تونس: «النهضة» تنقل أزمة تشكيل الحكومة إلى «مجلس الشورى»

تعقد اليوم مؤتمرها لتدارس نتائج الانتخابات البرلمانية والرئاسية على الوضع السياسي

TT

تونس: «النهضة» تنقل أزمة تشكيل الحكومة إلى «مجلس الشورى»

تعقد حركة النهضة التونسية، الحزب الفائز بالمرتبة الأولى في الانتخابات البرلمانية التي أجريت في السادس من هذا الشهر، اليوم وغداً (الأحد)، الدورة الـ32 لمجلس شورى الحركة، في ظل تشكيك في قدرة الحركة على تشكيل حكومة تحظى بثقة البرلمان المقبل، وتصوت لفائدتها الأغلبية المطلقة من الأصوات، التي تقدر بـ109 نواب برلمانيين من إجمالي217 نائباً.
وأكدت قيادات الحركة، في تصريحات إعلامية سبقت هذا الاجتماع، أن مجلس الشورى سينظر في «تداعيات نتائج الانتخابات البرلمانية والرئاسية على الوضع السياسي العام في تونس، ومستقبل العملية السياسية برمتها».
ويرى عدد من المراقبين للوضع السياسي المحلي أن حركة النهضة ستواجه إشكالية معقدة، في حال تمسكت باقتراح أحد قياداتها لرئاسة الحكومة، لكنها قد تجد في المقابل من يساندها من الأحزاب الفائزة في الانتخابات الأخيرة، في حال موافقتها على تكليف شخصية سياسية مستقلة، قادرة على تجميع عدد أكبر من الأطياف السياسية.
وفي هذا السياق، قال عبد الحميد الجلاصي، القيادي في حركة النهضة، إن التونسيين «سئموا الحسابات الضيقة للأحزاب السياسية، وهذا هو الدرس الأكبر للانتخابات التي أجريت خلال الفترة الأخيرة»، عاداً أن التصريحات الصادرة عن الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان الجديد «تندرج في باب الحرب التفاوضية»، على حد قوله.
وتعهد الجلاصي بأن تبذل حركة النهضة جهداً إضافياً، وتقدم «بعض التنازلات المطلوبة للوصول إلى حلول يكون الجميع فيها رابحاً»، مستدركاً: «لكن (النهضة) لا تستطيع مع ذلك إلغاء نتائج الانتخابات أو التغافل عنها».
وأضاف الجلاصي موضحاً أن قيادات حركة النهضة ستكون على تواصل مع الرأي العام التونسي «بوصفه شريكاً أساسياً في صناعة التحالفات السياسية المقبلة، ومن ثم الحكم على مجمل العملية السياسية، قبل إطلاع التونسيين على مواقف أطرافها»، في إشارة إلى إمكانية التشهير بالطرف السياسي الذي قد يسعى إلى عرقلة تشكيل الحكومة.
ويجمع عدد من المحللين السياسيين على صعوبة إقناع الأطراف الفائزة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة بالتحالف مع حركة النهضة، رغم أنهم يطالبونها بالإسراع في تشكيل تلك الحكومة، ويرون أن أكثر من طرف سياسي، على غرار «التيار اليساري» والأحزاب الليبرالية (كحزب «قلب تونس» وحركة «تحيا تونس» وحزب «النداء» الذي يتزعمه حافظ قائد السبسي نجل الرئيس التونسي الراحل)، ينتظر أن تعلن «النهضة» فشلها في تشكيل تحالف سياسي يقود الحكومة، ومن ثمة المرور إلى مخططات أخرى، أهمها تشكيل حكومة تكنوقراط قد يجدون فيها مكاناً لهم، بحسب هؤلاء المحللين.
وفي هذا السياق، قال صلاح الدين الجورشي، المحلل السياسي التونسي، في تصريح إعلامي، إن تشكيل حكومة جديدة في تونس «يتطلب توفر عنصر الثقة بين الأطراف المتفاوضة، وهي مسألة في غاية من العسر والتعقيد»، لكنه توقع أن تتجاوز حركة النهضة مع ذلك مقترح الحكومة الائتلافية التي تحاول تشكيلها لأن ذلك سيعطل عمليات التفاوض، وسيجعل الحزب الفائز في الانتخابات (النهضة) في مأزق. وكبديل لهذا المقترح، قد تتخلى حركة النهضة عن تكليف شخصية منها لرئاسة الحكومة، وتسعى إلى تكليف شخصية سياسية مستقلة لتولي هذه المهمة، وهو ما قد يمكن «النهضة» من تجاوز هذا المأزق، على حد تعبيره.
وكانت تسريبات إعلامية قد أشارت إلى وجود عدد من المرشحين لتولي رئاسة الحكومة، وفي مقدمتهم راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة، بوصفه الفائز في الانتخابات، ويحق له تقديم أحد قياداته، وكذلك زياد العذاري، الأمين العام لحركة النهضة. غير أن اقتراح أحدهما قد يصطدم بعدد من العراقيل، ومن بينها صعوبة وجود حلفاء سياسيين للمشاركة في تشكيل الحكومة.
كما طرحت أسماء أخرى بصفة أولية، من بينها المنجي الحامدي وزير الخارجية السابق، والنوري الجويني الوزير السابق للتنمية والاستثمار والتعاون الدولي.
وفي السياق ذاته، كان حزب «حركة الشعب»، الفائز بـ16 مقعداً برلمانياً، قد اشترط أن يتولى الصافي سعيد، المرشح السابق للانتخابات الرئاسية، رئاسة الحكومة للمشاركة في تشكيلها، إذ قال سالم الأبيض، القيادي في حركة الشعب، إن ذلك كان «وعداً انتخابياً لأنصار الحزب»، في حال فوزه في الانتخابات البرلمانية.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.