«الليكود» يتهم غانتس بالاتفاق على «حكومة مع العرب» و«كحول لفان» يرفض «الانتخابات الثالثة»

عشية استئناف المفاوضات على حكومة وحدة غداً

TT

«الليكود» يتهم غانتس بالاتفاق على «حكومة مع العرب» و«كحول لفان» يرفض «الانتخابات الثالثة»

عشية المفاوضات بين حزب الليكود بقيادة بنيامين نتنياهو وتكتل «كحول لفان» بقيادة بيني غانتس، المقرر استئنافها يوم غد الأحد، خرج الناطقون باسم الليكود بهجوم كاسح على غانتس بسبب «لقائه الودي مع أيمن عودة وأحمد الطيبي» واتهموه بالتوصل «إلى اتفاق مع الأحزاب العربية المعادية للدولة على تشكيل حكومة مشتركة». وقد رد غانتس بهجوم مماثل اتهم فيه نتنياهو بالإصرار على دفع إسرائيل إلى انتخابات برلمانية ثالثة في أقل من سنة.
وقال غانتس، خلال اجتماع لنشاط تكتله، إن «نتنياهو يتصرف بأنانية تجعله يضرب مصالح الدولة كلها في سبيل خدمة مصالحه الشخصية كمتهم بالفساد يعمل على طريقة شمشوم – علي وعلى أعدائي يا رب، فلا يدير مفاوضات جادة لتشكيل حكومة وحدة ولا يعترف بأن نتائج الانتخابات جعلتنا متفوقين عليه».
ومع أن غانتس كان قد أعرب عن تفاؤله من جولة المحادثات التي يجريها مع قادة الأحزاب في قنوات سرية وعلنية، إلا أن هجوم قادة الليكود عليه ورده عليهم يعيدان التشاؤم إلى الحلبة السياسية ويزيدان من القناعة بأنه سيفشل هو أيضا في الجهود لتشكيل حكومة وبأن إسرائيل متجهة إلى جولة انتخابات ثالثة للكنيست، إلا إذا حصلت مفاجأة. فبعد محادثات استمرت عشرة أيام، يصر «كحول لفان» على تفكيك كتلة اليمين والتفاوض مع الليكود وحده وتشكيل حكومة معه من دون الأحزاب الدينية ويصر على أن يتولى غانتس رئاسة الحكومة في النصف الأول من الدورة القادمة، بينما يصر الليكود على أنه يمثل في هذه المفاوضات كتلة اليمين كلها، التي تضم 55 عضواً في الكنيست ويرفض أن يتولى نتنياهو رئاسة الحكومة في الفترة الثانية من التناوب، ويصر على توليها في الفترة الأولى.
ورأت مصادر سياسية في تل أبيب أن «نتنياهو يشعر بأن طوق المخالفات الجنائية يشتد حول عنقه، ولذلك يصر على الوصول إلى المحكمة وهو قوي في منصب رئيس حكومة. فالتوقعات تشير إلى أن النيابة العامة الإسرائيلية ستقدم لوائح اتهام ضد نتنياهو في شبهات الفساد الخطيرة، التي قد تشمل الرشوة. وفي وضع كهذا، ستجري محاكمته بهيئة مؤلفة من ثلاثة قضاة في المحكمة المركزية في القدس، بينما إذا وصل إلى المحكمة كشخص عادي، فإن المحاكمة ستجري في محكمة في تل أبيب وينظر فيها قاض واحد، مثلما حدث خلال محاكمة رئيس الحكومة السابق، إيهود أولمرت». وحسب خبراء في القضاء فإن نتنياهو سيبذل كل ما وسعه من أجل ألا يصل إلى المحكمة في تل أبيب. ولهذا، ولأن غانتس بات واثقا أن نتنياهو ما زال قوياً في الليكود وليس وارداً أن يعلن أحد التمرد عليه في حزبه، أصبحت المناورة مركزة على حلفاء نتنياهو في اليمين، وبشكل خاص الأحزاب الدينية. ولكن الأحزاب الدينية تعرف أن نتنياهو هو الأقرب لها. فهو الذي ضاعف موازنة الدعم لها ثلاث مرت من 250 مليون شيكل في سنة 2014 إلى 750 مليون شيكل في السنة الماضية.
من هنا، أصبح الحل الأمثل هو إقامة حكومة ضيقة مسنودة بأصوات النواب العرب من خارج الائتلاف. وقد تحدث غانتس مع أيمن عودة وأحمد الطيبي حول شروطهما لدعم هذه الحكومة، وبدا أن هناك ما يمكن الحديث عنه. فقد أشاد كلاهما بالأجواء الإيجابية التي ظهرت خلال اللقاء وتكلما عن تغيير إيجابي في توجه غانتس للعرب وحقوقهم، لأول مرة منذ زمن حكومة اسحق رابين سنة 1993، وأكدا أنه أبدى تفهماً كبيراً لمعاناة المواطنين العرب وتحدث بشكل إيجابي عن مسيرة السلام وضرورة إعادة تفعيلها مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
لكن حكومة كهذه غير ممكنة من دون موافقة أفيغدور ليبرمان، رئيس حزب اليهود الروس «يسرائيل بيتينو»، الذي فاز بثمانية مقاعد. وقد صرح ليبرمان بأنه غير معني بأي شراكة مع الأحزاب العربية وبأنه يعتبرها طابوراً خامساً ضد إسرائيل. ومع ذلك فإن غانتس لم ييأس بعد ويحاول إقناع ليبرمان بتغيير رأيه والقبول بحكومة أقلية، لعدة شهور على الأقل، حتى يضطر نتنياهو إلى التخلي عن كرسي رئاسة الحكومة. ويقول غانتس إن تشكيل حكومة كهذه سيغير من رأي حلفاء نتنياهو وسيجعلهم ينفضون عنه لاحقا.
وقد أعلن نتنياهو، أمس الجمعة، أنه سيعقد اجتماعاً لرؤساء كتلة اليمين، غداً الأحد، للتباحث في الجهود لتشكيل الحكومة ومواصلة التنسيق بينهم. وقالت مصادر سياسية عليمة إن تصرفات نتنياهو تعزز الشعور بأن إسرائيل تتجه لانتخابات ثالثة. وقالت المصادر: «لو كان هدف نتنياهو تشكيل حكومة وحدة، لما كان سيهاجم الجهاز القضائي، وخاصة النيابة العامة، بشدة مثلما فعل مؤخراً هو ووزراؤه، بمن في ذلك وزير القضاء نفسه، أمير اوحانا». وتابعت: «عندما يواصل نتنياهو إشعال حرائق، وعندما يختار وضع القيادي في كحول لافان، يائير لبيد، في مركز لعبة الاتهامات كعقبة رئيسية أمام الوحدة وكمن يقتاد غانتس من أنفه، فإن نتنياهو يفشل عن قصد احتمالات نجاح المفاوضات الائتلافية، مهما كانت ضئيلة، ويقرب انتخابات العام 2020».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».