البتراء: جامعة خضراء على هضاب عمّان

TT

البتراء: جامعة خضراء على هضاب عمّان

حَرَمٌ جامعي أخضر، يمزج تصميمه بين التراث المعماري المحلي وأحدث التقنيات المستخدمة في مجال البناء الصديق للبيئة.
هذا ما يميّز جامعة البتراء، التي تقبع على إحدى هضاب العاصمة عمّان، وعلى بعد كيلومترات من مطار الملكة علياء الدولي. والبتراء هي إحدى أبرز الجامعات الخاصة في الأردن، تضم 8 آلاف طالب وأكثر من 600 أستاذ وإداري.
بدأت الجامعة في عام 2015 بالاعتماد على نظام متطوّر للطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء، وذلك لتسيير العمل في مرافقها المختلفة. بدأ البرنامج بإنتاج 1.5 ميغاواط، ليتضاعف هذه السنة إلى 3 ميغاواط، مما خفض فاتورة الكهرباء من مليوني دولار في السنة إلى الصفر. وتصل مدة استرجاع قيمة الاستثمار من عائد التوفير إلى أقل من سنتين. ففي حين بلغت كلفة المرحلة الأولى نحو 2.1 مليون دولار، تدنّت كلفة المرحلة الثانية إلى نصف المبلغ للقدرة ذاتها، وذلك بسبب استمرار الانخفاض في أسعار اللاقطات الشمسية.
أما الفائض، الذي تنتجه المحطة الشمسية المركزية والمحطات الأربع الفرعية في الجامعة، فيتم تحويله إلى شركة الكهرباء الأردنية، ليُحسم من الاستهلاك في بعض فترات الذروة، على سبيل التبادل، خصوصاً خلال ازدياد الحاجة إلى التدفئة في أيام الشتاء ذات السطوع الشمسي الخافت. كما أن الجامعة تعتمد تدابير مشددة لضمان الاستهلاك الكفء للكهرباء، بما فيها المصابيح الموفّرة وأجهزة التبريد ذات الاستهلاك الطاقوي المنخفض.
يقول المستشار الأعلى للجامعة الدكتور عدنان بدران، إن الالتزام البيئي لا يقتصر على توفير الاحتياجات من الكهرباء بالكامل من مصادر الطاقة المتجددة، بل يشمل أموراً كثيرة أخرى، من تخفيف استخدام الورق، إلى معالجة مياه الصرف لري المساحات الخضراء، وصولاً إلى خفض تلوث الهواء.
ويشرح بدران برنامج الجامعة لتخفيض استخدام الورق، الذي يقوم على فرض الكتابة على وجهين في الصفوف الدراسية والامتحانات والأعمال الإدارية، فضلاً عن التحول إلى المراسلات الإلكترونية بين الدوائر المختلفة، وتسجيل محاضر الاجتماعات إلكترونياً، وتحويل الامتحانات إلى الأنظمة الإلكترونية. ويرافق هذا برنامج لإعادة تدوير النفايات عامة، حيث يتم فرزها وفق نوعيتها، تمهيداً لإرسالها إلى مصانع مختصة.
تعتمد جامعة البتراء على المياه من داخل حرمها. فإلى جانب بئر على عمق 350 متراً يزوّدها بالمياه الجوفية التي تتجدّد من الأمطار في فصل الشتاء، أنشأت الجامعة محطة معالجة لمياه الصرف بقدرة 200 متر مكعب يومياً، تُستخدم لأغراض الري. وهكذا، أمكن زيادة المساحات الخضراء في الحرم الجامعي، وزراعة 10 آلاف شجرة، وإقامة حديقة نباتية، لأغراض التعليم والاستمتاع بالطبيعة في وقت واحد. وسعياً وراء تعزيز الكفاءة، تعتمد الجامعة نظام الري بالتنقيط، لتخفيف هدر المياه. وتبني حالياً خزّاناً بسعة 50 ألف متر مكعب تحت أرض الملعب الرئيسي، وذلك لجمع مياه الأمطار.
ولما كان الحفاظ على سلامة الطلاب وصحّتهم في أولويات الجامعة، بدأت الإدارة بتنفيذ خطة لمنع دخول السيارات إلى داخل الحرم، لتقتصر على الطريق الدائري حولها، فأصبحت المناطق الداخلية مخصصة للمشاة فقط. ويقول الدكتور بدران إن هذا ساهم أيضاً في تخفيف الضجيج وتحسين نوعية الهواء. وحين تُستكمل الخطة، تصبح السيارات والآليات بالكامل خارج الأسوار، إلا في حالات الخدمة والصيانة، مما يوقف الانبعاثات السامة والضجيج. وفي حين تنقل حافلات مجانية الطلاب والعاملين في الجامعة من المواقف إلى البوابات الرئيسية، يتم العمل على إنشاء قطار كهربائي لتسييره على الطريق الدائري، فيربط مواقف السيارات والحافلات بالمداخل. وستنضم قريباً إلى القافلة النظيفة أربع سيارات كهربائية لنقل كبار الزوّار وذوي الاحتياجات الخاصة داخل الجامعة.
يبقى النموذج «الأخضر» لجامعة البتراء تجربة نادرة في الأردن والمنطقة العربية عامة. ويعود هذا، حسب بدران، إلى التأخُّر في إشاعة مفهوم ثقافة البيئة والاستدامة. فالجامعات وإداراتها، إلى جانب وزارة التربية والتعليم، حسب بدران، «لا تعطي الأولوية لترسيخ الثقافة الخضراء وتحويلها إلى التزام عملي، مما يستدعي ضرورة تخصيص جزء من الموازنات السنوية للاستثمار في هذا الغرض». ويقترح بدران على وزارات التعليم وهيئات الاعتماد ومراقبة الجودة والرقابة وضع شرط يتعلق برعاية البيئة والحفاظ على الموارد الطبيعية، كجزء من المعايير المعتمدة لتصنيف الجامعات.



ثلاثة أرباع أراضي العالم باتت «جافة بشكل دائم» خلال العقود الثلاثة الماضية

شجرة تذبل بسبب الجفاف في تشيلي (رويترز)
شجرة تذبل بسبب الجفاف في تشيلي (رويترز)
TT

ثلاثة أرباع أراضي العالم باتت «جافة بشكل دائم» خلال العقود الثلاثة الماضية

شجرة تذبل بسبب الجفاف في تشيلي (رويترز)
شجرة تذبل بسبب الجفاف في تشيلي (رويترز)

بات ما يزيد قليلاً على 75 في المائة من أراضي العالم «أكثر جفافاً بشكل دائم» على مدى العقود الثلاثة الماضية، وفق تقرير تدعمه الأمم المتحدة صدر، الاثنين، تزامناً مع مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16) في السعودية.

وصارت الأراضي الجافة الآن تغطي 40 في المائة من مساحة اليابسة على الأرض، باستثناء القارة القطبية الجنوبية (أنتاركتيكا)، حسبما خلصت دراسة اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، محذرة من أن هذا التحول يمكن أن يؤثر فيما يصل إلى خمسة مليارات شخص بحلول عام 2100، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأظهر التقرير الذي يشير إلى «تهديد وجودي» تفرضه مسارات يتعذّر تغيير اتجاهها، أن الأراضي الجافة، المناطق التي تصعب زراعتها، زادت بمقدار 4.3 مليون كلم مربع بين عامي 1990 و2020، وهي مساحة تعادل ثلث مساحة الهند.

تحذيرات من «القحط»

وجاء التحذير خلال اجتماع مؤتمر «كوب 16» الذي بدأ الأسبوع الماضي في الرياض ويستمر 12 يوماً، بهدف حماية الأراضي واستعادتها والاستجابة إلى الجفاف في ظل تغير المناخ المستمر.

ويحذّر التقرير من أن القحط، وهو نقص مزمن في المياه، يمتد الآن على 40.6 في المائة من كتلة اليابسة على الأرض، باستثناء القارة القطبية الجنوبية، مقابل 37.5 في المائة قبل 30 عاماً.

أشخاص يسيرون عبر جزء من نهر الأمازون تظهر عليه علامات الجفاف في كولومبيا (أ.ب)

كما يحذّر من أن المناطق الأكثر تضرراً تشمل الدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط وجنوب أفريقيا وجنوب أستراليا وبعض مناطق آسيا وأميركا اللاتينية.

وقال الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إبراهيم ثياو: «على عكس الجفاف -فترات مؤقتة من انخفاض هطول الأمطار- يمثّل القحط تحولاً دائماً لا هوادة فيه».

وأضاف أن «المناطق المناخية الأكثر جفافاً التي تؤثر الآن في أراضٍ شاسعة في جميع أنحاء العالم لن تعود إلى ما كانت عليه، وهذا التغيير يعيد تعريف الحياة على الأرض».

«أسوأ سيناريو»

وأضاف التقرير أن التغييرات تُعزى إلى حد كبير إلى الاحتباس الحراري العالمي الناجم عن انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري التي تغيّر هطول الأمطار وتزيد من نسب التبخر.

وتشمل آثار نقص المياه المزمن تدهور التربة وانهيار النظام البيئي وانعدام الأمن الغذائي والهجرة القسرية، وفقاً للعلماء.

وحسب التقرير، يعيش بالفعل 2.3 مليار شخص في مناطق جافة تتوسع، مع توقعات تشير إلى أن «أسوأ سيناريو» يتمثّل في عيش 5 مليارات شخص في هذه الظروف مع استمرار ارتفاع درجة حرارة الكوكب.

ولمواجهة هذا الاتجاه، حثّ العلماء الأعضاء على «دمج مقاييس القحط في أنظمة مراقبة الجفاف الحالية»، وتحسين إدارة التربة والمياه، و«بناء القدرة على الصمود في المجتمعات الأكثر ضعفاً».