انطلاق المحادثات المباشرة بين الحكومة السودانية والجماعات المسلحة

حمدوك يتلقى رسالة دعم من رئيس الوزراء البريطاني

انطلاق المحادثات المباشرة بين الحكومة السودانية والجماعات المسلحة
TT

انطلاق المحادثات المباشرة بين الحكومة السودانية والجماعات المسلحة

انطلاق المحادثات المباشرة بين الحكومة السودانية والجماعات المسلحة

بدأت في جوبا، أمس، جولة محادثات مباشرة بين وفد الحكومة الانتقالية والحركات المسلحة في «الجبهة الثورية». أثناء ذلك، أعلنت لجنة الوساطة، عودة الحركة الشعبية لتحرير السودان - قطاع الشمال - بقيادة عبد العزيز آدم الحلو، إلى طاولة المفاوضات، اليوم «الجمعة».
واتفقت الأطراف السودانية، في الجلسة الأولى، على تشكيل لجنة مشتركة لمراجعة وتقييم وثيقة إعلان المبادئ التي تم توقيعها في جوبا الشهر الماضي، إلى جانب وضع أجندة التفاوض وخريطة طريق تحدد مستقبل العملية السلمية، بوساطة حكومة جنوب السودان.
وقال رئيس لجنة الوساطة المستشار الأمني لرئيس جنوب السودان، توت قلواك، للصحافيين في جوبا، أمس: «أجرينا جلسة حوار مباشر بين وفد حكومة السودان والجبهة الثورية، وتم الاتفاق على تشكيل لجنة مشتركة لمراجعة وتقييم وثيقة إعلان جوبا ووضع خريطة طريق للعملية السلمية ومسارات التفاوض».
من جهته، أكد رئيس تحالف الجبهة الثورية، الهادي إدريس، للصحافيين عقب أولى جلسات التفاوض المباشر، أن الجلسة التي جمعت وفدي التحالف والحكومة السودانية كانت تهدف إلى بناء الثقة، وجدد التزام الجبهة الثورية بالسلام والوثيقة الإطارية ودعم جوبا كمنبر ومقر للتفاوض. وقال: «نؤكد التزامنا بالسلام وبإعلان جوبا، والجلسة الأولى للمحادثات المباشرة مع وفد الحكومة السودانية جرت فيها مراجعات لوثيقة إعلان المبادئ، من أجل بناء الثقة والتمهيد للتفاوض، وسنقوم بتحديد خريطة الطريق لوضع مسار محادثات السلام».
من ناحيته، قال عضو مجلس السيادة السوداني المتحدث باسم الوفد الحكومي، محمد التعايشي، للصحافيين، إن الحكومة تؤكد عزمها على المضي قدماً في سبيل تحقيق السلام. وأوضح أن حكومة جنوب السودان مؤهلة للعملية السلمية في السودان في وقت وجيز، وأضاف: «هذا أول لقاء مباشر بين وفدي الحكومة والجبهة الثورية، وقد انتهى بتشكيل لجنة مشتركة لمراجعة إعلان جوبا ووضع الأجندة وخريطة طريق للتفاوض وجدولة موضوعات النقاش التي ستمكن الطرفين من إحداث اختراق في وقت وجيز».
وقال مستشار رئيس جنوب السودان، رئيس لجنة الوساطة لمحادثات السلام، توت قلواك، في مؤتمر صحافي أمس بجوبا، إن «الشعبية» بقيادة الحلو قررت العودة إلى المفاوضات، مشيراً إلى أن الخلافات التي برزت بين الطرفين تم احتواؤها، وإن عملية السلام بين جميع الأطراف السودانية تسير بخطوات إيجابية نحو تحقيق السلام الشامل في السودان.
وأعلن قلواك أن الجلسة الأولى للمفاوضات بين وفدي الحكومة الانتقالية والحركة الشعبية بقيادة عبد العزيز الحلو ستنطلق صباح اليوم.
ومن جانبه، أكد الأمين العام للحركة الشعبية، قطاع الشمال، التزام الحركة بالتفاوض المباشر مع الحكومة الانتقالية في أي زمان، مشيداً في الوقت ذاته بالخطوات الإيجابية التي اتخذها مجلس السيادة بمعالجة الأحداث التي وقعت في منطقة «خور الورل» بالمناطق المحررة التي تسيطر عليها الحركة الشعبية.
ويقود وفد التفاوض الحكومي نائب رئيس مجلس السيادة، محمد حمدان دلقو «حميدتي»، ويضم الفريق الركن شمس الدين كباشي، الفريق الركن ياسر العطا، محمد حسن التعايشي، محمد الفكي سليمان، فيما يقود وفد «الجبهة الثورية» رئيسها الهادي إدريس، وياسر عرمان، والتوم هجو، وعدد من قيادات الحركات «الثورية».
وفي سياق آخر، تلقى رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، رسالة من نظيره البريطاني، بوريس جونسون، أكد فيها دعم المملكة المتحدة للسودان لتحقيق التحول الديمقراطي.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.