فتح الطرق بقرار أمني ـ سياسي بعد 14 يوماً من الاحتجاجات في لبنان

من المواجهات بين الجيش والمتظاهرين أمس (أ.ف.ب)
من المواجهات بين الجيش والمتظاهرين أمس (أ.ف.ب)
TT

فتح الطرق بقرار أمني ـ سياسي بعد 14 يوماً من الاحتجاجات في لبنان

من المواجهات بين الجيش والمتظاهرين أمس (أ.ف.ب)
من المواجهات بين الجيش والمتظاهرين أمس (أ.ف.ب)

اتخذت السلطات الأمنية والعسكرية أمس، قراراً بإعادة فتح الطرقات بعد 14 يوماً على الاحتجاجات الشعبية في لبنان، في قرار اعتبره البعض سياسياً – أمنياً، وهو ما تجاوب معه معظم المتظاهرين، مع الإعلان عن الجهوزية الكاملة للعودة إلى السياسة نفسها في حال تأخر تشكيل الحكومة.
وبعد وقت قصير من إصدار الجيش اللبناني بياناً صباح أمس، يدعو فيه المتظاهرين إلى فتح الطرقات مع احترام حرية التظاهر، بدأت مجموعات من القوى الأمنية بإزالة الخيم والعوائق الإسمنتية من الطرقات المقفلة، ولا سيما الرئيسية منها التي تربط المناطق بعضها ببعض.
ورغم تسجيل بعض الاعتراض من قبل مجموعات من المتظاهرين على الخطوة، داعين إلى الاستمرار في إقفال الطرقات إلى حين تحقيق جميع المطالب، كان القرار النهائي بالتجاوب مع القوى الأمنية، مع الاستمرار في الدعوة للتظاهر في الساحات، ومنح السلطة أياماً معدودة للإسراع في تشكيل حكومة انتقالية.
وفتحت كل الطرق الرئيسية والفرعية والدولية تباعاً؛ حيث باتت معظمها سالكة بعد الظهر، أمام حركة المرور من عكار إلى الضنية وطرابلس وجبيل وغزير وجل الديب وزوق مصبح وعالية، وفي وسط بيروت إلى الأوتوستراد الساحلي في الناعمة والدامور والنبطية وصور، وكل طرق البقاع الأوسط والغربي من طريق المصنع حتى ضهر البيدر.
وبعد الظهر تغير المشهد؛ حيث عاد التوتر في منطقة الجية، على الأوتوستراد الساحلي باتجاه الجنوب، إثر إشكال بين المتظاهرين وفريق إعلامي في برجا، حصل خلاله تدافع وسجل اعتداء على القنوات التلفزيونية، وقطع الطريق مجدداً بالسواتر الترابية وإعادة وضع الخيم، مع إصرار على البقاء في الشارع. وعلى الأثر تدخل الجيش والقوى الأمنية محاولين فتح الطرق.
وترافق قرار فتح الطرقات مع قرار المصارف بالعودة إلى العمل يوم الجمعة المقبل، في وقت أعلن فيه وزير التربية والتعليم العالي أكرم شهيب، ورئيس الجامعة اللبنانية فؤاد أيوب، عن فتح المدارس والجامعات أبوابها اليوم الخميس.
وكان الجيش قد قال في بيانه صباحاً: «بعد مرور ثلاثة عشر يوماً على بدء حركة الاحتجاجات والمظاهرات الشعبية والمطلبية، وتفاقم الإشكالات بين المواطنين بشكل خطير نتيجة قطع طرق حيوية في مختلف المناطق اللبنانية، وبعد التطورات السياسية الأخيرة، تطلب قيادة الجيش من جميع المتظاهرين المبادرة إلى فتح ما تبقَّى من طرق مقفلة، لإعادة الحياة إلى طبيعتها، ووصل جميع المناطق بعضها ببعض، تنفيذاً للقانون والنظام العام. مع تأكيدها على حق التظاهر السلمي والتعبير عن الرأي، المُصان بموجب أحكام الدستور وبحمى القانون، وذلك في الساحات العامة فقط».
من جهته، أعلن الأمين العام لـ«الصليب الأحمر» جورج كتانة، أنه تم نقل 580 حالة صحية أول من أمس، مشيراً إلى نقل عدد من الإصابات جراء التضارب أمس في ساحة رياض الصلح والناعمة، مؤكداً أنه لا يزال على استنفاره، آملاً في فتح الطرقات من أجل تسهيل عمله.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.