بوليفيا تنضم إلى قائمة دول الإضرابات السياسية في الأنديز

القوى المحركة فيها السكان الأصليون مقابل اليمين المسيحي المتطرف

بوليفيا تنضم إلى قائمة دول الإضرابات السياسية في الأنديز
TT

بوليفيا تنضم إلى قائمة دول الإضرابات السياسية في الأنديز

بوليفيا تنضم إلى قائمة دول الإضرابات السياسية في الأنديز

انضمّت بوليفيا هذا الأسبوع إلى القائمة الطويلة من البلدان التي تشهد اضطرابات سياسية واحتجاجات شعبية واسعة، في أعقاب الانتخابات الرئاسية التي يتنافس فيها المرشّح الليبرالي كارلوس ميسا، الذي سبق وتولّى الرئاسة من عام 2003 إلى عام 2005، والرئيس الحالي اليساري إيفو موراليس الذي يحكم منذ عام 2006، وينتمي إلى السكّان الأصليين الذين يشكّلون 62 في المائة من مجموع سكّان بوليفيا. ويقول مراقبون، بعد أعمال التخريب والحرائق التي شهدتها العاصمة، وبعض المدن الأخرى البوليفية، إن هذه الانتخابات قد عمّقت الانقسام بين البوليفيين، ويُخشى أن تدفع البلاد إلى أوضاع شبيهة بتلك التي شهدتها الإكوادور منذ أسبوعين، أو تلك التي تعيشها تشيلي منذ أسبوع أيضاً، التي أوقعت حتى الآن 18 قتيلاً.
وبينما يتابع المراقبون بقلق تطورات الأزمة البوليفية في الساعات الأخيرة، سها عن كثيرين التطور المفاجئ الذي شهدته هذه الانتخابات، وتمثّل في ظاهرة تتنامى بقوّة منذ سنوات في أميركا اللاتينية، هي صعود الحركات المسيحية اليمينية المتطرفة، التي كانت أوضح علاماتها وصول جايير بولسونارو إلى رئاسة البرازيل، نهاية العام الماضي. وقد حلّ في المرتبة الثالثة بين المتنافسين على رئاسة بوليفيا، المبشّر تشي هيون تشونغ، المولود في كوريا الجنوبية ويتحدث الإسبانية بلكنة آسيوية، الذي نال 8.7 في المائة من الأصوات، ما يعطيه دوراً وازناً، وربما حاسماً، في حال الذهاب إلى جولة ثانية. ويذكّر خطاب الدكتور تشي، كما يناديه أنصاره، بخطاب الرئيس الحالي للبرازيل، حيث يدعو «لإعادة بوليفيا إلى كنف الله»، ويعلن عداءه للحركات النسائية والمطالبة بالحرّيات الجنسية.
وكان موراليس قد أعلن، ليل الخميس الماضي، فوزه في الدورة الأولى من الانتخابات التي أُجريت يوم الأحد الماضي، وذلك قبل إعلان المحكمة الانتخابية العليا النتائج الرسمية النهائية. وبينما سارعت المعارضة إلى اتهام الحكومة بالتلاعب بنتائج الانتخابات، عاد موراليس وشدّد على أنه يتعرّض لمحاولة انقلاب داخلي وخارجي، وقال إنه على استعداد لخوض الجولة الثانية إذا قضت المحكمة الانتخابية بذلك.
تجدر الإشارة أن النظام الانتخابي في بوليفيا يقضي بإجراء جولة ثانية إذا تعذّر على المرشّح الذي يحلّ في المرتبة الأولى في الانتخابات الحصول على 40 في المائة بفارق عشر نقاط عن المرشّح الذي يحلّ في المرتبة الثانية. وكان موراليس، عند إعلانه الفوز بعد فرز 99 في المائة من الأصوات، قد جمع 47 في المائة مقابل 36.6 في المائة لمنافسه ميسا.
وردّاً على اتهامات المعارضة للحكومة بتزوير نتائج الانتخابات، شنّ موراليس هجوماً قاسياً على منافسه، وقال: «كارلوس ميسا ليس جباناً فحسب، بل هو مجرم»، كما انتقد أداء منظمة البلدان الأميركية التي عرضت إرسال بعثة للتحقق من نتائج الانتخابات، لكنها اشترطت لذلك أن تكون استنتاجاتها ملزمة للطرفين.
وكانت عملية الفرز الإلكتروني للأصوات قد بدأت بعد نهاية الانتخابات، لكنها توقفت بعد ساعات، عندما كانت النتيجة تشير لضرورة الذهاب إلى دورة ثانية، واستمرّت ليوم كامل قبل أن تعلن المحكمة عن تغيير في اتجاه النتائج لصالح موراليس، أي أنه لن يحتاج لجولة ثانية كي يفوز بالرئاسة. وإلى جانب احتجاجات المعارضة، انضمّت منظمة البلدان الأميركية التي دعت إلى إجراء جولة ثانية لتثبيت شرعيّة الانتخابات، وانضمّ إليها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، بعد استقالة نائب رئيس المحكمة أنطونيو خوسيه كوستاس احتجاجاً على قرار وقف عملية الفرز الذي قال إنه لم يكن على علم به.
وتشهد معظم المدن البوليفية، منذ مطلع الأسبوع، احتجاجات واسعة، تخللتها مواجهات عنيفة بين أنصار المرشّحَين يخشى المراقبون أن تتفاقم حدّتها بعد قسوة القمع الذي استخدمته الشرطة ضد المتظاهرين في العاصمة لاباز. وكان الاتحاد الأوروبي، الذي يشكّل الجهة المانحة الأولى لبوليفيا، قد دعا موراليس إلى التعاون مع منظمة البلدان الأميركية، وانتقد إعلانه الفوز قبل صدور النتائج عن المحكمة العليا للانتخابات، وقراره إعلان حالة الطوارئ بسبب الإضراب العام المفتوح في مقاطعة سانتا كروز، وهي الأغنى بين جميع المقاطعات ومعقل للقوى المحافظة.
يُذكر أن موراليس كان خسر في الاستفتاء الذي دعا إليه في عام 2016، حول اقتراح يجيز إعادة انتخاب رئيس الجمهورية لولايات غير محدودة، لكن المحكمة الدستورية قضت بعد ذلك بالسماح له بالترشّح لولاية رابعة.
وشهدت أحياء الطبقة المتوسطة في العاصمة لاباز، أمس (الجمعة)، احتجاجات شعبية استخدم فيها المتظاهرون أصابع ديناميت وأنواعاً أخرى من المتفجرات، وشهدت مواجهات عنيفة مع قوات الشرطة.



جماهير حاشدة تستقبل الوفد الفلسطيني للألعاب الأولمبية في باريس (فيديو)

TT

جماهير حاشدة تستقبل الوفد الفلسطيني للألعاب الأولمبية في باريس (فيديو)

الرياضيون الأولمبيون الفلسطينيون وأعضاء الوفد يقفون مع أنصارهم لدى وصولهم إلى مطار شارل ديغول في باريس (أ.ف.ب)
الرياضيون الأولمبيون الفلسطينيون وأعضاء الوفد يقفون مع أنصارهم لدى وصولهم إلى مطار شارل ديغول في باريس (أ.ف.ب)

تم الترحيب بالرياضيين الأولمبيين الفلسطينيين بهتاف جماهيري «تحيا فلسطين»، وهدايا من الطعام والورود عند وصولهم إلى باريس، الخميس، لتمثيل غزة التي مزقتها الحرب وبقية المناطق الفلسطينية على المسرح العالمي.

وبينما كان الرياضيون المبتهجون يسيرون عبر بحر من الأعلام الفلسطينية في مطار باريس الرئيسي، قالوا إنهم يأملون أن يكون وجودهم بمثابة رمز وسط الحرب بين إسرائيل و«حماس»، حسبما أفادت وكالة «أسوشييتد برس».

وحث الرياضيون والمؤيدون الفرنسيون والسياسيون الحاضرون الأمةَ الأوروبية على الاعتراف بالدولة الفلسطينية، بينما أعرب آخرون عن غضبهم من الوجود الإسرائيلي في الألعاب.

وقال يزن البواب، وهو سباح فلسطيني يبلغ من العمر 24 عاماً وُلد في السعودية: «فرنسا لا تعترف بفلسطين دولةً، لذلك أنا هنا لرفع العلم الفلسطيني». وأضاف: «لا نعامل بوصفنا بشراً، لذلك عندما نلعب الرياضة يدرك الناس أننا متساوون معهم». وتابع: «نحن 50 مليون شخص بلا دولة».

وقام البواب، وهو واحد من ثمانية رياضيين في الفريق الفلسطيني، بالتوقيع للمشجعين، وتناول التمر من طبق قدمه طفل بين الحشد.

الرياضيون الأولمبيون الفلسطينيون وأعضاء الوفد يقفون مع أنصارهم لدى وصولهم إلى مطار شارل ديغول في باريس (أ.ف.ب)

وتُظهِر هتافات «فلسطين الحرة» التي يتردد صداها في مطار شارل ديغول في باريس كيف يؤثر الصراع والتوتر السياسي في الشرق الأوسط على الألعاب الأولمبية.

ويجتمع العالم في باريس في لحظة تشهد اضطرابات سياسية عالمية، وحروباً متعددة، وهجرة تاريخية، وأزمة مناخية متفاقمة، وكلها قضايا صعدت إلى صدارة المحادثات في الألعاب الأولمبية.

في مايو (أيار)، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إنه مستعد للاعتراف رسمياً بالدولة الفلسطينية، لكن الخطوة يجب أن «تأتي في لحظة مفيدة» عندما لا تكون المشاعر على هذا النحو (أي متوترة).

وأدى موقف ماكرون بعدم اعتراف مباشر بدولة فلسطينية، إلى إثارة غضب البعض، مثل إبراهيم بشروري البالغ من العمر 34 عاماً، وهو من سكان باريس، والذي كان من بين عشرات المؤيدين الذين كانوا ينتظرون لاستقبال الرياضيين الفلسطينيين في المطار. وقال بشروري: «أنا هنا لأظهر لهم أنهم ليسوا وحدهم. إنهم مدعومون».

وأضاف أن وجودهم هنا «يظهر أن الشعب الفلسطيني سيستمر في الوجود، وأنه لن يتم محوه. ويعني أيضاً أنه على الرغم من ذلك، في ظل الوضع المزري، فإنهم يظلون صامدين، وما زالوا جزءاً من العالم وهم هنا ليبقوا».

ودعت السفيرة الفلسطينية لدى فرنسا إلى الاعتراف رسمياً بالدولة الفلسطينية، ومقاطعة الوفد الأولمبي الإسرائيلي. وكانت قد قالت في وقت سابق إنها فقدت 60 من أقاربها في الحرب في غزة. وقالت: «إنه أمر مرحب به، وهذا ليس مفاجئاً للشعب الفرنسي، الذي يدعم العدالة، ويدعم الشعب الفلسطيني، ويدعم حقه في تقرير المصير».

وتأتي هذه الدعوة للاعتراف بعد يوم واحد فقط من إلقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خطاباً لاذعاً أمام الكونغرس خلال زيارة لواشنطن، والتي قوبلت بالاحتجاجات. وأعلن أنه سيحقق «النصر الكامل» ضد «حماس»، ووصف أولئك الذين يحتجون في الجامعات وفي أماكن أخرى في الولايات المتحدة، على الحرب، بأنهم «أغبياء مفيدون» لإيران.

ورددت سفارة إسرائيل في باريس موقف اللجنة الأولمبية الدولية في «قرار فصل السياسة عن الألعاب». وكتبت السفارة في بيان لوكالة «أسوشييتد برس»: «نرحب بالألعاب الأولمبية وبوفدنا الرائع إلى فرنسا. كما نرحب بمشاركة جميع الوفود الأجنبية... رياضيونا موجودون هنا ليمثلوا بلادهم بكل فخر، والأمة بأكملها تقف خلفهم لدعمهم».

مؤيدون يتجمعون للترحيب بالرياضيين الفلسطينيين في مطار شارل ديغول قبل دورة الألعاب الأولمبية في باريس (رويترز)

وفق «أسوشييتد برس»، حتى في ظل أفضل الظروف، من الصعب الحفاظ على برنامج تدريبي حيوي للألعاب الأولمبية في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية. أصبح هذا الأمر أقرب إلى المستحيل خلال تسعة أشهر من الحرب بين إسرائيل و«حماس»، حيث تم تدمير جزء كبير من البنية التحتية الرياضية في البلاد.

ومن بين الجالية الفلسطينية الكبيرة في الشتات في جميع أنحاء العالم، وُلد العديد من الرياضيين في الفريق أو يعيشون في أماكن أخرى، ومع ذلك فإنهم يهتمون بشدة بالسياسة في وطن آبائهم وأجدادهم.

وكان من بينهم السباحة الأميركية الفلسطينية فاليري ترزي، التي وزعت الكوفية التقليدية على أنصارها المحيطين بها، الخميس. وقالت: «يمكنك إما أن تنهار تحت الضغط وإما أن تستخدمه كطاقة». وأضافت: «لقد اخترت استخدامه كطاقة».