قنوات سرية تركية مع نظام الأسد لتفادي المواجهة المباشرة

الرئيس التركي دعا نظيره الإيراني إلى إسكات «الأصوات المزعجة»

قنوات سرية تركية مع نظام الأسد لتفادي المواجهة المباشرة
TT

قنوات سرية تركية مع نظام الأسد لتفادي المواجهة المباشرة

قنوات سرية تركية مع نظام الأسد لتفادي المواجهة المباشرة

كشف مسؤولون أتراك لـ«رويترز» عن أن بلادهم تُجري، عبر قنوات سرية، اتصالات مع نظام الأسد لتفادي المواجهة المباشرة في شمال شرقي سوريا؛ حيث ينشر الجانبان قواتهما.
وأوضح المسؤولون أن الجانبين أقاما قنوات اتصال، سواء في شكل اتصالات عسكرية ومخابراتية مباشرة، أو بطريق الرسائل غير المباشرة عبر روسيا، للحد من خطر المواجهة. وسبق أن نفى المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين، ووزير الخارجية مولود جاويش أوغلو، وجود مثل هذه الاتصالات.
هذا، وانتهت هدنة وقف إطلاق النار، الليلة الماضية (منتصف ليل الثلاثاء). وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان: «حتى الآن انسحب نحو 800 من مقاتلي (قسد) من المنطقة، وهناك نحو 1300 آخرين يواصلون الانسحاب بسرعة، ونحن نراقب الوضع عن كثب».
وشدد إردوغان، خلال مؤتمر صحافي في أنقرة قبيل توجهه أمس (الثلاثاء) إلى سوتشي للقاء نظيره الروسي فلاديمير بوتين لبحث التطورات في سوريا، على أن القوات التركية ستستأنف عملية «نبع السلام» بحزم أكبر، إذا لم تلتزم الولايات المتحدة بالوعود التي قطعتها لتركيا، قائلاً إنه «لا مكان للوحدات الكردية في مستقبل سوريا»، معرباً عن أمله في إنقاذ المنطقة من «آفة الإرهاب الانفصالية» بالتعاون مع روسيا.
ودعا الرئيس التركي نظيره الإيراني حسن روحاني، إلى إسكات ما وصفه بـ«الأصوات المزعجة» التي تصدر عن بعض المسؤولين الإيرانيين حيال عملية «نبع السلام». وقال إن «ثمة أصوات مزعجة تصدر من الجانب الإيراني، وكان ينبغي على السيد روحاني إسكاتها، فهي تزعجني أنا وزملائي... عليهم أن يتذكروا مواقفي قبل نحو 15 عاماً حيال الأسلحة النووية، وقفنا حينها مع الإيرانيين رغم كل الضغوط... الأصوات المزعجة التي تصدر حيال (نبع السلام)، لا تصدر عن روحاني، بل من زملائه».
ورأى إردوغان أن مثل هذه التصريحات تطعن التعاون القائم بين تركيا وروسيا وإيران لحل الأزمة السورية.
وعن اقتراح الرئيس الفرنسي تمديد مدة تعليق عملية (نبع السلام)، قال الرئيس التركي: «لم أتلق من ماكرون اقتراحاً بتمديد تعليق العملية، فهو غالباً ما يبحث هذه الأمور مع (الإرهابيين) - (يقصد قسد) - ولعله تلقى هذا المقترح منهم، ويريد أن يوصله إلينا بطريقة غير مباشرة». مشيراً إلى أن بلاده لا تدير هذه الشؤون المتعلقة بشمال سوريا مع فرنسا، بل مع الولايات المتحدة.
وتطرق إلى احتمال لقائه مع عدد من القادة الأوروبيين، قائلاً: «تباحثنا مع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون حول إمكانية عقد لقاء رباعي (يتضمن إردوغان، وجونسون، وماكرون، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل)، على هامش قمة زعماء الناتو، التي ستعقد في لندن مطلع ديسمبر (كانون الأول) المقبل».
في السياق ذاته، استبق المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين انتهاء الهدنة في شرق الفرات، قائلاً إنه «ليست هناك فرصة لتمديد وقف إطلاق النار في شمال شرقي سوريا، لمدة تتجاوز الـ120 ساعة التي تم تحديدها في الاتفاق الموقع مع أميركا، الخميس الماضي». وأضاف كالين، في مقابلة تلفزيونية ليل الاثنين (الثلاثاء): «قلنا 5 أيام (120 ساعة) إذا تم الانتهاء من المهمة بحلول يوم غد (أمس) وتأكدنا من أن جميع عناصر وحدات حماية الشعب الكردية غادروا المنطقة، سنوقف العملية العسكرية (نبع السلام)».
وأوضح أن الاتفاق التركي الأميركي يتضمن تعليق العمليات في المرحلة الأولى، وانسحاب المقاتلين الأكراد من المنطقة الآمنة في المرحلة الثانية.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب، قال مساء أول من أمس، إن الهدنة في شمال سوريا صامدة، رغم بعض الخروقات الصغيرة، وذلك قبل يوم من انتهاء الهدنة، مضيفاً أنه لا يريد تهديد تركيا بالعقوبات، إذا لم تلتزم بالاتفاق، لأنه يعتقد أنهم سيلتزمون. وأضاف: «إذا تصرفت تركيا بطريقة خاطئة، فإن الولايات المتحدة ستفرض رسوماً جمركية على منتجاتها وعقوبات عليها».
وأكد أن العملية العسكرية التركية ستتوقف حال تأكد القوات المسلحة التركية من أن المنطقة باتت آمنة من أجل المدنيين، لتبدأ بعدها الأنشطة الإنسانية، مشيراً إلى أن العملية تهدف إلى تطهير المنطقة ممن سماهم بـ«الإرهابيين»، وتحقيق عودة اللاجئين إلى ديارهم. وقال: «نريد توفير الظروف الملائمة لعودة اللاجئين إلى مدنهم وبلداتهم».
إلى ذلك، قالت وزارة الدفاع التركية، الثلاثاء، إن مقاتلي «قسد» انتهكوا الاتفاق التركي الأميركي المتعلق بعملية «نبع السلام» 42 مرة. وأضافت المتحدثة باسم الوزارة نديدة شبنام أك طوب، في مؤتمر صحافي، في أنقرة، أمس، إننا «نراقب عن كثب عملية الانسحاب من المنطقة الآمنة؛ حيث خرجت 136 عربة من المنطقة».
وذكرت أن القوات المشاركة في عملية «نبع السلام» استطاعت تحييد 775 إرهابياً منذ بدء العملية في 9 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، وحررت 160 منطقة سكنية، وأن القوات التركية ردت على انتهاكات الإرهابيين للاتفاق، في إطار حق الدفاع المشروع عن النفس.
ولفتت إلى استمرار أعمال تفكيك المتفجرات والألغام في المناطق المحررة من الإرهابيين، بهدف إعادة الحياة إلى طبيعتها في تلك المناطق.
وأطلعت وزارة الدفاع التركية 77 ملحقاً عسكرياً من 63 دولة أجنبية على معلومات حول العملية العسكرية والوضع الحالي بشمال شرقي سوريا.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.