بلدة إيطالية تعرض منازلها مجاناً لجذب سكان جدد

بلدة «كاماراتا» الإيطالية (سي إن إن)
بلدة «كاماراتا» الإيطالية (سي إن إن)
TT

بلدة إيطالية تعرض منازلها مجاناً لجذب سكان جدد

بلدة «كاماراتا» الإيطالية (سي إن إن)
بلدة «كاماراتا» الإيطالية (سي إن إن)

خلال السنوات القليلة الماضية، لجأت الكثير من المدن في إيطاليا إلى بيع المنازل بمقابل زهيد (دولار واحد في بعض الأحيان) في محاولة منها لإنقاذ مجتمعاتها المتضائلة.
وكانت بلدتا «زونجولي» قرب مدينة نابولي و«سامبوكا دي سيشيليا» في صقلية من أحدث الوجهات الإيطالية الناشطة في هذا الاتجاه؛ حيث أطلقتا خططاً للترويج لبيع المنازل بمقابل يزيد قليلاً على دولار واحد على أمل جذب سكان جدد.
وأخيراً فقد أعلنت بلدة «كاماراتا» في صقلية خطوة جديدة ومتقدمة عليهم، إذ تقدم المنازل مقابل «لا شيء على الإطلاق»، حسب ما نقلته شبكة «سي إن إن» الأميركية.
وفي محاولة منه لإنقاذ مسقط رأسه من انخفاض عدد السكان، قضى العمدة فينشنزو جيامبروني السنوات الثلاث الأخيرة في إقناع أصحاب المنازل الذين تركوا منازلهم منذ فترة طويلة ورحلوا عن البلدة بتسليم هذه المباني الفارغة «المنهارة» للوافدين الجدد «مجاناً».
وقال العمدة: «لا أستطيع الوقوف لرؤية هذا المركز التاريخي القديم الرائع فارغاً ويتحول إلى حطام... هذا يؤلمني... إن المالكين غافلون عن الأضرار التي يسببونها عندما يتركون منازلهم ويرفضون إعادة بناء مساكنهم القديمة... إنه يترك ندبة عميقة على منظر المدينة مع خطر الانهيار».
ووفقاً لجيامبروني فهناك ما لا يقل عن 100 منزل مهجور متاح في الوقت الحالي، وكلها تقع في الجزء الأقدم من بلدة «كاماراتا»، ولا يزال من الممكن إنقاذها، ولذلك فإن لدى العمدة آمالا كبيرة في تنفيذ مخططه.
ويقول جيامبروني: «يمكن للمشترين الجدد أن يتدخلوا لتأمين هذه الجدران المتفتتة وإحياء المنطقة التاريخية».
وهناك بعض الشروط في مخطط جيامبروني لشراء منازل «كاماراتا» بالمجان، فيجب أن يلتزم المشترون بتجديد العقار في غضون ثلاث سنوات من الشراء، ودفع وديعة بقيمة 4300 دولار يتم إرجاعها بمجرد الانتهاء من تجديد العقار، كما يحتاج المتقدمون للشراء إلى وضع مقترح كامل وواضح لتجديد العقار المعني.
وعلى الرغم من أنه سيتم النظر في طلبات جميع المشترين المحتملين الذين يستوفون المعايير، فإن الأزواج صغار السن الذين لديهم أطفال سيحصلون على الأولوية.
ويشير جيامبروني إلى أن البلدة تقع على بعد نحو 60 كيلومترا جنوب شرقي مدينة باليرمو، وأن همه الرئيسي هو أن تعود البلدة التي تشتهر ببطء وتيرة الحياة فيها، كمكان حيوي مرة أخرى.
وتمتاز بلدة «كاماراتا» بالمناظر الطبيعية الخلابة المتمثلة في المراعي الخضراء والجبال والبحر على حد سواء.



مخزون الصور العائلية يُلهم فناناً سودانياً في معرضه القاهري الجديد

صور تعكس الترابط الأسري (الشرق الأوسط)
صور تعكس الترابط الأسري (الشرق الأوسط)
TT

مخزون الصور العائلية يُلهم فناناً سودانياً في معرضه القاهري الجديد

صور تعكس الترابط الأسري (الشرق الأوسط)
صور تعكس الترابط الأسري (الشرق الأوسط)

«زهوري اليانعة في داخل خميلة»... كلمات للشاعر الجاغريو، وهي نفسها الكلمات التي اختارها الفنان التشكيلي السوداني صلاح المر، لوصف السنوات التي قضاها في مصر، والأعمال الإبداعية التي قدّمها خلالها، وضمنها في البيان الخاص بأحدث معارضه بالقاهرة «احتفالية القرد والحمار».

تنقل المر خلال 15 عاماً قضاها في مصر ما بين حواري الحسين، ومقاهي وسط البلد، وحارات السبتية، ودروب الأحياء العتيقة، متأثراً بناسها وفنانيها، ومبدعي الحِرف اليدوية، وراقصي المولوية، وبائعي التحف، ونجوم السينما والمسرح؛ لتأتي لوحاته التي تضمنها المعرض سرداً بصرياً يعبّر عن ولعه بالبلد الذي احتضنه منذ توجهه إليه.

لوحة لرجل مصري مستلهمة من صورة فوتوغرافية قديمة (الشرق الأوسط)

يقول المر لـ«الشرق الأوسط»: «أعمال هذا المعرض هي تعبير صادق عن امتناني وشكري البالغين لمصر، ويوضح: «جاءت فكرة المعرض عندما وقعت عقد تعاون مع إحدى الغاليريهات المعروفة في الولايات المتحدة، وبموجب هذا العقد لن أتمكن من إقامة أي معارض في أي دول أخرى، ومنها مصر التي عشت فيها أجمل السنوات، أردت قبل بدء الموعد الرسمي لتفعيل هذا الاتفاق أن أقول لها شكراً وأعبّر عن تقديري لأصحاب صالات العرض الذين فتحوا أبوابهم لأعمالي، والنقاد الذين كتبوا عني، والمبدعين الذين تأثرت بهم وما زلت، وحتى للأشخاص العاديين الذين التقيت بهم مصادفة».

اللوحات تقدم مشاهد مصرية (الشرق الأوسط)

استلهم الفنان 25 لوحة بخامة ألوان الأكريلك والأعمال الورقية من مجموعة كبيرة من الصور الفوتوغرافية والـ«بوستال كارد» المصرية القديمة، التي تعكس بدورها روعة الحياة المصرية اليومية، ودفء المشاعر والترابط المجتمعي فيها وفق المر: «لدي نحو 5 آلاف صورة مصرية، جمعتها من (الاستوديوهات) وتجار الروبابكيا، ومتاجر الأنتيكات، ومنا استلهمت لوحاتي».

ويضيف: «مصر غنية جداً باستوديوهات التصوير منذ عشرات السنين، ولديها قدراً ضخماً من الصور النادرة المُلهمة، التي تحكي الكثير عن تاريخها الاجتماعي».

الفنان صلاح المر (الشرق الأوسط)

يستطيع زائر المعرض أن يتعرف على الصور الأصلية التي ألهمت الفنان في أعماله؛ حيث حرص المر على أن يضع بجوار اللوحات داخل القاعة الصور المرتبطة بها، ولكن لن يعثر المتلقي على التفاصيل نفسها، يقول: «لا أقدم نسخة منها ولا أحاكيها، إنما أرسم الحالة التي تضعني فيها الصورة، مجسداً انفعالي بها، وتأثري بها، عبر أسلوبي الخاص».

لوحة مأخوذة عن صورة لطفل مصري مع لعبة الحصان (الشرق الأوسط)

تأتي هذه الأعمال كجزء من مشروع فني كبير بدأه الفنان منذ سنوات طويلة، وهو المزج ما بين التجريد التصويري والموضوعات ذات الطابع العائلي، مع الاحتفاء بالجماليات الهندسية، والرموز التراثية، والاستلهام من الصور، ويعكس ذلك ولعه بهذا الفن، تأثراً بوالده الذي عشق الفوتوغرافيا في شبابه.

يقول: «بدأ تعلقي بالفوتوغرافيا حين عثرت ذات يوم على كنز من الصور في مجموعة صناديق كانت تحتفظ به الأسرة في مخزن داخل المنزل بالسودان، وكانت هذه الصور بعدسة والدي الذي انضم إلى جماعة التصوير بكلية الهندسة جامعة الخرطوم أثناء دراسته بها».

لوحة مستلهمة من صورة قديمة لعروسين (الشرق الأوسط)

هذا «الكنز» الذي عثر عليه المر شكّل جزءاً مهماً من ذاكرته البصرية ومؤثراً وملهماً حقيقياً في أعماله، والمدهش أنه قرر أن يبوح للمتلقي لأول مرة بذكرياته العزيزة في طفولته بالسودان، وأن يبرز دور والده في مشواره الفني عبر هذا المعرض؛ حيث يحتضن جدران الغاليري مجسماً ضخماً لـ«استوديو كمال»؛ وهو اسم محل التصوير الذي افتتحه والده في الستينات من القرن الماضي.

لوحة تعكس تفاصيل مصرية قديمة (الشرق الأوسط)

يقول: «أقنع والدي جدي، بإنشاء استوديو تصوير بمحل الحلاقة الخاص به في (سوق السجانة) بالخرطوم، وتم تجهيز الاستوديو مع غرفة مظلمة من الخشب للتحميض، وذلك في الجزء الخلفي من الدكان».

وجوه مصرية (الشرق الأوسط)

وداخل المجسم تدفع المقتنيات الخاصة المتلقي للتفاعل مع ذكريات المر، والمؤثر الفني الذي شكل أعماله؛ ما يجعله أكثر تواصلاً، وتأثراً بلوحات المعرض؛ فالمتلقي هنا يستكشف تفاصيل تجربة الوالد في التصوير، بل يمكنه التقاط صور لنفسه داخل محله القديم!

وأثناء ذلك أيضاً يتعرف على جانب من تاريخ الفوتوغرافيا، حيث المعدات، وهي عبارة عن الكاميرا YASHIKA التي تستخدم أفلام مقاس 621 وEnlarger والستارة التي تعمل كخلفية وأدوات أخرى للتحميض والطباعة، وتجفيف الفيلم والصور بواسطة مروحة طاولة، وقص الصور بمقص يدوي: «استمر العمل لمدة سنة تقريباً، وأغلق الاستوديو قبل أن أولد، لكن امتد تأثير هذه التجربة داخلي حتى اللحظة الراهنة».

مجسم لاستوديو والد الفنان في الغاليري (الشرق الأوسط)

«احتفالية القرد والحمار» هو اسم «بوستال كارد» عثر عليه الفنان لدى تاجر روبابكيا، ويجسد مشهداً كان موجوداً في الشارع المصري قديماً؛ حيث يقدم أحد الفنانين البسطاء عرضاً احتفالياً بطلاه هما القرد والحمار، ومنه استلهم الفنان إحدى لوحات معرضه، ويقول: «تأثرت للغاية بهذا الملصق؛ وجعلت اسمه عنواناً لمعرضي؛ لأنه يجمع ما بين ملامح الجمال الخفي في مصر ما بين الفن الفطري، والسعادة لأكثر الأسباب بساطة، وصخب المدن التي لا تنام».