السيستاني يدعو إلى استفتاء عام لتحديد النظام السياسي في العراق

رفض أن تصادر أي جهة بتوجيه من أي {طرف إقليمي} إرادة الشعب

TT

السيستاني يدعو إلى استفتاء عام لتحديد النظام السياسي في العراق

دعا المرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله علي السيستاني الشعب العراقي إلى إجراء استفتاء عام لتحديد طبيعة النظام السياسي في البلاد. وفي خطبة الجمعة، التي تأتي بعد دخول الاحتجاجات العراقية شهرها الثاني ووقوع مئات القتلى وآلاف الجرحى حددت المرجعية العليا في النجف، ما عدّه المراقبون والمحللون المتابعون للشأن السياسي العراقي بمثابة خريطة طريق للخروج من الأزمة. ففي الوقت الذي أيدت فيه المرجعية الدينية العليا الاحتجاجات الشعبية المطالبة بالإصلاح في بغداد، وعدد من المحافظات الأخرى، فإنها لم تتطرق إلى تفاصيل الأزمة السياسية الراهنة المتمثلة بمحاولات إقالة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي من قبل كتلة «سائرون»، التي يدعمها زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، وبين الأطراف الأخرى الرافضة لإقالته، وهي كتلة «الفتح» بزعامة هادي العامري، ومعها فصائل الحشد الشعبي، بالإضافة إلى الأحزاب الكردية، بينما لم تعلن الأحزاب والقوى السنية موقفاً واضحاً من بقاء عبد المهدي أو رحيله.
وفي حين دعا أحمد الصافي، ممثل السيستاني، خلال خطبة الجمعة بكربلاء، أمس، إلى منع إراقة المزيد من الدماء، فإنه حذر من أن ذلك قد يقود «إلى مهاوي الاقتتال الداخلي والفوضى والخراب في حال لم يتم حل الأزمة الحالية».
وقال الصافي: «المرجعية الدينية تجدد التأكيد على موقفها المعروف من إدانة التعرض للمتظاهرين السلميين، وكل أنواع العنف غير المبرر، وضرورة محاسبة القائمين بذلك، وتشدّد على الجهات المعنية بعدم الزجّ بالقوات القتالية بأي من عناوينها في التعامل مع الاعتصامات والمظاهرات السلمية، خشية الانجرار إلى مزيد من العنف». وأشار إلى أن «احترام إرادة العراقيين في تحديد النظام السياسي والإداري لبلدهم، من خلال إجراء الاستفتاء العام على الدستور والانتخابات الدورية لمجلس النواب، هو المبدأ الذي التزمت به المرجعية الدينية، وأكدت عليه منذ تغيير النظام السابق، واليوم تؤكد على أن الإصلاح وإن كان ضرورة حتمية، كما جرى الحديث عنه أكثر من مرة، فإن ما يلزم من الإصلاح ويتعين إجراؤه بهذا الصدد موكول أيضاً إلى اختيار الشعب العراقي، بكل أطيافه وألوانه من أقصى البلد إلى أقصاه، وليس لأي شخص أو مجموعة أو جهة بتوجه معين أو أي طرف إقليمي أو دولي أن يصادر إرادة العراقيين في ذلك، ويفرض رأيه عليهم». واختتم الصافي توصيات السيستاني بالقول: «نناشد جميع الأطراف أن يفكروا بحاضر العراق ومستقبله ولا تمنعهم الانفعالات العابرة أو المصالح الخاصة عن اتخاذ القرار الصحيح».
وفي الوقت الذي لم يتبين بعد ما إذا كان ما عبّرت عنه المرجعية سيجد طريقه إلى التطبيق من قبل الأطراف السياسية المختلفة، وفي مقدمتها القوى الشيعية الرئيسية التي تنقسم الآن انقساماً حادّاً بشأن الموقف من رئيس الوزراء الذي رمى الكرة في ملعبي «الفتح» و«سائرون» لجهة تحديد بديل عنه، وعدم تمسكه بالمنصب.
إلى ذلك، أكد زعيم تيار «الحكمة» المعارض عمار الحكيم تأييده لما جاء في خطبة الجمعة. وقال الحكيم في بيان أمس: «نضم صوتنا إلى ما طرحته المرجعية الدينية العليا»، مبرزاً على وجه الخصوص «تأكيدها بضرورة احترام قناعة العراقيين في تحديد النظام السياسي والإداري لبلدهم، وليس لأي شخص أو جهة أو أي طرف إقليمي أو دولي الحق بمصادرة إرادة العراقيين أو فرض الرأي عليهم». وتابع الحكيم: «نجدد وقوفنا إلى جانب المتظاهرين السلميين من أبناء شعبنا ومطالبهم المشروعة ونهيب بهم الحفاظ على سلمية المظاهرات والممتلكات العامة والخاصة». من جهته، أكد النائب السابق في البرلمان العراقي والقيادي في حزب «تقدم»، حيدر الملا، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «خطبة المرجعية كانت مهمة هذه المرة، حيث إنها هذه المرة كانت أكثر مرونة وتفهماً في التعاطي مع الفاعل السياسي الذي غيرّ المعادلة السياسية في البلاد، وهم الشباب الذين يمثلون الجزء الأكبر من المظاهرات»، مضيفاً أن «المرجعية تقرّ بشكل واضح بأن المعادلة العراقية لم تعد تُرسم من قبلها وطهران وواشنطن، وإنما هنالك فاعل سياسي جديد هم الشباب». وأوضح أن «عملية الاستفتاء على الدستور وتغيير نظام الحكم والانتخابات المبكرة وإعادة هيكلة العملية السياسية التي دعت إليها المرجعية إنما هي مطالب الشعب، خصوصاً الشباب، وبالتالي فإنها أدركت أنه لم يعد المضي بالآليات السابقة ذاتها التي حكمت العملية السياسية طوال الستة عشر عاماً الماضية».
وأشار الملا إلى أن «المرجعية قدمت رؤية جديدة لكن وفق الأطر الدستورية، وهو أمر مهم، بالإضافة إلى أن المرجعية رفضت التدخلات الخارجية في الشأن العراقي».



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».