المغرب: «مجلس حقوق الإنسان» يوصي بتعديل فصول من القانون الجنائي

TT

المغرب: «مجلس حقوق الإنسان» يوصي بتعديل فصول من القانون الجنائي

أوصى المجلس الوطني المغربي لحقوق الإنسان، أمس، بتعديل الفصول المتعلقة بالإجهاض في القانون الجنائي، وذلك بالسماح للسيدة الحامل بوضع حدّ لحملها في حالة ما إذا كان فيه تهديد لصحتها الجسدية أو النفسية أو الاجتماعية، كما أوصى بإلغاء تجريم العلاقات الجنسية الرضائية بين الراشدين.
ومن المتوقع أن تثير توصيات المجلس جدلاً نظراً لانقسام المجتمع بين مؤيد ومعارض لهذا التوجه، أسوة بما حدث عندما طالب المجلس بالمساواة في الإرث.
وكان النقاش حول «الحريات الفردية» قد احتدم بشكل كبير في المغرب بعد اعتقال الصحافية هاجر الريسوني بتهمتي الإجهاض وإقامة علاقة غير شرعية، وأدينت بسنة سجناً نافذاً، قبل أن تستفيد من عفو ملكي، وهي القضية التي أثارت ضجة حقوقية واسعة داخل المغرب وخارجه.
وبرّر المجلس في مذكرة حول مشروع القانون رقم 10.16، المتعلق بتعديل القانون الجنائي، وجّهها إلى رئيسي مجلسي البرلمان والفرق البرلمانية، تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منها، السماح بالإجهاض وفق بعض الضوابط، بضرورة «المواكبة التشريعية الحمائية لواقع الإجهاض السري بالمغرب، والتصدي للظاهرة بطريقة عقلانية، والعمل على تجنيب النساء (عددهن مرتفع، وبينهن مراهقات وشابات) مخاطر الإجهاض السري، ومكافحته مع لوبيات المتاجرين بأجساد النساء المغربيات (وغيرهن) في الظروف القاسية والمؤلمة، التي تصاحب الإجهاض السري للنساء الحوامل».
وأفاد المجلس في مذكرته أن «الاعتراف بأن مواصلة حمل غير مرغوب فيه لأسباب تتعلق بالصحة بمفهومها الشامل الجسدي الاجتماعي والنفسي فيه تعدٍ على حرمة كيان السيدة الحامل، ومن ثم خرق لحقوق الإنسان».
ولفت المجلس في المقابل إلى أن الإجهاض لا يمكن أن يصبح حدثاً مبتذلاً لا يستحق وقفة متأنية قبل اللجوء إليه، نظراً لتعلقه أيضاً بحياة جنين، تعتبر موجودة بالقوة أو بالفعل، وهو ما يستلزم إحاطة تحريره بضوابط تحصن اللجوء إليه من الزلل.
وأوضح المجلس أنه استند في توصيته إلى مفهوم منظمة الصحة العالمية في تعريف الصحة، الذي يقرر أن «الصحة هي حالة من اكتمال السلامة بدنياً وعقلياً واجتماعياً، لا مجرّد انعدام المرض أو العجز». إلى جانب احترام وتفعيل مضمون التوصيات التي وجّهتها للمغرب لجنتان وازنتان من لجان الأمم المتحدة، وهي لجنة حقوق الإنسان ولجنة حقوق الطفل، ما يعني حقوقياً تنفيذ المغرب للالتزامات، التي قبلها بموجب مصادقته على المعاهدات المتعلقة بحقوق الإنسان. وهناك أيضاً التطور الملموس للقانون المقارن بالتعامل الحمائي العقلاني مع ظاهرة الإجهاض السري في جلّ الدول المتقدمة، التي تحرص على احترام حقوق الإنسان، وخاصة الحقوق المتعلقة بالمرأة.
وبخصوص رأيه حول تجريم العلاقات الجنسية خارج الزواج في القانون الجنائي المغربي، أوصى المجلس في مذكرته بإلغاء تجريم العلاقات الجنسية الرضائية بين الرشداء، وحذف الفصول 489 إلى 493 من القانون الجنائي. كما أوصى المجلس في هذا السياق بحذف باب «انتهاك الآداب»، واستبداله بحماية الحريات الشخصية. وبرر المجلس توصيته بـ«ضرورة عدم تدخل القانون الجنائي في العلاقات الشخصية الحميمية، إلا بصفة استثنائية عندما يلابسها عنف غير مشروع، أو ظروف تفرض حماية خاصة (كما هو الأمر في الاغتصاب أو ربط علاقة جنسية مع قاصر، أو المفروضة بطريقة أو بأخرى على من لا يستطيع عملياً أن يعبر عن رضائه الصحيح بها، أو الاستغلال الجنسي للنساء وللقاصرين)، واعتبار الرضا حجر الزاوية في العلاقات الجنسية بين الرشداء»، وعدم إضرار العلاقات المذكورة بالنظام العام، ولا بالنظام الخاص أو بالغير، ومستلزمات الارتقاء بالجهاز القضائي وبالاجتهاد القضائي وعقلنتهما.
وضمّت مذكرة المجلس توصيات أخرى، تتعلق بالتعذيب والاختفاء القسري والتحريض على العنف والكراهية والتمييز وإلغاء عقوبة الإعدام.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.