باحثون من «كاوست» يكشفون عن دور جديد للبروتين الواسم للخلايا الجذعية المكونة للدم

خلايا من دون بروتين CD34 (أعلى الصورة) تخلو من الزوائد الشبيهة بقرون الاستشعار (الأسهم الحمراء أسفل الصورة) التي تساعد الخلايا على الارتباط بجزيئات الالتصاق في نخاع العظم.
يكشف بحث جديد أن البروتين المعروف بـCD34 الذي يُستخدم لتحديد الخلايا المكوِّنة للدم، هو أكثر بكثير من مجرد واسم سطحي؛ إذ أنه يؤدي أيضاً دوراً رئيسيّاً في ربط جزيئات الالتصاق في نخاع العظام.
خلايا الدم
تقول الدكتورة جاسمين مرزبان، عالمة الكيمياء الحيوية والأستاذة المشاركة في قسم العلوم والهندسة البيولوجية والبيئية بجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)، التي قادت الفريق البحثي، إن اكتشاف أن هذا الربط يساعد على الدمج السليم للخلايا الجذعية والسلفية المكوِّنة للدم بعد زراعتها، هو نتيجة تفتح الأبواب «لتحسين هجرة هذه الخلايا؛ تحقيقاً لأغراض علاجية».
يحتوي نخاع العظم على خلايا غير مكتملة التمايز تعرف باسم الخلايا الجذعية المكونة للدم، وهي خلايا غير متخصصة، أي أنها تمتلك القدرة على التكاثر من خلال الانقسام الخلوي، فإما تبقى خلايا جذعية أو تنضج إلى أنواع مختلفة من خلايا الدم.
وتُستخدم عمليات زراعة الخلايا الجذعية في علاج المرضى الذين يعانون مجموعة متنوعة من اضطرابات الدم المهدِّدة للحياة. وعندما تُؤخذ هذه الخلايا الجذعية من شخص بالغ (على عكس طريقة أخذها من دم الحبل السري)، يتم عزلها عن طريق إعطاء المتبرع عقاراً يسبب تحرك الخلايا الجذعية الموجودة في نخاع العظام ودخولها إلى مجرى الدم. بعدها، يتم تمرير الدم خلال جهاز يستخلص جميع الخلايا التي تُعبِّر عن البروتين CD34.
والمعروف أن نخاع العظم هو النسيج الإسفنجي الدهني داخل العظام، وهو جزء مهم يتم فيه تكوين خلايا الدم الحمراء التي تحمل الأكسجين إلى جميع أنحاء الجسم، وخلايا الدم البيضاء التي تحارب العدوى، والصفائح الدموية المسؤولة عن تجلط الدم وإيقاف النزيف، ويحتوي نخاع العظم أيضاً على خلايا غير مكتملة التمايز معروفة باسم الخلايا الجذعية المكونة للدم، وفي حين أن معظم خلايا الدم متمايزة بالفعل، إلا أن الخلايا الجذعية غير متخصصة، بمعنى أنها تمتلك القدرة على التكاثر من خلال الانقسام الخلوي، فإما تبقى خلايا جذعية أو تنضج إلى أنواع مختلفة من خلايا الدم تستطيع الخلايا الإيجابية للبروتين CD34 زيادة جميع أنواع مكونات الدم المختلفة ولكنها لا تنفرد بهذه القدرة؛ إذ يمكن لبعض الخلايا التي لا تُعبِّر عن هذا الواسم السطحي أن تفعل الشيء نفسه. ومع ذلك، فإن الخلايا السلبية لبروتين CD34 في الدورة الدموية لا تتمتع بالكفاءة نفسها في إيجاد طريقها إلى نخاع العظم. ومن ثَمَّ، يميل الأطباء إلى التركيز على اختيار البروتين CD34 بوصفه وسيلة سهلة وفعَّالة لإثراء الخلايا الجذعية والخلايا السالفة عالية الإمكانيات، وذلك رغم الغموض الذي يحيط بالوظيفة البيولوجية الطبيعية للبروتين CD34 منذ فترة طويلة.
تأثيرات علاجية
هذا الإطار كشفت الدكتورة جاسمين وزملاؤها عن إحدى وظائف هذا البروتين، وذلك أولاً عن طريق اختبار قدرة مجموعات مختلفة من الخلايا المكوِّنة للدم على ربط جزيئات الالتصاق. وقد أظهر الدراسات أن الخلايا التي تعبر عن البروتين CD34 هي وحدها التي استطاعت عمل ذلك، كما كشف فحص بروتين دقيق أن البروتين CD34 نفسه كان مسؤولاً عن هذا الربط. وقد أكد إسقاط البروتين أن CD34 كان له دور أساسي في هجرة الخلايا.
ووفقاً للمؤلفة الأولى للدراسة دينا أبو سمرة، وهي طالبة دكتوراه سابقة في مختبر مرزبان وتدرس الآن في كلية الطب بجامعة هارفارد، فقد كان للنتائج آثارٌ علاجية تتجاوز مجرد فهم عملية الزرع. وقد أشارت إلى أن البروتين CD34 الموجود على سطح الخلايا الجذعية الابيضاضية (أي تلك المصابة بسرطان الدم) مختلف عن ذلك الموجود في الخلايا الجذعية السليمة المكوِّنة للدم. وتقول أبو سمرة إن هناك إمكانية لاستغلال هذا الاختلاف «في تحديد الخلايا الجذعية الابيضاضية، وبالتالي يمكن من الناحية النظرية استهدافها باستخدام أساليب مختلفة».
وتقترح مرزبان أيضاً إمكانية معالجة الخلايا الجذعية السلبية المكوِّنة للدم للبروتين CD34 –وهي مجموعة يتم تجاهلها حالياً في طب الزرع– بطرق تعزز قدراتها على الربط. فقد تزيد إضافة هذه الخلايا إلى المجموعات الإيجابية للبروتين CD34 بصورة جماعية من أوجه الكفاءة العامة للإجراء، مما يؤدي إلى نجاح طويل الأمد بعد عمليات الزرع.