كوشنر سيلتقي نتنياهو وغانتس لبحث أزمة تشكيل الحكومة

رئيس «حزب الجنرالات» ينتظر تسلم «كتاب التكليف» من الرئيس الإسرائيلي

غانتس ونتنياهو (رويترز)
غانتس ونتنياهو (رويترز)
TT

كوشنر سيلتقي نتنياهو وغانتس لبحث أزمة تشكيل الحكومة

غانتس ونتنياهو (رويترز)
غانتس ونتنياهو (رويترز)

مع استمرار الجمود في الجهود لتشكيل حكومة جديدة في إسرائيل، واقتراب موعد نفاد المهلة المعطاة لرئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، والاتجاه لتسليم مهمة تشكيل الحكومة الجديدة إلى بيني غانتس، رئيس «حزب الجنرالات»، أُعلن في تل أبيب عن قدوم مستشار الرئيس، جاريد كوشنر، نهاية الشهر الحالي، لمعرفة أوضاع الأزمة الائتلافية، وكيفية تأثيرها على تقدم خطة التسوية الأميركية، المعروفة باسم «صفقة القرن».
وقالت مصادر سياسية في إسرائيل، إن كوشنر سيلتقي خلال الزيارة كلا الخصمين؛ نتنياهو الذي سيكون قد أعلن في الغالب أنه فشل في تشكيل الحكومة، وغانتس الذي سيكون قد حمل صفة «رئيس الحكومة المكلف»، في بداية جهوده لتشكيل حكومة. وأكدت المصادر أن كوشنر، أبدى رغبة في الاطلاع عن كثب على الوضع السياسي في إسرائيل في ظل أزمة تشكيل الحكومة المستمرة، ولماذا لم تحل هذه الأزمة، رغم جولتي انتخابات في أبريل (نيسان) وسبتمبر (أيلول) الماضيين، وإن كان هناك احتمال فعلاً للتوجه إلى جولة انتخابات ثالثة، أم أنه بالإمكان التوصل إلى حل يمنع هذه الانتخابات.
ولكن مصادر أميركية في إسرائيل قالت إن كوشنر سيبحث في إسرائيل أيضاً القضايا السياسية في المنطقة، بما في ذلك الموضوع الإيراني و«صفقة القرن». وللدلالة على ذلك أشاروا إلى أن كوشنر سيحضر معه في الزيارة مساعده آفي باركوفيتش، الذي سيتولى مهام المبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط، بدلاً من جيسون غرينبلات، الذي سينهي مهمته في نهاية الشهر الحالي، وكذلك بريان هوك المبعوث الأميركي الخاص بالشؤون الإيرانية. وقد أثار الاهتمام الإسرائيلي بقرار كوشنر الحرص على لقاء غانتس، وليس فقط نتنياهو، جدلاً بين من اعتبرها مظاهرة إعلان نوايا من إدارة الرئيس دونالد ترمب، لإمكانية الطلاق من نتنياهو، وبين هؤلاء الذين يرون عكس ذلك.
يذكر أن ترمب لم يتحدث مع نتنياهو منذ نحو الشهرين، بل هناك برود في العلاقة بينهما منذ إعلان نتائج الانتخابات التي دلت على تراجع كبير في قوة وشعبية نتنياهو. وإذا كانت الإدارة الأميركية قد تجاهلت في انتخابات أبريل منافس نتنياهو، بيني غانتس، رغم أنه حصل على عدد مقاعد متساوٍ لمقاعد نتنياهو (35 مقعداً لكل منهما)، فإنها بُعَيد هذه الانتخابات، فتحت قناة اتصال مع غانتس، إذ التقاه المبعوث غرينبلات قبل أسبوعين وسيلتقيه كوشنر بعد نهاية الشهر الحالي. وكما قال العديد من المحللين الإسرائيليين، فإن «الأميركيين يتعاملون مع الأقوياء ولا يحبون الضعفاء».
ومع ذلك، لم يستبعد مسؤول في حزب «الليكود» أن يكون أحد أهداف زيارة كوشنر، في هذا التوقيت، محاولة التأثير السياسي على الأجواء داخل إسرائيل، وعلى تحسين احتمالات تشكيل حكومة. فالإدارة الأميركية التي قامت عدة مرات بتأجيل إعلان الجانب السياسي من خطتها (صفقة القرن)، التي عمل كوشنر على إعدادها في السنوات الثلاث الأخيرة، معنية بوجود حكومة مستقرة في إسرائيل، قبل أن تعلن الصفقة. وهي منزعجة من خطر اضمحلال هذه الخطة، في حال التوجه إلى انتخابات ثالثة في إسرائيل.
جدير بالذكر أن نتنياهو لم ييأس بعد من إمكانية تشكيل حكومة برئاسته، رغم الإجماع الإسرائيلي على فشله في هذه المهمة. وهو يمارس ضغوطاً شديدة على أفيغدور ليبرمان، رئيس حزب «اليهود الروس» (يسرائيل بيتينو) لكي يعيده إلى صفوف اليمين مقابل مغريات كبيرة (قائم بأعمال رئيس الحكومة لثلاث سنوات، وتسليمه رئاسة الحكومة في السنة الرابعة). ويحاول في الوقت نفسه تفسيخ حزب «كحول لفان»، وضم قسم منه إلى صفوفه. كما عرض على غانتس تشكيل حكومة وحدة تضم كتلة اليمين (الليكود وأحزاب «يمينا» القومي الديني، و«شاس» و«يهدوت هتوراه» المتدينين) وحزب «كحول لفان»، مع تبادل رئاسة الحكومة وتقسيم الوزارات مناصفة بينهما. إلا أن غانتس رفض الاقتراح، واعتبره ألعوبة أخرى من نتنياهو يتهرب فيها من مستلزمات الوحدة سياسياً وفكرياً وموضوعياً. وقال إن حكومة الوحدة تتطلب أولاً الاتفاق على برنامج سياسي اقتصادي اجتماعي.
وأعلن غانتس أنه ينتظر بفارغ الصبر تسلم كتاب التكليف من رئيس الدولة، رؤوبين رفلين، يوم الخميس المقبل، بعد أن يفشل نتنياهو في تشكيل الحكومة. وقال إنه متفائل بحذر من إمكانية تشكيل حكومة برئاسته، مؤكداً أنه سيتوجه إلى «الليكود» وحده في البداية ليكون شريكه، «فنتفق معاً على برنامج هذه الحكومة، ثم نفتح الباب أمام جميع الأحزاب لكي تنضم إلينا في حكومة وحدة واسعة».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.