«قوة سيبيريا» تعزز العلاقات النفطية بين موسكو وبكين

مشروع خارج مدى تأثير السياسات الأميركية

«قوة سيبيريا» تعزز العلاقات النفطية بين موسكو وبكين
TT

«قوة سيبيريا» تعزز العلاقات النفطية بين موسكو وبكين

«قوة سيبيريا» تعزز العلاقات النفطية بين موسكو وبكين

أعلنت شركة «غاز بروم» الروسية عن إنجاز التحضيرات النهائية لبدء ضخ الغاز إلى الصين عبر شبكة أنابيب «قوة سيبيريا»، الأولى التي تربط الحقول الروسية بالسوق الصينية، والأضخم في تاريخ الشركة، وذلك قبل أكثر من شهر على الموعد المحدد لبدء العمل عبر الشبكة، بموجب الاتفاقيات الثنائية. ويشكل هذا الإعلان بداية نقلة نوعية في العلاقات بين موسكو وبكين، في وقت تشكل فيه سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترمب نحو البلدين، وحربه التجارية مع الصين، إلى جانب العقوبات المتتالية ضد روسيا، واحداً من جملة عوامل رئيسية ساهمت في تسريع وتيرة التقارب بين البلدين، وحرصهما على صياغة أسس تعاون اقتصادي متينة، تخدم مصالحهما، وتخفف من تأثير السياسات الأميركية عليهما، ولا سيما في المجال الاقتصادي.
وأعلنت شركة «غاز بروم» الاحتكارية الحكومية، على موقعها الرسمي أمس، عن إنجاز المرحلة الرئيسية من الأعمال الضرورية لبدء ضخ الغاز إلى الصين عبر شبكة الأنابيب العملاقة «قوة سيبيريا»، الأضخم في تاريخ روسيا، والتي يتوقع أنها ستكون الأكبر عالمياً بحجم الغاز الذي يُضخ عبرها من روسيا إلى الأسواق الخارجية. وأكدت الشركة الروسية أنها أكملت أعمال ملء أنابيب الشبكة بالغاز، موضحة أنه «تم ضخ الغاز من حقل تشاياندينسكي في ياقوتيا أقصى شرق روسيا، حتى محطة قياس الغاز في منطقة بلاغوفيشينسك على الحدود مع الصين»، وأكدت «بهذا الشكل يمكن القول إن الجزء من الأنابيب الذي يربط بين محطات الضغط وحقول الإنتاج، ضمن منظومة نقل الغاز إلى المستهلكين، باتت جاهزة لبدء إمدادات الغاز الروسي» إلى الصين. وفي المرحلة التالية ستقوم الشركة بإنجاز أعمال ملء الجزء من الشبكة الذي يمر عبر نهر آمور بالغاز.
وتُعد شبكة «قوة سيبيريا» مشروعاً «فوق استراتيجي» من جميع الجوانب. وفضلاً عن حقيقة أن الاتفاق على مدها يعكس طبيعة التقارب الاستراتيجي بين روسيا والصين خلال السنوات الماضية، ويساهم في تعزيز تلك العلاقات على المدى البعيد، فإن الشبكة استراتيجية أيضاً من الناحية الاقتصادية. وتقول «غاز بروم» على موقعها الرسمي، إن «شبكة قوة سيبيريا هي أضخم مشروع استثماري في تاريخ الشركة (أي غاز بروم) منذ تأسيسها، وتقدر تكلفته بنحو 55 مليار دولار».
وتعود بدايات هذا المشروع إلى أكتوبر (تشرين الأول) عام 2012، حين كلف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، شركة «غاز بروم» بوضع دراسة وتصور لمشروع شبكة أنابيب تربط مناطق أقصى شرق روسيا، ياقوتيا وخباروفسك وفلادي فوستوك، الغنية جداً بالخامات والتي تشكل في الوقت ذاته بوابات تجارية، برية وبحرية، نحو الشرق. ولاحقاً تم التوافق على إطلاق تسمية «قوة سيبيريا» على هذا المشروع. ويمكن القول، إن الفكرة دخلت مرحلة التطبيق العملي في مايو (أيار) 2014، حين وقعت «غاز بروم» ومؤسسة البترول الوطنية الصينية (CNPC) اتفاقية حول إمدادات الغاز الروسي للسوق الصينية لمدة 30 عاماً، قيمتها الإجمالية 400 مليار دولار. وبموجب الاتفاقية، تقوم «غاز بروم» بتصدير 38 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً إلى الصين، أو أكثر من تريليون متر مكعب طيلة 30 عاماً، عبر أنابيب «قوة سيبيريا». ويفترض أن تبدأ الإمدادات في مطلع ديسمبر (كانون الأول) المقبل. وفي وقت سابق، قال دميتري كوزاك، نائب رئيس الحكومة الروسية، إن «إمدادات الغاز عبر هذه الشبكة ستبدأ اعتباراً من الأول من ديسمبر، وبالتزام صارم بالجدول الزمني بموجب اتفاقية البيع والشراء».
ساهمت عوامل عدة في توقيع اتفاقية «قوة سيبيريا»، منها الكشف عن حقول جديدة باحتياطي ضخم من الغاز في أقصى شرق روسيا، وبالتالي الحاجة إلى أسواق إضافية. وتشكل الصين بهذا المعنى خياراً مثالياً، وليس لأنها قريبة من المناطق الروسية الغنية بالغاز فحسب، بل ولأنها واحدة من أكبر الأسواق العالمية استهلاكاً للغاز. وفي تقرير على موقع «غاز بروم»، قدر خبراء أن ينمو استهلاك الصين من الغاز حتى 300 مليار متر مكعب سنوياً بحلول عام 2020، وحتى 500 مليار متر مكعب عام 2030. ومع أن نمو الإنتاج الروسي وتزايد احتياجات الصين، فضلاً عن التجاور جغرافياً، عوامل رئيسية ساهمت في تعزيز التعاون في مجال الطاقة بين البلدين، لا يمكن في الوقت ذاته تجاهل تأثير «العوامل الخارجية»، أي التوتر في علاقات كل من موسكو وبكين مع الغرب وواشنطن بصورة خاصة. ذلك أنه وفي الوقت الذي تبقى فيه إمدادات الغاز الروسي إلى الأسواق الأوروبية تحت تهديد عقوبات أميركية جديدة، تعيش الصين حالة «حرب تجارية» مع الولايات المتحدة، وضمن هذه الأجواء يصبح التقارب الروسي - الصيني خياراً مثالياً لإبعاد المشروعات الاقتصادية للبلدين عن مخاطر السياسات الأميركية.



تقرير التضخم الأميركي يضغط على معنويات السوق اليابانية

أشخاص يسيرون أمام لوحة إلكترونية تعرض متوسط مؤشر «نيكي» في إحدى شركات الوساطة في طوكيو (أ.ب)
أشخاص يسيرون أمام لوحة إلكترونية تعرض متوسط مؤشر «نيكي» في إحدى شركات الوساطة في طوكيو (أ.ب)
TT

تقرير التضخم الأميركي يضغط على معنويات السوق اليابانية

أشخاص يسيرون أمام لوحة إلكترونية تعرض متوسط مؤشر «نيكي» في إحدى شركات الوساطة في طوكيو (أ.ب)
أشخاص يسيرون أمام لوحة إلكترونية تعرض متوسط مؤشر «نيكي» في إحدى شركات الوساطة في طوكيو (أ.ب)

محا مؤشر «نيكي» الياباني خسائره ليغلق مرتفعاً قليلاً يوم الأربعاء، مع عودة المستثمرين إلى شراء الأسهم الرخيصة، في حين أثر تقرير التضخم الرئيس في الولايات المتحدة على المعنويات؛ إذ من المرجح أن يؤثر في مسار أسعار الفائدة في مجلس «الاحتياطي الفيدرالي».

وأغلق مؤشر «نيكي» مرتفعاً بنسبة 0.01 في المائة، ليصل إلى 39372.23 نقطة، بعد أن هبط بنسبة 0.65 في المائة في وقت سابق من الجلسة. كما ارتفع مؤشر «توبكس» الأوسع نطاقاً بنسبة 0.29 إلى 2749.31 نقطة، وفقاً لوكالة «رويترز».

وقال محلل السوق في مختبر «توكاي طوكيو» للاستخبارات، شوتارو ياسودا: «لم تكن هناك إشارات كبيرة تحرّك السوق اليوم، لكن المستثمرين عادوا لشراء الأسهم عندما انخفضت إلى مستويات معقولة». وأضاف: «لكن المكاسب كانت محدودة بسبب الحذر المرتبط بنتيجة تقرير أسعار المستهلك في الولايات المتحدة».

وقد افتتحت الأسهم اليابانية منخفضة، متأثرة بتراجع مؤشرات «وول ستريت» الرئيسة يوم الثلاثاء، قبل صدور بيانات التضخم لشهر نوفمبر (تشرين الثاني)، وهي واحدة من آخر التقارير الرئيسة قبل اجتماع مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» المقرر يومي 17 و18 ديسمبر (كانون الأول).

كما ينتظر المستثمرون قرار «بنك اليابان» بشأن السياسة النقدية، والمقرر صدوره في التاسع عشر من ديسمبر. وأشار محافظ «بنك اليابان»، كازو أويدا، إلى استعداد البنك لرفع أسعار الفائدة مرة أخرى في المستقبل القريب إذا أصبح أكثر اقتناعاً بأن التضخم سيظل عند مستوى 2 في المائة، مدعوماً بالاستهلاك القوي ونمو الأجور. وحقّق سهم شركة «فاست ريتيلنغ»، مالكة العلامة التجارية «يونيكلو»، ارتفاعاً بنسبة 0.37 في المائة؛ ليصبح أكبر داعم لمؤشر «نيكي».

في المقابل، هبطت أسهم الشركات الكبرى في قطاع الرقائق؛ حيث خسرت شركتا «أدفانتست» و«طوكيو إلكترون» بنسبة 0.51 في المائة و0.49 في المائة على التوالي. وتعرّض سهم شركة «ديسكو»، مورد أجهزة تصنيع الرقائق، لهبوط حاد بنسبة 3.65 في المائة؛ ليصبح أكبر الخاسرين بالنسبة المئوية على مؤشر «نيكي».

في المقابل، قفز سهم شركة «كاواساكي» للصناعات الثقيلة بنسبة 10.28 في المائة، ليصبح أكبر رابح بالنسبة المئوية على المؤشر، في حين ارتفع سهم شركة «آي إتش آي» بنسبة 6.25 في المائة. وسجل سهم شركة «توب كون» ارتفاعاً مذهلاً بنسبة 23 في المائة، ليصل إلى الحد الأقصى اليومي، بعد إعلان الشركة أنها تدرس التحول إلى القطاع الخاص بين تدابير أخرى لرفع قيمتها، في أعقاب تقارير تفيد بأن شركات الاستثمار الخاص تقدمت بعروض لشراء الشركة.

وفي سوق السندات، ارتفع العائد على سندات الحكومة اليابانية لأجل 10 سنوات يوم الأربعاء، متتبعاً نظيراتها من سندات الخزانة الأميركية. وقد ارتفع العائد على سندات الحكومة اليابانية لأجل 10 سنوات بمقدار 0.5 نقطة أساس، ليصل إلى 1.065 في المائة، في حين ارتفع العائد على سندات السنوات الخمس بمقدار 0.5 نقطة أساس أيضاً، ليصل إلى 0.73 في المائة.

وفي الوقت نفسه، يستعد المستثمرون للتحول السلس للعقود الآجلة من تلك المستحقة في ديسمبر إلى تلك المستحقة في مارس (آذار)، التي ترتبط بسندات الحكومة اليابانية لأجل 10 سنوات رقم «366» التي كان «بنك اليابان» يمتلكها بكثافة.

وقال كبير الاستراتيجيين في شركة «سوميتومو ميتسوي تراست» لإدارة الأصول، كاتسوتوشي إينادومي: «يشير التحول السلس للعقود الآجلة إلى إزالة المخاوف بشأن نقص السندات اللازمة لتسوية العقود».

وقد تجاوز حجم التداول وعدد الاهتمامات المفتوحة لعقود مارس تلك الخاصة بعقود ديسمبر قبل تاريخ التجديد الرسمي المقرر يوم الجمعة. وكانت الأسواق قلقة بشأن النقص المحتمل في السندات اللازمة لتسوية العقود الآجلة المقبلة.

ويحتاج المستثمرون إلى سندات الحكومة اليابانية رقم «366» لإغلاق العقود الآجلة المستحقة في مارس. ولكن هذه السندات كانت مملوكة بنسبة تزيد على 90 في المائة من قبل «بنك اليابان» نتيجة لشرائه العدواني للسندات، في إطار دفاعه عن سياسة أسعار الفائدة المنخفضة للغاية. وقد انخفضت ملكية «بنك اليابان» للسندات إلى 89 في المائة الأسبوع الماضي بعد أن سمح البنك المركزي للاعبين في السوق بالاحتفاظ بنحو 200 مليار ين (1.32 مليار دولار) من السندات التي أقرضها لهم من خلال مرفق إقراض الأوراق المالية.

كما باعت وزارة المالية 350 مليار ين من سندات رقم «366» في مزادات تعزيز السيولة في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر. وأشار الاستراتيجيون إلى أن السوق أمّنت ما يقرب من تريليون ين من السندات اللازمة لتسوية عقود مارس نتيجة لهذه العمليات.