على بعد أقل من 1000 متر من جسر الجمهورية، تبدأ «المنطقة الخضراء»، التي بقيت محصنة 15 عاماً، قبل أن يزيل رئيس الوزراء الحالي عادل عبد المهدي، تحصيناتها، وجعلها مفتوحة بالكامل أمام المواطنين.
حين دخلها متظاهرو «التيار الصدري» مرتين عام 2015 باقتحامها مرة، وبتسهيل دخولهم من قيادة حمايتها مرة أخرى، لم يعبثوا إلا بـ«قنفة» بيضاء في أحد المكاتب كانت عليها بقع حمراء، تصور كل من رئيس الوزراء حيدر العبادي ورئيس البرلمان سليم الجبوري، آنذاك، أنها بقع دم. لكن ظهر فيما بعد أنها مجرد آثار صبغ، فتحولت إلى طرفة تداولها العراقيون طويلاً.
لكن الحبر الأحمر الذي ظهر على «قنفة» البرلمان البيضاء عام 2015، استحال اليوم دماً أحمر قانياً ملأ ساحة التحرير وسط بغداد وعدد من ساحات ومقرات أحزاب ومباني دولة في عدد من المحافظات الوسطى والجنوبية بعد الاحتجاجات العنيفة منذ الأول من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي.
«المنطقة الخضراء»، وبسبب كونها تضم مكاتب الحكومة والبرلمان ومنازل عدد من كبار المسؤولين، أعيد تحصينها ثانية بعد أحداث أكتوبر، لكن ليس بالصبات الكونكريتية، بل بالأسلاك الشائكة، مع انتشار كثيف لقوات الجيش والشرطة فيها. من يسلك دروبها من حاملي «باجات» دخولها سرعان ما يجد نفسه وحيداً يمشي في شوارعها الفارهة وذات النوعية الجيدة، حتى من حيث الإكساء والتبليط، ما يجعلها مدينة أشباح، لكن جميلة.
منذ أول من أمس وحتى ساعة إعداد هذا التقرير، تسمع القنابل الصوتية للغاز المسيل للدموع من على جسر الجمهورية، حيث يتجمهر مئات المحتجين الغاضبين الذين يرومون دخول «المنطقة الخضراء»، التي غادرها ساكنوها، إلا من لم يعد نفسه طرفاً في الأزمة. المخاوف من قبل المسؤولين هذه المرة أن دخول المتظاهرين إليها لن يقتصر على تحطيم «قنفة» في منزل مسؤول أو مبنى حكومي، بل ربما سيسيل دم فعلي انطلاقاً مما حصل في مناطق من بغداد أو محافظات أخرى.
المنطقة الخضراء... مدينة أشباح
المنطقة الخضراء... مدينة أشباح
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة