عمليات نهب حوثية واعتداءات مسلحة تجتاح محافظة إب

TT

عمليات نهب حوثية واعتداءات مسلحة تجتاح محافظة إب

لا يكاد يمر يوم إلا ويتأكد فيه أبناء محافظة إب اليمنية (جنوب صنعاء) أن محافظتهم ومؤسساتهم تتعرض للاعتداء والنهب والسطو المكشوف من قبل الجماعة الحوثية التي انقلبت على السلطة الشرعية، واجتاحت العاصمة صنعاء ومدناً يمنية أخرى، بما فيها إب التي اجتاحتها في أكتوبر (تشرين الأول) 2014.
فعلى مدى 5 أعوام من الانقلاب، حولت الميليشيات الحوثية محافظة إب، والمناطق الأخرى الخاضعة لسطوتها، إلى مسرح للعبث والنهب والتدمير والاعتداء الفاضح الممنهج الذي فاحت رائحته في مختلف مؤسسات الدولة في إب، على غرار ما يحدث في العاصمة صنعاء وبقية المدن التي تسيطر عليها الجماعة الانقلابية.
وفي هذا السياق، شكت مصادر محلية وسكان في إب لـ«الشرق الأوسط» من استمرار سياسات العبث والنهب والسطو والتدمير الحوثي الممنهج الذي طال مؤسسات الدولة والقطاع الخاص كافة في المحافظة.
وأكد السكان المحليون أن كل شيء في محافظتهم بات معرضاً إما للنهب والسلب وإما للاعتداء والتدمير، في ظل سيطرة الميليشيات الانقلابية على المدينة.
وأشار السكان إلى أن الجماعة الحوثية ما تزال مستمرة، منذ انقلابها المشؤوم على السلطة واجتياحها المحافظة، في عمليات السطو والنهب والعبث بالمؤسسات الحكومية والقطاع الخاص كافة.
وتؤكد المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط» ممارسة الجماعة الانقلابية لجميع أنواع الجرائم والانتهاكات وعمليات النهب والسلب في المحافظة، وعموم مديرياتها وعزلها وقراها.
وأشارت المصادر إلى أن مختلف القطاعات الحكومية والخاصة في إب، كالكهرباء والمياه والصرف الصحي وأراضي الأوقاف والمقابر والتعليم والصحة والمشتقات النفطية والغاز المنزلي، جميعها طالتها يد التدمير والخراب والسطو الحوثية على مدى 5 سنوات منذ اجتياح المحافظة.
وكشفت المصادر عن أن الميليشيات الكهنوتية في إب (المنتمية لصعدة وعمران) نهبت ملياراً ونصف المليار ريال (الدولار نحو 580 ريالاً) من إيرادات مديريتين فقط في محافظة إب، مع تعمدها إهمال الخدمات العامة وانهيارها، وقطع مرتبات موظفي الدولة للعام الرابع على التوالي.
وأفادت المصادر بأن الميليشيات نهبت إيرادات المؤسسات الحكومية في المديريتين، ومديريات أخرى تقع في نطاق المحافظة، وقامت بتوريدها في البدء لصالح البنك المركزي بالمحافظة الخاضع لها، قبل تحويلها إلى حسابات وأرصدة تتبع قيادات الميليشيات في العاصمة صنعاء، دون أن تكترث لما تعانيه المحافظة وبنيتها التحتية من تدهور كبير وأوضاع مأساوية صعبة تستدعي التدخل العاجل الفوري لمعالجتها وإصلاحها.
وتحدثت المصادر ذاتها عن نهب الميليشيات الانقلابية لأكثر من 600 مليون ريال من إيرادات مديرية الظهار (وسط مدينة إب)، وأكثر من 450 مليون ريال من إيرادات مديرية المشنة بمدينة إب، ومئات الملايين من بقية المديريات.
وتواصل الميليشيات الحوثية، وفقاً للمصادر المحلية، مسلسلها الإجرامي، المتمثل في نهب جميع الموارد المحلية الخاصة بمركز المحافظة والمديريات التابعة لها، التي تقوم بتوريدها منذ عام 2015 حتى نهاية العام الماضي 2018 إلى البنك المركزي بالمحافظة، ومن ثم تحويلها إلى حسابات قيادات الجماعة في صنعاء، في إجراءات خطيرة مخالفة لقانون السلطة المحلية.
وفي الوقت الذي تستمر فيه الميليشيات الانقلابية في نهب كل عائدات ومدخرات المحافظة لصالحها، أكد ناشطون وحقوقيون في إب، لـ«الشرق الأوسط»، أن محافظتهم ما تزال تشهد في الوقت الحالي انعداماً كاملًا للخدمات العامة، كالكهرباء والطرقات والمشتقات النفطية والغاز المنزلي والمياه والصحة والتعليم، وانهياراً للمادة الأسفلتية في جميع شوارع عاصمة المحافظة ومديرياتها.
إلى ذلك، كشفت تقارير وإحصائيات محلية عن آلاف الجرائم والانتهاكات وعمليات السطو والنهب التي قامت وتقوم بها الجماعة الإرهابية في محافظة إب، إذ بين تقرير جديد صادر عن المركز القانوني للحقوق والحريات في إب أن عدد الانتهاكات فقط التي ارتكبتها ميليشيات الحوثي الانقلابية في مختلف مديريات المحافظة خلال الفترة من 1 يناير (كانون الثاني) إلى 30 مارس (آذار) 2019 بلغ أكثر من 130 جريمة وانتهاكاً.
وبحسب إحصاءات أعدها الناشطون والحقوقيون، فقد فجرت الميليشيات عقب دخولها المحافظة بنصف عام أكثر من 78 منزلاً لمواطنين، انتقاماً منهم لرفضهم دخول تلك الميليشيات إب، في حين اقتحمت الميليشيات أكثر من 1200 منزل، وسرقت محتوياتها، ودمرت ما لم تأخذه، كما فجرت 4 مساجد و3 دور لتعليم القرآن كريم، وأغلقت عشرات الجمعيات ومراكز التحفيظ، وصادرت محتوياتها.
وفي السياق ذاته، أكدت تقارير محلية تنفيذ ميليشيات الحوثي منذ اجتياحها المحافظة أكثر من 650 حملة نزول ميداني ومداهمة واقتحام لممتلكات خاصة وعامة، بغرض النهب والسطو والمصادرة، تحت ذرائع وتسميات عدة، على رأسها دعم المجهود الحربي واحتفالات الميليشيات الطائفية.
وبدوره، كشف المركز الإعلامي لمحافظة إب عن الانتشار المخيف غير المسبوق لظاهرة السرقات والسطو المسلح على ممتلكات الدولة والمواطنين، في ظل فوضى أمنية تشهدها المحافظة الخاضعة للسيطرة الحوثية.
وقال المركز، في بيان له، إن مولدات ومحولات كهربائية تابعة لمؤسسة الكهرباء بمدينة إب تعرضت هي الأخرى للنهب والسرقة من قبل العصابة الحوثية التي تستثمر قياداتها حالياً في مجال الكهرباء، في مركز المحافظة ومديرياتها.
وعمدت الجماعة الانقلابية بشكل عام إلى السطو على أراضي محافظة إب منذ أن وطئت أقدامها المحافظة، وما تزال أراضي المواطنين والممتلكات العامة والخاصة تشهد عمليات نهب منظمة من قبل قيادات حوثية.
وتحدثت وسائل إعلام محلية، مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، عن وثائق عدة على السطو على أراضٍ متعددة في إب، تحت اسم الصرف من أراضي وعقارات الدولة.
ففي الثامن والعشرين من فبراير (شباط) الماضي، كشفت وثيقة عن طلب محافظ صنعاء الموالي للحوثيين قطعة أرض من الأراضي التابعة للأوقاف في محافظة إب الخاضعة لسيطرة الحوثيين.
وبحسب الوثيقة التي سربها الناشطون، فإن محافظ صنعاء السابق المعين من قبل الحوثيين، حنين محمد قطينة، وجّه مذكرة إلى محافظ إب عبد الواحد صلاح الموالي للجماعة، يطلب فيها منحه قطعة أرض من أوقاف المحافظة.
وفي 25 سبتمبر (أيلول) 2019، سطا مسلحون حوثيون على أراضٍ خاصة بمواطنين في محافظة إب، حيث قام القيادي الحوثي إياد الأبيض، وهو مشرف حوثي ميداني، بالسطو بقوة السلاح على أرض تابعة لنساء وأرامل في منطقة «كدام»، بدار العلفي بعزلة الحوج العدني بمديرية المشنة.
وعلى المنوال ذات، أكدت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» أن المقابر في المحافظة (إب) لم تسلم هي الأخرى من عبث ونهب واعتداءات الميليشيات الحوثية.
وأوضحت المصادر أن أكثر من 20 مقبرة في محافظة إب ومديرياتها تعرضت لسلسلة طويلة من الاعتداءات المتكررة من قبل نافذين حوثيين قاموا بالاتجار بها، من خلال تحويلها إلى أراض خاصة وعقارات معروضة للبيع والشراء.
ومن بين تلك المقابر، التي حولتها الميليشيات إلى أراضٍ، بحسب المصادر «مقبرة المدينة، ومقبرة الغفران، ومقبرة منزل الراعية، وذي أسود، والمشراق، والواسطة، ومقبرة سوق الثلوث، وشعب الجمل، ومقبرة النادرة، والجربة، ومعيد، وغيرها من المقابر الأخرى».
ويقول ناشطون في المدينة إن الجماعة عملت خلال السنوات الخمس على تجريف كل المؤسسات الحكومية في المحافظة، واستقدمت عناصر طائفية من صعدة وعمران (شمالاً) ليتولوا مسؤوليات الأمن وجباية الأموال.


مقالات ذات صلة

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: الشرعية تتمسك بالإفراج عن محمد قحطان قبل الخطوة الثانية

العالم العربي وفد الحكومة اليمنية وفريق التفاوض المشترك لدول التحالف الخاص بملف المحتجزين والمخفيين قسرياً قبيل انطلاق المشاورات مع جماعة الحوثي الأحد في مسقط (الشرق الأوسط)

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: الشرعية تتمسك بالإفراج عن محمد قحطان قبل الخطوة الثانية

في يومها الثاني ووسط تكتم شديد، تتواصل مشاورات تبادل الأسرى والمختطفين بين الحكومة الشرعية وجماعة الحوثي في العاصمة العمانية مسقط.

عبد الهادي حبتور (الرياض )
الولايات المتحدة​ إطلاق صاروخ توماهوك من مدمرة أميركية في البحر الأبيض المتوسط (أرشيفية - أ.ب)

الجيش الأميركي يعلن تدمير 3 زوارق مسيرة للحوثيين في البحر الأحمر

 قال الجيش الأميركي، اليوم (الاثنين)، إنه دمر ثلاثة زوارق مسيرة لجماعة الحوثي اليمنية خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية في البحر الأحمر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي وفد الحكومة اليمنية وفريق التفاوض المشترك لدول التحالف الخاص بملف المحتجزين والمخفيين قسرياً قبيل انطلاق المشاورات مع جماعة الحوثي الأحد في مسقط (الشرق الأوسط)

مسقط تحتضن جولة مشاورات يمنية جديدة للإفراج عن الأسرى والمختطفين

تنطلق (الأحد) في العاصمة العمانية، مسقط، مشاورات جديدة بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي بشأن تبادل الأسرى والمعتقلين والمخفيين قسرياً.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
الولايات المتحدة​ مدمرة أميركية  في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

الجيش الأميركي يعلن تدمير سبع مسيّرات ومركبة تابعة للحوثيين في اليمن

دمّرت القوّات الأميركيّة سبع مسيّرات ومركبة تُستخدم كمحطّة للتحكّم في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيّون في اليمن خلال الساعات الأربع والعشرين المنصرمة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم العربي المستشار منصور المنصور المتحدث باسم فريق تقييم الحوادث في اليمن (الشرق الأوسط)

«تقييم الحوادث» يؤكد عدم استهداف مستشفى باقم في صعدة خلال 2015

أكد فريق تقييم الحوادث في اليمن عدم صحة ثلاث حالات ادعاء وردت بشأن استهداف مواقع من قبل قوات التحالف داخل الأراضي اليمنية خلال السنوات الماضية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

الجيش الأميركي يدمر راداراً حوثياً ضمن ضرباته الدفاعية

طائرة مقاتلة على سطح حاملة طائرات أميركية في البحر الأحمر (أ.ب)
طائرة مقاتلة على سطح حاملة طائرات أميركية في البحر الأحمر (أ.ب)
TT

الجيش الأميركي يدمر راداراً حوثياً ضمن ضرباته الدفاعية

طائرة مقاتلة على سطح حاملة طائرات أميركية في البحر الأحمر (أ.ب)
طائرة مقاتلة على سطح حاملة طائرات أميركية في البحر الأحمر (أ.ب)

غداة مزاعم الجماعة الحوثية تنفيذ أربع هجمات بحرية ضد السفن، أفاد الجيش الأميركي بتدمير موقع رادار، وذلك في سياق الضربات الدفاعية التي تقودها واشنطن لحماية الملاحة في الشهر الثامن من تصعيد الجماعة الموالية لإيران.

ومنذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، تشن الجماعة الحوثية هجماتها في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي؛ إذ تحاول منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل، كما تدّعي، بغضّ النظر عن جنسيتها، وكذا السفن الأميركية والبريطانية، كما أعلنت أخيراً توسيع الهجمات إلى البحر المتوسط، وتبنّت هجمات في موانئ إسرائيلية، بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لإيران.

وأوضحت القيادة المركزية الأميركية، في بيان، أن قواتها نجحت في تدمير موقع رادار تابع للحوثيين المدعومين من إيران في منطقة تسيطر عليها الجماعة، دون الإشارة إلى اسم المنطقة المستهدفة.

وطبقاً للبيان، تبين أن موقع الرادار كان يمثل تهديداً وشيكاً للولايات المتحدة وقوات التحالف والسفن التجارية في المنطقة، وأنه قد تم إجراء تدميره لحماية حرية الملاحة وجعل المياه الدولية أكثر أماناً.

وكانت الولايات المتحدة قد أطلقت تحالفاً دولياً، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، سمَّته «حارس الازدهار»، لحماية الملاحة في البحر الأحمر، وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها على الأرض، وشاركتها بريطانيا في 5 مناسبات حتى الآن، كما شارك عدد من سفن الاتحاد الأوروبي ضمن عملية «أسبيدس» في التصدي لهجمات الجماعة.

وبلغ عدد الغارات الأميركية والبريطانية ضدّ الحوثيين على الأرض، منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي، نحو 540 غارة، أدَّت في مجملها، حتى الآن، إلى مقتل 58 عنصراً، وجرح 86 آخرين، وفق ما اعترفت به الجماعة.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وكان المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، زعم، الاثنين، تنفيذ أربع عمليات استهدفت بالصواريخ أربع سفن شحن، قال إنها تابعة للولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل في البحر الأحمر وبحر العرب والبحر المتوسط ​​والمحيط الهندي.

وفي حين لم تؤكد وكالات الأمن البحري وقوع أي حوادث، زعم سريع مهاجمة السفينة «يونيفك» الإسرائيلية في البحر العربي وإصابتها، ومهاجمة السفينة «ديلونكس» النفطية الأميركية في البحر الأحمر للمرة الثانية خلال هذا الأسبوع، ومهاجمة سفينة الإنزال البريطانية «أنفيل بوينت» في المحيط الهندي، وكذا السفينة «لاكي سيلور» في البحرِ الأبيضِ المتوسط.

وكان زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، في خطبته الأسبوعية، الخميس الماضي، توعد باستمرار الهجمات في الشهر الثامن من تصعيد الجماعة البحري، ليبلغ عدد السفن المهاجمة نحو 160 سفينة.

وأعطت الهجمات الحوثية المتلاحقة في الشهر الماضي انطباعاً عن ضراوتها وفاعليتها، خاصة مع غرق السفينة اليونانية «توتور» في البحر الأحمر، لتصبح ثاني سفينة تغرق بعد السفينة البريطانية «روبيمار»، وتهديد سفينتين على الأقل بمصير مماثل، لتضاف إلى السفينة المقرصنة «غالاكسي ليدر» منذ نوفمبر الماضي.

مقاتلات أميركية تحلّق فوق البحر الأحمر (أ.ف.ب)

وأصابت الهجمات الحوثية حتى الآن نحو 28 سفينة منذ بدء التصعيد، غرقت منها اثنتان، حيث أدى هجوم في 18 فبراير (شباط) إلى غرق السفينة البريطانية «روبيمار» في البحر الأحمر، قبل غرق السفينة اليونانية «توتور» التي استهدفت في 12 يونيو (حزيران) الماضي.

كما أدى هجوم صاروخي في 6 مارس (آذار) الماضي، إلى مقتل 3 بحارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس» الليبيرية.

وإلى جانب الإصابات التي لحقت بالسفن، لا تزال الجماعة تحتجز السفينة «غالاكسي ليدر» التي قرصنتها في نوفمبر الماضي، واقتادتها مع طاقمها إلى ميناء الصليف، شمال الحديدة، وحوّلتها مزاراً لأتباعها.