الأمم المتحدة تطالب لبنان بـ«تفكيك الميليشيات»

«مجموعة الدعم الدولية» تدعو إلى «الاستماع لمطالب الناس»

الحريري خلال استقباله سفراء {مجموعة الدعم الدولية للبنان} في بيروت أمس (دالاتي ونهرا)
الحريري خلال استقباله سفراء {مجموعة الدعم الدولية للبنان} في بيروت أمس (دالاتي ونهرا)
TT

الأمم المتحدة تطالب لبنان بـ«تفكيك الميليشيات»

الحريري خلال استقباله سفراء {مجموعة الدعم الدولية للبنان} في بيروت أمس (دالاتي ونهرا)
الحريري خلال استقباله سفراء {مجموعة الدعم الدولية للبنان} في بيروت أمس (دالاتي ونهرا)

أكدت الأمم المتحدة أنها «تراقب عن كثب» التطورات في لبنان، في ضوء المظاهرات التي تشهدها البلاد منذ أيام، مطالبة السلطات بـ«احترام حق الناس بالتظاهر السلمي»، وبـ«التعامل» مع «أي مجموعات مسلحة غير مرخصة» يمكن أن تعترض المحتجين.
ورداً على أسئلة من «الشرق الأوسط»، أجاب الناطق باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك قائلاً: «نواصل مراقبة الوضع في لبنان عن كثب. والأمم المتحدة تواصل العمل مع الحكومة اللبنانية والشركاء الدوليين لدعم معالجة التحديات الضاغطة، بما في ذلك الوضع الاقتصادي».
ولاحظ أن «الاحتجاجات التي ازدادت حجماً خلال الأيام الماضية، لا تزال سلمية على نطاق واسع». وحض كل الأطراف على «الامتناع عن أي نشاطات يمكن أن تؤدي إلى تزايد التوتر أو العنف». وقال إن المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيش «على اتصال مع المسؤولين الحكوميين في البلاد».
وطالب السلطات بـ«التعامل مع الجماعات المسلحة غير المصرح بها»، مكرراً أنه «يجب الامتناع عن أي ممارسات، من شأنها أن تساهم في تصعيد التوتر أو العنف». وذكر دوجاريك أن وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام، روزماري ديكارلو، زارت لبنان أخيراً، وأجرت محادثات مع المسؤولين في شأن كل القضايا المهمّة، مضيفاً أن ديكارلو تدرك أنه من القضايا المهمّة في لبنان «تفكيك سلاح الميليشيات ووقف الانتهاكات لسيادة الدولة، والموضوع الاقتصادي الذي بلا شك يُعد الأكثر أهمية لأنه أشعل فتيل المظاهرات».
ورداً على سؤال آخر، أجاب دوجاريك: «رأينا تقارير عن بعض الأسلحة، لكنني أعتقد أنه من المهم الإشارة إلى أن الغالبية العظمى الساحقة من الأشخاص الذين تظاهروا كانوا غير مسلحين وغير عنيفين»، مشدداً على أن «للناس الحق في أي مكان في التظاهر بسلام، ومن المهم احترام ذلك الحق». ودعا الجميع إلى «الامتناع عن العنف»، ومنع «جلب أسلحة إلى أي مظاهرة».
أطلع رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري سفراء «مجموعة الدعم الدولية للبنان» على «جديّة الإجراءات التي طال انتظارها» التي اتخذتها الحكومة، أول من أمس، فيما حثت المجموعة المسؤولين على «الاستماع إلى المطالب الشرعية التي يطرحها الناس».
وعقد الحريري لقاءات مع سفراء الولايات المتحدة إليزابيث ريتشارد، وروسيا ألكسندر زاسبيكين، وفرنسا برونو فوشيه، وبريطانيا كريس رامبلينغ، وألمانيا جورج برغيلين، وإيطاليا ماسيمو ماروتي، والاتحاد الأوروبي رالف طراف، والقائم بالأعمال الصيني جيانغ زويانغ، والمنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيش، وممثل جامعة الدول العربية السفير عبد الرحمن الصلح.
وقال كوبيش بعد الاجتماع إن الحريري أطلع السفراء على «جديّة الإجراءات التي طال انتظارها والتي اتخذتها الحكومة، سواء كانت كجزء من مشروع موازنة العام 2020 كي يتم إقرارها ضمن المهل الدستورية، أو من خارج الموازنة». وأشار إلى أن الحريري كرر أن هذه الإجراءات المتوخاة وغيرها «ليست سوى خطوة أولى، وقد حصل توافق في الحكومة بشأنها بفضل الشابات والشباب الذين تظاهروا على مدى الأيام الماضية من أجل كرامتهم الوطنية واستعادة الهوية الوطنية وتقديمها على الهوية المذهبية والطائفية».
ونقل عن الحريري تأكيده أن «هذه الإجراءات لم تتخذ من أجل الطلب من المتظاهرين التوقف عن التظاهر أو التعبير عن غضبهم، فهذا القرار يتخذه المتظاهرون وحدهم. وإذا كانت الانتخابات المبكرة طلبهم، فإن صوتهم وحده سيقرر. كما أكد أن الحكومة لن تسمح لأحد بأن يهدد المتظاهرين، وأن الدولة لديها مهمة حماية التعبير السلمي عن المطالب الشرعية».
وعبرت «مجموعة الدعم الدولية» عن دعمها للأهداف الإصلاحية التي أوجزها الرئيس الحريري والقرارات المعتمدة من الحكومة، والتي تتماشى مع تطلعات الشعب اللبناني. وقال كوبيش: «نحن نشيد بالتعبير الديمقراطي للشعب اللبناني ومطالبته بإصلاحات بنيوية وتغييرات اجتماعية ومسؤولة ومقبولة، يجب أن تقلص بشكل حقيقي الفساد والهدر وتبتعد عن الطائفية وتؤمن الحوكمة الصحيحة والمساءلة التامة وتؤدي إلى نمو مستدام واستقرار. إن شكواهم يجب أن تتم معالجتها».
ورحبت المجموعة بـ«السلوك المسؤول إلى حد كبير الذي انتهجته قوى الأمن الداخلي والجيش اللبناني، واحترم إلى حد كبير منذ السبت الماضي حق الشعب بمظاهرات سلمية». وقال كوبيش: «أُحطنا علماً بالتزام الرئيس الحريري بأن الحكومة وقواها الأمنية الشرعية ستبقى توفر الحماية للمدنيين المتظاهرين بشكل سلمي، وستتخذ التدابير المناسبة تجاه أي تحريض عنيف محتمل لحماية الممتلكات العامة والخاصة والمؤسسات وحق الشعب في التعبير السلمي عن آرائه».
وحثت المجموعة الدولية المسؤولين والجهات السياسية الفاعلة في لبنان على «الاستماع إلى المطالب الشرعية التي يطرحها الناس، والعمل معهم على الحلول ومن ثم على تطبيق هذه الحلول، والامتناع عن الكلام والأفعال التي يمكن أن تلهب التوترات وتحرض على المواجهة والعنف». وجددت «تأكيد دعمها القوي للبنان وشعبه ولوحدة أراضيه وسيادته واستقلاله السياسي».
إلى ذلك، أعلنت وزارة الشؤون الخارجية الفرنسية أن باريس تتابع «باهتمام كبير» التطورات في لبنان، داعية إلى «الحفاظ على سلمية الحركات الاحتجاجية وإلى الاحترام التام لحق كلّ اللبنانيين بالتظاهر».
وشجعت في بيان الحكومة اللبنانية على «إنجاز الإصلاحات الضرورية بهدف السماح بإعادة إنعاش الاقتصاد اللبناني وتقديم الدولة للخدمات العامة التي تعود بالمنفعة المباشرة على جميع المواطنين». وأكدت وقوفها إلى جانب لبنان، مشددة على «التزامنا مع شركائنا الدوليين بالتطبيق السريع للقرارات التي اتخذت في إطار مؤتمر سيدر في باريس في أبريل (نيسان) 2018».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».