جاد شويري: صرت أكثر نضجا.. والإنتاج الفني بات مهنتي الحقيقية

أخرج أخيرا فيديو كليب «عايش بعيوني» للمطربة يارا من ألبومها الجديد

جاد شويري: صرت أكثر نضجا.. والإنتاج الفني بات مهنتي الحقيقية
TT

جاد شويري: صرت أكثر نضجا.. والإنتاج الفني بات مهنتي الحقيقية

جاد شويري: صرت أكثر نضجا.. والإنتاج الفني بات مهنتي الحقيقية

وصف الفنان جاد شويري فيديو كليب أغنية «عايش بعيوني» للفنانة يارا، الذي نفّذ إخراجه أخيرا، بأنه أظهر الوجه الآخر لها بما فيه عفويتها وخفة ظلها.
وقال شويري في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «عندما التقيت يارا وتحدثت معها تفاجأت بشخصيتها الحقيقية والتي تعرفها قلة من الناس، فهي عادة ما تظهر على الإعلام بصورة مغايرة تماما فيها الكثير من الجدّية وكلاسيكية التصرّف». وأضاف «عندها قررت أن أعمل على هذه النقطة وأظهر للمشاهد ما لا يعرفه عن يارا عندما تكون بعيدة عن الكاميرا، وأعتقد أنني نجحت في ذلك، فخرجت عن الإطار التصويري الذي عرفناها فيه في كليباتها السابقة، فبدت على طبيعتها (مهضومة) تهتم بالموضة وبعائلتها كأي امرأة أخرى».
ورأى جاد شويري، الذي قام بتصوير الفيديو كليب بالأبيض والأسود مستغنيا تماما عن الألوان، أنه أراد بهذه الطريقة أن يتماشى مع موضوع الأغنية بأسلوبه الخاص، وقال «صورة الأبيض والأسود تنقلنا بطريقة مباشرة إلى القديم وإلى زمن مضى، ورغم أننا نعيش في عصر الألوان فإن الأغنية في حد ذاتها أردتها أن تتنفس وتؤكد أن الحياة موجودة أيضا بالأبيض والأسود. (عايش بعيوني) اسم الأغنية، وهي تعيش حتى في هذين اللونين اللذين يذكراننا بالقديم (فانتادج) والزمن الجميل».
وعن الصعوبة التي واجهها أثناء تصويره الكليب أجاب «لم تكن هناك صعوبات معينة، فيارا نجمة تتحرّك براحة أمام الكاميرا وتتفاعل معها، كما أننا اتفقنا على كل شاردة وواردة ستمر في الكليب، فأنا لا يهمني أن أظهر عضلاتي وأن أفرض رأيي في عمل أخرجه، على قدر ما يهمني أن يشعر الطرف الآخر برضاه عن العمل».
ورغم أنه تناول مواضيع تسمّى بـ«الكليشيهات» في عالم تصوير الكليب، كاستخدام السيارة الفخمة والمنزل الفاخر وإظهار إيقاع حياة النجوم بشكل عام، فإن جاد شويري حاول من ناحية ثانية أن يبرهن على أن النجم يمكن أن يعيش حياة عادية مع أفراد عائلته وأن يدخل المطبخ ويربي أطفاله كغيره من الناس، وهي الصور التي أطلّت فيها يارا تباعا ضمن الكليب. وقال معلّقا على هذا الموضوع «قبل أن أصوّر مع أي فنان ألتقيه أكثر من مرة، وأتحدث معه أحاديث متنوعة لأكتشف شخصيته الحقيقية، وعندما اكتشفت أن يارا امرأة عفوية وتحب البساطة في العيش رغم كل النجومية المحيطة بها، قررت أن أمزج ما بين هذين الوجهين وأضعهما في تصرّف فكرة الكليب».
ويؤكد جاد شويري، الذي سبق أن صور كليبات لنجوم معروفين، أمثال نوال الزغبي وديانا حداد وميشلين خليفة والراحل وديع الصافي، أنه لا يحب فلسفة العمل وتعقيده، بل أن يكون منسجما مع فكرة الأغنية وشخصية الفنان. وأضاف «أن تظهر حقيقة الفنان وتصرفاته على طبيعتها، فهذا من شأنه أن يؤثّر سلبا أيضا على العمل في حال لم يتم استخدامه بالطريقة الصائبة والصحيحة، من هنا ينبغي على الفنان أن يتنبه للمسؤول عن إنتاج أعماله الذي يمكن أن يخذله كما يمكن أن يلمّع صورته». وتابع «لقد تعاونت يارا مع الفكرة بشكل إيجابي جدا، رغم أنها ترددت في البداية خوفا من رد فعل الناس والانطباع الذي قد يكونونه عنها، ولكن عندما انتهينا من التصوير كانت راضية عن أدائها وهذا هو الأهم في الموضوع».
وعما إذا كان تخلّى تماما عن أفكاره الجنونية التي عرف بها في الماضي، من خلال كليبات صوّرها لنفسه ولغيره من الفنانين، قال «لقد تجاوزت تلك المرحلة منذ فترة طويلة، واستطعت أن أمحوها تماما من أفكار المشاهد، فعندما عملت مع الراحل وديع الصافي أو ديانا حداد وغيرهما لاحظ الجمهور الفرق، واستمتع بما شاهده، لكني مع ذلك ما زلت أحرص على أن أقوم بترجمة أفكاري الخارجة عن المألوف بشكل راكز وغير نافر». ويضيف «اليوم صرت أكثر نضجا وصرت أعرف تماما ما هو الذي يصدم المشاهد أو العكس، كما أنني توجهت بشكل أكبر إلى عمل الإنتاج، فهذا المجال واسع ويمكنني أن أسبح في بحره لوقت طويل كونه يخرج مني طاقتي الحقيقية في الابتكار، حتى إن عملية الإنتاج الفني تشكّل اليوم ركيزة أساسية لأي فنان في الغرب أو في بلادنا، وهي تشمل إطلالته وأداءه وكليباته وشخصيته وحتى خطّ الأزياء الذي يجب أن يرتديه، فهذه هي طبيعة عملي حاليا إضافة إلى الإخراج والغناء».
ورأى جاد شويري أن الأحداث التي شهدها العالم العربي في السنوات الأخيرة تحت عنوان «الربيع العربي» أسهمت بشكل أو بآخر في تخفيف وهج الغناء، فخفّت مواسم الحفلات وحتى إصدار الألبومات، مما انعكس سلبا على هذه المهنة، الأمر الذي جعله يبتعد بدوره عن عالم الغناء لا سيما أنه لا يتمتع بصفة مطرب كما يقول، فراح يركزّ بشكل أفضل على أمور فنية أخرى لطالما تمنى العمل فيها بشكل أساسي ألا وهي الإنتاج الفني.
وعن رأيه في الكليبات الغنائية الحالية قال «لا أجد أن هناك أعمالا لافتة في هذا المجال، لا بل يمكن القول بأنها لا تخرج عن المألوف، وهي تلبّي حاجة السوق ليس أكثر، لذلك علينا أن نعمل على تغيير هذه المنهج المتبع منذ زمن طويل ونحرز نقلة نوعية فيه، وهذه مهمة كل مخرج أو فنان يرغب في التطور».
وعما إذا كان يتمنى العمل مع أسماء معينة من النجوم اللبنانيين والعرب رد موضحا «لا أفكّر باسم معين فأنا جاهز لأي عمل يطلب مني، وعادة ما أبحث في عملي عن شخصية الفنان أكثر من فكرة الكليب في حد ذاتها، وقد تكون النجمة ميريام فارس واحدة من بين الفنانات اللاتي أتمنى العمل معهن كونها فنانة شاملة، فهي (ملكة الاستعراض) لأنها ترقص وتغني وتمثل في آن، فمعها يمكنني أن أستخدم طاقتي بزخم أكبر، وموهبتها الفذّة هذه تشعرني بالحماس والبحث عن أفكار جديدة تتلاءم وشخصيتها».
وتحدّث جاد شويري عن مشاريعه الغنائية المستقبلية، فقال «لدي مشروع ألبوم جديد بدأت في التحضير له، كما أنني سأطرح في الأسواق قريبا أغنية فردية على طريقة الديو، وهذه الطريقة سأتبعها أيضا في ألبومي الذي سيتضمن (ديوهات) عديدة مع فنانين مختلفين، ولن أخبركم أكثر عن الموضوع إلى حين جهوزيته تماما». كما يتعاون شويري في ألبومه الجديد مع ملحنين مصريين أمثال محمد يحيا وتامر علي، ومن لبنان مع الملحن جيمي حداد، وسيستعين بأصوات نسائية ورجالية لأداء هذه الأغاني الثنائية كما ذكر لنا.



ميشال رميح: أغنية «عم يوجعني بلدي» ترجمت فيها أحاسيسي الحقيقية

يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
TT

ميشال رميح: أغنية «عم يوجعني بلدي» ترجمت فيها أحاسيسي الحقيقية

يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)

قبل أسابيع قليلة، شارك المغني ميشال رميح في المهرجان الفني اللبناني في ولاية أريزونا في أميركا. تردد رميح قبل الموافقة على هذه المشاركة. وجد نفسه محرجاً في الغناء على مسرح عالمي فيما لبنان كان يتألّم، ولكنه حزم أمره وقرر المضي بالأمر كونه سيمثّل وجه لبنان المضيء. كما أن جزءاً من ريع الحفل يعود إلى مساعدة النازحين. ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «كانت الحفلة الأولى لي التي أقيمها خلال هذه الحرب. وترددي جاء على خلفية مشاعري بالحزن على وطني».

خلال الحرب أصدر ميشال رميح أغنيته الوطنية «عم يوجعني بلدي». وقدّمها بصورة بسيطة مع عزف على البيانو، فلامست قلوب سامعيها بدفء كلماتها ولحنها النابع من حبّ الوطن. فهو كما ذكر لـ«الشرق الأوسط» كتبها ولحنها وسجّلها وصوّرها في ظرف يوم واحد. ويروي قصة ولادتها: «كنا نتناول طعام الغداء مع عائلتي وأهلي، ولم أتنبه لانفصالي التام عن الواقع. شردت في ألم لبنان ومعاناة شعبه. كنت أشعر بالتعب من الحرب كما كثيرين غيري في بلادي. والأسوأ هو أننا نتفرّج ولا قدرة لنا على فعل شيء».

ألّف رميح أغنيته "عم يوجعني بلدي" ولحّنها بلحظات قليلة (ميشال رميح)

وجعه هذا حضّه على الإمساك بقلمه، فكتب أحاسيسه في تلك اللحظة. «كل ما كتبته كان حقيقياً، وينبع من صميم قلبي. عشت هذا الوجع بحذافيره فخرجت الكلمات تحمل الحزن والأمل معاً».

يقول إنه لا يحب التخلّي عن مشاعر التفاؤل، ولذلك آثر تمرير ومضات رجاء تلونها. وجعه الحقيقي الذي كان يعيشه لم يمنعه من التحلي بالصبر والأمل. ويوضح لـ«الشرق الأوسط»: «في النهاية سنقوم من جديد؛ كوننا شعباً صلباً لا تشّلنا الأزمات. والفنان صاحب الأحاسيس المرهفة لا يمكنه أن يفرّق بين وجهة سياسية وأخرى، ولا بين طائفة وأخرى ينتمي إليها هذا الشخص أو ذاك. فما أعرفه جيداً هو أننا جميعنا لبنانيون، ولذلك علينا التوحّد ومساعدة بعضنا البعض. رؤية أبناء بلدي يهجرون منازلهم وقراهم المدمّرة، لامستني عن قرب، فولدت أغنيتي (عم يوجعني بلدي)؛ لأني بالفعل عشت ألماً حقيقياً مع نفسي».

حفرت في ذاكرة ميشال رميح مشاهد عدة مؤثّرة عن لبنان المهجّر والمدمّر، كما يقول. «لن أنسى ذلك المسنّ الذي بكى خسارته لزوجته وبيته معاً. اليوم لا يجد مكاناً يؤويه، كما يفتقد شريكة حياته. وكذلك تعاطفت مع الأطفال والأولاد الذين لا ذنب لهم بحروب الكبار. فهؤلاء جميعاً أعتبرهم أهلي وإخوتي وأبنائي. كان لا بد أن تخرج مني كلمات أغنية، أصف فيها حالتي الحقيقية».

ميشال ابن زحلة، يقيم اليوم في أميركا. يقول: «هاجرت إلى هناك منذ زمن طويل. وفي كل مرة أعود بها إلى لبنان أشعر بعدم قدرتي على مغادرته. ولكن بسبب أطفالي اضطررت للسفر. وعندما أغادر مطار بيروت تمتلكني مشاعر الأسى والحزن. لم أرغب في ترك بلدي وهو يمرّ في محنة صعبة جداً. ولكن الظروف مرات تدفعنا للقيام بعكس رغباتنا، وهو ما حصل معي أخيراً».

يقول بأنه لا يحب التخلّي عن مشاعر التفاؤل (ميشال رميح)

صوّر ميشال أغنيته، وسجلها في الاستوديو، في الوقت نفسه. لم يرغب في أن تكون مصطنعة بمشهديتها بل أن تمثّل واقعاً يعيشه. «الأغنية ليست تجارية، كتبت كلماتها على قصاصة ورق صغيرة. وأنا أتوجّه إلى استوديو التسجيل قمت بتلحينها».

سبق وتعاون رميح في عدة أغنيات مع مجموعة شعراء وملحنين، ومن بينهم هيثم زيات وسليم عساف. ولكن في أغنية «عم يوجعني بلدي» ترك العنان لأحاسيسه، فلحّن وكتب وغنّى من هذا المنطلق. صديقه ريكاردو عازار تسلّم مهمة عزف اللحن على آلة البيانو. «لم أشأ أن ترافقها آلات وإيقاعات كثيرة لأنها أغنية دافئة ووطنية».

يعدّ رميح الأغنية الوطنية وجهة يجب أن يتحوّل إليها كل فنان تتملّكه أحاسيس حقيقية تجاه وطنه. ويستطرد: «هكذا أنا مغنٍ أستطيع أن أقاوم عندما بلدي يشهد مرحلة صعبة. لا أستطيع أن ألتزم الصمت تجاه ما يجري من اعتداءات على أرضه. ولأن كلمات الأغنية تنبع من رحم الواقع والمشاعر، لاقت انتشاراً كبيراً».

حتى أثناء مرور لبنان بأزمات سابقة لم يوفّر ميشال رميح الفرصة ليغني له. «أثناء ثورة أكتوبر (تشرين الأول) وانفجار المرفأ غنيّت لبنان بأسلوبي وعلى طريقتي. وتركت مساحة مضيئة بأمل في الغد تبرز في أعمالي. غنيت (شعب لبنان) يومها من ألحان هيثم زيات».

تركت مساحة مضيئة بأمل في الغد تبرز في أعمالي (ميشال رميح)

ينقل ميشال رميح حقيقة أحاسيس كل لبناني اضطر إلى هجرة وطنه. «قد يعتقد البعض أن من يعيش خارج لبنان وهو في أزمة، يتمتع بالراحة. هذا أمر خاطئ تماماً. فقد عصرني الألم وأنا أغادر وطني، وكلما حلّقت الطائرة وصغرت صورة لبنان من الأعلى، شعرت بحزن أكبر. جميع أبناء لبنان ممن أعرفهم هنا في أميركا يحزّ في قلبهم ابتعادهم عن وطنهم المجروح. ولكنهم جميعهم يأملون مثلي بالعودة القريبة إليه. وهو ما يزيد من صبرهم، لا سيما وأن أعمالهم وعائلاتهم تعيش في أميركا».

أغانٍ وطنية عديدة لفتت ميشال رميح أخيراً: «أرفع القبعة لكل فنان يغني لبنان المتألم. استمعت إلى أغانٍ عدة بينها لجوزف عطية (صلّوا لبيروت)، ولماجد موصللي (بيروت ست الدنيا)، وأخرى لهشام الحاج بعنوان (بيروت ما بتموت)، وكذلك واحدة أداها الوليد الحلاني (بعين السما محروس يا لبنان)». ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «أعتبر هذه الأغاني بمثابة غذاء الروح لوطني لبنان. لا شك أن ما أعنيه يأتي مجازياً؛ لأن لا شيء يعوّض خسارات بلدي. ولكن من ناحيتي أجد صوتي وأغنيتي هما سلاحي الذي أدافع فيه عن بلدي».

عندما غادر رميح لبنان منذ نحو الشهر كان في زيارته الثانية له بعد غياب. فحب الوطن زرعه في قلبه، ونما بداخله لا شعورياً. «لن أستسلم أبداً، وسأثابر على زيارة لبنان باستمرار، على أمل الإقامة فيه نهائياً وقريباً. فوالداي علّماني حب الوطن، وكانا دائماً يرويان لي أجمل الذكريات عنه. وأتمنى أن أشهد مثل هذه الذكريات كي أرويها بدوري لأولادي».