كانت الجامعة الملّية الإسلامية الهندية في عام 1994 هي أول جامعة إسلامية مركزية في هذا البلد تحتفظ بـ50 في المائة من مقاعدها لصالح الطلاب المسلمين. وتعد الجامعة من أكثر الوجهات التعليمية المرغوبة بين المتعلمين من كل أرجاء الهند. وعلى الرغم من أن الجامعة الملّية الإسلامية تصف ذاتها بالمؤسسة الإسلامية، فإنها تسمح بقبول المواطنين الأجانب من المسلمين ومن غير المسلمين على حد سواء. ويأتي الطلاب الأجانب في الغالب من 38 دولة تتضمن الشرق الأوسط، وأفريقيا، ووسط وجنوب آسيا.
* الدورات والمناهج
تقدم الجامعة الملّية الإسلامية برامج التخرج والدراسات العليا في الكثير من المجالات الدراسية، وهي على النحو التالي، العلوم الإنسانية، والعلوم، والهندسة، والقانون، والإعلام، وخلافه. وتوفر الجامعة برامج الدوام الكامل والدوام الجزئي من خلال الكثير من الكليات والأقسام. وتجري الجامعة الملّية الإسلامية اختبار قبول، ومقابلة شخصية، ومناقشة جماعية، وغير ذلك من إجراءات القبول في مختلف البرامج الدراسية لديها. ويصدر عقب ذلك إخطار موحد ومشترك عن مكتب القبول في الجامعة فيما يخص القبول في كل الدورات والمناهج في كل عام. وتبدأ الدراسة الأكاديمية في شهري يوليو (تموز) وأغسطس (آب).
* المفهوم
كان ميلاد الجامعة الملّية الإسلامية علامة فارقة في حد ذاته في التاريخ الثقافي الهندي. فقد اشترك اتجاهان مهيمنان وساهما سويا في إنشاء الجامعة تحت الحكم البريطاني الذي دام لأكثر من مائة عام في الهند. أحدهما كان النشاط المعادي للاستعمار، والآخر كان الطموح المناصر للاستقلال الذي شعر به القطاع السياسي الراديكالي بين فئة المسلمين الهنود من المتعلمين والمثقفين تعليما غربيا.
وفي المناخ السياسي السائد في عام 1920، وهو عصر الأفكار الثورية، وكان العصر ذاته الذي تأسست فيه الكثير من المعاهد التعليمية الهندية إثر احترام دعوة المهاتما غاندي في نبذ ومقاطعة جميع المؤسسات البريطانية. واستجابة لدعوة غاندي لمقاطعة كل المؤسسات التعليمية البريطانية المدعومة أو الخاضعة لإشراف النظام الاستعماري البريطاني، وضعت مجموعة من المعلمين والطلاب المسلمين الوطنيين حجر الأساس للجامعة الملّية الإسلامية في عام 1920.
وكان من أبرز أعضاء تلك الحركة مولانا محمود حسن، ومولانا محمد علي، وحكيم أجمل خان، والدكتور أحمد أنصاري، وعبد المجيد خواجة. وقد انتخب السيد حكيم أجمل خان كأول مستشار للجامعة الجديدة وصار السيد محمد علي جوهر أول نائب لمستشار الجامعة.
وفجأة، دخلت الجامعة الجديدة في أزمة كبيرة، حيث بدأ الأعضاء البارزون في الابتعاد عنها. وصار الانهيار التام - فعليا - من الاحتمالات وشيكة الحدوث. ولم يكن هناك مثل أصدق وصفا لحال الجامعة من هذه المقولة: «حينما يزداد الأمر سوءا، فعلى الأقوياء بذل المزيد من الجهود». كانت تلوح في الأفق أزمة كبيرة، وقد عزز المهاتما غاندي من معنويات الجامعة الوليدة حين قال: «يجب على الجامعة المسير. وإذا ما خفتم على التمويل، فسوف أخرج بوعاء التسول بنفسي». واتبعت الجامعة برنامج غاندي في البناء اعتمادا على الذات. وعلى الرغم من أن اتصالات غاندي قد وفرت المساعدة المالية للجامعة، فإن خطر مساعدة مؤسسة تعليمية مدعومة من الكونغرس تحت الحكم البريطاني قد أثنت الكثير من المحسنين المستعدين للتبرع للجامعة. وقد عد المسلمون الأصوليون كذلك الجامعة الجديدة كتهديد لجامعة عليكرة الإسلامية، والتي تعرف باسم «أكسفورد المسلمين». خلال تلك الأيام العصيبة، كان السيد حكيم أجمل خان هو من يغطي معظم نفقات الجامعة من جيبه الخاص. وقام الدكتور أحمد أنصاري والسيد عبد المجيد خواجة بجولة في داخل وخارج الهند، موضحين أهمية الجامعة الجديدة وجمعوا الأموال اللازمة لتلك المؤسسة النبيلة. وقد جنّب ذلك المجهود الجماعي الانهيار الذي بدا حينها وشيكا.
وفي عام 1925، وبعد مداولات طويلة، قررت مجموعة تتكون من 3 طلاب يدرسون في ألمانيا، وهم الدكتور ذاكر حسين (والذي صار رئيس الهند فيما بعد)، والدكتور عابد حسين، والدكتور محمد مجيب، القيام بخدمة الجامعة.
وقد توفي السيد حكيم أجمل خان في عام 1928. وجاءت وفاته كبداية للأزمة المالية الثانية التي شهدتها الجامعة، حيث أصبح حكيم صاحب ذاته هو الذي يفي بمعظم الاحتياجات المالية للجامعة. وفي تلك المرة تعهد جمع من المعلمين في الجامعة بقيادة السيد ذاكر حسين بالعمل لصالحها براتب 150 روبية لمدة 20 عاما. وتذكر السيد ذاكر حسين في وقت لاحق تلك الأيام بمزيد من التفاؤل غير القابل للانهزام في وجه الفساد «عندما كان لديهم شوق للبناء وليس معهم ما يبنون به شيئا»، واصفا إياها بأيام السعادة.
في عام 1935، كانت الجامعة الملّية الإسلامية تعمل حتى ذلك الحين من المواقع المؤقتة لها في كارول باغ، حتى تمكنت دلهي من تأمين الأموال لبناء موقعها الحالي في جاميا نجار. ودفن الدكتور ذاكر حسين في حرم الجامعة وضريحه معروف ومفتوح للجميع.
يقول البروفسور إس إم أخطر، عميد الجامعة الملّية الإسلامية «كُلف المهندس المعماري الألماني كارل هاينز بالعمل في ذلك المشروع مع تعليمات واضحة بأنه غير مسموح بأي شكل من الأشكال إدراج عناصر العمارة البريطانية أو المغولية في تصميم الجامعة، وذلك اتساقا مع الموقف المناهض للإمبريالية والذي اتخذه الآباء المؤسسون للجامعة منذ البداية. كذلك، أراد مؤسسو الجامعة الابتعاد قدر الإمكان وبمنتهى الوضوح عن الصورة النمطية للعمارة الإسلامية، وذلك أيضا اتساقا مع أفكارهم الليبرالية والثورية».
يمنحك المسير في حرم الجامعة إدراكا للنظرة العالمية اليسارية التي استشرفتها الجامعة يوما ما، وربما لا تزال. وتحمل الكثير من مراكز وقاعات وحدائق وبوابات، بل وممرات الجامعة أسماء الكثير من الشخصيات. فهناك مجمع نعوم تشومسكي، وقاعة إدوارد سعيد الكبيرة، وقاعة ياسر عرفات الصغيرة، وحتى قاعة كيه إم أشرف المصغرة، والتي تحمل اسم المؤرخ الماركسي. بالإضافة إلى ذلك، أطلق اسم خالدة أديب، الروائية النسوية التركية والتي ظلت في الجامعة الملّية الإسلامية في عام 1935، على قاعة البنات بالجامعة. ويقول البروفسور حسن: «إن تلك الأسماء تعكس الطابع العالمي للجامعة الملّية الإسلامية».
* الجامعة الملّية الإسلامية محطة جذب للأجانب
انتشرت سمعة الجامعة الملّية الإسلامية كحركة تعليمية مبتكرة بين كبار الشخصيات من الدول الأجنبية والذين بدأوا في زيارة الجامعة. ومن بينهم: حسين رؤوف بيه (1933)، والدكتور بهجت وهبي من القاهرة (1934)، والسيدة خالدة أديب من تركيا (1935). وبدأ الأجانب، الذين تأثروا بالجامعة، بالعمل فيها بالفعل، حيث خدمت السيدة الألمانية جيردا فيليبسبورن (والمعروفة شعبيا هناك باسم آبا جان) بالخدمة في الجامعة الملّية الإسلامية لسنوات كثيرة ودفنت هناك عقب وفاتها.
وزارت شخصيات أجنبية بارزة كثيرة الجامعة الملّية الإسلامية خلال زيارتها إلى مدينة نيودلهي. ومن بين أولئك الأشخاص الذين زاروا الجامعة كان المارشال تيتو (1954)، والملك ظهير خان ملك أفغانستان (1955)، والأمير فيصل ولي عهد المملكة العربية السعودية آنذاك، والملك رضا شاه بهلوي ملك إيران (1956)، والأمير مكرم شاه (1960). وفي أوائل عام 2006 قام عاهل المملكة العربية السعودية الملك عبد الله بن عبد العزيز بزيارة تاريخية إلى الجامعة وتبرع بمبلغ 30 مليون دولار من أجل بناء مكتبة في الجامعة.
* مكتبة الدكتور ذاكر حسين
لدى الجامعة الملّية الإسلامية الكثير من المكتبات الملحقة بمختلف الكليات. وتعد المكتبة المركزية المعروفة باسم مكتبة الدكتور ذاكر حسين واحدة من مراكز الفعاليات المهمة في الجامعة، وهي أفضل مكان لتبادل وتقاسم المعرفة في الحرم الجامعي. وهي تضم مجموعة من القطع الأثرية تتكون من 400 ألف قطعة، بما في ذلك الكتب، والميكروفيلم، والمجلدات الدورية، والمخطوطات، والكتب النادرة.
* الجامعة الملّية الإسلامية اليوم
تعد الجامعة من الناحية التاريخية من المؤسسات الوطنية الأكثر أهمية في الهند في الوقت الحالي. وربما لا توجد مؤسسة هندية أخرى اضطرت لمواجهة الكثير من المعارضة السياسية خلال مراحل بنائها من دون تمييع أهدافها. حتى الدرجات العلمية التي منحتها الجامعة لم تكن تعد صالحة من الناحية الدراسية إبان الحكم البريطاني. وتعد قصة نموها من مؤسسة صغيرة في الهند ما قبل الاستقلال إلى جامعة مركزية يقع مقرها في العاصمة نيودلهي، وتقدم التعليم المتكامل من رياض الأطفال وحتى الأبحاث في المجالات التخصصية، من ملاحم التفاني والقناعة ورؤية الناس الذين عملوا في مواجهة كل العقبات ورأوها تنمو خطوة بخطوة.
الجامعة الملّية الإسلامية من الجامعات السكنية التي توفر مرافق الإعاشة لكل من الطلاب والطالبات. وتجري إجراءات القبول في نزل الجامعة على أساس الجدارة. وتحتوي كافة نزل الجامعة على مرافق من مطاعم، ورعاية طبية، واتصالات، وخلافه. وتعتني الجامعة بالتنمية الشاملة للمتعلمين، وبالتالي فهي توفر المرافق الرياضية والألعاب، وغير ذلك من الأنشطة. وهناك الكثير من المناقشات، والمسابقات، ومنافسات الهوايات التي تعقد من وقت لآخر. وتوفر الجامعة كذلك مرافق الإعاشة للأساتذة وأعضاء هيئة التدريس.
* الهيكل الأكاديمي
تضم الجامعة الملّية الإسلامية 9 كليات، بها 11 ألف طالب، و1500 من أعضاء هيئة التدريس، حيث تقدم من خلال تلك الكليات برامج أكاديمية ودراسات عليا: كلية الهندسة والتكنولوجيا، وكلية التربية، وكلية الدراسات الإنسانية واللغات (وتقدم الكلية برامج اللغة العربية، والدراسات الإسلامية، واللغات الفارسية والتركية، والآداب في درجة الدكتوراه، والماجستير - ما قبل الدكتوراه)، ودرجة الدراسات العليا، ودرجة التخرج، والدبلومات، ودورات الشهادات الدراسية، وكلية الحقوق، وكلية العلوم الطبيعية، وكلية العلوم الاجتماعية، وكلية الهندسة المعمارية والدراسات العمرانية، ومركز البحوث متعدد التخصصات في العلوم الأساسية.
بالإضافة إلى ذلك، لدى الجامعة الملّية الإسلامية 20 مركزا للتعليم والأبحاث، مثل مركز أبحاث الإعلام (MCRC)، وأكاديمية دراسات العالم الثالث (ATWS)، وخلافه. وتقدم الجامعة الملّية الإسلامية مختلف المناهج لدرجات التخرج والدراسات العليا في المعلومات والتكنولوجيا. وبصرف النظر عن ذلك، تمتلك الجامعة شبكة واسعة في الحرم الجامعي تربط بين عدد كبير من الأقسام والمكاتب. وذكر البروفسور طلعت أحمد، نائب مستشار الجامعة الملّية الإسلامية، أن الجامعة بصدد إنشاء كلية للطب ومستشفى، فضلا عن نظام ائتماني اختياري للدراسات متعدد التخصصات. ومع الدفعة المتجددة حيال البحث، قال نائب المستشار، إن الجامعة تقدمت كذلك في ترتيب «التايمز» لجامعات التعليم العالي في العالم.
* الانتساب والعضوية
اتحاد جامعات الكومنولث (ACU)، واتحاد الجامعات الهندية (AIU)، مجلس التعليم عن بعد (DEC)، اتحاد جامعات العالم الإسلامي (FUIW).
وتوفر الجامعة الملّية الإسلامية التعليم من مستوى الحضانة وحتى مستوى التعليم الثانوي للكبار. وهي تمتلك حضانة للأطفال، ومدرسة متوسطة، ومدرسة للتعليم الثانوي.
