تفاعلت الليرة التركية سلباً مع قرار البنك المركزي بخفض سعر الفائدة للمرة الثالثة على التوالي خلال 3 أشهر. وفور إعلان خفض الفائدة الرئيسي بنسبة 2.5 في المائة، وهو أكثر مما كان متوقعاً، بدأت الليرة التركية اتجاهها نحو الهبوط مجدداً بعد أن صعدت في اليوم السابق إلى أعلى مستوى في شهرين عندما رفعت واشنطن العقوبات عن أنقرة.
وسجلت الليرة 5.763 مقابل الدولار في الساعة 15:00 بتوقيت غرينتش، أول من أمس، وهو سعر أضعف بنحو 0.5 في المائة عن إغلاق الأربعاء البالغ 5.735 ليرة. وفي وقت سابق تراجعت قيمة الليرة أكثر لتسجل 5.779 ليرة للدولار.
وواصلت الليرة التركية أداءها المتراجع في تعاملات أمس الجمعة، عند المستوى ذاته 5.763 ليرة للدولار.
وكانت العملة تحت ضغط في الفترة الأخيرة بسبب ردود الفعل المحتملة للحلفاء الغربيين على العملية العسكرية التركية في شمال شرقي سوريا، لكنها عادت الأربعاء إلى مستويات ما قبل بدء التوغل العسكري.
وفوجئت الأسواق المالية التركية بإعلان «المركزي» التركي خفض أسعار الفائدة 2.5 في المائة، وهي نسبة تزيد على ضعف توقعات المحللين، وتعكس في رأيهم إملاءات الرئيس رجب طيب إردوغان الذي يعارض بشدة مستويات الفائدة المرتفعة.
ويعد ذلك هو الخفض الثالث لأسعار الفائدة التي تراجعت بنسبة 10 في المائة منذ إطاحة إردوغان بمحافظ البنك المركزي السابق مراد شتينكايا قبل 3 أشهر، بسبب رفضه خفض سعر الفائدة؛ خوفاً من تفاقم الأزمات المالية العميقة التي يعاني منها الاقتصاد.
وبات سعر الفائدة الرئيسي عند 14 في المائة، وهو ما لم يكن يتوقعه المحللون بسبب هشاشة المؤشرات المالية، وذلك بعد أن كان عند 24 في المائة في يوليو (تموز) الماضي.
وتوقع خبراء اقتصاديون في استطلاع لـ«رويترز»، أن يخفض البنك سعر الفائدة بنسبة 1 في المائة فقط، رغم تباطؤ التضخم وقرار الولايات المتحدة رفع العقوبات التي فرضتها بعد المغامرة العسكرية التركية في شمال سوريا.
ويرى محللون أن مستويات أسعار الفائدة الأساسية تقل كثيراً عما يحتاج إليه الاقتصاد التركي لمواجهة المخاطر والأزمات الكبيرة التي يعانيها، وقد اتضح ذلك في تراجع الليرة اعتباراً من أول من أمس بنسبة تقارب 1 في المائة بعد قرار خفض سعر الفائدة.
في المقابل، قال شكيب أوداييتش، رئيس غرفة تجارة إسطنبول، إن قرار «المركزي» التركي خفض سعر الفائدة ساهم في توسيع أفق الاستثمار للقطاع الحقيقي. ورحب بقرارات خفض سعر الفائدة 10 في المائة خلال 3 أشهر، معتبراً أن ذلك سينعكس بشكل إيجابي على الوضع الاقتصادي في البلاد.
وأضاف، أنه ينبغي الآن أن ينعكس قرار خفض سعر الفائدة بشكل سريع على قروض التجارة والعقار والمركبات لدى البنوك في تركيا، مضيفاً: «بذلك سنرى نتائجه الإيجابية سواء في الاستثمار أو الاستهلاك».
ويعاني الاقتصاد التركي من تداعيات أزمة مالية طاحنة في العام الماضي، أدت إلى فقدان الليرة أكثر من 30 في المائة من قيمتها وأدخلت البلاد في حالة ركود وفاقمت اختلال المؤشرات المالية.
تشريع لتحويل 100 مليار ليرة من «المركزي» إلى الخزانة
في الوقت ذاته، تعكف الحكومة على إعداد تشريع يسمح بتحويل 100 مليار ليرة (17.1 مليار دولار) من حساب تابع للبنك المركزي إلى وزارة الخزانة، في إجراء هو الثالث من نوعه، بعد أن سحبت 37 مليار ليرة من أرباحه في يناير (كانون الثاني) الماضي ثم 40 مليار ليرة من احتياطيات البنك القانونية، التي تستخدم عادة في أوقات الأزمات فقط.
وجاء الكشف عن خطط الحكومة بعد أسابيع من رفع الحكومة التركية لتوقعات نسبة العجز في الميزانية في العام الحالي إلى 2.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بنحو 1.8 في المائة بحسب تقديراتها السابقة.
وأظهرت بيانات رسمية، أن العجز في الميزانية بلغ 12.5 مليار دولار في الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي، وتتوقع الحكومة التركية أن يصل العجز في مجمل العام الحالي إلى 14.5 مليار دولار. وأكدت مصادر حكومية لوكالة «رويترز»، أن عجز الميزانية أكبر من الأرقام المعلنة.
وكانت صحيفة «فايننشال تايمز» ذكرت أن المحللين والمستثمرين، يشعرون بالقلق من حالة الدفاعات المالية الهشة، التي تجعل تركيا غير مجهزة للتعامل مع أي أزمة سوق محتملة. وتدرس الحكومة التركية تعزيز خزانتها بمجموعة من التعديلات الضريبية ووضع حد أعلى للإقراض من أجل المساهمة في تغطية عجز الميزانية مع استعداد وزارة المالية لعام مثقل بجدول إعادة سداد الديون.
وقالت وكالة «بلومبرغ»، إن مشروع القانون الذي تم تقديمه إلى البرلمان، الخميس، سيزيد من معدل أعلى ضريبة على الدخل إلى 40 في المائة مقابل 35 في المائة للأفراد بدخل سنوي يتجاوز 500 ألف ليرة (87 ألف دولار)، وتطبيق الكثير من الضرائب الجديدة. وأضافت أن هناك اقتراحاً آخر برفع حد الإقراض الصافي لوزارة المالية بمقدار 70 مليار ليرة في العام 2019، بعد أن تمت زيادته بالفعل بنسبة 5 في المائة ويتضاعف إلى 89.2 مليار ليرة.
ويخول مشروع القانون الرئيس التركي مضاعفة الضريبة على الفائدة المتحققة من الودائع بالعملات الأجنبية، وزيادة الضرائب على لاعبي كرة القدم الأعلى سعراً إلى 20 في المائة بدلاً عن 15 في المائة.
كما تعتزم الحكومة فرض رسوم إضافية على العقارات التي تتجاوز قيمتها أكثر من 5 ملايين ليرة. وتتوقع الحكومة أن تضيف التعديلات الضريبية بمفردها مبلغاً كبيراً يصل إلى 6 مليارات ليرة (أكثر من مليار دولار) لإيرادات الحكومة.
وتتعرض الميزانية التركية لضغوط بعد تباطؤ اقتصادي أضر بالعائدات الضريبية وإسراف في الإنفاق خلال انتخابات متتالية، وزادت الفجوة المالية بنسبة 51 في المائة عن الفترة ذاتها من عام 2018.