«التيار» يرفض ترؤس الحريري حكومة من غير الحزبيين

«الاشتراكي» و«القوات» لا يمانعان عودة رئيس الوزراء المستقيل

TT

«التيار» يرفض ترؤس الحريري حكومة من غير الحزبيين

تتفاوت مواقف الكتل النيابية حيال الحكومة التي سيتم تشكيلها، في ضوء مطالبة المتظاهرين بتشكيل حكومة تكنوقراط من غير الحزبيين، وهو ما تؤيده الكتل النيابية المعارضة، علماً بأن رئيس الجمهورية إلى الآن لم يحدد موعداً لإجراء الاستشارات النيابية.
وفي أول تعليق له، أمس، بعد استقالة الحريري، وعد رئيس الجمهورية ميشال عون بأنه «سيكون للبنان حكومة نظيفة، والحراك الذي حصل فتح الباب أمام الإصلاح الكبير، وإذا برزت عوائق أمامنا، فالشعب يعود من جديد إلى الساحات».
واعتبر رئيس البرلمان نبيه بري أن «لبنان لا يحتمل المزيد من المتاعب اقتصادياً ومالياً»، مشدداً على أن «الوحدة والانفتاح والحوار بين بعضنا البعض كلبنانيين يجب أن تسود المرحلة الراهنة». وطالب، أمس، بعد لقائه عدداً من النواب بالاستعجال بتأليف الحكومة وفتح الطرقات، محذراً من فقدان الأمل بالأمن في لبنان، ومبدياً خشيته من الضغوط الدولية.
وفي حين يبدو غير واضح إلى الآن موقف كتلتي «التنمية والتحرير» (حركة أمل)، و«حزب الله» الذي كان قد نقل عنه رفضه حكومة غير حزبية، أعلن «التيار الوطني الحر» على لسان مستشار رئيس التيار أنطوان قسطنطين، أنه مع وحدة المعايير عند تشكيل أي حكومة، وبالتالي إذا اتخذ قرار بحكومة غير حزبية يعني ذلك تطبيق المعيار نفسه على رئيس الحكومة، ما يعني عدم القبول بالحريري رئيساً للحكومة المقبلة.
وأضاف: «مع العلم أن الحكومة غير الحزبية ستكون مسمّاة من الأحزاب الممثلة في البرلمان وستأخذ شرعيتها من الكتل الحزبية، وستعمل في إدارات الدولة المعين مسؤولوها من الأحزاب أيضاً».
وبالنسبة إلى «التنمية والتحرير» قال النائب ميشال موسى إن كل الأمور قيد التشاور، وإلى الآن لم تتبلور نهائياً، خاصة أن موعد الاستشارات النيابية لم يحدد لغاية الآن. وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن الأهم يبقى في تشكيل حكومة في أسرع وقت ممكن لاستعادة الثقة مع الناس، والتوصل إلى صيغة مرضية ومناسبة للوضع الحالي.
وجدّدت الكتل التي كانت تدعو إلى تأليف حكومة غير حزبية، على غرار «حزب القوات اللبنانية» و«الكتائب اللبنانية» و«الحزب التقدمي الاشتراكي»، موقفها الداعم لهذا الطرح.
وربط «الاشتراكي» مشاركته في الحكومة بتكليف الحريري، فيما أكد حزب «القوات» على لسان وزير الشؤون الاجتماعية المستقيل ريشار قيومجيان، أنها ليست ضد إعادة تكليف الحريري تشكيل حكومة جديدة، لكنها لن تقبل المشاركة في أي حكومة وفق المحاصصة السياسية التي أخذت القرار بالخروج منها، وهو ما عاد وأعلنه رئيس «القوات» سمير جعجع مساء.
وأوضح قيومجيان لـ«الشرق الأوسط»: «في الوقت الراهن لبنان يحتاج إلى حكومة تكنوقراط من غير الطبقة السياسية لإنقاذ الوضعين الاقتصادي والمالي، وتحصل على ثقة الداخل والخارج»، وأكد: «لا يمكننا إلا الاستجابة لمطلب المليوني شخص الذين انتفضوا ويطالبون بهذا المطلب».
وجدّد رئيس «الاشتراكي» النائب السابق وليد جنبلاط موقفه المؤيد لحكومة جديدة دون أحزاب ودون وجوه تقليدية، تلبية لمطالب الجمهور الكبير الذي خرج من كل الحواجز الطائفية والمناطقية، داعياً في حديث لـ«وكالة سبوتنيك» كل القوى «إلى الحوار، في مقدمتها (حزب الله)»، مشيراً إلى أنه على رئيس الجمهورية الدخول في تسوية جديدة مع اللبنانيين، وأن يتفهم ماذا يجري لكي لا ندخل في نظرية المؤامرات، مشيراً إلى أنه لا يستطيع أحد أن يعزل الآخر في لبنان.
وأوضح مفوض الإعلام في «الاشتراكي» رامي الريس لـ«الشرق الأوسط» أن «(الاشتراكي) سيؤيد الحريري إذا رغب في العودة لرئاسة الحكومة وتوفرت الظروف لذلك». وأشار في الوقت عينه إلى أنه من السابق لأوانه الحديث عن مشاركة «التقدمي» في الحكومة الجديدة أو عدمها بانتظار بلورة الظروف أكثر وشكل الحكومة والمشاركين فيها.
وجدّد النائب سامي الجميل موقفه الداعم لتشكيل حكومة اختصاصيين، داعياً إلى «إجراء استشارات سريعة لتكليف رئيس حكومة حيادي يشكل حكومة اختصاصيين من الأحرار، ثم البدء بمسار الإصلاح». وأعلن الجميل أن «الكتائب» تقدمت باقتراح قانون لتقصير ولاية مجلس النواب لإجراء انتخابات مبكرة كحد أقصى في مايو 2020.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.