تركيا باتت خارج برنامج إنتاج المقاتلة الأميركية «إف 35»

أصبح في حكم المؤكد انتهاء علاقة تركيا ببرنامج إنتاج وتطوير المقاتلة الأميركية «إف 35» الذي كانت تشارك فيه مع عدد من الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي «ناتو» على الرغم من تأكيداتها السابقة أنه «من المستحيل إخراجها من البرنامج». وقالت نائبة وزير الدفاع الأميركي، إلين لورد، إنه «لا يوجد حديث عن عودة أنقرة إلى برنامج إنتاج وتطوير المقاتلة (إف 35) التي سبق إعلان إخراجها منه بسبب اقتنائها منظومة الدفاع الجوي الروسية (إس 400)». وأضافت لورد، في مؤتمر صحافي أمس (السبت)، أنه من المقرر أن يتم تقليص إنتاج مكونات المقاتلة في تركيا بحلول نهاية مارس (آذار) المقبل. بينما لم تتم مناقشة مسألة عودتها، ولم يحدث أي تغييرات بشأن استمرارها ضمن برنامج الطائرة أو اقتنائها بسبب عدم توافقها مع أنظمة الدفاع الجوي الروسية «إس 400» التي اشترتها تركيا.
ولا تزال تركيا تنتج 900 مكون وستستمر في ذلك حتى يتم نقل خط الإنتاج المسؤولة عنه إلى بلد آخر في نهاية مارس المقبل، ولن يكون بوسعها الحصول على 100 طائرة من هذا النوع كانت قد تعاقدت عليها في إطار البرنامج المشترك لإنتاجها ودفعت مبلغ 1.4 مليار دولار للحصول عليها.
كانت الولايات المتحدة قد طلبت من تركيا التخلي عن شراء منظومة «إس 400» الروسية، التي تعاقدت عليها في نهاية عام 2017 مقابل 2.5 مليار دولار ممولة بقروض من روسيا، وعرضت في المقابل شراء منظومة «باتريوت» الأميركية مقابل 3.5 مليار دولار، إلا أن تركيا تمسكت بالصواريخ الروسية، قائلة إنها لا تمانع أيضاً في الحصول على «باتريوت» بشرط نقل التكنولوجيا والمشاركة في التصنيع.
وأواخر سبتمبر (أيلول) الماضي، قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إنه يجب ألا تُفسد مسألة اقتناء تركيا صواريخ «إس 400» الدفاعية الروسية، العلاقات التركية الأميركية، لافتاً إلى أن تركيا بحاجة إلى هذه المنظومة، واضطرت إلى شرائها، بعد أن رفض الجانب الأميركي بيعها منظومة «باتريوت».
وتسلمت تركيا أجزاء المنظومة الروسية في يوليو (تموز) وأغسطس (آب) الماضيين، ومن المقرر أن يتم تركيبها في أبريل (نيسان) المقبل، بعد تحديد المواقع التي ستُنصب فيها. وأشار إردوغان، مراراً، إلى امتلاك بلدان أخرى أعضاء مثل اليونان وبلغاريا وسلوفاكيا أنظمة سلاح روسية، رغم أنها أعضاء أيضاً مثل تركيا في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، الذي تقول أميركا إن أنظمة تسليحه لا تتوافق مع الأنظمة الروسية.
وقال إن تركيا ليست زبوناً فيما يتعلق بمقاتلات «إف 35» الأميركية، إنما شريك في إنتاجها من بين 9 دول، ودفعت ملياراً و400 مليون دولار في إطار البرنامج المشترك لإنتاجها، كما أن هناك أجزاء من هذه المقاتلات يتم إنتاجها في تركيا، مشيراً إلى أن العدول عن تسليم تلك الطائرات لتركيا لا يليق بالشراكة الاستراتيجية بين البلدين، وخطوة غير صائبة.
على صعيد آخر، ألقت المخابرات التركية القبض على أحد المواطنين الأتراك في المكسيك بدعوى أنه مسؤول حركة الخدمة التابعة للداعية فتح الله غولن، التي صنّفتها أنقرة منظمة إرهابية، بعد أن نسبت إليها المسؤولية عن تدبير وتنفيذ محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا في 15 يوليو 2016، وجلبته إلى تركيا في واحدة من عمليات متعددة مماثلة نفذتها في الفترة الأخيرة بحق أشخاص تتهمهم أنقرة بأنهم قياديون في حركة غولن. وقال مصدر أمني تركي، لوكالة «الأناضول» الرسمية أمس، إن جهاز المخابرات نفّذ عملية خارج الحدود للقبض على عثمان كاراجا، المتهم بـ«تأسيس وقيادة منظمة إرهابية مسلحة». وأضاف المصدر أن كاراجا عُدّ مسؤول «منظمة غولن» في المكسيك، وتم القبض عليه في الخارج وجلبه إلى تركيا. وفي نهاية أغسطس الماضي جلبت المخابرات عارف كوميتش، الذي قالت إنه مسؤول حركة غولن في ماليزيا، في عملية مماثلة، ووجّه إليه القضاء التركي تهمة الانتماء إلى «منظمة إرهابية مسلحة» أيضاً.
ومنذ عام 2017 حتى الآن تم جلب 107 مواطنين أتراك من باكستان وإندونيسيا وكوسوفو والسودان والغابون وأذربيجان وأوكرانيا، وغيرها من الدول التي استجابت لطلبات تركيا القبض على مواطنيها في الخارج بدعوى الانتماء إلى حركة غولن.
وقال وزير العدل التركي عبد الحميد غل، إن تركيا تقدمت بطلبات إلى 91 دولة من أجل إعادة 504 من عناصر حركة غولن، وإنه تم حتى الآن إعادة 107 منهم، كما تقدمت بـ7 طلبات لواشنطن حول إعادة الداعية فتح الله غولن.
ولم تستجب الإدارتان الأميركيتان السابقة والحالية لطلبات تركيا إعادة غولن بسبب عدم تقديم تركيا أدلة مقنعة للقضاء الأميركي تثبت ضلوعه في تدبير محاولة الانقلاب على الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.
وإلى جانب عمليات مطاردة المشتبه بانتمائهم إلى حركة غولن في الخارج تنفذ تركيا منذ محاولة الانقلاب الفاشلة حتى الآن حملة اعتقالات غير مسبوقة تم خلالها توقيف نحو 80 ألفاً من بين نحو 175 ألف معتقل بعد تحقيقات مع أكثر من نصف مليون شخص، كما أقالت أكثر من 170 ألفاً آخرين من عملهم في مختلف مؤسسات الدولة بدءاً من الجيش والشرطة والقضاء إلى التعليم والقطاع الخاص وأغلقت أكثر من 150 منفذاً إعلامياً وسجنت عشرات الصحافيين وأغلقت أكثر من 3 آلاف مدرسة وجامعة ومركز تعليمي وسكن طلابي كانت تملكها حركة غولن، إضافة إلى مصادرة ثم إغلاق بنك «آسيا» أحد أكبر بنوك المعاملات الإسلامية الذي كانت تملكه الحركة أيضاً.