لماذا يسيطر «راقصو التانغو» على الدوري الأميركي؟

الأزمة الاقتصادية في الأرجنتين حوّلت المسابقة الأميركية إلى «جنة» للاعبيها

بلانكو (يمين) صانع الألعاب الأرجنتيني في نادي بورتلاند تيمبرز الأميركي  -   دييغو فاليري سعى لانتقال بلانكو لنادي بورتلاند تيمبرز
بلانكو (يمين) صانع الألعاب الأرجنتيني في نادي بورتلاند تيمبرز الأميركي - دييغو فاليري سعى لانتقال بلانكو لنادي بورتلاند تيمبرز
TT

لماذا يسيطر «راقصو التانغو» على الدوري الأميركي؟

بلانكو (يمين) صانع الألعاب الأرجنتيني في نادي بورتلاند تيمبرز الأميركي  -   دييغو فاليري سعى لانتقال بلانكو لنادي بورتلاند تيمبرز
بلانكو (يمين) صانع الألعاب الأرجنتيني في نادي بورتلاند تيمبرز الأميركي - دييغو فاليري سعى لانتقال بلانكو لنادي بورتلاند تيمبرز

في عام 1945 قام إنريكي كامبوس لأول مرة بغناء قصة صبي انقلبت حياته رأسا على عقب بسبب استدعائه بشكل غير متوقع إلى الفريق الأول للنادي الذي يلعب له. وتوغلت تلك الأغنية، التي تحمل اسم «حلم طفل»، في الوعي الأرجنتيني لتخلق حلماً مشتركاً لدى اللاعبين الأرجنتينيين الصغار قد يجعلهم يحققون أهدافهم في نهاية المطاف.
وقد رأينا النجمين الأرجنتينيين دييغو أرماندو مارادونا وكارلوس تيفيز وهما يحققان هذا الحلم وينقلان عائلتيهما من براثن الفقر. لكن الآن، وبينما بدأ الدوري الأرجنتيني الممتاز يتراجع كثيرا تحت وطأة الضغوط المالية، بدأ هذا الحلم يختفي رويدا رويدا. يقول سيباستيان بلانكو، صانع الألعاب الأرجنتيني في نادي بورتلاند تيمبرز الأميركي: «إنه حلم جميل، لكنه ليس صحيحا».
ويعاني الاقتصاد الأرجنتيني من حالة تباطؤ واضحة. واعتباراً من سبتمبر (أيلول) 2019 سجلت العملة الأرجنتينية معدل تضخم يزيد على 50 في المائة في العام الماضي، وهو رقم قياسي في آخر 29 عاماً. ورسميا، فإن الدولار الأميركي الواحد يساوي 61 بيزو، وهي العملة المحلية في الأرجنتين، وهو ما يعني أن قيمة البيزو الأرجنتيني الواحد أقل من 10 في المائة من ربع العملة الأميركية!
ونتيجة لهذه الأزمة الاقتصادية الطاحنة، تحول الدوري الأميركي الممتاز لكرة القدم إلى «جنة» للاعبين الأرجنتينيين لكي يستقروا به ويطوروا حياتهم المهنية. وخلال العام الجاري، يعد اللاعبون الأرجنتينيون الأكثر تمثيلا في الدوري الأميركي بعد الكنديين، وفقا للبيانات الصادرة عن رابطة الدوري الأميركي الممتاز. لكن ربما كان الشيء المثير للدهشة هو أن عدد اللاعبين المكسيكيين في الدوري الأميركي الممتاز لا يتجاوز عشرة لاعبين.
وقال بلانكو: «قبل أكثر من ثلاث سنوات، لم يكن من المتصور أن يأتي لاعب أرجنتيني واحد إلى الدوري الأميركي الممتاز». وبعدما قضى بلانكو أربع سنوات في الملاعب الأوروبية، بين ميتاليست خاركيف الأوكراني وويست بروميتش ألبيون الإنجليزي، عاد النجم الأرجنتيني إلى الفريق الذي كان يشجعه دائما، وهو نادي سان لورينزو الذي فاز بلقب كأس السوبر الأرجنتيني، وهو أول لقب يحصل عليه الفريق منذ أكثر من عامين، وخسر لقب الدوري الأرجنتيني الممتاز بفارق ثلاث نقاط فقط. ومع ذلك، وبعد عيد ميلاده التاسع والعشرين، انتقل بلانكو إلى الدوري الأميركي الممتاز.
ولم يكن هذا هو الخيار الوحيد أمام بلانكو، حيث فكر في العودة إلى أوروبا، ووصفه أصدقاؤه في بوينس آيرس بأنه «مجنون» بعد قرار الرحيل إلى الدوري الأميركي الممتاز، الذي ينتقل إليه اللاعبون الذين يتقدم بهم العمر ويرغبون في الاعتزال. لكن بلانكو كان لا يزال صغيرا في السن وكان يقدم مستويات جيدة. لكن نظرا لأنه متزوج وينتظر طفلته الأولى، فقط شعر بأن أولوياته يجب أن تتغير. وبمجرد أن تلقى بلانكو اتصالا من اللاعب الأرجنتيني دييغو فاليري، الذي يلعب بالفعل لنادي بورتلاند تيمبرز، وافق على الانتقال إلى الدوري الأميركي الممتاز.
وقال بلانكو عن ذلك: «قال لي دييغو: سوف تستمتع بمسيرتك الكروية هناك». وسيكون بلانكو قادراً على اللعب هناك دون ضغوط خارجية، ودون تهديدات بالعنف، وسوف يلعب في ملاعب تضم بنية تحتية عالية الجودة، والأهم من ذلك أنه سيحصل على راتبه في موعده من دون أي تأخير. وليس سراً أن أندية كرة القدم في أميركا الجنوبية تعاني من أجل أن تدفع رواتب لاعبيها في الوقت المحدد.
وتقدم أندية القمة في الأرجنتين عقودا جيدة للاعبيها وتدفع لهم في كثير من الأحيان بالدولار الأميركي، لكن الفارق الكبير في سعر العملة حاليا جعل من الصعب على هذه الأندية الوفاء بالتزاماتها للاعبيها. وقال دانييل أنجيليسي، رئيس نادي بوكا جونيورز: «يزداد الأمر تعقيدا عندما يكون لديك لاعبون تتراوح أجورهم بين 600 ألف دولار و700 ألف دولار، وكان سعر الدولار عندما تعاقدنا معهم 22 بيزو».
ويجب الإشارة إلى أن رابطة الدوري الأميركي الممتاز تعمل ككيان واحد، بمعنى أن الرابطة هي التي توقع عقود اللاعبين والمديرين الفنيين والمدربين وباقي العاملين، وهي التي تضمن حصولهم على الرواتب كل أسبوعين. وكتب اللاعب ميغيل ألميرون أنه كان يتعين عليه إعالة أسرته بمائتي دولار شهرياً في الوقت الذي كان ينتظر فيه في بعض الأحيان لمدة ثلاثة أو أربعة أشهر لكي يحصل على راتبه عندما كان يلعب في نادي سيرو بورتينو في باراغواي.
يقول بلانكو عن ذلك: «إنه ليس ذنب الأسرة. أنا لا أريد أن أعود إلى المنزل وأقول إنه سيتعين علينا الانتظار لمدة شهرين للحصول على الراتب». وأكد بلانكو على أنه لم يواجه أي مشاكل مالية في سان لورينزو، وهو النادي الذي تشجعه عائلة بلانكو بالكامل. وقال بلانكو إن عقده قد اكتمل تقريباً بالكامل قبل انتقاله إلى نادي بورتلاند الأميركي، مشيرا إلى أن تقديم أي لاعب لشكوى رسمية من خلال رابطة اللاعبين قد يجعلك «تبدو كخائن» لناديك، وهو ما يمثل خطرا على علاقاتك ومسيرتك المهنية هناك. وقال بلانكو: «الميزانيات في الدوري الأميركي الممتاز تشبه الألغاز، وكل سنت له قيمة كبيرة للغاية ولا يمكن إنفاقه دون سبب».
وكان من المستبعد حتى وقت قريب أن يرحل اللاعبون وهم في أوج عطائهم الفني عن الأندية الخمسة الأولى في الأرجنتين - ريفر بليت وبوكا جونيورز، وإنديبندينتي، وريسينغ كلوب، وسان لورينزو. لكن كارلوس تيفيز، على سبيل المثال، انتقل إلى وستهام الإنجليزي عندما كان في الثانية والعشرين من عمره في عام 2006، لكن تدهور سعر صرف العملة المحلية أدى إلى تدمير أكاديميات الناشئين التابعة للأندية التي تلعب في الدوري الأرجنتيني الممتاز، وتحتاج الأندية إلى بيع المواهب الشابة سريعا من أجل تعويض النفقات بسرعة، وبالتالي فإن الدوري الأميركي الممتاز سعيد للغاية باستقبال هذه المواهب الشابة.
وقال ألفونسو مونديلو، المدير الرياضي للدوري الأميركي، إن نظرة الدوري الأميركي الممتاز للاعبين الذين يستحقون التعاقد معهم قد «تحولت بمقدار 180 درجة»، مضيفا: «إذا كنت ترغب في الفوز ببطولة، فيجب أن يكون لديك لاعب أرجنتيني». وأصبح التعاقد مع اللاعبين الأرجنتينيين أسهل من التعاقد مع اللاعبين المكسيكيين الذين «يحصلون على رواتب جيدة في بلدهم»، حسب مونديلو.
وفي الآونة الأخيرة، انتقل الكثير من اللاعبين الأرجنتينيين الشباب إلى الدوري الأميركي، مثل إزيكيل باركو (20 عاما) لنادي أتلانتا يونايتد، وميلتون فالينزويلا (21 عاما) لنادي كولومبوس كرو، وكما أصبح ماتياس بيليغريني أول لاعب أرجنتيني ينضم لنادي إنتر ميامي، ولا يزال بيليغريني في التاسعة عشرة من عمره ولم يلعب سوى 23 مباراة فقط مع إستوديانتس دي لا بلاتا.
وبالنسبة لفالينتين كاستيلانوس، فقد كان الانتقال لنادي «نيويورك سيتي» بمثابة فرصة كبيرة لإثبات قدراته، نظرا لأن الأندية الأرجنتينية لم تمنحه الوقت الكافي لإظهار إمكانياته. وقد تم استدعاء كاستيلانوس لقائمة المنتخب الأرجنتيني تحت 23 عاما الشهر الماضي، وهو ما يعني أن هناك مجالاً للتطور في الولايات المتحدة الأميركية.
وقال لاعب خط وسط نادي نيويورك سيتي: «إذا كان اللاعب يفكر فقط في النواحي المالية، فإنه يغامر بشدة»، مؤكدا على أن اللاعبين لا يلعبون من أجل المال فقط.
وبعد عدة تجارب فاشلة في نادي ريفير بليت، انتقل كاستيلانوس إلى نادي يونيفرسيداد دي شيلي ولعب معه أول مباراة رسمية في عام 2016، ثم قضى عامين في نادي تورك الأوروغواياني الذي تملكه مجموعة «سيتي فوتبول غروب». وقال كاستيلانوس، الذي يأمل أن يلعب في الدوريات الأوروبية يوما ما: «ربما يكون اللعب مع ريفر بليت أو بوكا جونيورز فقط هو الذي يمنحك نفس مستوى اللعب في نيويورك سيتي».


مقالات ذات صلة

أنتونيني: السعودية ستستضيف «أفضل كأس عالم على الإطلاق»

رياضة سعودية أكد مدرب فريق النصر للشباب لوكا أنتونيني (نادي ميلان)

أنتونيني: السعودية ستستضيف «أفضل كأس عالم على الإطلاق»

أكد مدرب فريق النصر للشباب لوكا أنتونيني أن مستقبل كرة القدم السعودية مشرق.

مهند علي (الرياض)
رياضة عالمية الحارس المخضرم مانويل نوير سيدعم صفوف بايرن ميونيخ (د.ب.أ)

نوير يعود إلى صفوف بايرن... وموسيالا يغيب

سيعود الحارس المخضرم مانويل نوير إلى صفوف بايرن ميونيخ خلال رحلته لمواجهته بوروسيا مونشنغلادباخ.

«الشرق الأوسط» (ميونيخ)
رياضة عالمية رابطة الدوري الأميركي لكرة القدم (الرابطة)

رابطة الدوري الأميركي تعتذر بعد إعلان انضمام اللاعب الياباني «الخطأ»

اعتذرت رابطة الدوري الأميركي لكرة القدم، الخميس، بعد إعلانها عن انضمام الياباني كيوجو فوروهاشي إلى أتلانتا يونايتد بدلاً من مواطنه كايمان توغاشي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
رياضة عالمية الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم (رويترز)

توجيه اتهامات لنيوكاسل وأستون فيلا بسبب شجار جماعي

وجَّه الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم اتهامات إلى فريق نيوكاسل يونايتد ومدربه المساعد جاسون تيندال وأستون فيلا والمحلل الأداء الرئيسي له فيكتور مانتس.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية أنتونين كينسكي (إ.ب.أ)

كينسكي: انطلاقتي مع توتنهام أمام ليفربول أبعد من أحلامي

اعترف أنتونين كينسكي، حارس المرمى الجديد لفريق توتنهام الإنجليزي لكرة القدم، بأن ظهوره الأول في المباراة التي فاز فيها فريقه على ليفربول 1 - صفر.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«بوندسليغا»: ليفركوزن وشتوتغارت يستعيدان نغمة الفوز

رفع ليفركوزن رصيده إلى 6 نقاط في المركز الخامس (أ.ف.ب)
رفع ليفركوزن رصيده إلى 6 نقاط في المركز الخامس (أ.ف.ب)
TT

«بوندسليغا»: ليفركوزن وشتوتغارت يستعيدان نغمة الفوز

رفع ليفركوزن رصيده إلى 6 نقاط في المركز الخامس (أ.ف.ب)
رفع ليفركوزن رصيده إلى 6 نقاط في المركز الخامس (أ.ف.ب)

استعاد باير ليفركوزن حامل اللقب نغمة الانتصارات بفوزه الكاسح على مضيفه هوفنهايم 4 - 1، السبت، ضمن المرحلة الثالثة للدوري الألماني لكرة القدم.

وكان «فيركسليف» تعرّض لخسارته الأولى هذا الموسم على يد لايبزيغ في المرحلة الثانية 2 - 3، وهي الأولى أيضاً في الدوري منذ 463 يوماً، وتحديداً منذ سقوطه أمام بوخوم 0 - 3 في مايو (أيار) 2023.

وسجّل لليفركوزن الفرنسي مارتين تيرييه (17) والنيجيري فيكتور بونيفاس (30 و75) وتيمو فيرتس (71 من ركلة جزاء)، فيما سجّل لهوفنهايم ميرغيم بيريشا (37).

ورفع ليفركوزن رصيده إلى 6 نقاط في المركز الخامس، فيما تجمّد رصيد هوفنهايم عند 3 نقاط في المركز الـ12.

وحصد شتوتغارت وصيف البطل الموسم الماضي فوزه الأول هذا الموسم بعد انطلاقة متعثرة بتخطيه مضيفه بوروسيا مونشنغلادباخ 3 - 1.

وسجّل لشتوتغارت دينيز أونداف (21) والبوسني إرميدين ديميروفيتش (58 و61)، في حين سجّل لمونشنغلادباخ الفرنسي الحسن بليا (27).

واستهل شتوتغارت الموسم بشكل سيئ، فخسر مباراته الأولى أمام فرايبورغ 1 - 3، ثمّ تعادل أمام ماينتس 3 - 3.

وفشل لايبزيغ في تحقيق فوزه الثالث من 3 مباريات بعد أن اكتفى بالتعادل أمام أونيون برلين من دون أهداف.

وكانت الفرصة سانحة أمام لايبزيغ لاعتلاء الصدارة بالعلامة الكاملة، لكنه فشل في هزّ شباك فريق العاصمة.

وفي النتائج الأخرى، فاز فرايبورغ على بوخوم 2 - 1.

ويدين فرايبورغ بفوزه إلى النمساوي تشوكوبويكي أدامو (58 و61)، بعدما كان الهولندي ميرون بوادو منح بوخوم التقدم (45).

ورفع فرايبورغ رصيده إلى 6 نقاط من 3 مباريات، فيما بقي بوخوم من دون أي فوز وأي نقطة في المركز الأخير.

كما تغلب أينتراخت فرانكفورت على مضيفه فولفسبورغ 2 - 1.

وتألق المصري عمر مرموش بتسجيله هدفي الفوز لفرانكفورت (30 و82 من ركلة جزاء)، في حين سجّل ريدل باكو هدف فولفسبورغ الوحيد (76).

ويلتقي بايرن ميونيخ مع مضيفه هولشتاين كيل الصاعد حديثاً في وقت لاحق، حيث يسعى العملاق البافاري إلى مواصلة انطلاقته القوية وتحقيق فوزه الثالث بالعلامة الكاملة.

وتُستكمل المرحلة، الأحد، فيلتقي أوغسبورغ مع ضيفه سانت باولي، فيما يلعب ماينتس مع فيردر بريمن.