غانتس يستعد لتسلم تكليفه تشكيل الحكومة من رئيس الدولة الخميس المقبل

TT

غانتس يستعد لتسلم تكليفه تشكيل الحكومة من رئيس الدولة الخميس المقبل

بعد اليأس من إمكانية تشكيل حكومة يمينية برئاسة بنيامين نتنياهو، ونفاد غالبية الوقت المعطى لهم لهذه المهمة، واضطراره لإعادة كتاب التكليف، حتى مساء بعد غد الأربعاء، بادر قادة اليمين الإسرائيلي إلى حملة ضغوط موجهة إلى المستشار القضائي للحكومة، أبيحاي مندلبليت، والنيابة والقضاء، لكيلا يوجهوا لائحة اتهام ضد نتنياهو في قضايا الفساد الثلاث، التي قررت الشرطة والنيابة أنه يجب توجيهها.
وترمي هذه الحملة بشكل أساسي إلى التأثير على مندلبليت لكي يرفض توصية الشرطة والنيابة، فيلغي التهم ضد نتنياهو تماماً، أو على الأقل يخفف من بنود الاتهام، وبدلاً من تلقي الرشى، يوجه تهمة خيانة الأمانة أو غيرها، حتى لا يُفرض عليه حكم بالسجن.
ويقود هذه الحملة رئيس حزب «اليمين الجديد»، نفتالي بينيت، الذي كتب في صفحته في «فيسبوك»، أمس الأحد، أنه «إذا نجح جهاز القضاء في إسقاط نتنياهو بسبب سيجار وتقارير في موقع (واللا)، فإن هذه ستكون ضربة ساحقة لمعسكر اليمين كله. وزعيم اليمين الذي سيخلفه سيكون عاقراً وخائفاً من وسائل الإعلام وجهاز القضاء». وقال بينيت إنه «منذ دخول نتنياهو إلى السياسة، حولته جهات يسارية في الإعلام والمؤسسات الأكاديمية والثقافية والقضاء إلى رمز للشر المطلق».
وترتبط هذه الحملة بشكل وثيق بفشل نتنياهو في تشكيل حكومة. فالمفترض أن المهلة المعطاة له تنتهي في منتصف ليلة بعد غد الأربعاء. وقد أكد عضو الكنيست ورئيس كتلة «الليكود» البرلمانية سابقاً، ديفيد بيتان، المقرب من نتنياهو، أن الأخير سيعيد كتاب التكليف حال انتهاء العيد (اليوم) ولن يطلب تمديد مهلة 14 يوماً إضافية، كما ينص القانون. وقال بيتان في تصريح إذاعي، أمس، إنه «لا توجد جدوى من التمديد؛ لأن حزب (كحول لفان) ليس مستعداً للدخول في مفاوضات جدية معه». وتابع بيتان أن التوجه لانتخابات ثالثة وارد، وأن «(كحول لفان) يريد انتخابات؛ لأنه يؤمن بأنه إذا تم توجيه لائحة اتهام ضد نتنياهو، فإن نتيجته في الانتخابات المقبلة ستكون أفضل».
المعروف أن مندلبليت بدأ في دراسة الصيغة النهائية للملفات الثلاثة لقضايا الفساد ضد نتنياهو. ومع أن الشرطة والنيابة توصلتا إلى قناعة تامة بأن نتنياهو تلقى الرشى في الملفات الثلاثة، فإنهما تكتفيان بطلب لائحة اتهام حول خيانة الأمانة والاحتيال، في القضية الأولى المعروفة باسم «الملف 1000»، التي يشتبه فيها بأنه تلقى هدايا له ولزوجته وابنه، تتضمن السيجار والشمبانيا الفاخرين، والرحلات إلى الخارج، والمجوهرات. والقضية الثانية «الملف 2000»، التي يشتبه فيها بأنه حاول إبرام صفقة مع صحيفة «يديعوت أحرونوت» يقوم بموجبها بإضعاف صحيفة منافسة «يسرائيل هيوم» مقابل تحسين تغطية أخباره هو في صحيفة «يديعوت». وأما القضية الثالثة «ملف 4000»، فيشتبه فيها بأن نتنياهو قدم خدمة لرجل أعمال عاد عليه بالفائدة بمئات ملايين الدولارات، وذلك لكي ينشر أخباراً مؤيدة له في موقعين إخباريين يملكهما. وتوصية الشرطة والنيابة واضحة، وهي تلقي الرشى بمدى خطير يستوجب بنود اتهام توصل إلى السجن. وهذا ما يحاول اليمين منعه.
يذكر أن رئيس حزب الجنرالات، بيني غانتس، يستعد لتولي مهمة تشكيل الحكومة الخميس القادم من رئيس الدولة، رؤوبين رفلين. وقد عقد اجتماعاً لقيادة الحزب، أمس الأحد، تم فيه وضع اقتراح لجدول أعماله للأسبوع القادم. وأكدت مصادر مقربة منه أنه سيحاول أولاً تشكيل حكومة مع «الليكود» من دون نتنياهو، كما وعد الناخبين. ولكنه منفتح على اقتراحات أخرى، تمكنه من تشكيل حكومة وحدة، وتمنع عبء التوجه إلى انتخابات ثالثة.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.