الحريري: 72 ساعة للسير بالإصلاحات وإلا...

جعجع يعتبر الظرف لا يسمح بـ«أنصاف الحلول»

قوات الأمن تستخدم الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين في وسط بيروت ليلة أمس (رويترز) والحريري خلال كلمته إلى اللبنانيين مساء أمس (أ.ف.ب)
قوات الأمن تستخدم الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين في وسط بيروت ليلة أمس (رويترز) والحريري خلال كلمته إلى اللبنانيين مساء أمس (أ.ف.ب)
TT

الحريري: 72 ساعة للسير بالإصلاحات وإلا...

قوات الأمن تستخدم الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين في وسط بيروت ليلة أمس (رويترز) والحريري خلال كلمته إلى اللبنانيين مساء أمس (أ.ف.ب)
قوات الأمن تستخدم الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين في وسط بيروت ليلة أمس (رويترز) والحريري خلال كلمته إلى اللبنانيين مساء أمس (أ.ف.ب)

توجّه رئيس الحكومة سعد الحريري بكلمة إلى الشعب اللبناني والمتظاهرين بما يشبه «نصف استقالة»، معلناً إعطاء نفسه وشركائه في التسوية السياسية التي أدت إلى انتخاب ميشال عون رئيساً، مهلة 72 ساعة للسير بالخطة الإصلاحية التي تم الاتفاق عليها.
وقال الحريري في كلمة إلى اللبنانيين مساء أمس: «من لديه الحل، فلننظم (معه) انتقالاً هادئاً وليتسلم زمام الأمور وسنقول له: وفقك الله».
ولفت إلى أنه لطالما أشار إلى أهمية إعادة التوازن إلى ميزان المدفوعات رغم كمية الدين الكبيرة على لبنان وعجز الكهرباء بملياري دولار سنوياً، وسلسلة الرتب والرواتب التي «نلتزم بها رغم أنها فاقت كل التوقعات وهي أيضاً تشكل عجزاً بملياري دولار».
وتابع: «اتفقت مع كل الفرقاء على الإصلاحات في جميع القطاعات خصوصاً في ملف الكهرباء تلبية للشروط الدولية، لكنني بدأت أواجه كثيراً من العراقيل في كل مجالات الإصلاحات التي اتفقنا عليها مسبقاً، بهدف تصفية حسابات داخلية وخارجية».
وأضاف: «أي شعب يواجه أداء سياسياً كالذي نواجهه منذ أشهر وسنوات، ستكون النتيجة الغضب».
وفيما لفت إلى أنه «قد تكون هناك جهات سياسية في الداخل مسرورة بما يحصل، أو (تكون هناك) تدخلات خارجية، لكن هذا لا يلغي أن هناك وجعاً حقيقياً. الناس أعطتنا فرصاً كثيرة وانتظرونا للإصلاحات وتأمين فرص العمل، في حين أن البعض همّه تسجيل النقاط ضد الآخرين، ونحن لم نقدم لهم إلا العراضات السياسية». وأضاف: «البعض يريدون أن يكون الرئيس سعد الحريري كبش محرقة تماماً كما فعلوا مع الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وأنا ذهبت إلى التسوية السياسية لمصلحة البلد، وقلبت الطاولة على نفسي، لكن بالأمس الناس وُجّهت لنا رسالة».
وزاد: «منذ أشهر ننتظر شركاءنا في الوطن والحكومة للسير بالحل الذي اتفقنا عليه، لكن لم يعد باستطاعتنا الانتظار، ومن لديه الحل فلننظم انتقالاً هادئاً، وليتسلم زمام الأمور وسنقول له: وفقك الله». وختم الحريري كلمته بالقول: «أعطي مهلة قصيرة، 72 ساعة، إلى شركائنا في الحكومة لإعطاء جوابهم حول موضوع الإصلاحات وإلا سيكون لي كلام آخر».
وعلّق رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع على كلام الحريري، ورأى أن الظرف لا يسمح بـ«أنصاف الحلول». وقال جعجع في بيان: «نتفق تماماً مع التوصيف الذي أعطاه الرئيس سعد الحريري للواقع السياسي القائم، فالمشكلة في البداية ناجمة عن ممارسة سياسية خاطئة جداً وبعيدة كل البعد عن منطق الدولة ومصالح الشعب اللبناني. ويبقى أن الظرف الحالي لا يسمح بأي حال من الأحوال بأنصاف الحلول، فيجب هذه المرة الاستفادة من الزخم الشعبي للقيام بنقلة فعلية نوعية، وليس مجرد ترقيعات في ثوب بال».
وأكد أن «النقلة النوعية تكون بتشكيل حكومة جديدة بعيدة كل البعد عن الطقم السياسي الحالي لتبدأ عملية النهوض الاقتصادي المرجو في البلد».
في غضون ذلك، رفض رؤساء الحكومات السابقون نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام أي محاولة لتحميل رئيس الحكومة سعد الحريري مسؤولية الأزمات التي يشهدها لبنان حالياً، مؤكدين وقوفهم إلى جانبه فيما يقرره للخروج من الأزمة الراهنة، ومعتبرين أن لبنان دخل منعطفاً دقيقاً.
وقالوا في بيان لهم: «دخل لبنان منعطفاً دقيقاً في ظل أزمة سياسية تلوح في الأفق بالتزامن مع غضب شعبي نتفهمه، نتيجة الأزمة الاقتصادية والمعيشية الخانقة التي يعيشها الوطن واللبنانيون»، معتبرين «أنه كانت لافتة المواقف التصعيدية التي سبقت ما يجري لأفرقاء كانوا ولا يزالون مشاركين أساسيين في السلطة منذ وقت طويل، هؤلاء هم من رفع سقف المواجهة بالتحريض المباشر على (قلب الطاولة) على الجميع»، وذلك في إشارة إلى وزير الخارجية جبران باسيل.
وأضاف البيان: «في هذه الأجواء بات واضحاً أن هناك محاولات من قبل البعض للتنصل من مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع والبحث عن حلول للأزمات الراهنة، ووضع المسألة كلها على عاتق رئيس الحكومة. وهذا التوجه يتزامن مع نهج متكرر لفرض تجاوزات دستورية تستهدف بالدرجة الأولى مقام رئاسة الحكومة ودور رئيس الحكومة ومجلس الوزراء مجتمعاً».
وأعلن الرؤساء السابقون تفهمهم المطلق للتحرك الشعبي الذي «يعبّر عن صرخة وجع من الأزمات الخانقة التي يشهدها لبنان»، داعين جميع المواطنين إلى الحفاظ على سلمية التحرك وعدم الانجرار في انفعالات تسيء إلى «الشعارات النبيلة» التي يعبرون عنها. وناشدوا كذلك «جميع القيادات السياسية بوعي دقة الوضع وعدم إطلاق المواقف التصعيدية والانفعالية التي لا طائل منها، والتعاون على كلمة سواء لمعالجة الأزمات الراهنة وملاقاة المواطنين الموجوعين بمعيشتهم وحياتهم وقوتهم». وشددوا على «التضامن الكامل مع دولة رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري في هذه المحنة، والوقوف إلى جانبه فيما يقرره للخروج من الأزمة الراهنة، ورفض أي محاولة لاستفراده عبر تحميله مسؤولية الأزمات كلها وعدم إيجاد الحلول لها». وتابعوا: «صحيح أن دولة رئيس مجلس الوزراء هو رئيس السلطة التنفيذية إلا أن مشاركة غالبية الأطراف في الحكومة، تفرض عليها أدبياً وسياسياً ووطنياً المشاركة في البحث عن حل. كما يجب العودة إلى أحكام الدستور لجهة الصلاحيات والمهام، وعدم القفز فوقها لفرض نهج وأحجام سياسية لا تتلاءم مع الدستور وروحيته، وتشكل تعدياً صارخاً عليها».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.