دورتموند مطالب بالتعامل بذكاء مع مهاجمه سانشو

أفضل لاعب واعد في كرة القدم الإنجليزية هو الورقة الرابحة لفريقه الألماني... لكن «لعبة المال» تفرض نفسها

سانشو قدم عروضاً لافتة مع دورتموند وسجل أهدافاً حاسمة (رويترز)   -  سانشو بقميص منتخب إنجلترا (رويترز)
سانشو قدم عروضاً لافتة مع دورتموند وسجل أهدافاً حاسمة (رويترز) - سانشو بقميص منتخب إنجلترا (رويترز)
TT

دورتموند مطالب بالتعامل بذكاء مع مهاجمه سانشو

سانشو قدم عروضاً لافتة مع دورتموند وسجل أهدافاً حاسمة (رويترز)   -  سانشو بقميص منتخب إنجلترا (رويترز)
سانشو قدم عروضاً لافتة مع دورتموند وسجل أهدافاً حاسمة (رويترز) - سانشو بقميص منتخب إنجلترا (رويترز)

من الواضح للغاية أن النجم الإنجليزي الصاعد بسرعة الصاروخ جادون سانشو قد تخطى مرحلة اللاعب الواعد ودخل مرحلة النجومية والتوهج بفضل الموهبة الفذة التي يمتلكها. ورغم أن الأضواء والشهرة والحصول على كثير من الأموال في سن مبكرة، كل ذلك قد يؤثر على أي لاعب شاب في مقتبل حياته، فمن الواضح أن سانشو يركز على كرة القدم ولا شيء غيرها، لكي يصنع مجداً كبيراً خلال السنوات المقبلة.
وخلال هذه السطور أردنا أن نركز على ما يمكن أن نطلق عليه العلاقة بين «كرة القدم والوعد»، وهي العلاقة التي تغيرت بشدة في الآونة الأخيرة، التي يفهمها سانشو أكثر من أي شخص آخر. ويجب التأكيد على أن «الوعد في كرة القدم» قد أصبح «عملة صعبة» الآن، إن جاز التعبير، لأن هذا الأمر يتطلب الالتزام بكثير من الأشياء الأخرى.
ويمكن أن يكون «الوعد» أكثر من مجرد إنجاز ملموس، وأضرب على ذلك مثالاً بـ«وعد» النجم الإنجليزي الشاب جادون سانشو لواحد من أكبر الأندية الأوروبية، وهو نادي بوروسيا دورتموند الألماني، بأنه «سوف يصبح» لاعباً رائعاً ويغير نمط حياته تماماً لتحقيق ذلك الهدف، بالمقارنة بلاعب آخر كان «يمتلك بالفعل» إمكانات وقدرات هائلة؛ وهو الفرنسي عثمان ديمبلي لكنه لم يستغل تلك الإمكانات التي تؤهله لأن يكون واحداً من أفضل اللاعبين في العالم! ويتعين علينا أن نضع كل ذلك في الحسبان ونحن نتحدث عن المشكلة الأخيرة التي حدثت بين بوروسيا دورتموند وسانشو، الذي يعد أفضل لاعب واعد في كرة القدم الإنجليزية في الوقت الحالي.
وقد شارك سانشو في المباراة التي خسرها بوروسيا دورتموند أمام إنتر ميلان الإيطالي بهدفين دون رد في دور المجموعات بدوري أبطال أوروبا يوم الأربعاء الماضي. لكن الأهم من ذلك أنه لم يشارك في المباراة المهمة لفريقه أمام بوروسيا مونشنغلادباخ في الدوري الألماني الممتاز في نهاية الأسبوع الماضي بعد عودته متأخراً من المشاركة الدولية مع المنتخب الإنجليزي، وهي العقوبة التي فُرضت على اللاعب الشاب، بالإضافة إلى غرامة مالية وانتقاد علني للاعب من جانب مايكل زورك، المدير الرياضي لبوروسيا دورتموند.
وبعد أن أبلغ لوسيان فافري اللاعب البالغ من العمر 19 عاماً باستبعاده من تشكيلة الفريق في المباراة التي انتهت بالفوز على بوروسيا مونشنغلادباخ 1 - صفر كإجراء تأديبي، اعترف المدير الفني لدورتموند بأنه اضطر لاتخاذ هذا القرار لأنها ليست المرة الأولى التي يغيب فيها لاعب الجناح عن التدريبات والمباريات بسبب أمور تتعلق بعدم الانضباط، حيث كان بيتر شتوجر، المدير الفني السابق لدورتموند قد نقله في موسم 2018 - 2017 إلى فريق تحت 23 عاماً بسبب قدومه متأخراً عدة مرات إلى التدريب.
ورغم ذلك، أشاد فافري بالقدرات الرياضية لدى سانشو، وقال: «هو لاعب ممتاز، لكنه لا يزال عليه أن يتعلم ويستمتع، إنه يملك إمكانات هائلة».
ومنذ ذلك الحين، بدأنا نسمع كلاماً غامضاً عن حوادث أخرى، وعن الحاجة إلى كبح جماح اللاعب الإنجليزي الشاب وعن ضرورة أن يعود إلى رشده وتواضعه، وغير ذلك من الأمور الأخرى. ويبدو الأمر كأننا سمعنا هذه القصة من قبل: لاعب شاب صاعد بقوة ثم يتغير سلوكه بسبب الشهرة والأضواء والأموال.
ويبلغ سانشو من العمر 19 عاماً، وقد كان ضمن قائمة المنتخب الإنجليزي الذي تعرض لهتافات عنصرية خلال المباراة التي سحق فيها بلغاريا بسداسية نظيفة في صوفيا قبل أقل من أسبوعين في إطار تصفيات كأس الأمم الأوروبية. وفي الحقيقة، كانت هذه تجربة مؤلمة للغاية، حتى بالنسبة لأولئك الذين يشاهدون المباراة من على مقاعد البدلاء. وبعد هذه المباراة الدولية مع منتخب بلاده، عاد سانشو متأخراً وغاب عن التدريبات مع بوروسيا دورتموند.
وبحلول يوم السبت الماضي، تعرض سانشو لانتقادات علنية من جانب لوسيان فافري المدير الفني لفريقه، ثم من قبل النادي. ويجب ألا ننسى أن هذا هو اللاعب نفسه الذي أسرع بالعودة إلى بوروسيا دورتموند بعد وفاة جدته العام الماضي ورفض الحصول على راحة وسجل في مباراة الديربي المهمة ونال إشادة الجميع في النادي الألماني بسبب عقليته الاحترافية الفائقة. فهل هذا إنصاف ومنطقي؟ وما الهدف من وراء ذلك؟
ويجب أن نشير إلى أن سياسة بوروسيا دورتموند تتمثل في التعاقد مع اللاعبين الشباب ومنحهم الفرصة للتألق وتقديم مستويات جيدة ثم بيعهم بأسعار مرتفعة، وهذه السياسة معروفة للجميع. قد يكون المدير الرياضي لبوروسيا دورتموند، مايكل زورك، رجلاً جاداً للغاية يجعلك تشعر كأنه جنرال في الجيش، لكنه أيضاً يسعى لتحقيق أقصى استفادة مالية ممكنة من بيع النجوم الشباب للفريق.
والآن يتحدث زورك عن سانشو، لأسباب واضحة. وتشير الأرقام والإحصائيات إلى أن بوروسيا دورتموند قد حقق مكاسب مالية بلغت 400 مليون جنيه إسترليني على مدار 10 أعوام فقط من بيع اللاعبين إلى برشلونة وآرسنال وبايرن ميونيخ ومانشستر يونايتد وتشيلسي وباريس سان جيرمان. ومن المؤكد أن سانشو هو الورقة الرابحة المقبلة للنادي الألماني، ومن الواضح أن اللاعب الإنجليزي الشاب لن يبقى في بوروسيا دورتموند سوى موسم واحد آخر قبل الرحيل إلى أحد عمالقة القارة الأوروبية. لكن يجب على مسؤولي بوروسيا دورتموند أن يتعاملوا مع هذا الملف بذكاء وبطريقة صحيحة، لأن هناك بعض المشاكل.
وقال زورك: «سانشو يذكرني بعثمان ديمبلي». لكن يجب على مدير دورتموند أن يعلم أيضاً أن ناديه قد حقق مكاسب مالية خرافية من بيع ديمبلي إلى برشلونة الإسباني، رغم بعض المشاكل التي يثيرها اللاعب الفرنسي مع النادي الكتالوني.
في الحقيقة، يقدم سانشو أداء مع بوروسيا دورتموند أفضل من الأداء الذي كان يقدمه ديمبلي مع النادي الألماني، كما سجل أهدافاً أكثر من الأهداف التي سجلها ديمبلي وصنع أهدافاً أكثر، ولعب بقميص النادي الألماني وهو أصغر من ديمبلي بعامين. لكن بوروسيا دورتموند دفع بسانشو في عدد كبير للغاية من المباريات، بطريقة تتعارض مع الفلسفة التي يعتمد عليها النادي الألماني في تطوير اللاعبين الشباب، وربما يعود السبب في ذلك إلى رغبة النادي في المنافسة على لقب الدوري الألماني الممتاز من جهة، وإلى الضغوط الهائلة التي يتعرض لها المدير الفني للفريق من جهة أخرى.
وتشير الإحصائيات إلى أن سانشو قد لعب مباريات أكثر من المباريات التي لعبها واين روني عندما كان في السن نفسها. كما لعب سانشو مباريات أكثر من النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي هذا الموسم. وقبل وقت قصير من عودته من المشاركة الدولية مع المنتخب الإنجليزي، كان سانشو قد لعب 10 مباريات في 5 أسابيع.
ويشير كل ما سبق إلى أنه قد تم «دفع» سانشو للدرجة التي جعلته يرتكب خطأً، ثم تعرض للعقاب من جانب النادي الذي يسعى لتحقيق أفضل استثمار تجاري من نجاحه. لكن في نهاية المطاف، لا تزال أوراق اللعبة بيد سانشو، الذي قد تكون وجهته المقبلة إلى مانشستر يونايتد، أو قد يكون مثالياً كعنصر آخر في خط الهجوم القوي لنادي ليفربول. لكن الشيء المؤكد هو أن بوروسيا دورتموند سيحقق مكاسب مالية ضخمة من بيع سانشو خلال الفترة المقبلة.


مقالات ذات صلة

مرموش يفكر في مان سيتي... هل يكون «صلاح» جديداً في «البريميرليغ»؟

رياضة عالمية مرموش سجل تألقاً لافتاً في الدوري الألماني (حسابه على «إنستغرام»)

مرموش يفكر في مان سيتي... هل يكون «صلاح» جديداً في «البريميرليغ»؟

تباينت آراء المتابعين والنقاد المصريين بشأن النادي المستقبلي الأنسب للاعب المصري.

رشا أحمد (القاهرة)
رياضة عالمية أوليفر كان (رويترز)

الألماني أوليفر كان يتفاوض للاستحواذ على بوردو الفرنسي

كشف حارس مرمى بايرن ميونيخ ومنتخب ألمانيا السابق أوليفر كان الجمعة أنه يجري مناقشات أولية بهدف الاستحواذ على نادي بوردو الفرنسي.

«الشرق الأوسط» (ميونيخ)
رياضة عالمية ساركو بقميص باير ليفركوزن (باير ليفركوزن)

صفقة المستقبل... ليفركوزن يوقع مع الموهبة الأرجنتينية ساركو

أعلن نادي باير ليفركوزن الألماني لكرة القدم، عن تعاقده مع المهاجم الأرجنتيني أليخو ساركو 18 عاما، قادماً من فيليز سارسفيلد.

«الشرق الأوسط» (برلين )
رياضة عالمية الحارس نوير على رأس العائين لتدريبات البايرن (د.ب.أ)

عودة نوير وغنابري وكومان لتدريبات البايرن

شهدت التدريبات الجماعية لفريق بايرن ميونيخ الألماني اليوم الخميس، عودة أربعة من لاعبيه الذين غابوا لفترة بسبب الإصابات.

«الشرق الأوسط» (برلين)
رياضة عالمية يورغن كلوب (د.ب.أ)

تحديات ضخمة تنتظر كلوب مع ريد بول

يعود المدرب الألماني يورغن كلوب إلى عالم الساحرة المستديرة في يوم رأس السنة الجديدة في دور جديد بصفته رئيساً لكرة القدم لشركة «ريد بول» لصناعة مشروبات الطاقة.

«الشرق الأوسط» (لايبزيغ (ألمانيا))

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».