هارفي وينشتاين يتمسك ببراءته... وربما يخطط للعودة إلى السينما

يعاود الظهور في المحافل بعد طول اختفاء

المنتج الأميركي هارفي وينشتاين
المنتج الأميركي هارفي وينشتاين
TT

هارفي وينشتاين يتمسك ببراءته... وربما يخطط للعودة إلى السينما

المنتج الأميركي هارفي وينشتاين
المنتج الأميركي هارفي وينشتاين

ليل الأربعاء الماضي، وقفت امرأة شقراء في منتصف الثلاثينات من العمر على منصة مطعم، و«بار» في مدينة نيويورك، وطلبت من النساء الموجودات مغادرة القاعة.
ليس كل النساء بالطبع، بل النساء اللواتي رفعن الصوت احتجاجاً على وجود هارفي وينشتاين في المطعم. بعض الموجودات احتججن على ذلك. إحداهن قالت إنّ من عليه المغادرة هو وينشتاين، وليس المحتجات على حضوره، لكنّ الغالبية منهن غادرن المطعم رفضاً للوجود في المكان ذاته الذي يجلس فيه «الرجل المكروه رقم واحد»، كما وصف البعض المنتج السينمائي السابق المتهم بنحو عشرين قضية اغتصاب وتحرش جنسي، والذي ينتظر محاكمته في الثالث من شهر يناير (كانون الثاني) المقبل.
المناسبة كانت جمع تبرعات لحملة ضد «رغبات الانتحار»، وتمّت دعوة وينشتاين إليها من قبل بعض المنظمين لأسباب لم يُفصح عنها. لكنّها دعوة لاقت ترحيباً خاصاً من قِبل المنتج/ المتهم، كونه يحاول منذ بضعة أسابيع العودة إلى الحياة الطبيعية.
أحياناً، تقول الصحافية ريبيكا كيغَن، إنّه يواجه نظرات الناس الشرسة بهدوء كامل. وتضيف: «هو يحاول فعلاً وبصورة تدريجية، ممارسة حياته التي اعتادها سابقاً. ولن يكون ذلك سهلاً على ابن السابعة والستين الذي أمضى معظم الأشهر السابقة، ومنذ الفضيحة التي تصدّر بطولتها في مثل هذه الأيام قبل عامين، في منزله المنعزل في ولاية كونكتيكَت. في الأسابيع القليلة الماضية أخذ يؤم المحافل والحفلات».
أمّ وينشتاين معرضاً فنياً في نيويورك، واشترى لوحة ثم أعادها حسب شهود عيان (يقولون إنّه كان يريد إهداءها لامرأة لكنّها رفضت هديته). شوهد يتناول الغداء في مطعم بصحبة رجل وسيدتين في المدينة ذاتها.

رسالة من شقيقه
وجود وينشتاين في ذلك المطعم قسّم الحاضرات أكثر مما أثّر عليه، وهذا حسب شهود. فانسحاب البعض من الموجودات كان رد فعل رافضاً وواضحاً، لكنّ بقاء بعضهن كان بدوره بمثابة القبول أو دلالة تحمّل على الأقل.
وبعض الذين كانوا في المكان الواقع تحت الأرض في أحد شوارع مانهاتن المكتظة بالنوادي والمطاعم يقول إنّ وينشتاين كان هادئاً خلال النقاش الذي دار حوله يستمع إلى احتجاجات البعض ودفاع البعض الآخر. كان واجماً حتى عندما وصفته إحدى المتحدثات بـ«فريدي كروغر» (الوحش المقنع في سلسلة أفلام الرعب Nightmares on Elm Street).
لكن وينشتاين لم يكن حاضراً بمفرده. الطاولة التي جلس إليها جمعت بعض النساء كذلك وهن يبادلن معه الحديث، وبدا (لبعضهن) ألوفاً ولطيفاً.
يتصرّف وينشتاين بكل حذر ممكن، وتجاذب الحديث الذي لا علم لأحد بفحواه أو إذا ما شمل ردّاً على أسئلة بعض الموجودات معه بالنسبة للقضايا التي تحيط بعنقه.
هذا اللقاء عُقد بعد أيام من تسلم رسالة من شقيقه بوب لم يكن وينشتاين يتوقعها. حملت في ثنايا سطورها تذكيراً بالمرّات التي تدخّل فيها شقيقه بوب ومحاميه لإخراجه من ورطاته، وانتهت بكلمات أشد: «لقد جلبت العار للعائلة ولشركتك».
هدف بوب وينشتاين من هذه الرسالة، كما يفسرها بعض الإعلام الأميركي، التمهيد لقبول عضوية بوب في نادي المنتجين السينمائيين من جديد. وهو في موقع حرج مهما حاول التنصل منه؛ فهو شقيق صاحب أكبر فضيحة أخلاقية هزّت هوليوود في السنوات الأخيرة، وكان يعلم بما كان يفعله شقيقه من مآثم، ويحاول التستر عليها.
رسالته (التي سُرّبت للإعلام) تعترف بذلك تورية. فحقيقة أنّه تدخل عدة مرّات لإنقاذ شقيقه من ورطة أخلاقية تعني أنّه كان على علم بما يفعله شقيقه. بالتالي، إذا ما كان على علم ولم يفُكّ شراكته معه فإنّه يحمل جزءاً من المسؤولية من منطلق ما يعرفه عن أخيه وما يعرفه محاميهما أيضاً.
في مطلع شهر أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، أعلن بوب وينشتاين، أنّه في سبيل تأسيس شركة إنتاج جديدة تخلف تلك التي امتلكها، ومساهمين من بينهم التونسي طارق بن عمار، باسم «ذا وينشتاين كومباني» وهو وضع برنامجاً حافلاً لها يبدأ بإنتاج فيلم أنيميشن بعنوان «تحت الخطر» (Endangered).
في تبريره فشله في إيقاف أخيه عن أفعاله (تلك التي بدأت مع تأسيس أول شركة لهما باسم «ميراماكس» قبل نحو عشرين سنة) أو حتى قبل ذلك، قال بوب إنّ أخيه هارفي «مدمن جنسي»، وإن أحداً غير هارفي نفسه لا يستطيع إيقاف إدمانه. بذلك حاول بوب تبرئة نفسه من أفعال أخيه، بالإضافة إلى فصله من شركة «ذا وينشتاين كومباني»، والتوقف عن اللقاء به تحت أي ظرف.

هل من عودة؟
ترقب هوليوود كل ذلك بقدر من التفهم. بوب ليس هارفي. بالتالي فإنّ أفعال الثاني يجب أن يعاني منها الطرف الأول. رغم ذلك، فإن في الاتفاقات التي تمت بين بوب وينشتاين وشركاه من ناحية وبين هارفي من ناحية أخرى، ما يكشف عن أنّ الشركة كانت سلّمت بأن هارفي يستطيع أن يفعل ما يشاء، ما دام يدرك عواقب أفعاله.
لذلك، وفي عام 2015، حُرّر اتفاق وقّعه كل الفرقاء ينصّ على أن يدفع هارفي للشركة 250 ألف دولار، إذا ما ارتكب جنحة أخلاقية. هذا المبلغ يتضاعف إلى 500 ألف دولار إذا ما ارتكب جنحة ثانية، ثم إلى مليون دولار إذا ما ارتكب جنحة ثالثة.
ليس في الاتفاق أي بند يلزم أحداً من الأطراف بفعل أي شيء، ولا فيه ما يهدد بالفصل إذا ما استمر الحال عليه. تفسير ذلك المحتمل هو أن بوب وشركاه اعتقدوا أنّ الغرامات المالية ستوقف هارفي عند حده. لكنّها لم تفعل.
كل ذلك وهارفي ما زال يعاني من تبعات تلك السنوات أكثر من أخيه، وأكثر من أي ممن أحاطوا به وعلموا بأزماته، باستثناء ضحاياه على الأرجح.
صحيح أنّ الحادثة التي وقعت في المطعم النيويوركي لم تجبر هارفي على الانسحاب، لكن بضعة حوادث مماثلة في الأسابيع الأخيرة أدت إلى خروجه من الاحتفالات أو القاعات التي حضرها.
وهناك من يؤكّد أن بوب وينشتاين ليس الوحيد الذي ينوي العودة إلى العمل الإنتاجي (لم يتوقف تماماً عنه، لكنّه تأثر بما حصل إلى حد بعيد) بل هارفي بنفسه. هو على قناعة، فيما يبدو، بأنّه بريء مما نسب إليه. عندما سألته المحكمة إذا ما كان يعتبر نفسه مذنباً في أي من القضايا المرفوعة ضده، أجاب: «لا». والحديث بين الإعلاميين والسينمائيين حالياً يدور حول نقطتين:
الأولى: أنّ هارفي ومحاميه قد يحسنان الطعن في كل الأقوال والشهادات التي ستدلي بها ضحاياه.
الثانية: أنّ هذا الاقتناع بأن هارفي لن يُحكم عليه بالسجن (بل ربما بدفع تعويضات هائلة فقط)، سيكون مدخله إلى هوليوود في لباس جديد.
لكن هاتين النقطتين لا تأخذان بعين الاعتبار أنّه من غير المحتمل مطلقاً أن يخرج هارفي بريئاً من التهم، وبالتالي من السجن.
وكان هارفي قد سلّم نفسه للشرطة في ربيع العام الماضي، كما نصحه محاميه، وأُخلي سبيله بكفالة مليون دولار، وذلك طبقاً لقرار المحكمة التي نظرت في قضيته آنذاك، وعلى نحو مبدئي.
عودة هارفي وينشتاين، إذا ما كانت رغبته الفعلية حقاً، لن تكون فعلاً سهلاً في فترة حالية توحدت فيها أصوات الجماعات النسائية تحت تسميات واتحادات وجمعيات. أكثر من أي وقت آخر بات من الصعب القبول بسينمائيين مدانين أخلاقياً واجتماعياً، قبل إدانتهم قانونياً، بأفعال شائنة.
والجميع هنا في هوليوود يعلم أنّ ما سبق فضيحة وينشتاين هو غير ما تلاها. والمعنى هنا أنّ كثيراً من التحرشات والاعتداءات الجنسية وقعت سابقاً ومنذ عقود طويلة، لكنّ القليل منها أدّى إلى ما أدت إليه قضية هارفي وتداعياتها.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».