مستوطنون يعتدون على بلدات فلسطينية

انتقاماً لهدم عريشة خشبية

TT

مستوطنون يعتدون على بلدات فلسطينية

في أعقاب هدم عريشة خشبية لهم، أقيمت على أرض فلسطينية منهوبة، نفذ شبيبة المستوطنين المتطرفين في مستعمرة «يتسهار» قرب نابلس، فجر أمس الجمعة، سلسلة من الأعمال الانتقامية. فأحرقوا خيمة للجنود الإسرائيليين الذين يحمونهم. ونفذوا أعمال تخريب في بلدات فلسطينية، واعتدوا على مجموعة من أنصار السلام اليهود، الذين حضروا لمساعدة المزارعين الفلسطينيين في قطف ثمار الزيتون. وبالإضافة إلى الشكاوى الفلسطينية من هذه الاعتداءات، أعلن قادة الجيش الإسرائيلي أنهم يرون تصرفات المستوطنين بخطورة بالغة، مشددين على أنهم يرسلون الجنود إلى المنطقة، لكي يوفروا الحماية الأمنية لهم. وأعلنوا أنهم سيطبقون القانون بصرامة معهم.
كان شبان المستوطنين قد داهموا الجنود وهم في الخيمة، المقامة في منطقة معلنة منطقةً عسكريةً مغلقةً قرب «يتسهار»، المقامة على أراضي نابلس وقراها. وفروا من المكان من دون أن يتم اعتقالهم. ثم قامت مجموعة أخرى منهم، بإعطاب إطارات عدد من المركبات، وخطوا شعارات عنصرية في بلدة يتما جنوب نابلس، أكدوا فيها أن هذه العملية تتم انتقاماً من الجيش الإسرائيلي.
وواصل المستوطنون اعتداءاتهم على المزارعين الفلسطينيين، الذين يعملون في قطف ثمار الزيتون في كرومهم، في عدة مناطق، مثل قرية الولجة غرب بيت لحم ومناطق عين الهادفة ونبع عين جويزة والزيتونة، وأدوا طقوساً تلمودية.
وفي ضوء الاعتداءات شبه اليومية التي يشنّها مستوطنون على الفلسطينيين في الضفة الغربية، خلال موسم الزيتون، وذلك بحماية ودعم الجيش الإسرائيلي، تنظّم جمعية «حاخامين من أجل حقوق الإنسان»، سفريات يومية تُقِلّ نشطاء من داخل إسرائيل لمساعدة الفلسطينيين بالقطف، ولضمان عدم المساس بحقوقهم على أراضيهم. وطالت هذه الاعتداءات، في اليومين الأخيرين، مواطنين يهوداً من أنصار السلام الإسرائيليين، الذين يشاركون في قطف الزيتون، لمنع المستوطنين من التخريب وأعمال النهب. وقد انضمّ حراك «نقف معاً» اليهودي العربي في إسرائيل، إلى هذه الحملة، أمس، وأطلق سفريات إضافية من حيفا وتل أبيب، للكروم في بورين وياسوف وعورتا. وقام العشرات من هؤلاء النشطاء بعمليات القطف في مشهد مؤثر، لكن المستوطنين هاجموهم، فأعلنت قوات الاحتلال أنها «مناطق إغلاق عسكري»، وطالبت النشطاء بالخروج منها على الفور.
وفي هذا السياق، قالت رلى داود، المديرة المشاركة لحراك «نقف معاً»: «حراك (نقف معاً) يحمل توجهاً مناصراً للسلام، المساواة والعدالة الاجتماعية. لا يمكن تحقيق السلام مع وجود المستوطنات. هذه المستوطنات، وبدعمٍ من الجيش، تجعل من حياة أخوتنا فلسطينيي الضفة الغربية كابوساً لا يُطاق؛ حيث ينكَّل بهم يومياً، خصوصاً في موسم الزيتون من كل عام. نحن جئنا اليوم لبورين، عرباً ويهوداً من كل أنحاء البلاد، لنقول بشكلٍ واضح إننا نرفض الاستيطان وتجلّياته وتأثيره على أرض الواقع، وإننا سنقف معاً دائماً ضد الاحتلال ومع السلام الذي يضمن العيش الآمن للجميع، وإن العدوانية والعنف لن يردعانا، ولن يحبطا من عزيمتنا».
وقال آفي دابوش، مدير عام جمعية «حاخامين من أجل حقوق الإنسان»: «يسرّنا القيام بهذا النشاط المهم منذ 17 عاماً على التوالي. نشاط اليوم بالتعاون مع (نقف معاً) هو بمثابة رسالة للمستوطنين المعتدين بأنّ عنفهم ووحشتيهم لن يثنيانا عن القيام بما نقوم به منذ سنوات طويلة، وبأن ذلك يزيد من إصرارنا على الوجود مع السكان الفلسطينيين لحماية حقوقهم في أرضهم، باسم القِيَم اليهودية والعالمية».
من جهته، بعث المندوب المراقب لدولة فلسطين في الأمم المتحدة السفير رياض منصور، بثلاث رسائل متطابقة لكل من رئيس مجلس الأمن لشهر أكتوبر (تشرين الأول) (جنوب أفريقيا)، والأمين العام للأمم المتحدة، ورئيسة الجمعية العامة، ليطلعهم على آخر مستجدات الأحداث في فلسطين، وليشدد على ضرورة تطبيق قرارات مجلس الأمن المتعلقة بحقوق الفلسطينيين غير القابلة للتصرف. وأدان منصور الهجمات العنيفة ضد المدنيين، وأعمال التحريض والاستفزاز المروعة في الأماكن المقدسة في القدس الشرقية المحتلة التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلية والمستوطنون الإسرائيليون المتطرفون، حيث تشكل هذه الأعمال انتهاكاً للقانون الدولي، بما في ذلك القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان. وأوضح أن إسرائيل تنتهك بشكل خطير التزاماتها بموجب قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، بما في ذلك قرار مجلس الأمن رقم 2334 (2016)، الذي يدعو تحديداً إلى وضع حد للأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية، وإنهاء جميع أعمال العنف والاستفزاز والتحريض.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.