مهرجان سينمائي ليبي لإبداعات الشباب

هنا أجدابيا... خطوات وأقدام الثوار مرت فوق أراضيها وكذلك أقدام وخطوات الميليشيات والمسلحين من عناصر تنظيم داعش وغيره من التنظيمات المتطرفة هم أيضا مروا أيضا بعرباتهم وأسلحتهم منها، ولكن بعد أيام قليلة ستشق أقدام أخرى طريقها لتلك المدينة الواقعة في الشمال الشرقي للبلاد، تحديداً أقدام عشاق الفن السابع من مسؤولي ورواد مهرجان «صنع في ليبيا» للأفلام السينمائية الروائية والوثائقية والتسجيلية، الذي ينطلق يوم 29 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، على مدار ثلاثة أيام، كما يسبقه تنظيم عدد من الورش الفنية في مجال صناعة الأفلام.
رئيس المهرجان أبو بكر زين العابدين أكد على أن سنوات الصراع السياسي والعسكري التي تعيشها ليبيا تقريبا منذ العام 2011. لم تنسِ الليبيين شغفهم بالفن.
وأوضح زين العابدين لـ«الشرق الأوسط»: «ربما هدفنا الأول من مهرجان صنع في ليبيا هو جذب الأنظار للفن الليبي وتعزيز الإنتاج السينمائي بجميع أشكاله ولكننا نهدف أيضا لإبراز رؤيتنا كمشرفين على هذا الحدث بأن الفن قد يكون أنجح سلاح في لم شمل الليبيين وتوحيد صفوفهم، ولذا لم نتردد بالتأكيد من البداية على أن هذا الحدث بعيد عن السياسة وتجاذباتها وبالفعل تم إقصاء عدد من الأعمال التي تحمل طابعا سياسيا».
وعن الجهة الداعمة للمهرجان وعدد الأفلام المشاركة به، قال زين العابدين إنه «مشروع مشترك بين شركة (رؤى الإعلامية) و(الهلال الأحمر الليبي) بأجدابيا وتحت إشراف الهيئة العامة للإعلام والثقافة والمجتمع المدني... وقد تقدم للمهرجان ما يقرب من 42 فيلما، ورشحت لجنة المشاهدة والفرز 18 فيلما منهم للمنافسة على جوائز المهرجان (أفضل ممثل، أفضل فكرة وسيناريو، أفضل إخراج، أفضل تصوير، أفضل مونتاج). وفي النهاية تم اختيار تسعة أفلام للعرض، واستبعد الباقي لعدم استيفاء الشروط».
ورغم إقراره بأن بلاده لم تشهد وجود صناعة حقيقية للسينما مقارنة بدول أخرى في المنطقة، بجانب تدهور أوضاع معظم دور العرض حتى قبل اندلاع ثورة 17 فبراير 2011، فإن زين العابدين يرى أن الأمل لا يزال موجودا وبقوة في أن لا تمتد صفرة وقحط كثير من الصحارى الليبية إلى أحلام ثرية لجيل جديد من الشباب يتطلع ويحاول بإمكانيات بسيطة ودون توقع أي عائد مادي لوضع بصمته في هذا المجال.
أما د. نزار الزبير، رئيس لجنة التحكيم للمهرجان، فيرى أن فكرة إقامة المهرجان جاءت مسايرة لرغبة قطاعات عدة بالمجتمع الليبي وعلى رأسهم الشباب في البحث عن متنفس فني وثقافي لهم وسط متاهات السياسة والصراع. وأوضح الزبير لـ«الشرق الأوسط»: «لم نركز بمعايير قبول الأفلام على الجودة التقنية، وإنما على الجودة الفكرية أي ما يحمله العمل من قيم وفكر إنساني، في محاولة بسيطة منا لوضع دعائم سينما جدية بالمستقبل».
ويؤكد الزبير على أن نظام الحكم السابق، كان من أهم العوامل التي أخرت مسيرة الأعمال السينمائية، موضحاً: «لقد فرض حالة قوية من العزلة على الشعب خلقت بدورها مسببات أخرى عرقلت أي محاولة للنهوض، على غرار قلة الكوادر المؤهلة، وغياب فكر تنظيم المهرجانات، فضلا عن غياب الدعم الرسمي».
ولفت إلى أن القنوات الفضائية الليبية التي ظهرت أخيراً ركزت على الوضع السياسي، لذا لم يكن غريبا أن يغيب الفن الليبي عن المشهد الثقافي والفني العربي».
وشدد على أن الجيل الجديد الذي تنقصه بعض الخبرات التي يمكن تعويضها بالانفتاح على التجارب الرائدة بالمنطقة، إلا أنه لن يعود للوراء وسيسعى لصناعة أفلام تتماشى مع ما يوجد بمحيطه من تطورات تقنية وانفتاح واسع للفنون ووسائط الإعلام.