«ملفات شائكة» تنتظر الرئيس التونسي المنتخب

TT

«ملفات شائكة» تنتظر الرئيس التونسي المنتخب

تنتظر الرئيس التونسي الجديد قيس سعيّد تحديات كثيرة، حسب متابعين للشأن المحلي التونسي، أبرزها التوصل إلى تشكيل حكومة تكون شريكا فاعلا له لتنفيذ خططه، وفي مقدمتها إنعاش الاقتصاد، ومكافحة البطالة والفساد وعجز الخزينة، وتحسين الوضع الأمني، وبدء العمل على «لامركزية» سياسية موسعة. كما تشمل الملفات الحارقة صلاحياته الدستورية.
أما بالنسبة للسياسة الخارجية فيمكن تلخيص تصريحات الرئيس المنتخب بخصوص القضايا الخارجية في «الإبقاء على ثوابت الدولة وتعهداتها الخارجية»، بالإضافة إلى أنه يدعو إلى أن تكون تونس «قوّة اقتراح» لحل مشكل النزاع في كل من سوريا والجارة ليبيا.
يقول وناس، وهو دبلوماسي سابق لدى الأمم المتحدة، لوكالة الصحافة الفرنسية: «لا ننتظر تغييرا جذريا في سياسة تونس الخارجية»، لكن يمكن في المقابل «رفع بعض الضبابية والغموض» في موقف تونس تجاه الوضع في سوريا، وإمكانية إعادة العلاقات التي قطعها الرئيس السابق المنصف المرزوقي في 2012، خاصة أن تونس تترأس هذه السنة جامعة الدول العربية. بالإضافة إلى أنها ستكون عضوا في مجلس الأمن. وقد أعلن سعيّد أن زيارته الأولى إلى الخارج ستكون إلى الجزائر، متمنيا أيضا زيارة ليبيا.
أما على الصعد الأوروبي، فيرى وناس أنه «سيكون هناك تواصل في العلاقات مع فرنسا والاتحاد الأوروبي»، وهو ما أكده سعيّد حين سئل عن فرنسا قائلا: «علاقاتنا استراتيجية».
وفيما يتعلق بقضايا محاربة الإرهاب والتطرف الذي راح ضحيته عشرات الشبان التونسيين، دافع قيس خلال المناظرة التلفزيونية التي جمعته بمنافسه نبيل القروي، عن فكرة مقاومة الإرهاب بالتعليم، وتدريس الفلسفة في المدارس «لحماية» الشباب من هذه الآفة.
كما جعل الرئيس المنتخب من التعليم والصحة والمرافق العمومية، وملف المياه أولويات له، واعتبرها تدخلا في نطاق الأمن القومي، الذي هو من صلاحياته بموجب الدستور التونسي.
أما في قضايا الاقتصاد، فلا يملك سعيّد، حسب دستور البلاد، مجالا واسعا للتدخل في هذا المجال، الذي يعتبر حكرا على الحكومة. وتبقى أكبر نقاط قوته هو أن جزءا كبيرا من الذين انتخبوه يرون فيه الرجل القادر على مقاومة الفساد، والقيام بإصلاحات اقتصادية واجتماعية تمكّن من الحدّ من البطالة والتضخم في البلاد. لكن سعيّد لا يملك في هذا الملف سوى تقديم مشاريع ومقترحات قوانين للبرلمان من أجل خلق فرص عمل للشباب مثلا. وينطلق سعيّد في مقترحاته من شعار رفع خلال ثورة 2011 «الشعب يريد»، ويقدم انطلاقا من ذلك فكرة توزيع السلطة على مجالس جهوية في مختلف مناطق البلاد، ما يسمح بإرساء «الديمقراطية المباشرة»، وفقا لتعبيره.
لكن من الصعب أن تتفق كتل البرلمان المشتتة والمتنوعة على هذا المقترح. وفي المقابل ربما يحظى بدعم من الكتلة الأولى، حركة «النهضة» (52 نائبا من مجموع 2017)، التي دعت أنصارها للتصويت لسعيد في الدورة الرئاسية الثانية.
ولا يزال مشروع إحداث توازن بين المناطق الداخلية في البلاد عبر «لامركزية السلطة»، والذي كان مطلبا جماهيريا خلال ثورة 2011 قائما. إلا أن الطبقة السياسية لم تكن حريصة على تنفيذه بالشكل الذي يقنع التونسيين.
وتمت المصادقة على قانون الجماعات المحلية قبيل الانتخابات البلدية منتصف عام 2018 من أجل منحها تفويضا وسلطات أوسع في اتخاذ القرارات، لكن تطبيق ذلك لم يلق صداه على أرض الواقع لخلافات سياسية في تركيبة المجالس. تقول نسرين جلايلية، رئيسة منظمة «بوصلة» التي تتابع الشأن البرلماني في تونس: «لقد رفض وزراء ونواب فكرة توزيع السلطة (...) وسيكون هناك دفع جديدة لفكرة اللامركزية» مع وجود رئيس يتبنى هذه الفكرة.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».