كاتالونيا ترسم مشهداً سياسياً بالغ التعقيد يصعب التكهن بمنحنياته

الانفصاليون يغلقون الحدود مع فرنسا... ويشتبكون مع لجان الدفاع عن الجمهورية اليمينية

«مسيرة الحرية» في برشلونة أمس مع بداية الإضراب العام الذي دعت إليه الحركة الانفصالية (إ.ب.أ)
«مسيرة الحرية» في برشلونة أمس مع بداية الإضراب العام الذي دعت إليه الحركة الانفصالية (إ.ب.أ)
TT

كاتالونيا ترسم مشهداً سياسياً بالغ التعقيد يصعب التكهن بمنحنياته

«مسيرة الحرية» في برشلونة أمس مع بداية الإضراب العام الذي دعت إليه الحركة الانفصالية (إ.ب.أ)
«مسيرة الحرية» في برشلونة أمس مع بداية الإضراب العام الذي دعت إليه الحركة الانفصالية (إ.ب.أ)

أفاقت برشلونة، صباح أمس (الجمعة)، على رابع إضراب عام في أقل من سنتين، دعت إليه النقابات المطالبة بالاستقلال احتجاجاً على قرار المحكمة العليا سجن القيادات الانفصالية، فيما كانت المدينة تلملم آثار أعمال العنف والحرائق التي شهدتها منذ مطلع الأسبوع، والتي رسمت مشهداً سياسياً بالغ التوتر والتعقيد، يصعب جداً التكهن بمنحنياته في الأيام والأسابيع المقبلة.
طرقات سريعة مقطوعة، وشوارع مسدودة، وإلغاء عشرات الرحلات الجوية، هي العناوين التي استيقظ عليها سكان المدينة التي تعيش منذ عامين على قلق كبير من مهب رياح المغامرة الانفصالية التي دخلت في طريق مسدود، أصبح الخروج منه أشد مرارة من الإصرار على المضي فيه نحو مصير مجهول. وأفادت وكالة «بلومبرغ» للأنباء أنه تم إغلاق الطريق السريع «إيه بي 7» من الاتجاهين، بالقرب من مدينة لا جونكيرا، قرب الحدود الفرنسية، كما تم إغلاق الطريق السريع «إيه 2» في عدة مناطق، بالقرب من مدينة لايدا الإسبانية.
ومن المقرر أن تتوجه مسيرات من 5 مدن في كاتالونيا إلى برشلونة، مما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في أعداد المحتجين. ووردت تقارير عن وقوع اشتباكات في بعض الحالات بين الشرطة والمتظاهرين، حيث أفادت وسائل إعلام محلية بتعرض رجال الشرطة للرشق بالحجارة والألعاب النارية. وذكرت «بلومبرغ» أن العمال في مصنع شركة «سيات»، التابعة لمجموعة «فولكسفاغن» بالقرب من برشلونة، سيضربون عن العمل ابتداءً من أمس (الجمعة). واستعداداً لمواجهة اضطرابات الجمعة في هذه المنطقة الصناعية الغنية، أوقفت مجموعة صناعة السيارات العمل في مصنعها، بينما أوصى اتحاد عمال النقل منتسبيه بسلوك طرق بديلة.
التطورات السياسية في الساعات الأخيرة كشفت بوضوح ما كان متداولاً في المعلومات والتعليقات، من أن الحركة الانفصالية ذاتها تعاني من الانقسام في صفوفها حول الخطوات والاستراتيجية المقبلة، وأن الأحزاب الوطنية ما زالت ترهن مواقفها من الأزمة باستحقاقات الانتخابات العامة المقررة في العاشر من الشهر المقبل، التي قد تكون نتائجها حاسمة في اتجاه تبريد الحمى الانفصالية أو تفاقمها.
خطوط التواصل المباشر بين الحكومتين المركزية والإقليمية ما زالت مقطوعة منذ الرسالة التي وجهها رئيس الإقليم جواكيم تورّا إلى رئيس الحكومة بيدرو سانشيز يوم الاثنين الماضي، طالباً مقابلته للبحث في تطورات الأزمة، والتي لم يتلقَّ جواباً عليها حتى الآن، بعد اشتراط سانشيز أن يدين تورّا أعمال العنف بشكل صريح قاطع لبدء الحوار بين الطرفين. وكان تورّا قد وجه رسالة مماثلة إلى العاهل الإسباني فيليبي السادس، قالت مصادر القصر الملكي إنها ردت عليها بإحالتها إلى رئاسة الحكومة.
وفي البرلمان الإقليمي، تجسد أمس الانشقاق داخل الحركة الانفصالية، عندما تقدم رئيس الحكومة الإقليمية باقتراح لتنظيم استفتاء جديد حول تقرير المصير، رفضه حلفاؤه في الحكومة من حزب اليسار الجمهوري، وبعض أعضاء حزبه الذين صدرت عنهم في الأيام الأخيرة مواقف أظهرت اعتراضهم على أسلوبه في إدارة الأزمة. وقال تورّا أمام أعضاء البرلمان الذي تحتل فيه المعارضة ٤٨ في المائة من المقاعد: «سأدافع حتى النهاية عن ممارسة الحق في تقرير المصير. وإذا كانوا قد حكموا علينا بالسجن مائة عام (مجموع العقوبات بحق القيادات الانفصالية) لأننا مارسنا هذا الحق، فسنعود لممارسته مرة أخرى».
لكن غالبية أعضاء البرلمان رفضت اقتراحه، وطالبت بتخصيص جلسة عاجلة تمثل فيها الحكومة الإقليمية لتشرح الإجراءات التي اتخذتها أو تنوي اتخاذها لمواجهة الاضطرابات والتحركات الشعبية المتواصلة منذ مطلع الأسبوع، خصوصاً بعد الإعلان عن مظاهرة مضادة للحركة الانفصالية. وذكر صحافيون من وكالة الصحافة الفرنسية في المكان أن مئات الشبان الذين كانوا يهتفون «استقلال» أقاموا حواجز مشتعلة في وسط عاصمة كاتالونيا الأنيق، وألقوا زجاجات حارقة على قوات الأمن التي ردت بإطلاق كرات مطاطية عليهم.
وفي وقت سابق من مساء الخميس، جمعت مظاهرة بدعوة من الناشطين الراديكاليين في لجان الدفاع عن الجمهورية نحو 13 ألف شخص، بعد مظاهرة طلابية شارك فيها نحو 25 ألف شخص بعد الظهر. وتمكنت الشرطة من الفصل بين المظاهرتين. ووفقاً لتقديرات محطة إذاعية محلية، استمر آلاف الناشطين الانفصاليين في شوارع العاصمة الإقليمية إلى ما بعد منتصف الليل.
ويأتي هذا الاقتراح الذي تقدم به تورّا، الذي يتحرّك بتوجيه مباشر من الرئيس السابق كارليس بوتشيمون الفار من العدالة، في سياق التعهد بتفعيل إعلان الاستقلال الذي فشل في خريف عام 2017، وفي إطار محاولته إطالة ولاية البرلمان والحكومة التي يعدها كثيرون في حكم المنتهية قبل عامين من موعدها. وعدت الأطراف المعارضة لاقتراح تورّا أن الهدف منه هو تعويم الحكومة، أو الدفع باتجاه انتخابات مسبقة، وتحويلها إلى استفتاء حول الاستقلال.
وفيما تتعالى الأصوات المطالبة باستقالة رئيس الحكومة الإقليمية في كاتالونيا، طالب الحزب الشعبي المعارض في مدريد باستقالة وزير الداخلية في الحكومة المركزية «لعدم اتخاذه الإجراءات اللازمة في مواجهة الاحتجاجات الانفصالية للحفاظ على الأمن والممتلكات». وقد رفضت حكومة مدريد حتى الآن الدعوات إلى تفعيل قانون الأمن الوطني الذي يعني وضع الشرطة الإقليمية تحت الإمرة المؤقتة لأجهزة الأمن الوطنية. ويقول مصدر مسؤول في مدريد إن التنسيق جيد مع الشرطة الإقليمية التي تملك معرفة دقيقة بالوضع الميداني، وإن «وضعها تحت إشراف الشرطة المركزية يمد الانفصاليين بمزيد من الوقود السياسي».
وفي غضون ذلك، توالت تحذيرات السفارات والقنصليات الأجنبية لرعاياها الذين يزورون برشلونة من أجل توخي الحذر، والابتعاد عن الأماكن الساخنة. وتجدر الإشارة إلى أن عدد السياح الأجانب الذين زاروا برشلونة في العام الماضي تراجع بنسبة 11 في المائة، مقارنة بعام 2017، حيث بلغ 11 مليوناً.
وكانت بلدية المدينة قد قررت، صباح أمس (الجمعة)، إقفال معظم المواقع السياحية أمام الزوار، تحسباً لمزيد من أعمال العنف والتخريب، فيما دعت الهيئة المنظمة للدوري الإسباني لكرة القدم «لا ليغا» إلى نقل مباراة الكلاسيكو المقبلة بين فريقي برشلونة ومدريد إلى العاصمة الإسبانية.
وفي بروكسل، تسلم الرئيس السابق للحكومة الإقليمية كارليس بوتشيمون مذكرة الجلب الجديدة التي أصدرها القضاء الإسباني بحقه، وصرح بأنه يرفض المذكرة، ولا ينوي تسليم نفسه إلى السلطات المركزية في مدريد. وقرر القضاء البلجيكي إخلاء سبيله من غير كفالة، مع إلزامه الإبلاغ عن مقر إقامته وتحركاته، وعدم مغادرة البلاد من غير استئذان السلطات البلجيكية. وفر بوتشيمون إلى بلجيكا في عام 2017، عندما قامت السلطات الإسبانية بقمع الحركة الانفصالية. وجددت إسبانيا في الآونة الأخيرة محاولاتها لتسلمه.



اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.