تضمن العدد الجديد من مجلة «بيت»، الفصلية الثقافية، التي تُعنى بالشعر العراقي الجديد ونقده وتوثيقه، موضوعات عديدة تتعلق بالشعر العراقي، وتقديمه بطرائق مغايرة عن السائد، وتوكيد فكرة التواصل مع التجارب المماثلة في بيوت الشعر العربية والعالمية.
وتعود المجلة إلى الإصدار بعد توقف اضطراري، وبتبويب وأفكار جديدة؛ فقدمت في باب «إبداع جديد» عدداً من الأصوات الشعرية التي أخذت تؤسس لنفسها منذ أعوام قليلة، وبعضها برز اسمه على صعيد النشر والحضور؛ فـ«الذي يطالع قصائد هؤلاء الشعراء الأربعة يلمس حضوراً طاغياً لذواتهم وهي تلامس مخزون الذاكرة وتعيد إنتاج التجربة الشخصية لتقدمها مكتوبة في نصوص شعرية».
في باب «نظر»، وقفة عند الشعر العراقي ما بعد تغول السلاح والإرهاب عام 2014؛ حيث «الصراع بين القصيدة التي هي نتاج صفاء ذهني ولغة عالية، وبين الهزات والمحن التي تعطي للتاريخ العام قدرات إمحاء لكل ما يريد الشاعر كتابته». فاختارت المجلة ثلاث مشاركات، مثلت قراءة تاريخية لعلاقة الشعر العراقي بالعنف، والقراءة الثانية استبعدت حدوث تغيير في الشعر خلال هذه المرحلة لأنه «مرتبط بالعثور على فضاء رؤيوي مختلف للكتابة»، وذاك لم يحدث بعد، فيما راحت المشاركة الثالثة تبحث في قصائد شاعرين عراقيين، منطلقة منها لتأكيد أن «هناك جرأة في تناول ما حدث من دون تجميل».
واحتفت مجلة «بيت» بتجربة عراقية متميزة وخالصة، هي «دفاتر الشعر» التي بدأت في نهاية الستينيات؛ وحضر فيها الشعر الحديث والكلاسيكي، وصدرت كعمل مستقل أو سلسلة من الأعمال في كتب ودواوين شعرية. واختارت «بيت» الفنان ضياء العزاوي أحد الأركان المهمة في هذه التجربة التي يقول عنها: «علاقتي برسم الشعر تعود لأبعد من هذا الكتيب الذي صدر عن دار (الأديب)، فقد رسمت عام 1968 عشرة أعمال، مستفيداً من أسطورة الخليقة السومرية، وفي عام 1969 ضمن معرضي الشخصي كانت هناك رسوم عن الشاعر سحيم، لكي تتحول القصيدة بمجملها إلى شكل بصري وممارسة تحتاج الانتباه الدقيق لهذه العلاقة».
وتنتقل المجلة إلى ضفة إبداعية أخرى في باب «آخر»، حيث ترجمة لقصائد «النزل المفروش» لتشارلز بوكوفسكي، وكذلك ترجمات لبيلي كولينز، والشاعرة الإيرانية ليلى فرجماني.
وفي باب «تحقيق»، اختارت المجلة موضوع «شاعر ما قبل فيسبوك وما بعده» أسهم فيه عدد من الشعراء؛ حيث تعددت القراءات لطبيعة ما خلفته هذه الوسائط الافتراضية على صعيد التفاعل بين الكاتب والجمهور، ولجهة تقييم الأدب الحقيقي من غيره، وإن حظي نص من ذلك النتاج المكتوب والمنشور في هذه المنصات الجديدة، باحتفاء وترويج بين المتابعين. ونستعيد ما قاله إمبرتو إيكو الذي قال عن منصات مثل «تويتر» و«فيسبوك» إنها «تمنح حق الكلام لفيالق الحمقى، ممن كانوا يتكلمون في البارات فقط، بعد تناول كأس من النبيذ، دون أن يتسببوا بأي ضرر للمجتمع، وكان يتم إسكاتهم فوراً، أما الآن فلهم الحق بالكلام مثلهم مثل من يحمل جائزة نوبل، إنه غزو البلهاء». وفي باب «نصوص»، اختارت المجلة 11 شاعراً، لتقدم نصوصهم؛ ومن هؤلاء الشعراء: أمجد ناصر، هاشم شفيق، إبراهيم البهرزي، طالب عبد العزيز، كريم جخيور، آمال إبراهيم.. وآخرون.
واختارت المجلة الشاعر ياسين طه حافظ، ليتحدث عن إصداره الأول في باب «الديوان الأول» بقوله: «قدر الشعراء العراقيين منذ قرن ألا يكتبوا بحرية... أن يعيدوا الكتابة، لا من أجل كتابة أفضل ولكن لدفع الشبهة... والسبب هو الحذر والخوف من الرقيب». وهكذا كان حال ديوانه الأول «الوحش والذاكرة».
أما في باب جديد حمل عنوان «ذاكرة الغلاف»، ذهبت المجلة إلى عقود خلت، واختارت غلافين من أغلفة المجموعات الشعرية التي صدرت في الماضي، وهما غلاف مجموعة «الأخضر بن يوسف ومشاغله» للشاعر سعدي يوسف، و«ذكرى الحاضر» للشاعر عبد الرحمن طهمازي، ليكون احتفاء بالغلاف، وإضاءة لهذا الصناعة وما فيها من تخطيطات ووجوه. ومن الأبواب الأخرى التي حفل بها عدد «بيت»، باب «وثائق»، الذي اختارت فيه ملف «قتيبة وما بقي من شعرائها»، وقتيبة هي الإعدادية المعروفة في بغداد، التي تخرج فيها الكثير من شعراء العراق.
مجلة «بيت» الثقافية العراقية تعاود الصدور
مجلة «بيت» الثقافية العراقية تعاود الصدور
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة