المحتجون يردّون على الإصلاحات بالتمسّك بالشوارع

TT

المحتجون يردّون على الإصلاحات بالتمسّك بالشوارع

ردّ اللبنانيون مباشرةً على إعلان رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري ورقته الإصلاحية، بالتوافد إلى الساحات، معلنين رفضهم لتلك الإصلاحات التي لم تقنعهم، واعتبروها وعداً، وشككوا بالقدرة على تنفيذها، رغم تضمنها تعهداً منه بتخفيض العجز إلى مستويات قياسية تقارب الـ0.6% في الموازنة الجديدة، وبمشاركة القطاع المصرفي في تخفيض العجز، فضلاً عن تقديمات اجتماعية تقر قبل نهاية العام.
وأظهرت المواعيد التي أطلقها الحريري لتنفيذ الإصلاحات، ومعظمها يتم إقراره قبل نهاية العام، أن الأطراف السياسية المشاركة في الحكومة تعطي نفسها مهلة حتى نهاية العام، في محاولة لاحتواء غضب الشارع الذي تنامى، ما دفع المصارف إلى اتخاذ إجراءات احترازية على ضوء المخاوف الأمنية، وتمديد مهلة الإقفال حتى نهاية الأسبوع، وتقنين السحوبات المالية من الصرافات الآلية وحصرها بالليرة اللبنانية، كإجراء احترازي أمني وللحفاظ على سلامة العملة الوطنية، ما يهدد بأزمة نقد بين أيدي المواطنين.
وفي محاولته لاحتواء الغضب، رمى الحريري، بعد تلاوة إجراءات الحكومة الإصلاحية في موازنة المالية العامة للعام 2020، الكرة في ملعب المتظاهرين، إذ توجه إليهم بالقول: «قد لا تحقق القرارات التي اتخذناها مطالبكم، لكن الأكيد أنها تحقق ما أطالب به منذ تشكيل الحكومة، كخطوة أولى للبدء بوضع الحلول، أي لتحقيق بعض مطالبكم. إن هذه القرارات ليست للمقايضة، وليست لطلب التوقف عن التظاهر والتعبير عن الغضب، فهذا القرار يُتخذ من قِبلكم وحدكم، ولن أسمح لأحد بتهديدكم أو تخويفكم، فعلى الدولة واجب حمايتكم وحماية حقكم في التعبير السلمي عن المطالب المحقة، فأنتم البوصلة، وأنتم مَن حرّك مجلس الوزراء، وما قمتم به هو الذي أوصل إلى اتخاذ هذه القرارات».
وأعلن الحريري أن مهلة الـ72 ساعة، والتي انتهت أمس، «أعطيتها للشركاء في الحكومة، لاتخاذ الحد الأدنى من الإجراءات الضرورية، والمطلوبة منذ سنتين»، مشيراً إلى أن «هذه الإجراءات اتُّخذت، ومنها الموازنة التي أقررناها اليوم، وهناك إجراءات من خارج الموازنة»، ومنها إقرار موازنة بعجز 0.6%، لا تضم أي ضرائب جديدة أو إضافية، ومساهمة القطاع المصرفي ومصرف لبنان بخفض العجز بقيمة 5100 مليار ليرة خلال عام 2020، ومن ضمنها زيادة الضريبة على أرباح المصارف، وخفض رواتب الرؤساء والوزراء والنواب الحاليين والسابقين بنسبة 50%، إضافةً إلى إقرار مشروع قانون العفو العام قبل آخر السنة الحالية، وإقرار قانون ضمان الشيخوخة قبل آخر السنة الحالية، وتخصيص 20 مليار ليرة إضافية لبرنامج دعم الأسر الأكثر فقراً، وتخصيص 160 مليون دولار لدعم القروض السكنية.
وأكد الحريري أن «هناك تغييراً كاملاً في عقلية التعاطي مع الأمور في هذه الموازنة، فالإنفاق في الحكومة والمؤسسات يكاد يوازي الصفر، ما من شأنه إغلاق الباب على أي هدر وفساد، لأن الحكومة لن تصرف أي قرش وسيكون الإنفاق بكامله من خلال الاستثمار الخارجي، حيث لن يقبل أي مستثمر خارجي بأي هدر أو فساد، واعتمادنا بأكمله سيكون على هذا الاستثمار وهو الضامن للنمو، وهذه بعض القرارات التي اتخذناها في الجلسة». وأكد أن هذه الإصلاحات ترضي مؤتمر «سيدر».
وقال الرئيس الحريري: «ما قمت به اليوم من موقع مسؤوليتي، هو خطوة أولى لا يملك من هو في موقع المسؤولية خياراً إلا التزامها. ويجب أن تعلموا أن ما قمتم به أنتم اليوم كسر كل الحواجز، وهزّ كل الأحزاب والتيارات والقيادات، واهم حاجز تم كسره هو حاجز الولاء الطائفي الأعمى».
غير أن هذه التطمينات لم تقنع الشارع كما لم تقنع أطرافاً سياسية، إذ اعتبر رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، أن «أهمية هذا الحراك السلمي الجماهيري تكمن في أنه وحّد المناطق اللبنانية وكسر نظرية تحالف الأقليات وتخطى الحواجز الحزبية والفئوية». وقال: «يبقى أنْ لا حل في إصلاح شكلي وبيع القطاع العام»، مضيفاً: «ورقة الحزب واضحة كل الوضوح في هذا المجال».
وانضم رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل، إلى المتظاهرين في وسط بيروت، حيث نشر صوره عبر «تويتر»، قائلاً: «بحبك يا لبنان، حلمنا رح نحققو، شباب لبنان بالمرصاد، مسلمين ومسيحيين، في خدمة لبنان».
وفي الشارع، تدافعت الحشود مرة أخرى إلى وسط بيروت، مطالبةً برحيل الحكومة، معبرة عن عدم اقتناعها بإجراءات الحريري.
وصدر بيان عن الحراك الشعبي، أكد فيه المحتجون استمراره وعزمه على متابعة التحرك السلمي لليوم الخامس على التوالي، رافضين إخلاء الساحات «حتى الوصول إلى هدف هذه الثورة وإقفال الطريق الدولي على طول الساحل اللبناني، من منطقة شكا وصولاً إلى الدورة، للمسلكين الغربي والشرقي، على أن يُسمح بالمرور على أحد المسالك وأمام الحالات الخاصة، لآليات الصليب الأحمر، والهلال الأحمر، والدفاع المدني وجميع آليات القوى الأمنية والعسكرية». وحمّل الحراك «الحكومة جمعاء بالتكافل والتضامن مسؤولية تعطيل الدولة وشلل البلاد حتى استقالتها وامتثالها للقضاء للمحاسبة وإعادة الأموال المنهوبة، كما يحمّلها مسؤولية أي تعرّض أو ضرر يلحق بالمتظاهرين».
وشهد الطريق المؤدي إلى ساحة الشهداء من بشارة الخوري زحمة سير خانقة فيما واصل المتظاهرون التجمع أمام ساحة جامع محمد الأمين قاطعين الطريق أمام حركة السير. ووصل عدد من المحتجين إلى أمام مصرف لبنان في الحمراء، مرددين هتافات منددة بالسياسة المالية.
وفي طرابلس، أكد المحتجون في ساحة النور، أنهم لن يخرجوا من الاعتصام رغم إقرار الورقة الإصلاحية، مطالبين باستقالة المسؤولين كافة، ودعوا المواطنين إلى النزول بكثافة إلى ساحة الاعتصام والاستمرار بالتظاهر حتى تحقيق مطالبهم. وأفيد بارتفاع أعداد المتظاهرين في شكل كبير على أوتوستراد جونيه، حيث عبّر المحتجون عن امتعاضهم من ورقة الإصلاحات ووجهوا دعوات للنزول إلى الشارع لرفضها.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.