احتدام المعارك بين «الجيش الوطني» الليبي وقوات «الوفاق» في طرابلس

مسؤول عسكري يؤكد اقتراب قوات حفتر من اجتياح العاصمة

TT

احتدام المعارك بين «الجيش الوطني» الليبي وقوات «الوفاق» في طرابلس

دارت أمس معارك عنيفة في مدينة طرابلس الليبية، بين «الجيش الوطني» والقوات الموالية لحكومة «الوفاق»، شهدت استخدام مختلف الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، خاصة في الضواحي الجنوبية من العاصمة.
وقال مسؤول بارز في «الجيش الوطني» لـ«الشرق الأوسط»، مشترطا عدم تعريفه، إن «قوات الجيش اقتربت جدا من اجتياح العاصمة طرابلس، وفقا للخطة الموضوعة من القائد العام للجيش المشير حفتر». لكنه لم يكشف مزيدا من التفاصيل.
وتحدث المركز الإعلامي لغرفة «عمليات الكرامة»، التابع لـ«الجيش الوطني»، عما وصفه بضربة موجعة للدعم التركي، ومشروع الموز، وذلك من خلال قصف قوات الجيش للجزء العسكري في مطار معيتيقة الدولي بالعاصمة طرابلس، أول من أمس.
وقال المركز إن «الميليشيات التي قصفت عشوائيا في كل الاتجاهات 11 صاروخا لعربات جراد تم إسكاتها نهائيا، وتدميرها باستهداف جوي»، لافتا إلى أن ضربات جوية أخرى استهدفت تجمعات الميليشيات في عين زارة والخلة، وشوارع الخلاطات بجنوب العاصمة.
ورأى المركز أن الضربات الليلية جعلت عددا من الميليشيات تنسحب باتجاه مدينة مصراتة، وقال إن «الهروب الجماعي لهذه الميليشيات سيكون قريبا».
في المقابل، اعترفت غرفة العمليات المشتركة بالمنطقة الغربية، التابعة لقوات حكومة «الوفاق»، بقصف مطار معيتيقة، لكنها قالت في بيان لها مساء أول من أمس، إنه تعرض لهجوم جوي باستخدام قنابل أميركية الصنع شديدة الانفجار تزن 227 كيلوغراما، وموجهة بالليزر.
وأضافت غرفة العمليات موضحة: «بعد التحقيق تأكد أن القنابل أميركية الصنع، وأن طائرة F16 يرجح أن تكون هي التي نفذت الهجوم».
وطالبت الغرفة بعثة الأمم المتحدة بالتركيز على مهمتها الأساسية في ليبيا، التي رأت أنها تتمحور حول «دعم الحكومة الشرعية، ومنع الاعتداءات من الدول الإقليمية، بدلا من عقد لقاءات مشبوهة مع أطراف كانت وما زالت السبب في مأساة ليبيا».
بدورها، اتهمت أمس عملية «بركان الغضب»، التي تشنها قوات السراج، «الجيش الوطني» باستهداف منازل المدنيين خلف محاور القتال بمنطقة الأصفاح بالسواني، جنوب العاصمة، ما أدى إلى مصرع 3 أشخاص وإصابة 8 آخرين، بينهم 4 إصابتهم خطيرة.
كما أعلنت عن قصف المدفعية الثقيلة لقوة مكافحة الإرهاب التابعة أيضا لحكومة السراج، وبشكل وصفته بأنه «دقيق» مخزناً للذخيرة لقوات «الجيش الوطني» في وادي الربيع.
وتواصل قوات الجيش الوطني هجومها منذ الرابع من أبريل (نيسان) الماضي للسيطرة على طرابلس مقر حكومة السراج المعترف بها دوليا، بينما تسببت المعارك الدائرة في مقتل 1093 شخصا، وإصابة نحو 6 آلاف آخرين، إضافة إلى نزوح قرابة 120 ألف شخص من مواقع الاشتباكات، بحسب الأمم المتحدة.
من جهة ثانية، أعلنت منظمة العفو الدولية أن العديد من المدنيين الليبيين «باتوا عالقين» في المعارك الدائرة منذ سبعة أشهر في ضواحي العاصمة الليبية، مشيرة إلى احتمال وقوع «جرائم حرب».
وأفاد تقرير للمنظمة غير الحكومية، التي يوجد مقرها في لندن، بأن «الطرفين المتناحرين اللذين يتقاتلان للسيطرة على طرابلس يقتلان العديد من المدنيين من خلال شن هجمات عشوائية»، واستخدام «ترسانة أسلحة فتاكة لا تصيب الهدف بدقة في مناطق سكنية مكتظة».
وتتواصل المعارك جنوب طرابلس منذ شن القوات الموالية للمشير خليفة حفتر، الرجل القوي في شرق ليبيا، حملته العسكرية في الرابع من أبريل الماضي للسيطرة على طرابلس، مقر حكومة الوفاق.
وقال براين كاستنر، المستشار في المنظمة، إن «العديد من المدنيين سقطوا بين قتيل وجريح لأن الجانبين يستخدمان ترسانة حقيقية... في هجمات قد ترقى إلى جرائم حرب».
وذكرت المنظمة أنها تفقدت 33 موقعا طالها القصف في طرابلس وضواحيها، خصوصا المطار والمدارس والمستشفيات الميدانية. مشيرة إلى أن لديها أدلة عن ارتكاب جرائم حرب محتملة من الطرفين.
وبحسب المنظمة، فإن الهجوم «الأكثر دموية» تمثل في سقوط صواريخ قرب مطار طرابلس الدولي المغلق منذ 27 يوليو (تموز) الماضي، ومستشفى ميداني أسفر عن مقتل خمسة أطباء ومسعفين وجرح ثمانية.
كما أكدت المنظمة التي قالت إنها أرسلت محققين «إلى جانبي خط الجبهة»، تسجيل «خرق منهجي للقانون الدولي جراء إمداد الطرفين المستمر بالأسلحة، وذلك في انتهاك للحظر على الأسلحة»، المفروض من الأمم المتحدة على ليبيا منذ ثورة 2011 التي أطاحت نظام القذافي.
وقال كاستنر: «يجب على الأسرة الدولية أن تحترم الحظر الدولي على الأسلحة الذي تخرقه تركيا... ودول أخرى باستمرار».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».