عون يتمسك ببقاء باسيل باعتباره «خط الدفاع الأول»

جميع الأطراف في أزمة... ولا استقالة للحريري

TT

عون يتمسك ببقاء باسيل باعتباره «خط الدفاع الأول»

قال مصدر وزاري لبناني مواكب للاتصالات الجارية بحثاً عن مخارج للأزمة التي تمر بها البلاد وتفسح في المجال أمام استيعاب «الانتفاضة الشعبية»، إن المشاورات لم تؤدِّ حتى الساعة إلى تحديد بداية للانطلاق يمكن التأسيس عليها للمضي على طريق توفير الحلول على مراحل.
وأشار المصدر الوزاري لـ«الشرق الأوسط» إلى أن جميع الأطراف المعنية بالتأزّم السياسي الذي يحاصر الحكم والحكومة والمجلس النيابي، بما فيها شرائح من المشاركين في الحراك المدني، هم الآن في وضع مأزوم إذ لم يتمكنوا من ابتداع أفكار يمكن أن تفتح الباب أمام بداية حوار يسير على خطين، الأول يتعلق بإجراء تعديل وزاري، والثاني للتواصل مع الناشطين المشاركين فيما يُعرف بـ«الانتفاضة الشعبية».
وكشف أن رئيس الجمهورية ميشال عون الذي كان أبدى استعداده للبحث في إحداث تغيير وزاري بحسب الأصول الدستورية سرعان ما تضاءل حماسه للسير في هذه الخطوة. وعزا السبب إلى أمرين، الأول إلى الضغط الذي مارسه ويمارسه رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل الذي أقنع عون بأن مجرد التخلي عنه يعني حكماً أنه يفرّط بخط الدفاع الأول الذي يشكّل حماية لـ«العهد القوي»، وبالتالي فإنه يؤيد صرف النظر عن مثل هذا الاقتراح لئلا يبادر من هو مستفيد من إعفائه من الوزارة إلى استهداف رئيس الجمهورية بصورة مباشرة بلا أي وسيط. ويعود الأمر الثاني، بحسب المصدر الوزاري نفسه، إلى الموقف المتشدّد الذي أعلنه الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله وفيه رفض صريح للاّءات الثلاث: إسقاط العهد، ومن ثم الحكومة فالبرلمان، والذي ينم عن أن مجرد تنازله عن بقاء باسيل في الحكومة سيوظّف على أن خصومه في داخل الوزارة وفي خارجها (في إشارة إلى حزب «القوات اللبنانية») حققوا انتصاراً على المحور الذي يتزعّمه «حزب الله»، وأن هذا الانتصار سيحمل توقيع رئيس الجمهورية الذي هو أحد المتضررين من إبعاده.
ولفت المصدر إلى أن اللقاء الذي عُقد أخيراً بين رئيسي الجمهورية ميشال عون والحكومة سعد الحريري لم يحمل نتائج إيجابية يمكن التعليق عليها للمضي بخطوات مدروسة لتحقيق التعديل الوزاري، وقال إن البحث بينهما بقي محصوراً في فتح الطرقات لتسهيل مرور المواطنين وتأمين تدبير شؤونهم.
وأكد أن البحث في ضرورة فتح الطرقات الذي يؤيده الرئيس الحريري جاء على خلفية رفض الأخير دعوة المجلس الأعلى للدفاع برئاسة عون لاتخاذ قرار في هذا الخصوص. وعزا رفضه إلى أنه يتعامل على أن الأزمة الراهنة هي سياسية بامتياز وتحتاج إلى حل سياسي لأن الحل الأمني يمكن أن يرفع من منسوب الاحتقان.
وقال المصدر الوزاري إنه تم الاتفاق على تكليف الجيش بمهمة السعي لدى الموجودين في الساحات لفتح الطرقات بالحسنى أي من خلال التفاوض مع هؤلاء على قاعدة حقهم في التظاهر والتعبير عن حرية الرأي في مقابل تأمينهم لحرية التنقل.
وأكد المصدر الوزاري أن الحريري باقٍ على موقفه بوجوب إحداث تعديل وزاري من شأنه أن يشمل بعض الرموز في الحكومة، وتحديداً تلك التي تصنّف على أنها صدامية. وقال إن مثل هذا التعديل سيؤدي إلى تبريد الأجواء من جهة ويسمح بفتح قنوات للتواصل مع المتظاهرين. ونفى أن يكون الرئيس الحريري أعد لائحة بأسماء المشمولين بالتعديل الوزاري، وقال إن الشيء الوحيد الذي يؤكد عليه يتعلق بأنه أول من يطبّق هذا التعديل على نفسه، وبالتالي يشمل بعض الوزراء المحسوبين عليه.
واعتبر أن الرئيس الحريري ينطلق من التعديل من زاوية الإبقاء على عدد الوزراء تحت سقف عشرة وزراء لأن تخطي العدد سيؤدي إلى فتح الباب أمام البحث بتشكيل حكومة جديدة.
ورأى المصدر الوزاري أن الحريري يميل إلى إسناد الحقائق الخدماتية لوزراء اختصاص على أن يعيّن بعض الوزراء من الطاقم السياسي وزراء دولة، وهذا ما يمهّد لتحقيق بوادر انفراج لمحاكاة «الحراك الشعبي». وقال إنه يستبعد المجيء بحكومة جديدة، لأن ميزان القوى لا يسمح بالإقدام على مثل هذه الخطوة، بحسب المصدر نفسه.
وإذ أكد أن «جميع الأطراف، أياً تكن، مأزومة الآن، وتدور في حلقة مفرغة»، قال إن «حزب الله» لم يكن مرتاحاً للحراك الشيعي الذي انخرط في الانتفاضة بأعداد كبيرة مع أن فيهم من هم محسوبون على «البيئة الحاضنة للمقاومة».
في المقابل نفى المصدر الوزاري ما تردد عن وجود نية لدى الحريري للاستقالة، وقال إن ما أشيع ويشاع في هذا المجال لا أساس له من الصحة. وأكد أن الحريري باقٍ ولن يُقدم على «مغامرة سياسية غير محسوبة تُقحم البلد في فراغ قد يأخذه إلى الفوضى». وكشف أن المكتب السياسي لـ«تيار المستقبل» تبلّغ في اجتماعه الأخير بغياب رئيسه الرئيس الحريري هذا الموقف. وقال إن مجلس الوزراء لن يجتمع، وإن الحريري يستعيض عن عدم انعقاده برعايته لاجتماعات اللجنة الوزارية لمواكبة التدابير الواجب اتخاذها لإعداد ما ورد من بنود في الورقة الإصلاحية التي تلاها في ختام الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء في صيغ قانونية.
وأكد المصدر الوزاري أن المجتمع الدولي يتفهّم مواقف الرئيس الحريري، وقال إنه يشدد على ضرورة تحقيق الإصلاحات المطلوبة التي طرحها «الحراك المدني» وضرورة الحفاظ على حق التظاهر واحترام الحريات في مقابل احترام حق المواطنين في الانتقال من منطقة إلى أخرى، وبالتالي تمسكه باستقرار لبنان وعدم الإقدام على «دعسة ناقصة» تتعلق بالوضع الحكومي ووجوب أن تأتي مدروسة لئلا يقع في فراغ تصعب السيطرة عليه.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».