حركة سياسية لمواجهة المخاطر الاقتصادية وإقرار تشريعات مكافحة الفساد

TT

حركة سياسية لمواجهة المخاطر الاقتصادية وإقرار تشريعات مكافحة الفساد

استأنفت الحركة السياسية جزءاً من نشاطها، بعد 12 يوماً من الاحتجاجات التي شلّت لبنان. وتحركت كتل نيابية ووزراء في أكثر من اتجاه لتفعيل تشريعات متعلقة بمكافحة الفساد، وأخرى وزارية متعلقة بالملفات المالية والاقتصادية، وسط معلومات عن أن الأزمة يمكن أن تكون طويلة، في مقابل ارتفاع أسهم احتمالات تفعيل العمل الحكومي.
وفي عين التينة، استقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري وفداً من نواب تكتل «لبنان القوي» الذي قال أمين سره النائب إبراهيم كنعان بعد اللقاء، إن «الهدف من الزيارة هو عرض للمواضيع الاستثنائية المطروحة من زاوية عمل المجلس النيابي، ونحن نعرف أن هناك تشريعات مهمة جداً، ويحكى الكثير في هذه المرحلة عن مكافحة الفساد؛ لكن مكافحة الفساد والمحاسبة واسترداد الأموال المنهوبة بالإضافة إلى رفع الحصانات كلها اقتراحات قوانين تقدمت بها كتلتنا وكتل أخرى، وأعتقد أن الوقت قد حان. وقد وافقنا دولة الرئيس على أن نخطو خطوة جدية لإقرارها».
وأشار كنعان إلى أنه «تم الاتفاق مع الرئيس بري الذي أبدى تجاوباً كبيراً، وعرفنا منه أنه سيبدأ خلال أيام بعد الجلسة النيابية المخصصة لانتخاب اللجان ورؤسائها وهيئة المكتب لتجديد شرعيتها، من أجل البدء بدراسة كافة اقتراحات القوانين». وقال: «طبعاً هناك موازنة وهذه مسؤوليتي لدعوة لجنة المال؛ لكن دولة الرئيس سيكون له قرار بتفعيل عمل الهيئة العامة، تحديداً بمواضيع تتعلق بالقوانين التي طرحناها، والطلب من اللجان النيابية المباشرة دراستها، وألا يحصل أي تأخير، وإلا ستحال فوراً إلى اللجان المشتركة، كما قال دولة الرئيس، من أجل الإسراع وليس التسرع في عملية إقرار هذه القوانين».
وكانت مصادر نيابية قد أكدت لمحطة «LBCI» أنه «ما دامت الحكومة موجودة، فالمسؤولية تقع عليها لجهة إحالة مشروعات القوانين التي ترغب في إقرارها إلى مجلس النواب». وقالت المصادر نفسها إن «إقرار بعض مشروعات القوانين لا يتم بين ليلة وضحاها، إذ يحتاج لنقاش في اللجان النيابية المختصة». وأشارت إلى «ضرورة انعقاد لجنة المال والموازنة للبدء بدرس مشروع موازنة عام 2020». ولم تر هذه المصادر مانعاً من انعقاد الجلسة العامة لمجلس النواب، والمقررة في الخامس من الشهر المقبل.
وفي بعبدا، أعلن النائب أدكار طرابلسي، في بيان، أنه زار الرئيس ميشال عون، ونقل له «شكوى المواطنين من إقفال الطرق العامة، والإهانات التي يتعرضون لها على حواجز تذكرهم بأيام الميليشيات». وناشده «أن تتحمل السلطة السياسية والقوى الأمنية مسؤولياتها بفتح الطرق وتأمين حرية الحركة وحماية المواطنين، حقناً لتفاقم نقمة الناس وتحاشياً للمواجهات في الشارع».
في غضون ذلك، لا تزال الحلول السياسية للأزمة مقفلة. وأفادت قناة «الجديد» بأن الأزمة يمكن أن تكون طويلة، والحل السياسي لم يتبلور بعد؛ حيث برزت تجاذبات بين فريق رئيس الحكومة وفريق رئيس الجمهورية، علماً بأن هناك توافقاً تاماً بين الرئيسين حول وجوب إعادة النظر في الواقع الحكومي. وأشارت إلى أن «الحديث يدور عن تفعيل العمل الحكومي وإمكانية عقد جلسة لمجلس الوزراء هذا الأسبوع، وجلسة 5 نوفمبر (تشرين الثاني) ما زالت على موعدها».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».