معرض «فياك» للفنون في باريس... عروض لا تنتهي بشوارع العاصمة الفرنسية ومتاحفها

199 غاليري من 29 بلداً في إحدى أكبر الفعاليات الفنية في العالم

في غراند باليه (القصر الكبير) المعرض الرئيسي (إ.ب.أ)
في غراند باليه (القصر الكبير) المعرض الرئيسي (إ.ب.أ)
TT

معرض «فياك» للفنون في باريس... عروض لا تنتهي بشوارع العاصمة الفرنسية ومتاحفها

في غراند باليه (القصر الكبير) المعرض الرئيسي (إ.ب.أ)
في غراند باليه (القصر الكبير) المعرض الرئيسي (إ.ب.أ)

انطلق أول من أمس في باريس معرض «فياك» للفنون في نسخته الـ46. كلمة معرض هنا لا تفيه حقه من حيث المساحة وعدد المشاركين، فكل شارع في المنطقة المحيطة بصالات العرض في «غراند باليه» (القصر الكبير) وزميله بيتي باليه (القصر الصغير) متخم بالعروض الفنية، تحول شارع الشانزليزيه الشهير لمعرض طويل وممتد تحت خيمات بيضاء طولية، كما انضمت المتاحف المتناثرة في المدينة الساحرة لتلعب دورها في استضافة معارض منفصلة من حول العالم، فيقدم مركز جورج بومبيدو معرضا لأعمال الفنان فرانسيس بيكون أو معرض إلغريكو بالقصر الكبير وغيره من العروض.
لزيارة «فياك» يجب أن يكون لدى الزائر فكرة عما يريد مشاهدته بالتحديد وإن لم يكن هناك خطة فالحل هو الانغماس الكلي في الحالة الفنية المنعشة التي تشمل المدينة على مدى ثلاثة أيام.
- في حدائق تويلري عروض خارج الأسوار
إذا كانت هناك متعة دائمة في التجول في حدائق التويلري الشهيرة بباريس فلا شك أنها أضافت هذا العام عناصر جديدة من الدهشة والتأمل. نمشي في الحدائق محاطين بأشجار الكستناء التي أمطرت الأرض بثمراتها البنية، ونجد الأعمال الفنية موزعة حولنا، منها ما اصطف حول النافورة الضخمة على هيئة مقاعد من الرخام محفور عليها أبيات من الشعر وعبارات خالدة، ومنها ما اختبأ تحت سطح الماء كزنابق الماء الملونة. الحدائق تضم أعمالا لعشرين فنانا من حول العالم نرى منها عملا للفنان المصري معتز نصر يتجمع حوله الزوار، العمل يحمل عنوان «مراكب الشمس»، يشرح لنا الفنان أن عمله المتشكل على هيئة دائرة مكونة من المجاديف الخشبية التي تنتظم في شكل دائري يعبر عن الهجرة. يقول خلال حديث سريع أن فكرة الهجرة التي يبحث فيها عن العمل عبر عنها قدماء المصريون من خلال مراكب الشمس التي تنقلهم من هذه الحياة للحياة الأبدية، وفي تصور الفنان يستمر مفهوم الهجرة ليغير من الخرائط الجغرافية في حركة دائرية مستمرة للبحث عن حياة أفضل. يشير الفنان إلى أنه استخدم 350 من المجارف الخشبية التي تستخدم لوضع الخبز في الأفران وهي مشابهة لمجادف القوارب وبهذا يرمز الفنان للهجرة في القوارب التي يخوضها اللاجئون بحثا عن لقمة العيش في بلاد بعيدة.
في البحيرة الكبيرة نلمح ألوانا باهته تحت سطح الماء وبالاقتراب نكتشف أنها مظلات ملونة تغطس تحت الماء، تذكرنا بزنابق الماء في لوحات الفنان الفرنسي كلود مونيه وهي قابعة في متحف أورنجيري القريب من هنا ويبدو عمل الفنان نويل دولا وكأنه تحية لمونيه وزنابقه الشهيرة.
خلال المشي نرى بعض القواعد الرخامية التي تحمل منحوتات برونزية شبه دائرية وبالأسفل منها نرى مجسم يمثل فارس يرتدي البزة الحديدة، الفارس ممدد على الأرض في قبر محاط بالرخام تتناثر حوله أوراق أشجار الخريف الصفراء. ما الذي أراد الفنان ماثيو موناهان التعبير عنه هنا؟ يبدأ حوار بين الواقفين حول العمل يحاول استكشاف مفهوم الفنان للموت وللحياة.
ضمن العروض في الهواء الطلق وفي ساحة الكونكورد هنا أكثر من عمل منها بيت من الزجاج الأسود والمرايا، نرى انعكاسات السماء والمارة على الجدران السوداء ولكننا لا نستطيع رؤية الداخل، وبالدخول عبر بوابة صغيرة يتغير الوضع، فنجد أننا منعزلون عن العالم الخارجي، نستطيع رؤيته ولكنه لا يرانا، هنا وكأننا في مخبأ من العالم الخارجي، وإن كان مخبأ في العيان. صاحبة العمل الفنانة أوديل ديك ارتدت أيضا الأسود وتقف في الخارج لتتحدث مع المارة حول عملها إذ أطلقت عليه اسم «الجناح الأسود».
بالقرب من الجناح الأسود نرى بيتا من الخشب وهو للمعماري جان بروفي والذي بني في عام 1948 كنموذج لإيجاد حل لمشكلة السكن في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، يمكن رؤية العمل هنا أيضا كإجابة لأزمة المهاجرين والمخيمات التي نصبت لهم خارج باريس.
يعدنا دليل العروض الخارجية برؤية عمل الفنانة اليابانية يايوي كوساما «اليقطينة» الصفراء المنقطة الذي نصبته في ساحة كونكورد ولكن الرياح القوية التي هبت على باريس ذلك اليوم تسببت في هدمه، وسنكتفي برؤية أعمال أخرى للفنانة منها لوحة تمثل ذات اليقطينة داخل إحدى دور العرض في غراند باليه.
- في القصر الصغير تأملات في الهجرة والموت
في القصر الصغير هناك أكثر من مفاجأة فنية تتوزع ما بين القاعات الصغيرة بالداخل وفي التراس الخارجي أيضا، غير أن الأعمال في الداخل تجذب الأنظار أكثر بمعانيها العميقة الفلسفية في بعض الأحيان.
هنا أكثر من ثلاثين عملا فنيا ما بين المنحوتات وما بين التركيب أشرفت عليها المنسقة ربيكا لامارش فادل التي تلفت نظرنا إلى عرض بالليزر على إحدى اللوحات الجدارية في السقف، هنا لوحة تمثل مشهد لموت أحد الأفراد ويقوم الفنان مات كوبسون باستخدامها كخلفية لعمله الذي يستخدم فيه الليزر لرسم شكل الجمجمة التي تتحور أمامنا بشكل مستمر، هي في حالة دائمة من التشكل، نحن أمام حوار بصري ما بين العمل الأصلي المرسوم على الجدار وما بين مفهوم للفنان أن الموت يمثل مرحلة واحدة فقط في الكون، تشير المشرفة إلى أن الفنان استخدم الليزر الذي في العادة يستخدم في الأندية والعروض الليلية ربما للدمج ما بين الحيوية التي يعكسها وما بين الصورة الكلاسيكية للموت.
في قاعة مجاورة نرى حولنا أكثر من طابعة رقمية ضخمة مفككة، تبوح أحشاؤها بأسلاك معقدة وبتعقيدات، فوق كل طابعة مجسم كلاسيكي. العمل للفنان نيكولاس لاماس بعنوان «الإلغاء المبرمج» وقد يكون الفنان معنيا بالتطور المستمر في الحياة الذي يلغي ما قبله، فالطابعات الرقمية التي كانت قمة التكنولوجيا منذ عقد من الزمن ألغت أهمية رؤية المنحوتات الكلاسيكية في الحقيقة، وهي أيضا في طريقها للإلغاء مع ظهور تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد.
في أحد الأركان نرى بدلة من الحديد الفضي كالتي كان الفرسان في العصور الوسطى، خوذة الفارس بها فراغ للعينين وتنبت من كتفيه ومن خوذته النباتات والأزهار بينما تتنشر الفطريات على الأرجل الحديدية، العمل للفنان أبراهام بونشيفال بعنوان «الفارس المتجول».
العروض المتنوعة في القصر الصغير تأخذ منا وقتا طويلا، وفي القصر الكبير المزيد من العروض ما لا يمكن رؤيته كله وهنا يجب أن يكون الزائر على حذر من الإرهاق البصري والتخمة الحتمية، ويصبح الانتقاء والاختيار أفضل من محاولة الإلمام بكل ما يعرض في هذه المنطقة خاصة إذا وضع في الاعتبار أن هناك برنامجا حافلا خارج القصر الكبير في عدد من الغاليرهات المستقلة والمتاحف في أنحاء باريس.
- الفنانون العرب... غياب وحضور
> البحث عن أعمال الفنانين العرب في معرض بضخامة «فياك» عملية صعبة جداً، ولكن مع وجود معلومات عن عروض لبعضهم غبر غاليريهات غربية، يصبح البحث أسهل.
غاليري «كونتينوا» عرض عمل الفنان معتز نصر في حدائق تويلري، كما عُرض عمل آخر له في منصته بالقصر الكبير. غاليري كامل منور عرض عملاً للفنان محمد بورويسة في منصة العرض بالقصر الكبير أيضاً. كما نرى عملاً بديعاً للثنائي اللبناني جوانا حاجي توماس وخليل غوريغ، في غاليري فابيان لوكليك. ولكن بعض الصالات لم تعرض أعمال الفنانين العرب المذكورين في قائمتها، وبالسؤال كانت الإجابة التي تكررت أن أعمال فنانين أمثال أحمد ماطر ومنى حاطوم معروضة بمقر الغاليري في باريس، وليس عبر المنصة في «فياك».
غني عن القول إن الصالات العربية غابت عن المعرض العالمي.



قضية ابنة شيرين عبد الوهاب تجدد الحديث عن «الابتزاز الإلكتروني»

شيرين وابنتها هنا (إكس)
شيرين وابنتها هنا (إكس)
TT

قضية ابنة شيرين عبد الوهاب تجدد الحديث عن «الابتزاز الإلكتروني»

شيرين وابنتها هنا (إكس)
شيرين وابنتها هنا (إكس)

جدد الحكم القضائي الصادر في مصر ضد شاب بتهمة ابتزاز وتهديد الطفلة «هنا»، ابنة الفنانة المصرية شيرين عبد الوهاب، الحديث عن «الابتزاز الإلكتروني» عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وسبب انتشاره بكثافة، ومدى المخاطر التي يحملها، لا سيما ضد المراهقات.

وقضت محكمة جنايات المنصورة بالحبس المشدد 3 سنوات على المتهم، وهو طالب بكلية الهندسة، بعد ثبوت إدانته في ممارسة الابتزاز ضد ابنة شيرين، إثر نجاحه في الحصول على صور ومقاطع فيديو وتهديده لها بنشرها عبر موقع «تيك توك»، إذا لم تدفع له مبالغ مالية كبيرة.

وتصدرت الأزمة اهتمام مواقع «السوشيال ميديا»، وتصدر اسم شيرين «الترند» على «إكس» و«غوغل» في مصر، الجمعة، وأبرزت المواقع عدة عوامل جعلت القضية مصدر اهتمام ومؤشر خطر، أبرزها حداثة سن الضحية «هنا»، فهي لم تتجاوز 12 عاماً، فضلاً عن تفكيرها في الانتحار، وهو ما يظهر فداحة الأثر النفسي المدمر على ضحايا الابتزاز حين يجدون أنفسهم معرضين للفضيحة، ولا يمتلكون الخبرة الكافية في التعامل مع الموقف.

وعدّ الناقد الفني، طارق الشناوي، رد فعل الفنانة شيرين عبد الوهاب حين أصرت على مقاضاة المتهم باستهداف ابنتها بمثابة «موقف رائع تستحق التحية عليه؛ لأنه اتسم بالقوة وعدم الخوف مما يسمى نظرة المجتمع أو كلام الناس، وهو ما يعتمد عليه الجناة في مثل تلك الجرائم».

مشيراً لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «أبناء المشاهير يدفعون أحياناً ثمن شهرة ومواقف ذويهم، مثلما حدث مع الفنانة منى زكي حين تلقت ابنتها حملة شتائم ضمن الهجوم على دورها في فيلم (أصحاب ولاّ أعز) الذي تسبب في موجة من الجدل».

وتعود بداية قضية ابنة شيرين عبد الوهاب إلى مايو (أيار) 2023، عقب استدعاء المسؤولين في مدرسة «هنا»، لولي أمرها وهو والدها الموزع الموسيقي محمد مصطفى، طليق شيرين، حيث أبلغته الاختصاصية الاجتماعية أن «ابنته تمر بظروف نفسية سيئة للغاية حتى أنها تفكر في الانتحار بسبب تعرضها للابتزاز على يد أحد الأشخاص».

ولم تتردد شيرين عبد الوهاب في إبلاغ السلطات المختصة، وتبين أن المتهم (19 عاماً) مقيم بمدينة المنصورة، وطالب بكلية الهندسة، ويستخدم حساباً مجهولاً على تطبيق «تيك توك».

شيرين وابنتيها هنا ومريم (إكس)

وأكد الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع، أن «الوعي لدى الفتيات والنساء هو كلمة السر في التصدي لتلك الجرائم التي كثُرت مؤخراً؛ نتيجة الثقة الزائدة في أشخاص لا نعرفهم بالقدر الكافي، ونمنحهم صوراً ومقاطع فيديو خاصة أثناء فترات الارتباط العاطفي على سبيل المثال»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «كثيراً من الأشخاص لديهم وجه آخر صادم يتسم بالمرض النفسي أو الجشع والرغبة في الإيذاء ولا يتقبل تعرضه للرفض فينقلب إلى النقيض ويمارس الابتزاز بكل صفاقة مستخدماً ما سبق وحصل عليه».

فيما يعرّف أستاذ كشف الجريمة بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية بمصر، الدكتور فتحي قناوي، الابتزاز الإلكتروني بوصفه «استخدام التكنولوجيا الحديثة لتهديد وترهيب ضحية ما، بنشر صور لها أو مواد مصورة تخصها أو تسريب معلومات سرية تنتهك خصوصيتها، مقابل دفع مبالغ مالية أو استغلال الضحية للقيام بأعمال غير مشروعة لصالح المبتزين».

ويضيف في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «مرتكب الابتزاز الإلكتروني يعتمد على حسن نية الضحية وتساهلها في منح بياناتها الخاصة ومعلوماتها الشخصية للآخرين، كما أنه قد يعتمد على قلة وعيها، وعدم درايتها بالحد الأدنى من إجراءات الأمان والسلامة الإلكترونية مثل عدم إفشاء كلمة السر أو عدم جعل الهاتف الجوال متصلاً بالإنترنت 24 ساعة في كل الأماكن، وغيرها من إجراءات السلامة».

مشدداً على «أهمية دور الأسرة والمؤسسات الاجتماعية والتعليمية والإعلامية المختلفة في التنبيه إلى مخاطر الابتزاز، ومواجهة هذه الظاهرة بقوة لتفادي آثارها السلبية على المجتمع، سواء في أوساط المشاهير أو غيرهم».