انضم أندرياس بيريرا إلى مانشستر يونايتد خلال السنوات التي كان يتولى فيها أليكس فيرغسون تدريب الفريق، لكن بعد فترة طويلة، بدأ صانع الألعاب البرازيلي الشاب الآن في إظهار تأثير افتقده الفريق لفترة طويلة.
خلال مباراة الأحد أمام ليفربول، بدا مانشستر يونايتد في صورة غير تلك التي ألفناها، ويمكن إيجازها بالقول إن الفريق لعب على نحو يشبه يونايتد المعروف، وليس حفنة اللاعبين المثيرين للاكتئاب الذين هاجمهم كثير من النقاد خلال الفترة الصاخبة السابقة للقاء القمة على أرض استاد أولد ترافورد.
خرجت الصحف خلال عطلة نهاية الأسبوع وقبل المباراة بمقالات من المؤكد أنها جعلت اللاعبين الذين يقودهم النرويجي أولي غونار سولسكاير يشعرون وكأنهم يقرأون نعيهم، فقد وصفت التكتيكات التي يتبعونها بـ«المشوشة»، بينما وصف النادي بأنه في حالة تداعٍ. كما ذكرت صحف أن أداء الفريق في مباراتهم السابقة التي منوا خلالها بهزيمة مذلة على أرض استاد سانت جيمس بارك معقل نيوكاسل قبيل العطلة الدولية مباشرة، كان «من أردأ مستويات الأداء في تاريخ النادي».
ووصف الفريق بأنه «يفتقر إلى القوة والثقة» وشديد الرداءة مقارنة بمجموعة اللاعبين الرائعين الذين حظي بهم مانشستر يونايتد خلال سنوات مجده. وخلص اثنان من اللاعبين الدوليين في مقالين منفصلين بجريدتين مختلفتين، إلى النتيجة ذاتها؛ لا يوجد سوى لاعب واحد حالياً في صفوف مانشستر يونايتد، هاري مغواير، بارع بما يكفي للانضمام إلى 10 لاعبين من ليفربول لتكوين فريق مشترك نموذجي.
حتى جهود إدارة النادي لشرح استراتيجيتها على المدى الطويل تعرضت للسخرية والانتقاد باعتبارها مجرد محاولة لرفع الروح المعنوية لدى الجماهير قبل المباراة التالية، من خلال اللعب على وتر الماضي المجيد والعاطفة. باختصار، جرى تشريح وتمحيص كل ما له صلة بالنادي بهدف تشويه صورته، وصولاً إلى عادة الأسرة المالكة للنادي الخاصة بالحصول على أرباح من شركة اشترتها من خلال تحميلها بالديون قبل نقل المقر الرئيسي لها إلى ملاذ ضريبي.
وبالنظر إلى الأحداث التي شهدتها المواسم الستة وربع الموسم التي مرّت منذ رحيل فيرغسون عن مانشستر يونايتد، بدت كثير من الانتقادات الموجهة للنادي مبرَّرة. ويبدو من السهل كذلك عقد مقارنات بين التقدم الذي أحرزه أسلافه، الذين يُعتبر سولسكاير الرابع بينهم، والطريق العصيبة التي أسقطت ويلف مكغينيس وفرانك أوفاريل وتومي دوكيرتي وديف سكستون ورون أتكنسون في خضم محاولاتهم سد الفراغ الذي تركه مات بوسبي، وقبل وصول أليكس فيرغسون.
ورغم ذلك، فوجئنا الأحد باللاعبين الـ11 الذين اختارهم سولسكاير ليبدأ بهم المباراة ينطلقون ذهاباً وإياباً عبر جنبات الملعب، وكأن لا شيء من ذلك يعنيهم، وكان كل ما عليهم فعله الثقة في موهبتهم والتعامل مع خصومهم باعتبارهم فريقاً آخر تصادف وجوده في بطولة الدوري ذاتها. وحرص اللاعبون على الالتزام بالخطة العامة التي صاغها مدربهم بدقة للتصدي للتهديدات المعروفة من جانب ليفربول. وفي خضم ذلك، عادت الأضواء لتتلألأ من جديد داخل أولد ترافورد.
ونجح اللاعبون في إعادة تقديم المستوى الذي قدموه فور تولي سولسكاير مهمة تدريب الفريق بداية العام، وأظهروا قدراً كبيراً من السرعة والمهارة والديناميكية في تنفيذ الخطة الاستثنائية التي اتبعها المدرب والمعتمدة على تشكيل 3 - 4 - 2 - 1، واستغلوها أداةً للتعبير عن أنفسهم من خلالها. وكانوا محظوظين عندما صوب روبرتو فيرمينو كرة ضعيفة باتجاه الحارس ديفيد دي خيا، وكذلك عندما ألغى الحكم هدفاً أحرزه ساديو ماني بسبب لمسة يد لم يكن ليلحظها أحد لولا الاستعانة بتقنية حكم الفيديو المساعد، وكذلك عندما اقتنع مارتن أتكنسون بفضل السقوط المبالغ فيه لديفوك أوريغي بعدم السعي وراء مخالفة في بداية هجوم منح مانشستر يونايتد هدفه. ومع هذا، فإن الأداء الذي قدمه لاعبو مانشستر يونايتد يتيح لهم الادعاء بأن هذا الحظ كان مستحقاً.
وعندما مرّر سكوت مكتوميناي الكرة التي خسرها أوريغي على الفور إلى دانييل جيمس على اليمين، ومرر منها لاعب الجناح الشاب إلى ماركوس راشفورد ليسجل هدف التقدم، بدا الاستاد وكأنه استعاد صورته القديمة؛ لم يكن هذا أسلوب لعب متحفظاً معتمداً على الهجمات المرتدة، وإنما كان أسلوباً هجومياً خالصاً يكمن في جينات مانشستر يونايتد وريال مدريد.
وفي ذروة أدائهم الهجومي، قدم لاعبو مانشستر يونايتد أداءً بلغ درجة من الفاعلية أجبرت الألماني يورغن كلوب مدرب ليفربول على تعديل أسلوب لعب فريقه مرتين خلال الشوط الثاني، بحثاً عن هدف التعادل. وفي قلب هذا الأداء الهجومي المتألق جاء دور أندرياس بيريرا، اللاعب الدولي البرازيلي (بلجيكي المولد) الذي تضمنت فترة السنوات الخمس التي قضاها في أولد ترافورد فترتي إعارة. وأثارت المصاعب التي جابهها بيريرا في إيجاد مكان له داخل مانشستر يونايتد ذكريات التردد الذي أظهره فيرغسون إزاء ضم زين الدين زيدان من بوردو لعجزه عن حسم المركز الأمثل للاعب الفرنسي.
ومن خلال الأداء الذي قدمه، الأحد، حسم بيريرا هذه المسألة. وبعد يومين من المقابلة التي أجرها الإسباني خوان ماتا وتحسر خلالها على موت «الدور الكلاسيكي لصاحب القميص رقم 10»، أظهر بيريرا أنه لا يزال هناك دور قوي لصاحب القميص 10، ما دام قادراً على التكيُّف مع الظروف المختلفة لكرة القدم الحديثة. الآن، يبلغ بيريرا 23 عاماً وقد لعب خلف راشفورد وجيمس لإمداد مانشستر يونايتد بقوة هجومية نجحت ذلك اليوم للارتقاء إلى مستوى آمال الجماهير. والمؤكد أن مشهد راشفورد وهو يمارس التنمر ضد فيرجيل فان دايك عند خط التماس الأيمن قبل أن يصوب الكرة إلى بيريرا خلال هجمة أخرى رائعة، سيبقى راسخاً في أذهان الجماهير لفترة.
جدير بالذكر أنه في ملعب أستون فيلا قبل ذلك بـ24 ساعة، لعب جاك غريليش على نحو مشابه لبيريرا، وقدم درساً في فن الاضطلاع بالدور الحديث لصاحب القميص 10 مع إحرازه هدف وتسجيله آخر في إطار مباراة أمام برايتون انتهت بفوز فريقه بنتيجة 2 - 1. وربما يتعين على غاريث ساوثغيت مدرب منتخب إنجلترا إمعان النظر في أداء اللاعب بينما يقف في انتظار نجاح فيل فودين في مكان ديفيد سيلفا (في فريق مانشستر سيتي) واكتساب الخبرة اللازمة في المركز الحيوي ذاته.
داخل أولد ترافورد، جاء هدف التعادل المتأخر لليفربول ليذكّر سولسكاير بأن مهاجميه أهدروا عدداً من الفرص لحسم نتيجة المباراة، وأن مدافعيه أصابهم الإرهاق تحت وطأة هجمات ليفربول في وقت متأخر من المباراة. والآن، لا يزال مانشستر يونايتد قابعاً في النصف الأسفل من جدول ترتيب الأندية، لكن تبقى هناك مؤشرات لا يمكن أن تخطئها العين على أن ثمة فترات أفضل وأكثر نجاحاً بانتظار الفريق. الآن، ربما تكمن مشكلة سولسكاير الكبرى في كيفية إعادة بول بوغبا الذي من المتوقع عودته من إصابة في قدمه قريباً، دون التضحية بسرعة وتدفق الأداء من الذين عايناهم في مباراة ليفربول.
بيريرا يكشف أهمية صاحب القميص رقم 10 في يونايتد
سولسكاير يعيد عقارب الساعة إلى الخلف... والتفاؤل يسيطر على المجموعة
بيريرا يكشف أهمية صاحب القميص رقم 10 في يونايتد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة