خطط لتجميل المنطقة الشمالية من مدريد تلبسها حلة عمرانية حديثة

مشروع في العاصمة الإسبانية وصف بأنه أحد أكبر مشروعات التشييد في أوروبا

تقع محطة «تشامارتين» في قلب خطط تطوير العاصمة مدريد
تقع محطة «تشامارتين» في قلب خطط تطوير العاصمة مدريد
TT

خطط لتجميل المنطقة الشمالية من مدريد تلبسها حلة عمرانية حديثة

تقع محطة «تشامارتين» في قلب خطط تطوير العاصمة مدريد
تقع محطة «تشامارتين» في قلب خطط تطوير العاصمة مدريد

تتلألأ أربع من ناطحات السحاب المشيدة بتصميمات عصرية تحت أشعة الشمس، ممتدة بارتفاع نحو 250 متراً باتجاه السماء الزرقاء، غير أن ضاحية كواترو توريس التجارية بمدريد، والتي استكمل العمل في تشييدها عام 2008، هي الحد الذي ينتهي عنده التألق العمراني الحديث في أقصى الشمال من العاصمة الإسبانية.
ووراء هذه الضاحية التجارية لا يوجد سوى عدد محدود من الكتل السكنية التي يبعث منظرها الكآبة في النفوس، ومحطة تشامارتين للسكك الحديدية المقفرة، وفيما وراء هذه المعالم نرى المشهد خالياً من علامات الحيوية والبهجة، بل حتى رسومات الغرافيتي الملونة على جدار محطة السكك الحديدية لا تسهم على الإطلاق في إعطاء لمحة من الإشراق على الجو القاتم للمكان.
غير أن هذا كله في طريقه إلى التغيير، حيث تم اختيار هذه المنطقة لتنفيذ مشروع يوصف بأنه أحد أكبر مشروعات التشييد في أوروبا. وفي إطار مشروع «نوفو نورتي» أي «الشمال الجديد» بمدريد، سيتم تجميل وجه المنطقة الشمالية من العاصمة برمتها، وتم التخطيط لإقامة هذا المشروع منذ ربع قرن، غير أنه بحلول صيف عام 2019 اتفقت جميع الأحزاب المشاركة في الحكومة المحلية لمدريد أخيراً على البدء في تنفيذه.
ووصفت محطة «كوبي» الإذاعية الخلافات حول المشروع الضخم وتكاليفه الهائلة، بقولها: «مضت 26 عاماً، وتوالى على المدينة 6 من العمد، وتم تخصيص 7.3 مليار يورو (8 مليارات دولار) له»، وفقاً لتحقيق كتبه كارولا فرنتزن في وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ).
وتم إقامة معرض تفاعلي يمكن للسكان المحليين أن يتعرفوا من خلاله على مزيد من المعلومات عن المشروع، إلى جانب تدشين موقع إلكتروني يشرح المفهوم الشامل له. وتبلغ المساحة التي سيتم تطويرها أكثر من 5.6 كيلومتر طولاً، وكيلومتراً واحداً عرضاً، وتمتد من منطقة كاليه ماتيو إنيوريا بالقرب من «بلازا دي كاستيلا» إلى الطريق الدائرية حول مدريد المعروفة باسم «إم40-».
ووصف المكتب المعماري «روجرز ستيرك هاربور وشركاؤه» المنطقة بالقول إن العاصمة بين وسط مدينة مدريد و«بلازا كاستيلا»، الكائنة على بعد نحو 6 كيلومترات باتجاه الشمال، تزدحم بمبان سكنية وإدارية ومقاه ومراكز للتسوق، وتعد منطقة «بلازا كاستيلا» المحطة النهائية لجميع خطوط الحافلات العامة الرئيسية المتجهة إلى الشمال، وفيما وراء ذلك تصبح المدينة بمثابة «ثقب أسود».
وتم الآن التخطيط لتخصيص نحو 2.4 مليون متر مربع من الأراضي لتشييد عقارات جديدة في المنطقة، ويشمل المشروع 10.5 ألف وحدة سكنية ومئات من المكاتب، و400 ألف متر مربع مساحات للحدائق العامة، إلى جانب 3 ناطحات سحاب جديدة بالقرب من «كواترو توريس»، وسيكون ارتفاع إحداها 300 متر، مما يجعلها أعلى مبنى في إسبانيا، وفي هذا الصدد، قالت صحيفة «إل باييس»: «ستحصل العاصمة على ناطحة سحاب جديدة تماماً».
وحتى الآن يلاحظ الزائر أن قطاعات متعددة من شمال العاصمة مقطوع الاتصال فيما بينها بسبب مسارات خطوط القطارات المتجهة إلى محطة «تشامارتين»، وتكمل الصورة الموحشة حقول مهجورة ومناطق صناعية مهملة.
ونقلت صحيفة «إل باييس» عن خافيير هيريروس، أحد المعماريين المسؤولين عن المشروع قوله: «إذا انكسر شيء هنا تشعر به المدينة بكاملها، وإصلاح هذه المنطقة يرفع عبئاً كبيراً عن كاهل المدينة».
وتقع محطة «تشامارتين» في قلب هذه الخطط، فمبنى المحطة الذي تم تشييده في السبعينات من القرن الماضي بشكله الخارجي المبني من القرميد الأحمر، فقد جماله بمرور الوقت، خصوصاً في حالة مقارنته بمبنى محطة السكك الحديدية الرئيسية «أتوتشا» الكائنة بالقرب من متحف «برادو».
وستتم الآن إعادة تجميل مبنى محطة «تشامارتين» بالكامل، وتحويلها لتصبح واحدة من أهم محطات القطارات الرئيسية في إسبانيا، واستكمالها بأرصفة تحت الأرض وبكثير من وصلات الخطوط السريعة المتجهة إلى الشمال.
ومن المقرر البدء في تنفيذ المشروع بنهاية عام 2020، وسيؤدي المشروع إلى إتاحة 240 ألف وظيفة وفقاً لآخر التقديرات، وستكون بعض هذه الوظائف في قطاع التشييد، وبعد ذلك في مجال الأنشطة التجارية في الضاحية الجديدة. وسيتم استكمال المشروع على مراحل عدة، وسيتم الانتهاء منه خلال 25 عاماً وفقاً لما يقوله المسؤولون عن تنفيذه.
وصمم المخطط الرئيسي للمشروع مكتب المعماري البريطاني الشهير ريتشارد روجرز الحائز جائزة «بريتزكر» الدولية في فنون المعمار.
ولم يكن هذا المشروع الأول من نوعه الذي يدخل به روجرز البالغ من العمر 86 عاماً ميدان العمل بإسبانيا، فقد سبق لشركته أن حولت حلبة غير مستخدمة لمصارعة الثيران في برشلونة إلى مجمع رائع للتسوق والترفيه، كما صممت صالة السفر رقم «4»، التي تشتهر بسقفها المقوس، بمطار مدريد. وذكرت الصفحة الإلكترونية للمشروع أنه يمثل «أكبر مشروع للتجديد العمراني في أوروبا».


مقالات ذات صلة

«أنكس للتطوير» تكشف عن مشروع «إيفورا ريزيدنسز» في دبي

عالم الاعمال «أنكس للتطوير» تكشف عن مشروع «إيفورا ريزيدنسز» في دبي

«أنكس للتطوير» تكشف عن مشروع «إيفورا ريزيدنسز» في دبي

أعلنت شركة «أنكس للتطوير»، التابعة لمجموعة «أنكس القابضة»، إطلاق مشروعها الجديد «إيفورا ريزيدنسز» الذي يقع في منطقة الفرجان.

الاقتصاد العاصمة السعودية الرياض (واس)

بفضل النمو السكاني... توقعات باستمرار ارتفاع الطلب على العقارات السعودية

تتوقع وكالة «ستاندرد آند بورز غلوبال» للتصنيف الائتماني، أن يظل الطلب على العقارات السكنية في السعودية مرتفعاً، لا سيما في الرياض وجدة، وذلك بفضل النمو السكاني.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جناح سلطنة عمان في معرض «سيتي سكيب العالمي 2024» بالرياض (وزارة الإسكان العمانية)

سلطنة عمان تعرض مشروعات استثمارية في معرض «سيتي سكيب» بالرياض

عرضت سلطنة عمان خلال مشاركتها في أكبر معرض عقاري عالمي، «سيتي سكيب 2024» الذي يختتم أعماله الخميس في الرياض، مشروعاتها وفرصها الاستثمارية الحالية والمستقبلية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد ارتفعت الإيجارات السكنية بنسبة 11 % في أكتوبر (واس)

التضخم في السعودية يسجل 1.9 % في أكتوبر على أساس سنوي

ارتفع معدل التضخم السنوي في السعودية إلى 1.9 في المائة خلال شهر أكتوبر على أساس سنوي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد زوار يطلعون على أحد مشاريع الشركة الوطنية للإسكان في معرض «سيتي سكيب العالمي» (الشرق الأوسط)

«سيتي سكيب»... تحالفات محلية ودولية لرفع كفاءة العقار بالسعودية

شهد معرض «سيتي سكيب العالمي»، المقام حالياً في الرياض، عدداً من التحالفات المحلية والدولية ضمن الشركات المجتازة لبرنامج «الدعم والتمكين للتطوير العقاري».

بندر مسلم (الرياض)

السعودية: توقع «طفرة سكنية» يصحبها تراجع جديد في أسعار العقارات

تمكنت وزارة الإسكان من تلبية مطالب مختلف الفئات بإنتاج وحدات سكنية جاهزة
تمكنت وزارة الإسكان من تلبية مطالب مختلف الفئات بإنتاج وحدات سكنية جاهزة
TT

السعودية: توقع «طفرة سكنية» يصحبها تراجع جديد في أسعار العقارات

تمكنت وزارة الإسكان من تلبية مطالب مختلف الفئات بإنتاج وحدات سكنية جاهزة
تمكنت وزارة الإسكان من تلبية مطالب مختلف الفئات بإنتاج وحدات سكنية جاهزة

بعد سلسلة من المتغيرات التي شهدها قطاع الإسكان السعودي، يتجه القطاع إلى التوازن مع انخفاض التضخم الحاصل في الأسعار بمختلف فروع القطاع العقاري، وسط مبادرات سعت إليها وزارة الإسكان السعودية؛ الأمر الذي قلص الفجوة بين العرض والطلب خلال السنوات الماضية، حيث حققت الوزارة القيمة المضافة من خلال تلك المبادرات في رفع نسب التملك بالبلاد.
وتوقع مختصان أن تشهد الفترة المقبلة مزيداً من النجاح الحكومي في مجال الإسكان، مشيرين إلى أن المواطن سيجني ثمار ذلك على مستوى الأسعار وتوافر المنتجات، التي تلبي مطالب جميع الفئات. ويمثل هذا النجاح امتداداً لإنجازات الحكومة، في طريق حل مشكلة الإسكان، عبر تنويع المنتجات العقارية وإتاحتها في جميع المناطق، مع توفير الحلول التمويلية الميسرة، والاستفادة بالشراكة مع القطاع الخاص.
وأشار المختصان إلى أن أداء الحكومة، ممثلة في وزارة الإسكان، كان وراء خفض أسعار المساكن بشكل كبير، وذلك بعد أن وفرت للمواطنين منتجات عقارية متنوعة تلبي أذواق جميع المستفيدين من برامج الدعم السكني. وقال الخبير العقاري خالد المبيض إن «وزارة الإسكان تمكنت من إيجاد حلول عقارية ناجعة ومتنوعة، أدت إلى تراجع الأسعار بنسب تشجع جميع المواطنين بمختلف مستوياتهم المادية، على تملك العقارات»، مضيفاً أن «الفترة المقبلة ستشهد مزيداً من النجاح في هذا الجانب».
وتابع: «أتذكر أن أول مشروع تسلمته وزارة الإسكان، كان يتعلق ببناء 500 ألف وحدة سكنية، بقيمة 250 مليار ريال (133.3 مليار دولار)، ما يعني أن قيمة الوحدة السكنية 500 ألف ريال (133.3 ألف دولار). أما اليوم، فقد تمكنت الوزارة من إيجاد وحدات جاهزة بقيمة تصل إلى نصف هذا المبلغ وهو 250 ألف ريال (66.6 ألف دولار)»، لافتاً إلى أن «الفرد يستطيع الحصول على هذه الوحدات بالتقسيط، مما يؤكد حرص البلاد على إيجاد مساكن لجميع فئات المجتمع السعودي».
وأضاف المبيض: «تفاوت أسعار المنتجات العقارية يمثل استراتيجية اتبعتها الوزارة في السنوات الأخيرة، ونجحت فيها بشكل كبير جداً». وقال: «أثمرت هذه السياسة زيادة إقبال محدودي الدخل على تملك المساكن، بجانب متوسطي وميسوري الدخل الذين يقبلون على تملك مساكن ومنازل وفيلات تناسب قدراتهم المادية، وهذا يُحسب لوزارة الإسكان ويمهد لإنهاء مشكلة السكن التي لطالما أرقت المجتمع في سنوات ماضية».
وتوقع الخبير العقاري أن تشهد المرحلة المقبلة طفرة في قطاع الإسكان. وقال: «يجب أن نضع في الاعتبار أن منتجات الوزارة التي تعلن عنها تباعاً، تحظى بإقبال الأفراد كافة، لا سيما أنها تراعي خصوصية الأسرة السعودية، كما أنها تلبي احتياجاتها في الشكل والمساحات».
وأضاف: «تمكنت الوزارة من تلبية مطالب مختلف الفئات بإنتاج وحدات سكنية جاهزة، ومنازل مستقلة، وفيلات، ومنح أراضٍ وقروض لمن يرغبون في البناء بأنفسهم». وتابع «كل هذه الخيارات وفرتها الوزارة في صورة مبادرات متعددة، موجودة في برنامج (سكني)، وروجت لها بشكل جيد، ووصلت بها إلى المواطنين».
من جانبه، رأى المحلل الاقتصادي علي الجعفري أن شراكة الوزارة مع شركات العقار السعودية تمثل خطوة استراتيجية تُحسب للحكومة في السنوات الأخيرة. وقال: «إحقاقاً للحق؛ أضاعت الوزارة عقب تأسيسها، بعض الوقت والجهد للبحث عن آليات تمكنها من بناء 500 ألف وحدة سكنية، لكنها عوضت ذلك بالشراكة مع القطاع الخاص».
وأضاف الجعفري: «الوزارة في بداية عهدها لم تتعاون مع شركات التطوير العقاري السعودية لتنفيذ مشاريع السكن، ولو أنها سارعت بهذا التعاون، لكان لدينا اليوم عدد كبير من المنتجات العقارية التي تساهم في حل مشكلة السكن».
واستطرد: «الوزارة تداركت في السنوات الأخيرة هذا الأمر، واعتمدت على شركات التطوير السعودية، التي أصبحت بمثابة الذراع التنفيذية لتصورات الحكومة وتوجهاتها لحل مشكلة السكن»، مضيفاً: «اليوم الوزارة ترتكن إلى حزمة من المبادرات النوعية، التي وفرت كثيراً من التنوع في المنتجات العقارية، وهو ما أشاع جواً من التفاؤل بإمكانية حل مشكلة السكن في المملكة في وقت وجيز».
وأكد الجعفري ثقته باستمرار نجاح البلاد في إدارة ملف الإسكان. وقال: «أنا واثق بأن مؤشرات السكن اليوم أفضل بكثير منها قبل 8 سنوات مضت، بعد طرح الوزارة آلاف المنتجات العقارية وتسليمها إلى مستحقيها، بل ودخول عدد كبير منها إلى حيز الاستخدام».
وختم الجعفري: «نجاحات وزارة الإسكان تحقق مستهدفات (رؤية المملكة 2030)، خصوصاً فيما يتعلق بالوصول إلى نسبة تمليك بين المواطنين تصل إلى 70 في المائة» على حد وصفه.
وكانت «مؤسسة النقد السعودي (ساما)» أشارت إلى أن عقود التمويل العقاري السكني الجديدة للأفراد واصلت صعودها لشهر يناير (كانون الثاني) الماضي، مسجلة أعلى معدلات إقراض في تاريخ البنوك السعودية من حيث عدد العقود ومبالغ التمويل بنحو 23 ألفاً و668 عقداً مقارنة بنحو 9 آلاف و578 عقداً في يناير 2019، من إجمالي القروض العقارية السكنية المُقدمة من جميع الممولين العقاريين من بنوك وشركات التمويل.
وأوضح التقرير الخاص بـ«ساما» أن النمو في عدد عقود التمويل العقاري السكني وصل لنحو 147 في المائة مقارنة مع يناير 2019، فيما سجل حجم التمويل العقاري السكني الجديد في يناير 2020، نمواً بمقدار 112 في المائة مقارنة بالشهر نفسه من عام 2019، والذي سجل نحو 4.766 مليار ريال (1.270 مليار دولار)، كما سجلت قروض يناير السكنية ارتفاعاً بنسبة اثنين في المائة عن الشهر السابق ديسمبر (كانون الأول) 2019، والذي وصل حجم التمويل خلاله إلى نحو 9.86 مليار ريال (2.6 مليار دولار)، فيما ارتفع عدد العقود بنسبة 1.5 في المائة عن شهر ديسمبر 2019، والذي شهد توقيع نحو 23 ألفاً و324 عقداً.
وأشار التقرير إلى أنه تم إبرام 94 في المائة من قيمة هذه العقود عن طريق البنوك التجارية، بينما أبرمت 6 في المائة منها عن طريق شركات التمويل العقاري، فيما بلغ عدد عقود المنتجات المدعومة من خلال برامج الإسكان في شهر يناير 2020 عن طريق الممولين العقاريين 22 ألفاً و432 عقداً وبقيمة إجمالية بلغت 9.4 مليار ريال (2.5 مليار دولار).