«المجموعة الصغيرة» ترحب باجتماع «الدستورية»... والمعارضة تنتقد تخلي الأسد عن مرجعية «جنيف»

الرئيس السوري وصف إردوغان بأنه «لص»

TT

«المجموعة الصغيرة» ترحب باجتماع «الدستورية»... والمعارضة تنتقد تخلي الأسد عن مرجعية «جنيف»

رحب وزراء خارجية دول «المجموعة الصغيرة» المعنية بسوريا بتأسيس اللجنة التي بدأت أعمالها في جنيف لبحث إصلاح دستوري لمستقبل بلاد، في وقت انتقدت فيه المعارضة تصريحات للرئيس بشار الأسد عن الاجتماعات.
وجاء في بيان للمجموعة التي تضم وزراء خارجية الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا والسعودية ومصر والأردن، الذي نُشر، أمس (الجمعة)، في برلين، أن «هذه خطوة إيجابية مُبتغاة منذ فترة طويلة تتطلب مساعي وجهوداً جادة لتحقيق النجاح فيها».
وأضاف البيان أن هذا يمكن أن يُكمل تطبيق محاور أخرى في قرار مجلس الأمن رقم 2254. «من بينها المشاركة الفعلية لكافة السوريين في العملية السياسية، خاصة المرأة».
ودعم وزراء الخارجية مساعي توفير مجال آمن ومحايد لإجراء انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة. وجاء في البيان: «نطالب باستمرار هدنة فورية وحقيقة في كافة أنحاء البلاد. لا يمكن أن يكون هناك حل عسكري للأزمة في سوريا، بل فقط اتفاق سياسي على أساس قرار 2254 لمجلس الأمن».
وبدأت، أول من أمس (الخميس) لجنة الدستور السورية المؤسسة حديثاً عملها في أجواء متوترة وجدل محتدم حول دور الجيش في الحرب الأهلية. وتعتبر فرص نجاح اللجنة محدودة.
يُذكر أن جميع مفاوضات جنيف السابقة بشأن سوريا لإنهاء العنف باءت بالفشل.
ورفضت المعارضة السورية أمس تصريحات أدلى بها الرئيس الأسد، الذي أثار شكوكاً حول محادثات جنيف التي تتوسط فيها الأمم المتحدة، باعتبارها «لا أساس لها».
وقال الأسد في مقابلة مع التلفزيون السوري الرسمي تم بثها الخميس، إن حكومته لم تكن طرفاً في محادثات جنيف التي تهدف إلى كتابة دستور جديد للدولة التي مزقتها الحرب.
وأضاف الأسد: «ليس هناك سوى مبعوثين في جنيف يتمتعون بدعم الحكومة ويشاطرونها وجهات نظرها»، وقال: «إذا كان يُعتقَد بأن القرار 2254 يعطي الصلاحية لأي جهة أممية أو غيرها لكي تقوم بالإشراف على الانتخابات، فأنا أريد أن أذكّر بأن بداية القرار تتحدث عن السيادة السورية، والسيادة السورية تعبر عنها الدولة السورية فقط، ولا أحد آخر ولا أي جهة أخرى، فالانتخابات التي ستحصل ستكون بشكل كامل من الألف إلى الياء تحت إشراف الدولة السورية».
وتابع: «هناك طرف وطني يتعامل مع طرف عميل ومع طرف إرهابي. هذا بكل بساطة. ولكن لضرورة الكلام الدبلوماسي، لكيلا نغضب الجميع، أنا سأقول لك هو حوار سوري - سوري. ولكن طبعاً حوار سوري - سوري بالهوية وجواز السفر وبالجنسية، أما الانتماء فهذا نقاش آخر... عدنا إلى جنيف جغرافياً فقط. أما سياسياً، فنحن جزء من (سوتشي) وكل ما يحصل هو جزء من (سوتشي) واستمرار لـ(سوتشي) ومرجعيته هي (سوتشي). (جنيف) ليست موجودة، ليست جزءاً من هذا الموضوع. تمثيل الأمم المتحدة ومشاركتها في اجتماع (سوتشي) يعطيها بعداً أممياً، وهذا كان ضرورياً، ولكن هذا لا يعني أن تدخل (جنيف) على (سوتشي). (جنيف) غير موجودة».
ووصف إبراهيم جباوي، عضو وفد المعارضة السورية في جنيف، تصريحات الأسد بأنها «لا أساس لها من الصحة». وقال جباوي في تصريح لوكالة الأنباء «هناك وفد يمثل الحكومة السورية وقد اختاره (الأسد). إنه ما زال يناور».
كما انتقد يحيى العريضي، عضو الهيئة العليا للمفاوضات، الأسد. وقال العريضي في إشارة إلى تصريح الأسد: «الانفصال عن الواقع لا يزال سائداً».
كما قلل الأسد من شرعية مبعوثي المعارضة في المقابلة قائلاً إنهم يمثلون تركيا والولايات المتحدة، وأضاف أن «قليلاً منهم يمثلون الإرهابيين».
وكان الأسد قال إن هدف بلاده النهائي هو استعادة سلطة الدولة على المناطق التي يسيطر عليها الأكراد في شمال شرقي سوريا بعد الانسحاب المفاجئ للقوات الأميركية، لكنه أشار إلى أن ذلك سيحدث بالتدريج.
ووصف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بأنه «لص». وقال: «تصريحاتي ضد إردوغان مستمرة... قلت: (لص)، وهو بدأ من الأيام الأولى بسرقة كل ما يتعلق بسوريا؛ فهو لص، أنا لم أشتمه، أنا أصفه».



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.