مسلحون يقمعون المتظاهرين في الجنوب اللبناني

حركة «أمل» أعلنت عن «تحقيق» لكشف الملابسات

TT

مسلحون يقمعون المتظاهرين في الجنوب اللبناني

*تعقيب: ورد تعقيب من المكتب الإعلامي لرئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري بعد نشر المادة ينفي «أي علاقة لحرمه سواء بالتملك أو الاستثمار العقاري وغير العقاري في مدينة صور، وعلى وجه الخصوص ما ذكر عن استراحة صور السياحية، وكل ما يذكر وينشر ويذاع في هذا الإطار عارٍ من الصحة جملة وتفصيلاً».

سلكت التحركات الشعبية في مدينة صور (جنوب لبنان) منحى تصادمياً، مع ظهور عشرات المسلحين في شوارع المدينة، تردّد أنهم ينتمون إلى حركة «أمل»، ومواجهتهم للمتظاهرين عبر تصويب السلاح عليهم وإطلاق النار أحياناً لفضّ الاعتصامات.
وانتشرت مقاطع فيديو مصوّرة على مواقع التواصل الاجتماعي تُظهر عدداً من المسلحين المفترض أنهم تابعون لـ«أمل» يهاجمون المتظاهرين داخل أحياء مدينة صور وفي النبطية، وهو ما اعترفت به الحركة ضمناً، إذ أكدت رفضها للمظاهر المسلحة في شوارع صور وأعلنت أنها بصدد «إجراء تحقيق لتحديد المسؤوليات واتخاذ التدابير اللازمة»، طالبة من الأجهزة الأمنية «ممارسة دورها في حماية المواطنين بمن فيهم المتظاهرون»، مستنكرة التطاول على رموزها وعلى رأسهم الإمام موسى الصدر ورئيس مجلس النواب نبيه برّي.
إلى ذلك، أكد مصدر قريب من «أمل» لـ«الشرق الأوسط» أن «الظهور المسلّح ومواجهة العناصر المشبوهين والمندسّين في المظاهرة السلمية، لم يكن بقرار من قيادة (أمل) بل باندفاعة شخصية من هؤلاء المسلحين». وقال المصدر، الذي رفض ذكر اسمه: «نحن نحترم حقّ التظاهر والتعبير عن الرأي في كلّ لبنان، لكنّ الناس تفاجأت بعناصر مدسوسة في قلب المظاهرة، بدأت تشتم بعبارات نابية حركة أمل ورموزها (رئيس مجلس النواب نبيه بري وزوجته رندة برّي ونواب ووزراء الحركة)، وبدأت بالاعتداء على الأملاك الخاصة».
ولفت المصدر ذاته إلى أن «البعض لم يكن يرغب في التظاهر والمطالبة بحقوق، بل أراد الشغب والتخريب، وهذا لا يقرّه أي قانون في العالم، وأي بلد لا يسمح بهذه الارتكابات». وتابع: «فوجئنا بتقاعس أجهزة الدولة في وقف الاعتداءات، وعندما شاهد الناس الشغب الذي طال مصالحها، جرت مواجهة المندسين ولم يتعرّض أحد للمتظاهرين السلميين. إذا لم تقم الدولة بواجباتها بحماية الممتلكات، فإن الناس ستحمي مصالحها من النهب والحرق والإتلاف».
وأثارت الشعارات التي أطلقت في اليومين الماضيين حفيظة المنتمين إلى حركة «أمل»، لأنها طالت شخص الرئيس برّي وعائلته، واستتبعت بالاعتداء على منازل نواب الحركة في مدينتي صور والنبطية، وهو ما انسحب على منازل نواب «حزب الله» لا سيما منزل النائب محمد رعد، رئيس كتلة نواب الحزب، وتمزيق صور وشعارات لقيادات الثنائي الشيعي الذي كان التعرض لهما أقرب إلى المحرمات.
وحالة الاعتراض على الظهور المسلّح غير الشرعي لم تقتصر على معارضي الثنائي الشيعي، بل انسحبت على المقربين منهما الذين نصحوا بعدم مواجهة الناس بقوّة السلاح. ورأى الكاتب والمحلل السياسي قاسم قصير في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «بغض النظر عن الأخطاء التي قد يرتكبها المتظاهرون، فإن قمع الحراك الشعبي بقوة السلاح لن يوقف حركة الناس، بل يعزّز حالة الغضب». وأكد أن «المطلوب من القوى السياسية أن تتعاطى مع غضب الناس، بشكل إيجابي». وقال: «إذا حصلت أخطاء من المتظاهرين، مثل إحراق بعض المؤسسات (إحراق استراحة صور التي تستثمرها السيدة رندة بري، زوجة رئيس مجلس النواب)، فيجب الاستعانة بالجيش والقوى الأمنية لضبط الوضع»، معتبراً أن «الاستعانة بالمسلحين والميليشيات أمر غير قانوني وغير دستوري، وسيؤدي إلى صدام مسلّح، ولن يوقف غضب الناس».
واتهم مصدر سياسي شيعي معارض لـ«حزب الله» وحركة «أمل»، عناصر الحركة بإحراق استراحة صور المملوكة من رندة بري، لتبرير قمع المتظاهرين والاعتداء عليهم وسحبهم من الشارع. وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط» إن «أمل وحزب الله سيحاولان منع المظاهرات بأي ثمن» في مناطق نفوذهما، مشيراً إلى أنهما «يخشيان جرأة الناس بعد كسرهم حاجز الخوف واقتحام مقرات الحزب والحركة». ولفت المصدر إلى تهديد نصر الله في كلمته أمس بالنزول إلى الشارع و«قلب المعادلة»، معتبراً أن أمين «حزب الله» لا يقبل أن «يتعاظم الحراك المدني الرافض لسياسته التي قادت لبنان إلى الخراب»، بحسب المصدر الشيعي ذاته المعارض لـ«أمل» و«حزب الله».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.