراتيجيون الجيوسياسيون الحقيقة الآتية جيداً: الردع هو مسألة غموض (فيما يتعلّق باندلاع حريق نووي) ومسألة تواصل. «وفي موسكو، يمكننا أن نرى بوضوح الذعر العالمي الذي يحدث في كل مرة يتم فيها نطق كلمة نووي. ولا يتردد فلاديمير بوتين في ذكر ذلك بانتظام، وفي كل مرة بالنتيجة المتوقعة»، حسب الصحيفة. ومرة أخرى يوم الثلاثاء، وبعد توقيع المرسوم الرئاسي، انتشرت موجة الصدمة من قمة مجموعة العشرين في كييف إلى بكين؛ حيث حثّت الحكومة الصينية التي كانت دائماً شديدة الحساسية تجاه مبادرات جيرانها في ما يتصل بالمسائل النووية، على «الهدوء» وضبط النفس. فالتأثير الخارق الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه لا يرتبط بالجوهر، إذ إن العقيدة النووية الروسية الجديدة ليست ثورية مقارنة بالمبدأ السابق، بقدر ارتباطها بالتوقيت الذي اختارته موسكو لهذا الإعلان.

صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية في الأول من مارس 2024 اختبار إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات تابع لقوات الردع النووي في البلاد (أ.ف.ب)

العقيدة النووية الروسية

في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي حين شنّت قوات كييف في أغسطس (آب) توغلاً غير مسبوق في منطقة كورسك في الأراضي الروسية، رد فلاديمير بوتين بتحديد أنه يمكن استخدام الأسلحة النووية ضد دولة غير نووية تتلقى دعماً من دولة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة. لكن في نسخة 2020 من الميثاق النووي الروسي، احتفظت موسكو بإمكانية استخدام الأسلحة الذرية أولاً، لا سيما في حالة «العدوان الذي تم تنفيذه ضد روسيا بأسلحة تقليدية ذات طبيعة تهدّد وجود الدولة ذاته».

وجاء التعديل الثاني في العقيدة النووية الروسية، الثلاثاء الماضي، عندما سمحت واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى: رئيس الكرملين يضع ختمه على العقيدة النووية الجديدة التي تنص على أن روسيا ستكون الآن قادرة على استخدام الأسلحة النووية «إذا تلقت معلومات موثوقة عن بدء هجوم جوي واسع النطاق عبر الحدود، عن طريق الطيران الاستراتيجي والتكتيكي وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت». وحسب المتخصصة في قضايا الردع في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، هيلواز فايت، فإن هذا يعني توسيع شروط استخدام السلاح النووي الروسي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 28 يونيو 2019 (رويترز)

انتظار عودة ترمب

لفترة طويلة، لاحظ صقور الاستراتيجية الجيوستراتيجية الروسية أن الردع الروسي تلاشى. وبالنسبة إليهم، فقد حان الوقت لموسكو لإعادة تأكيد خطوطها الحمراء من خلال «إعادة ترسيخ الخوف» من الأسلحة النووية، على حد تعبير سيرغي كاراجانوف، الخبير الذي يحظى باهتمام فلاديمير بوتين. ةمن هذا المنظار أيضاً، يرى هؤلاء المختصون اندلاع الحرب في أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) 2022، متحدثين عن «عدوان» من الغرب لم تكن الترسانة النووية الروسية قادرة على ردعه. بالنسبة إلى هؤلاء المتعصبين النوويين، ينبغي عدم حظر التصعيد، بل على العكس تماماً. ومن الناحية الرسمية، فإن العقيدة الروسية ليست واضحة في هذا الصدد. لا تزال نسخة 2020 من العقيدة النووية الروسية تستحضر «تصعيداً لخفض التصعيد» غامضاً، بما في ذلك استخدام الوسائل غير النووية.

وحسب قناة «رايبار» المقربة من الجيش الروسي على «تلغرام»، فإنه كان من الضروري إجراء تحديث لهذه العقيدة؛ لأن «التحذيرات الروسية الأخيرة لم تُؤخذ على محمل الجد».

ومن خلال محاولته إعادة ترسيخ الغموض في الردع، فإن فلاديمير بوتين سيسعى بالتالي إلى تثبيط الجهود الغربية لدعم أوكرانيا. وفي ظل حملة عسكرية مكلفة للغاية على الأرض، يرغب رئيس «الكرملين» في الاستفادة من الفترة الاستراتيجية الفاصلة بين نهاية إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ووصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، الذي يتوقع منه بوتين مبادرات سلام محتملة لإنهاء الحرب.

يسعى بوتين، وفق الباحثة في مؤسسة «كارنيغي»، تاتيانا ستانوفايا، لوضع الغرب أمام خيارين جذريين: «إذا كنت تريد حرباً نووية، فستحصل عليها»، أو «دعونا ننهي هذه الحرب بشروط روسيا».