كوباني «مدينة عسكرية» على وشك «السقوط».. وغارات التحالف تستهدف «داعش» في محيطها

مقتل 400 شخص منذ بدء المعركة وتركيا تعتقل 200 كردي بينهم صحافيون ونساء وأطفال

كوباني «مدينة عسكرية» على وشك «السقوط».. وغارات التحالف تستهدف «داعش» في محيطها
TT

كوباني «مدينة عسكرية» على وشك «السقوط».. وغارات التحالف تستهدف «داعش» في محيطها

كوباني «مدينة عسكرية» على وشك «السقوط».. وغارات التحالف تستهدف «داعش» في محيطها

تواصلت المعارك الضارية في «حرب الشوارع» بين الأكراد ومقاتلي تنظيم «داعش» في أحياء كوباني (عين العرب) المهدّدة بالسقوط في سباق مع ضربات التحالف الدولي ضدّ الإرهاب. وامتدت الاشتباكات أمس إلى جنوب وغرب المدينة غداة توغل التنظيم مسافة 50 مترا في جنوب غربي المدينة، وسيطرته على 3 أحياء شرقها.
وبينما قامت «وحدات حماية الشعب» الكردية بإجلاء المدنيين وتحويل كوباني إلى «مدينة عسكرية»، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس إن 400 شخص على الأقل قتلوا خلال المعركة المستمرة منذ 3 أسابيع بين داعش ومقاتلين أكراد في بلدة كوباني السورية ومحيطها. وأعلن الجيش الأميركي أمس، أن التحالف شنّ الاثنين والثلاثاء 5 ضربات جوية قرب مدينة كوباني المهددة بالسقوط في أيدي داعش.
وأوضحت القيادة الأميركية الوسطى في بيان أن الولايات المتحدة وحلفاءها شنوا 9 ضربات جوية في سوريا الاثنين والثلاثاء بينها 5 غارات قرب هذه المدينة الكردية الواقعة قرب الحدود مع تركيا.
وفي سوريا أدت ضربة جنوب كوباني، وفق بيان القيادة الأميركية إلى تدمير 3 آليات مسلحة وإلحاق أضرار بأخرى. ودمرت ضربة ثانية جنوب شرقي المدينة آلية مدرعة تنقل مضادات طيران. ودمرت ضربتان أخريان جنوب غربي المدينة الكردية دبابة فيما أدت ضربة أخرى جنوب كوباني إلى القضاء على وحدة تابعة للتنظيم.
في موازاة ذلك، شن التحالف غارتين غرب الحسكة (شمال - شرق) أصابتا عدة مبان تابعة لـ«داعش» وأخرى في شمال شرقي دير الزور (شرق) أصابت قاعدة تجمع ومنشأة إنتاج متفجرات. وأصابت ضربة أخرى جنوب غربي الربيعة مجموعة صغيرة من مقاتلي التنظيم.
وكان «المرصد السوري لحقوق الإنسان» ذكر أن التحالف شن غارات خلال الليل على الجانب الشرقي من كوباني وعلى أطرافها الجنوبية الغربية سعيا لوقف تقدم مقاتلي «داعش» الذين سيطروا على عدد من المباني لكسب مواقع هجومية من جانبي المدينة. وكانت راية كردية لا تزال مرفوعة أمس، فوق سطح مبنى في وسط المدينة، بحسب «وكالة الصحافة الفرنسية». وأكد الناشط مصطفى عبدي في اتصال مع الوكالة أن طائرات التحالف ضربت ليل أمس مواقع التنظيم. لكنه أكد أن هذا القصف لم يترك أثرا على تقدم «داعش» على الأرض بعدما نصبوا الأعلام السوداء للتنظيم على بعد 100 متر شرق وجنوب شرقي كوباني. وقال إن «المقاتلين الأكراد لا يزالون متفائلين. فهم ليسوا مجهزين سوى بأسلحة خفيفة وإنما يعرفون جغرافيا المنطقة جيدا. وسيدافعون عن المدينة حتى آخر عنصر منهم».
وكان المرصد ذكر أن مسلحي التنظيم اضطروا إلى التراجع في شوارع الأحياء التي سيطروا عليها شرق المدينة، إلا أنهم تمكنوا من اجتياز المدخل الجنوبي الغربي للمدينة وسيطروا على عدة مبان عند الأطراف الجنوبية الغربية.
وقال عمر علوش، مسؤول العلاقات في حركة المجتمع الديمقراطي في كوباني، حديثه لـ«الشرق الأوسط» إنّ وحدات حماية الشعب أعلنت المدينة «منطقة عسكرية» مساء أوّل من أمس، بعد اشتداد القصف على المناطق وطلبت من الإعلاميين الذين يقومون بعملهم من الداخل الخروج باتجاه تركيا ومتابعة الأحداث عن بعد. وأكّد اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» من مكان احتجازه في تركيا، أنّ السلطات التركية قامت باعتقال نحو 200 مواطن بينهم نساء وأطفال، بعد ظهر يوم الاثنين الماضي على الحدود خلال هروبهم من كوباني.
وأوضح أنّه وخلال انتظار السوريين الأكراد على الحدود التركية وصلت طلقات رصاص إلى الداخل التركي إضافة إلى قذيفة دبابة من جراء المعارك الدائرة في كوباني، ما أدّى بالسلطات التركية إلى فتح الحدود والسماح للهاربين بالدخول قبل أن تعمد إلى اعتقالهم.
ولفت علوش الذي قال إنه كان يقوم بمهمّة إنسانية على الحدود، إلى أنّ المعتقلين محتجزون في مكان يفتقر إلى أدنى المعايير تملأه الرائحة الكريهة ومن دون توفّر المياه. ولا يزال الأكراد المعتقلون من دون أي تهمة، وفق ما أكّد علوش، ينتظرون من السلطات التركية الإفراج عنهم، مشيرا إلى أنّ المعلومات الأخيرة التي وصلت إليهم أفادت بإمكانية إطلاق سراحهم اليوم.
وعبر المسؤول الكردي إدريس نحسان أيضا عن أسفه لأن الغارات «ليست كافية لهزم الإرهابيين على الأرض» مطالبا «بأسلحة وذخائر».
وقال الناطق باسم القوات الكردية في كوباني بولتان جان بأن مسلحي داعش يمتلكون أسلحة متطورة ويحاولون محاصرة قوات وحدات حماية الشعب من خلال السيطرة على الجانب الغربي من المدينة. وتوقف جان عند الإمكانات التي يمتلكها «داعش» مشيرا إلى أنّ التنظيم لديه كل الأسلحة المتطورة التي حصل عليها من مقاتلي «الجيش السوري الحر» ممن انضموا إليه إلى جانب الأسلحة استولى عليها من الجيش العراقي والسوري والأسلحة التي كانت بمطار الطبقة العسكري بسوريا.
وأكّد جان أنه في حال حصول الأكراد على دعم خارجي فإنه من الممكن أن يتمكنوا من الصمود لمدة أطول، مشيرا إلى سهولة تحرك مسلحي داعش على الحدود التركية ومحاولاتهم السيطرة على الجانب الغربي لتطويق القوات الكردية. ورأى جان أنّ هناك عدم جدية في ضربات التحالف لتنظيم داعش في كوباني، مشيرا إلى أنّ طائرات التحالف تحوم فوق المدينة 24 ساعة في اليوم وهم يعلمون تحركات داعش وأين هي مدرعاته، ولكن لا يقومون بقصفهم والقصف غير مركز على داعش.
وبدأ تنظيم «داعش» هجومه في اتجاه كوباني في 16 سبتمبر (أيلول)، وتمكن من السيطرة على عدد كبير من القرى والبلدات في المنطقة ضمن قطر يبلغ حوالي 40 كيلومترا. ومن شأن السيطرة على كوباني أن تتيح لهذا التنظيم التحكم بشريط حدودي طويل وواسع مع تركيا.
وقتل في المعارك مئات المقاتلين من الطرفين، ونزح أكثر من 300 ألف شخص، عبر أكثر من 180 ألفا منهم الحدود نحو تركيا. وقال مسؤول محلي في مدينة سروج أقرب المدن التركية إلى كوباني إن حوالي 700 شخص عبروا الحدود للجوء إلى تركيا خلال الليل وبينهم مدنيون ومقاتلون من وحدات حماية الشعب، أكبر مجموعة كردية مقاتلة في سوريا.
من جهته، أفاد المتحدث باسم المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أدريان إدواردس أنَّ عدد السوريين الفارين من كوباني تجاه تركيا بلغ أول من أمس، 172 ألف لاجئ. وأشار إدواردس في المؤتمر الصحافي الذي عقده في مكتب الأمم المتحدة بمدينة جنيف السويسرية، إلى أنَّ تركيا قامت بإعداد مخيمات لقسم من اللاجئين السوريين، فيما ساعدت الآخرين على العيش ضمن المجتمع التركي، قائلا: «إن تركيا في ظل الظروف التي تعيشها، تقدم أكثر من إمكاناتها في هذا المجال»
ومن جانب آخر قال روبرت كولفيل المتحدث باسم مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة «ما زلنا قلقين بشكل هائل بشأن سلامة أي مدنيين ظلوا في كوباني أو في المنطقة الحدودية قرب البلدة وفي القرى المحيطة، نعتقد أن تلك الأعداد تقدر الآن بالمئات أو أقل، ولكن من الواضح أن أي أحد يقع في يد داعش يكون عرضة للخطر».
وكانت كوباني تعد قبل الحرب في سوريا حوالي 70 ألف نسمة لكن عددا موازيا من الأشخاص لجأ إليها في السنوات الماضية.
وقبل الهجوم كانت كوباني التي تعرف بالعربية باسم عين العرب ملاذا للنازحين من الصراع السوري بين مقاتلي المعارضة وقوات الرئيس السوري بشار الأسد.
وعزز «داعش» صفوفه بمقاتلين أجانب ومنشقين من جماعات معارضة أخرى كما حصل على مزيد من الأسلحة الثقيلة بعد أن اجتاح مقاتلوه شمال العراق في يونيو (حزيران) واستولوا على الأسلحة من قوات الجيش العراقي.



«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
TT

«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)

في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى مواجهة الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية وحماية المال العام، أعلن مجلس القيادة الرئاسي في اليمن حزمة من الإجراءات المنسقة لمكافحة الفساد وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز المركز القانوني للدولة، وذلك بعد تلقي المجلس تقارير من الأجهزة الرقابية والقضائية حول قضايا فساد كبرى وقعت في الأعوام الأخيرة.

وأفاد الإعلام الرسمي بأنه، بناءً على توصيات من رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، صدرت توجيهات مستعجلة لاستكمال إجراءات التحقيق في القضايا قيد النظر، مع متابعة الجهات المتخلفة عن التعاون مع الأجهزة الرقابية.

وشدد مجلس الحكم اليمني على إحالة القضايا المتعلقة بالفساد إلى السلطة القضائية، مع توجيهات صريحة بملاحقة المتهمين داخل البلاد وخارجها عبر «الإنتربول» الدولي.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي (سبأ)

وأمر العليمي -حسب المصادر الرسمية- بتشكيل فريق لتقييم أداء هيئة أراضي الدولة وعقاراتها، التي تواجه اتهامات بتسهيل الاستيلاء على أراضيها من قِبل شخصيات نافذة. كما شدد على إلغاء جميع التصرفات المخالفة للقانون وملاحقة المتورطين.

وبينما تشير هذه الخطوات الجادة من مجلس القيادة الرئاسي إلى التزام الحكومة اليمنية بمكافحة الفساد، وتحسين الأداء المؤسسي، وتعزيز الشفافية، يتطلّع الشارع اليمني إلى رؤية تأثير ملموس لهذه الإجراءات في بناء دولة القانون، وحماية موارد البلاد من العبث والاستغلال.

النيابة تحرّك 20 قضية

ووفقاً لتقرير النائب العام اليمني، تم تحريك الدعوى الجزائية في أكثر من 20 قضية تشمل جرائم الفساد المالي، وغسل الأموال، وتمويل الإرهاب، والتهرب الضريبي. ومن بين القضايا التي أُحيلت إلى محاكم الأموال العامة، هناك قضايا تتعلّق بعدم التزام بنوك وشركات صرافة بالقوانين المالية؛ مما أدى إلى إدانات قضائية وغرامات بملايين الريالات.

كما تناولت النيابة العامة ملفات فساد في عقود تنفيذ مشروعات حيوية، وعقود إيجار لتوليد الطاقة، والتعدي على أراضي الدولة، وقضايا تتعلق بمحاولة الاستيلاء على مشتقات نفطية بطرق غير مشروعة.

مبنى المجمع القضائي في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن (سبأ)

ومع ذلك، اشتكت النيابة من عدم تجاوب بعض الجهات الحكومية مع طلبات توفير الأدلة والوثائق، مما أدى إلى تعثر التصرف في قضايا مهمة.

وأوردت النيابة العامة مثالاً على ذلك بقضية الإضرار بمصلحة الدولة والتهرب الجمركي من قبل محافظ سابق قالت إنه لا يزال يرفض المثول أمام القضاء حتى اليوم، بعد أن تمّ تجميد نحو 27 مليار ريال يمني من أرصدته مع استمرار ملاحقته لتوريد عشرات المليارات المختلسة من الأموال العامة. (الدولار يساوي نحو 2000 ريال في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية).

وعلى صعيد التعاون الدولي، أوضحت النيابة العامة أنها تلقت طلبات لتجميد أرصدة أشخاص وكيانات متورطين في غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وبينما أصدرت النيابة قرارات تجميد لبعض الحسابات المرتبطة بميليشيات الحوثي، طلبت أدلة إضافية من وزارة الخزانة الأميركية لتعزيز قراراتها.

تجاوزات مالية وإدارية

وكشف الجهاز المركزي اليمني للرقابة والمحاسبة، في تقريره المقدم إلى مجلس القيادة الرئاسي، عن خروقات جسيمة في أداء البنك المركزي منذ نقله إلى عدن في 2016 وحتى نهاية 2021. وتضمنت التجاوزات التلاعب في الموارد المالية، والتحصيل غير القانوني للرسوم القنصلية، وتوريد إيرادات غير مكتملة في القنصلية العامة بجدة وسفارتي اليمن في مصر والأردن.

وأفاد الجهاز الرقابي بأن التجاوزات في القنصلية اليمنية في جدة بلغت 156 مليون ريال سعودي، تم توريد 12 مليون ريال فقط منها إيرادات عامة، في حين استولت جهات أخرى على الفارق. أما في مصر فتم الكشف عن استيلاء موظفين في السفارة على 268 ألف دولار من إيرادات الدخل القنصلي باستخدام وثائق مزورة.

وفي قطاع الكهرباء، كشف تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن مخالفات جسيمة في عقود توفير المشتقات النفطية، تضمّنت تضخيم تكلفة التعاقدات وإهدار المال العام بقيمة تزيد على 285 مليون دولار. كما أشار التقرير إلى اختلالات في عقود السفينة العائمة لتوليد الطاقة التي تضمنت بنوداً مجحفة وإعفاءات ضريبية وجمركية للشركة المتعاقد معها.

وتحدّث الجهاز الرقابي اليمني عن اعتداءات ممنهجة على أراضي الدولة، تشمل مساحة تزيد على 476 مليون متر مربع، وقال إن هذه الاعتداءات نُفّذت بواسطة مجاميع مسلحة وشخصيات نافذة استغلّت ظروف الحرب لنهب ممتلكات الدولة. كما تم تسليم أراضٍ لمستثمرين غير جادين تحت ذرائع قانونية؛ مما تسبّب في إهدار أصول حكومية ضخمة.

وحسب التقارير الرقابية، تواجه شركة «بترومسيلة» التي أُنشئت لتشغيل قطاع 14 النفطي في حضرموت (شرق اليمن)، اتهامات بتجاوز نطاق عملها الأساسي نحو مشروعات أخرى دون شفافية، إلى جانب اتهامها بتحويل أكثر من مليار دولار إلى حساباتها الخارجية، مع غياب الرقابة من وزارة النفط والجهاز المركزي.