مناصرو «حزب الله» يهاجمون المتظاهرين في وسط بيروت

أصحاب «القمصان السوداء» يخرجون إلى الشارع... وسط معلومات عن قرار بـ«إنهاء» الاحتجاجات

رجال أمن لبنانيون يحاولون الفصل بين مناصرين لـ«حزب الله» ومشاركين في الحراك الشعبي بوسط بيروت أمس (أ.ب)
رجال أمن لبنانيون يحاولون الفصل بين مناصرين لـ«حزب الله» ومشاركين في الحراك الشعبي بوسط بيروت أمس (أ.ب)
TT

مناصرو «حزب الله» يهاجمون المتظاهرين في وسط بيروت

رجال أمن لبنانيون يحاولون الفصل بين مناصرين لـ«حزب الله» ومشاركين في الحراك الشعبي بوسط بيروت أمس (أ.ب)
رجال أمن لبنانيون يحاولون الفصل بين مناصرين لـ«حزب الله» ومشاركين في الحراك الشعبي بوسط بيروت أمس (أ.ب)

لم يختلف مشهد اليوم التاسع من الاحتجاجات الشعبية في لبنان عن سابقاته لجهة المظاهرات التي نظمت في مختلف المناطق، لكن وكما يوم أول من أمس، كان مشهد أصحاب «القمصان السود» الذين هاجموا المتظاهرين في ساحة رياض الصلح هو الأبرز على وقع المعلومات التي تبثها جهات من أن هناك قراراً بـ«إنهاء المظاهرات».
وقبل نحو ساعة من كلمة أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله التي ألقاها أمس، سجّل دخول عشرات العناصر إلى ساحة رياض الصلح وسط بيروت، رافعين شعارات مؤيدة لـ«حزب الله»، وافتعلوا إشكالاً مع المتظاهرين. وعلى الأثر، تدخلت قوة من مكافحة الشغب لفض الإشكال وشكلت جداراً بشرياً عازلاً بين مناصري الحزب والمتظاهرين. وأعلن عن سقوط جريحين من القوى الأمنية واثنين من المتظاهرين.
ومعلوم أن قوة من مكافحة الشغب كانت قد وصلت ظهراً إلى ساحتي رياض الصلح والشهداء وأقفلت المداخل المؤدية إليهما لمنع دخول المشاغبين إلى مكان الاعتصام. وتم استقدام عوارض حديدية لوضعها عند مداخل موقع الاعتصام.
ومع انطلاق كلمة نصر الله، شهدت ساحة رياض الصلح، بحسب «الوكالة الوطنية للإعلام»، انقساماً بين المتظاهرين، حيث أطلق فريق شعارات «سلمية سلمية»، منادياً بـ«إسقاط النظام»، فيما أخذ القسم الآخر يستمع إلى كلمة الأمين العام لـ«حزب الله». وكانت قوات مكافحة الشغب تقوم بمهمة الفصل فيما بينهما.
وحتى بعد انتهاء نصر الله من كلمته، لم يتبدل المشهد كثيراً، إذ عاود مؤيدو نصر الله هجومهم وسادت حالة من الكر والفر بينهم وبين القوى الأمنية التي نجحت في الحسم وإخراج المعتدين من محيط ساحتي تجمع المعتصمين.
وفي الوقت عينه، سجلت مسيرات سيّارة تحمل رايات «حزب الله» في الضاحية الجنوبية لبيروت وعدد من المناطق، منها صور والنبطية والبقاع والهرمل. وأعلن المشاركون في هذه المسيرات دعمهم لنصر الله، فيما كانت دوريات مؤللة للجيش تنتشر على الطرقات كافة.
وأكد مشاركون في هذه المسيرات أن تحركهم مؤيد لخطاب «حزب الله والمقاومة، ويقف إلى جانب المطالب الشعبية التي يرفعها الحراك، مع المطالبة بتصحيح بوصلة مسار الحرك المطلبي المحق، وللتأكيد على ضرورة فتح كل الطرقات التي تقطع أوصال الوطن وتمنع التواصل بين المناطق اللبنانية، وإتاحة الفرصة لمزاولة المواطنين أعمالهم وفتح المدارس اعتباراً من يوم غد (اليوم السبت)».
في المقابل، أقيمت في البترون وفي جبيل وأمام قصر العدل في بيروت لقاءات تضامنية مع رئيس الجمهورية ميشال عون ووزير الخارجية والمغتربين النائب جبران باسيل، وأطلقت الأغاني الوطنية، كما رفعت الأعلام اللبنانية وصور الوزير باسيل ولافتات حملت مطالب عدة منها «كلن يعني كلن أمام القضاء» و«تاريخنا بيحكي عن النضال».
من جهة أخرى، حذرت قيادة الجيش من الاستمرار في التعرض للحريات العامة والشخصية. وقالت في بيان لها: «تكرّرت في الآونة الأخيرة بعض الممارسات المسيئة والمخالفة للقوانين من قبل بعض المعتصمين على الطرق تجاه مواطنين وعسكريين أثناء تنقلاتهم». وحذّرت قيادة الجيش «من الاستمرار في اللجوء إلى هذه الوسائل والتعرّض للحرّيات العامة والشخصيّة، وإذ تذكّر (القيادة) بأنّ حريّة التعبير والتظاهر مُصانة بموجب الدستور، تدعو إلى احترام حريّة التنقّل، والكفّ عن القيام بهذه الممارسات».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».