«الأصالة والمعاصرة» المغربي يتراجع عن قراراته «التأديبية»

بنشماش رئيس المكتب الفيدرالي للحزب
بنشماش رئيس المكتب الفيدرالي للحزب
TT

«الأصالة والمعاصرة» المغربي يتراجع عن قراراته «التأديبية»

بنشماش رئيس المكتب الفيدرالي للحزب
بنشماش رئيس المكتب الفيدرالي للحزب

قرر المكتب الفيدرالي لحزب «الأصالة والمعاصرة» المغربي المعارض، خلال اجتماعه أول من أمس بالرباط، التراجع عن القرارات التأديبية التي اتخذها في حق بعض أعضاء الحزب، وذلك في سياق مبادرة المصالحة التي أطلقها أمينه العام، حكيم بنشماش في سبتمبر (أيلول) الماضي، والنداء الذي وجهه لرص صفوف الحزب والحفاظ على وحدته يوم 16 الشهر الحالي.
يذكر أن القرارات التأديبية الصارمة التي تضمنت طرد قياديين من الحزب وتجميد مسؤوليات آخرين، جاءت على أثر الانقسام الذي عرفه الحزب منذ مايو (أيار) الماضي، بسبب انتخاب رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر وأعضاء مكتبها المسير. وكان الأمين العام للحزب طعن في انتخاب سمير كودار رئيساً للجنة التحضيرية لمؤتمر الحزب، وشكل لجنة ثانية لتولي هذه المهمة، ليجد الحزب نفسه أمام لجنتين تحضيريتين متوازيتين تتنافسان على مشروعية الإعداد لمؤتمر الحزب. غير أن القضاء أنهى هذا الجدل في التاسع من الشهر الحالي عندما أصدر حكماً في القضية التي رفعها بنشماش يطعن فيها في انتخاب كودار. وجاء حكم القضاء لصالح بنشماش وقضى ببطلان انتخاب كودار، وإلغاء كل القرارات التي اتخذتها اللجنة التحضيرية التي يرأسها.
وأشار بيان صادر عن اجتماع المكتب الفيدرالي للحزب أول من أمس، برئاسة بنشماش، إلى أن المكتب الفيدرالي «قرر بإجماع أعضائه التراجع عن القرارات التأديبية التي سبق أن اتخذها في حق بعض أعضاء الحزب، في رسالة واضحة تؤكد النية الصادقة من أجل التجاوب المشترك مع نداء الأمين العام وعموم المناضلات والمناضلين المتطلعين إلى استدراك الزمن السياسي والتنظيمي بما يضمن التأسيس الفعلي لشروط مد جسور التحاور البناء».
وأشار البيان إلى أن المبادرات التي أطلقها الأمين العام للحزب تندرج «في سياق إعداد الشروط اللازمة والضرورية لإطلاق حوار داخلي يجمع كل مكونات ومؤسسات الحزب ومناضلاته ومناضليه من أجل الإعداد المشترك للمؤتمر الوطني الرابع للحزب برؤية وحدوية فعالة، من شأنها إعادة تأهيل الأدوار السياسية للحزب ليطلع بمهامه المرحلية والمستقبلية».
وتعذر الاتصال بأبرز قياديي التيار المعارض لبنشماش للتعليق على هذا القرار الجديد.
تجدر الإشارة إلى أن هؤلاء عقدوا اجتماعاً الثلاثاء الماضي، ناقشوا خلاله مبادرة بنشماش وكلفوا فاطمة الزهراء المنصوري، رئيسة المجلس الوطني للحزب، بمتابعة الحوار مع الأمانة العامة للحزب.
إلى ذلك، أشار البيان الصادر عن اجتماع المكتب الفيدرالي للحزب، إلى أن الاجتماع خلص إلى تبني كثير من المبادرات وفق برمجة زمنية محددة، من ضمنها تنظيم الملتقى الوطني للشباب تحت إشراف الأمانة العامة للحزب، والملتقى الوطني للكفاءات، و3 موائد مستديرة جهوية، وإطلاق مبادرات إعلامية. كما أوصى المكتب الفيدرالي اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني الرابع للحزب، بمواصلة الاشتغال والتهيؤ الفعلي له، وإعداد الشروط والترتيبات الكفيلة بعقده في أحسن الظروف وفي آجاله القانونية.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم