آلاف المتظاهرين يتحدون سلطات هونغ كونغ

في مسيرة غير مرخصة شهدت صدامات مع شرطة مكافحة الشغب

جانب من الصدامات العنيفة بين المتظاهرين وقوات الأمن في هونغ كونغ أمس (رويترز)
جانب من الصدامات العنيفة بين المتظاهرين وقوات الأمن في هونغ كونغ أمس (رويترز)
TT

آلاف المتظاهرين يتحدون سلطات هونغ كونغ

جانب من الصدامات العنيفة بين المتظاهرين وقوات الأمن في هونغ كونغ أمس (رويترز)
جانب من الصدامات العنيفة بين المتظاهرين وقوات الأمن في هونغ كونغ أمس (رويترز)

استخدمت الشرطة في هونغ كونغ الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه أمس، ضد آلاف المتظاهرين، الذين خرجوا إلى الشوارع في تحدٍ للسلطات عبر مسيرة جديدة غير مرخّص لها، بعدما تعهدت بكين بتشديد قبضتها على المدينة.
وتحوّلت الأحياء التجارية في الجزيرة الرئيسية إلى ساحة مواجهات عنيفة، إذ اشتبك متظاهرون ارتدوا ملابس سوداء وأقنعة، رغم حظرها مؤخّراً من قبل السلطات، مع شرطة مكافحة الشغب لساعات. وألقى بعض المتظاهرين المتشددين الحجارة والقنابل الحارقة على الشرطة، وقاموا بأعمال تخريبية استهدفت عدة محطات قطارات سريعة ومقار ومتاجر تعد موالية للصين؛ بينها مكتب وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) الذي تم تحطيم نوافذه، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية. ودانت الوكالة «الأفعال الهمجية» للمحتجين.
وردّت الشرطة بإطلاق الغاز المسيل للدموع، واستخدمت شاحنات مزودة خراطيم مياه لتفريق المتظاهرين بينما أوقفت العشرات. وأفاد مراسل الصحافة الفرنسية بأنه شاهد نحو مائة شخص يتم اقتيادهم في 3 مركبات، بعدما تم القبض عليهم.
وأظهر تسجيل مصوّر مسعفاً متطوعاً يصاب بحروق في ظهره إثر سقوط عبوة غاز مسيل عليه. وبحلول المساء، انتقلت الصدامات إلى منطقتي «مونغكوك» و«تسيم شا تسوي»، اللتين شهدتا مناوشات مشابهة خلال الشهور الأخيرة.
وتأتي المواجهات الأخيرة بعدما حذّرت الصين الجمعة، من أنها لن تتسامح مع أي تحدٍ لمنظومة هونغ كونغ الإدارية، مع عرض خططها لتعزيز الشعور الوطني في المدينة عبر قطاع التعليم. وشهدت هونغ كونغ 22 عطلة نهاية أسبوع متتالية من المظاهرات التي قادها الشباب.
وهزّت المدينة مظاهرات ضخمة اتّسمت في كثير من الأحيان بالعنف، ما أثّر سلباً على سمعتها خصوصاً أنها تعد مركزاً مالياً معروفاً بالاستقرار وتسبب في تباطؤ اقتصادها. ولم تبدِ بكين أي رغبة في الاستجابة لمطالب المتظاهرين بمزيد من الحريات ومحاسبة الشرطة، بينما لا يبدو أن الناشطين سيوقفون حراكهم قريباً.
وقال المتظاهر البالغ 18 عاماً، غوردون تسوي، لوكالة الصحافة الفرنسية: «تجاهلت الحكومة والشرطة مطالب الناس وقمعتهم، لذا علينا مواصلة الحراك لنظهر لهم أننا لا نزال نريد أن تتحقق مطالبنا». وأضاف متظاهر آخر يبلغ 17 عاماً رافضاً كشف اسمه، أن «الحكومة برمّتها تخضع لسيطرة الحكومة المركزية (في بكين) حالياً، لذا علينا حماية الحرّيات التي نستحقها».
وسمحت الشرطة بخروج مسيرة مسائية في الحي التجاري بالمدينة، لكنها رفضت طلباً للخروج في شوارع المدينة بعد الظهر، مبررة ذلك بالمخاوف الأمنية نظراً لاندلاع مواجهات على مدى الشهور الماضية. وكما حصل مراراً في الماضي، تحدّى المتظاهرون الحظر وبدأوا في التجمّع بأعداد كبيرة، رغم احتمال تعرضهم لخطر التوقيف والسجن بتهمة المشاركة في تجمّع غير قانوني.
وألغت الشرطة لاحقاً المسيرات المسائية، لكن الحشود كانت تتجمّع أصلاً، ما يفسح المجال أمام مزيد من الاضطرابات خلال الليل. وبعد شهور من الاضطرابات، ازداد الشرخ في هونغ كونغ مع تلاسن المتظاهرين وعناصر الشرطة.
وفي تسجيل مصوّر من مظاهرات السبت، سُمع عناصر الشرطة يصفون المتظاهرين بـ«الصراصير» و«أشباه البشر»، بينما عادة ما يستخدم المحتجون تعبير «عصابات» للإشارة إلى قوات الأمن. وكان جوشوا وونغ، أحد أبرز الناشطين في المدينة الذي مُنع في وقت سابق هذا الأسبوع من الترّشح في الانتخابات المحلية المقبلة، بين الشخصيات التي دعت للتظاهر السبت. وقال عبر «تويتر»: «باتت حرية التجمّع أكثر صعوبة، إذ تشدد شرطة هونغ كونغ قبضتها خلال الأشهر الأخيرة. لكننا لن نتخلى عن حقوقنا الدستورية».
وتشير وسائل الإعلام الصينية الرسمية إلى وونغ على أنه «انفصالي» و«خائن»، كونه يدعو لمنح هونغ كونغ مزيداً من الاستقلال. لكنّه ينفي أنه يسعى للاستقلال ويشير إلى أنه يدافع بكل بساطة عن الحريات الديمقراطية والحكم الذاتي الذي تعهدت بكين منحه لهونغ كونغ لـ50 عاماً بعدما أعادتها بريطانيا سنة 1997.
وُسمح لغيره من المدافعين عن مزيد من الاستقلال بالترشّح للانتخابات في وقت لاحق هذا الشهر.
وتحكم بكين هونغ كونغ وفق مبدأ «دولة واحدة بنظامين» الذي يمنح المدينة حريات غير متوافرة في البر الرئيسي. لكن كثيراً من الناشطين يخشون تراجع هذه الحريات مع تعزيز بكين نفوذها، خصوصاً منذ وصول الرئيس شي جينبينغ إلى السلطة. وأثار اقتراح تم التخلي عنه حالياً بتسليم المطلوبين إلى البر الرئيسي، المظاهرات التي بدأت هذا الصيف وشارك فيها الملايين. وتسبب موقف بكين المتشدد حيال الحراك بتناميه. ويطالب المتظاهرون بفتح تحقيق في ممارسات الشرطة والعفو عن الأشخاص الذين تم توقيفهم وإجراء انتخابات حرّة تماماً.
وعلى مدى شهور، اتّخذت الاحتجاجات منحى أكثر عنفاً؛ إذ ألقى متظاهرون متشددون القنابل الحارقة والحجارة على الشرطة، في حين قاموا بتخريب المقار التجارية المؤيدة للصين. وردت الشرطة بتنفيذ عمليات اعتقال وإطلاق الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي، حتى تحوّلت الاشتباكات المتبادلة إلى مشهد مألوف.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».