الجزائر: حراك «الجمعة 35» يجدد مطالبته بـ«إنهاء حكم الجنرالات»

تكتل نقابي يدعو إلى إضراب عام في 29 من الشهر الحالي

الجزائر: حراك «الجمعة 35» يجدد مطالبته بـ«إنهاء حكم الجنرالات»
TT

الجزائر: حراك «الجمعة 35» يجدد مطالبته بـ«إنهاء حكم الجنرالات»

الجزائر: حراك «الجمعة 35» يجدد مطالبته بـ«إنهاء حكم الجنرالات»

بينما طالب عدد كبير من المتظاهرين في الجزائر، أمس، خلال مسيرات الاحتجاج الأسبوعي الـ35، بـ«إنهاء حكم الجنرالات لأننا سئمنا منه»، أعلن أكبر تكتل نقابي عن إضراب عام في كل قطاعات النشاط في 29 من الشهر الحالي، «احتجاجا على سجن معتقلي الحراك الشعبي».
ونزل الجزائريون بكثافة إلى عاصمة البلاد والمدن الكبيرة لتأكيد تمسكهم بمطلب أساسي رفعوه في أول جمعة من الحراك (22 فبراير «شباط» الماضي)، يتمثل في تغيير النظام جذريا، ورحيل كل رموزه المدنيين والعسكريين عن الحكم.
واستنكر المتظاهرون، الذين انتشروا أمس في شوارع العاصمة الرئيسية بعد صلاة الجمعة، تصرفات رجال الشرطة «المنحازين، حسب تعبيرهم، للسلطة في مسعى لمحاصرة الحراك». وكانت من أقوى مشاهد الحراك لحظة تقاطع مسيرات حاشدة مقبلة من أحياء الحراش وبلكور وباب الواد والقصبة العتيقة، في «ساحة موريس أودان»، وهي أحد الفضاءات الشعبية المهمة، والتي شكلت القوة الضاربة في كل المظاهرات التي عرفتها البلاد، وأكبرها احتجاجات «الربيع الجزائري» قبل 31 عاما (500 قتيل).
كما ندد المتظاهرون بتمسك الحكومة بمراجعة قانون المحروقات، التي تثير جدلا منذ 10 أيام، والتي تمت إحالتها على البرلمان للمصادقة عليها، لكن النواب منقسمون بين مؤيد للمسعى وداعم لموقف الحراك المعارض له، حيث قامت الأسبوع الماضي مظاهرات في العديد من مناطق البلاد للمطالبة بسحب القانون، بحجة أنه «يبيع ثروة النفط لشركات أجنبية».
كما طالب المتظاهرون أمس بالإفراج عن المعتقلين السياسيين، الذين يفوق عددهم 130 فردا، جلهم اعتقل بسبب انخراطه ميدانيا في الحراك، أو لنشاطه اللافت في شبكة التواصل الاجتماعي، أو بسبب هجومه على قائد أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح.
وعدّ مراقبون استمرار الحراك للشهر الثامن بالكثافة والقوة نفسهما بعاصمة البلاد، «بارومترا حقيقيا» على استماتته، وصموده أمام الاعتقالات والمضايقات التي يتعرض لها ناشطوه، وأمام الإجراءات الأمنية المشددة ضد المسيرات والاحتجاجات، وأمام الهجومات الحادة لقائد الجيش ضد المتظاهرين، الذين قال عنهم الأسبوع الماضي، إنهم «يتقاضون مالا من أجل المشاركة في الحراك»، ولمح إلى أن أشخاصا تابعين للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة يدفعون لهم مالا «بغرض التهجم على المؤسسة العسكرية».
واللافت أمس أن تعامل الشرطة مع المظاهرات كان أقل حدة، قياسا بالأسابيع الماضية. كما أن نقاط المراقبة التابعة لجهاز الدرك الوطني، كانت أقل عددا، وكان المشرفون عليها أقل تشددا مع القادمين من الولايات المجاورة للمشاركة في الحراك.
من جهتها، أعلنت «كونفدرالية النقابات الجزائرية»، وهي تكتل نقابي يضم آلاف العمال من عدة قطاعات، لا تعترف به الحكومة، أمس، عن مظاهرات بالعاصمة وفي كل الولايات في 29 من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي. وقالت في بيان أمس، عقب اجتماع كوادرها، إن المتظاهرين «مطالبون بالتحلي باليقظة وضبط النفس، والحفاظ على الطابع السلمي للحراك ونبذ العنف بكل أشكاله، والعمل على تقوية تماسك الشعب الجزائري، والحفاظ على الوحدة الوطنية، ورفض أي تدخل أجنبي في الشأن الداخلي».
وطالبت «الكونفدرالية» برحيل حكومة رئيس الوزراء نور الدين بدوي، كشرط، حسبها، لتنظيم انتخابات نزيهة. وعبرت عن رفضها لـ«الرئاسية» المقررة في 12 من ديسمبر (كانون الأول) المقبل. وقالت إنها ترفض «استغلال الظروف الحالية لتمرير مشاريع وإصدار قرارات وقوانين مصيرية، ترهن مستقبل الأجيال وتمس بالسيادة الوطنية، على غرار قانون المحروقات وقانوني العمل والتقاعد». محذرة من «استغلال الغاز الصخري (مسعى تضمنه قانون المحروقات الجديد)، لخطورته على البيئة والصحة». ودعت إلى «الإفراج فورا عن معتقلي الرأي ونشطاء الحراك الشعبي السلمي». كما أدانت «المتابعات التعسفية التي طالت الناشطين المسالمين»، و«التعدي على حرية التعبير ومحاصرة ومراقبة الإعلام العمومي والخاص».
من جهة ثانية، أمرت محكمة بالجزائر العاصمة أول من أمس، بإيداع النائب ورجل الأعمال «النافذ» بهاء الدين طليبة الحبس، تنفيذا لـ«أمر بالإحضار» صدر بحقه لعدم استجابته لاستدعاء المحكمة، بعد رفع الحصانة البرلمانية عنه، بحسب ما أكدت مصادر قضائية لوكالة الصحافة الفرنسية، أمس.
وذكر مصدر في محكمة سيدي امحمد، فضل عدم الإفصاح عن اسمه، أن «بهاء الدين طليبة مثل أمام وكيل الجمهورية (ممثل النيابة)، الذي أمر بوضعه رهن الحبس مباشرة تنفيذا لأمر بالإحضار صدر ضده» بعد عدم استجابته لاستدعاء قاضي التحقيق.
وأكدت وكالة الأنباء الجزائرية الخبر، موضحة أن طليبة متهم بـ«غسل أموال وتمويل غير قانوني لأحزاب سياسية».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم