الحكومة المصرية تُفند 15 إشاعة أزعجت المواطنين

مشروعات قوانين لتغليظ عقوبة ترويج «الأخبار الكاذبة»

ردت مصر أمس على إشاعات تروج لأنباء حول انتشار  فيروسات وميكروبات وبائية مميتة في الهواء تهدد حياة المواطنين (أ.ف.ب)
ردت مصر أمس على إشاعات تروج لأنباء حول انتشار فيروسات وميكروبات وبائية مميتة في الهواء تهدد حياة المواطنين (أ.ف.ب)
TT

الحكومة المصرية تُفند 15 إشاعة أزعجت المواطنين

ردت مصر أمس على إشاعات تروج لأنباء حول انتشار  فيروسات وميكروبات وبائية مميتة في الهواء تهدد حياة المواطنين (أ.ف.ب)
ردت مصر أمس على إشاعات تروج لأنباء حول انتشار فيروسات وميكروبات وبائية مميتة في الهواء تهدد حياة المواطنين (أ.ف.ب)

لا تكف الإشاعات عن إزعاج المواطنين في مصر، حتى باتت تشكل حرباً خفية، وأصبحت محاصرتها والقضاء عليها مهمة المسؤولين في الحكومة المصرية. وفندت الحكومة أمس، عدداً من الإشاعات، قالت إنها «ذاعت لدى الرأي العام على صفحات التواصل الاجتماعي خلال الفترة الماضية». وذكر «المركز الإعلامي لمجلس الوزراء» في تقريره الدوري لرصد الإشاعات، 15 إشاعة انتشرت في 8 أيام، تضمنت «بيع مياه الري للمزارعين، وانتشار فيروسات وبائية».
وطالب الرئيس عبد الفتاح السيسي المصريين، أول من أمس، «بالانتباه ومواجهة أي إشاعات»، مشيراً إلى أن «هناك حرباً إعلامية، وحرب إشاعات، وحرب مواقع تواصل اجتماعي ضد حالة الوعي، التي تتشكل يوماً بعد يوم لدى المصريين».
وتناشد الدولة المصرية من وقت لآخر، وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية، تحري الدقة والموضوعية في نشر الأخبار، والتواصل مع الجهات المعنية للتأكد، قبل نشر معلومات لا تستند إلى أي حقائق، وتؤدي إلى بلبلة الرأي العام، وإثارة غضب المواطنين، حسب تعبيرها.
يأتي هذا وسط مساعٍ لإقرار مشروعات قوانين تقدم بها أعضاء بمجلس النواب (البرلمان) لتغليظ عقوبة ترويج الإشاعات وبثها عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وقال النائب أحمد سعد، عضو مجلس النواب لـ«الشرق الأوسط»: «لا بد من قانون يعاقب مروجو (الأخبار الكاذبة) على جميع الوسائل المسموعة والمرئية، وتوقيع أشد العقوبات عليها، خصوصاً أن هذه الأخبار تنشر خطابات الكراهية في المجتمع».
وقال بيان حكومي أمس، رداً على أنباء بشأن توجه الحكومة لبيع مياه الري للمزارعين، وتوصيل خطوط ري جديدة تتحكم فيها وزارة الري، إنه «لا صحة على الإطلاق لتوجه الحكومة لبيع مياه الري للمزارعين». وأكدت وزارة الموارد المائية والري، «التزامها بتوفير المياه لكل المنتفعين بالقطاع الزراعي»، لافتة إلى أن «الدولة تستهدف حسن استغلال مواردها المائية من خلال تطبيق منظومة الري الحديث، بهدف ترشيد استخدام المياه في الزراعة المروية، وزيادة الإنتاجية الزراعية»، مشيرة إلى «حرص الدولة على دعم المزارعين، وتوفير كل مستلزمات الزراعة من حيث الإرشاد والأسمدة والتقاوي وكل المدخلات التي يحتاجها المزارع». ونفت «الري» أنباء عن تلف المحاصيل الزراعية بسبب التقلبات المناخية... كما نفت أيضاً مضاعفة القيمة الإيجارية للأراضي التابعة للوزارة كحق انتفاع.
وتشير تقارير رسمية إلى تعرض البلاد لنحو أكثر من 21 ألف إشاعة في 3 أشهر فقط، وهو «أمر خطير للغاية، ومؤشر على أن الإشاعة أصبحت صناعة تحترفها قوى مضادة لا تراعي مصالح الوطن»، بحسب مراقبين.
من جهته، نفى «المركز الإعلامي لمجلس الوزراء» ما أثير من أنباء تفيد بوقف وزارة الصحة إصدار قرارات العلاج على نفقة الدولة لمرضى الأورام وأمراض الدم. وتواصل المركز مع الوزارة، التي أكدت أن «المجالس الطبية المتخصصة مستمرة في إصدار القرارات للمرضى للعلاج على نفقة الدولة خصوصاً للحالات الحرجة، حيث تم إصدار ما يقرب من 10 ملايين قرار خلال 4 سنوات ونصف السنة»، مشيرة إلى «حرص الدولة على توفير خدمة صحية متميزة لجموع المواطنين سواء القادرين أو غير القادرين».
كما نفت هيئة «التأمين الصحي الشامل» أنباء عن وقف استكمال باقي مراحل منظومة التأمين الصحي الشامل لعدم توافر المخصصات المالية، موضحة أن «التشغيل الفعلي للمنظومة بدأ بمحافظة بورسعيد، وجارٍ حالياً تفعيل المنظومة في باقي محافظات المرحلة الأولى وهي (الأقصر، وأسوان، والسويس، وجنوب سيناء، والإسماعيلية)، على أن يتم تفعيل المنظومة بكل محافظات مصر تباعاً».
وقال المراقبون إنه «منذ عزل تنظيم (الإخوان) عن السلطة في مصر، يوليو (تموز) عام 2013، فر المئات من أنصار التنظيم إلى عدد من الدول، ووفرت لهم هذه الدول منصات إعلامية تبث من هناك لمهاجمة النظام المصري».
ويطالب المراقبون «بضرورة الرد على الكتائب الإلكترونية المعادية لمصر بآليات قوية، والتصدي للحسابات التابعة لـ(الإخوان) على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)، التي يتم إغراء أصحابها مادياً للترويج للإشاعات»، بحسب وصفهم.
وحمل العميد خالد عكاشة، عضو المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب والتطرف، «تنظيم (الإخوان) مسؤولية إطلاق وصناعة وترويج الإشاعات، عبر منصات إعلامية لها تعمل على مدار 24 ساعة في الخارج لبث السموم».
في غضون ذلك، نفى «المركز الإعلامي لمجلس الوزراء» أمس، ما انتشر في بعض وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي من أنباء حول انتشار فيروسات وميكروبات وبائية مميتة في الهواء تهدد حياة المواطنين. وقالت وزارة الصحة إن «مصر خالية تماماً من أي فيروسات أو ميكروبات وبائية أو غيرها»، مشيرة إلى أن «مصر تطبق نظام ترصد للأمراض المعدية ذات الأهمية الوبائية، وهو يعد واحداً من أنجح برامج الترصد على مستوى العالم بشهادة المنظمات والجهات الدولية على رأسها منظمة الصحة العالمية».
وكان مجلس النواب أصدر منذ شهور قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات المعروف إعلامياً باسم «جرائم الإنترنت»، حيث نص على عقوبة تصل إلى الحبس 5 سنوات وغرامة 300 ألف جنيه، ضد كل من تعمد استخدام برنامج إلكتروني لـ«فبركة» الصور، وعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه، ولا تجاوز 30 ألف جنيه لكل من اصطنع بريداً إلكترونياً، أو موقعاً أو حساباً خاصاً، ونسبه زوراً لأحد المواطنين».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم