مخاوف وتحذيرات دولية من ترسيخ «داعش» وجوده في ليبيا

قيادي محلي: إذا تجمّعت عناصره ستكون كارثة

«قوة مكافحة الإرهاب» في غرب ليبيا تقبض على شخص يشتبه بانتمائه إلى «داعش» (قوة مكافحة الإرهاب)
«قوة مكافحة الإرهاب» في غرب ليبيا تقبض على شخص يشتبه بانتمائه إلى «داعش» (قوة مكافحة الإرهاب)
TT

مخاوف وتحذيرات دولية من ترسيخ «داعش» وجوده في ليبيا

«قوة مكافحة الإرهاب» في غرب ليبيا تقبض على شخص يشتبه بانتمائه إلى «داعش» (قوة مكافحة الإرهاب)
«قوة مكافحة الإرهاب» في غرب ليبيا تقبض على شخص يشتبه بانتمائه إلى «داعش» (قوة مكافحة الإرهاب)

عبّر مواطنون ليبيون في جنوب وغرب البلاد عن مخاوفهم من «عودة قوية» لفلول «تنظيم داعش» الإرهابي، بعد رصد عشرات العناصر في مناطق عدة، وسط تحذيرات دولية من قدرة التنظيم الإرهابي على توحيد صفوفه، إذ قال وزير الخارجية الروسي إن ليبيا تواجه مخاطر التحول إلى «قاعدة رئيسية للإرهابيين» في شمال أفريقيا.
وقال سالم الأميل، المتحدث باسم سرية تابعة لـ«قوة حماية سرت»، إن «قوة مكافحة الإرهاب وبمساعدة (قوة حماية سرت) قبضت على أحد عناصر التنظيم من الذين سبق وفروا من المدينة عقب تحريرها نهاية عام 2016». مشيراً إلى أنه «وصلتهم معلومات بدخول المسلح الداعشي إلى سرت، فنصبت القوتان كميناً وقبضتا عليه فور دخوله المدينة».
وأوضح الأميل في حديث إلى «الشرق الأوسط» أمس، أن «عناصر (تنظيم داعش) يوجدون بكثرة في بعض المناطق الجبلية بالجنوب الليبي، بعد تنظيم صفوفهم، مستغلين حالة الانفلات الأمني هناك»، مشيراً إلى أن «التقارير الاستخباراتية تكشف أن قوة التنظيم الآن عبارة عن مجموعات متفرقة بالعشرات، ولو جاءتهم الفرصة وتجمعوا ستكون كارثة».
ونفّذت القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا «أفريكوم» أربع غارات جوية على معاقل التنظيم في الجنوب، خلال الشهر الجاري، وأعلنت مقتل قيادات بارزة في التنظيم. لكن موقع «آرمي نيوز» نقل عن مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية أن الضربات قتلت 43 مسلحاً من التنظيم، متوقعا بقاء ما يقارب 100 مسلح على قيد الحياة في مناطق بالجنوب.
وقال إياس عبد المنصف، الذي ينتمي إلى مدينة مرزق بجنوب البلاد، لـ«الشرق الأوسط» أمس إنهم من وقت لآخر يرصدون سيارات تحمل مسلحين ملثمين يتجولون حول مدينتهم ليلاً، ويطلقون الرصاص في الهواء لبث الرعب في قلوب الأهالي.
وتابع عبد المنصف أن «عناصر التنظيم اختفوا بعد الضربة الأميركية عدة أيام، لكننا رصدنا آخرين يتوعدون الأهالي بالخطف والقتل ثأراً لمن قتل منهم». وعقب كل عملية جوية نفذتها «أفريكوم» على معاقل يعتقد أنها لمسلحي «داعش»، تعلن أنها تمت بالتنسيق مع حكومة «الوفاق» في طرابلس، للحد من نشاط التنظيمات الإرهابية داخل البلاد.
والمخاوف المحلية والدولية تتمثل الآن في قدرة التنظيم على اختراق الحدود قادما من العراق أو سوريا، والتجول بحرية تامة بين المدن الليبية، وهو ما كشف عنه الأميل. وقال إن «عناصر التنظيم تحاول الاستفادة من الضربات الجوية التي نُفذت على قوة سرت، ورغم أنها مرتبكة، وتعاني حالة من الضعف، فإننا نتوقع قيامها بعمليات إرهابية في سرت أو جنوب البلاد».
وعبّر الأميل عن مخاوفه من تسلل عناصر التنظيم عبر الحدود الليبية المفتوحة على مصراعيها قادمين من العراق وسوريا: «نعم، الفوضى في بلادي تسمح بذلك، فكل العناصر الإرهابية الآن وجهتها ليبيا». وحول قدرة هذه العناصر على اختراق منطقة وسط ليبيا، رد الأميل: «هذا لا يمكن بفضل الله، فهناك منظومة للتحري ترصد جيداً وسنحبط أي محاولة تسلل أو تفجير».
وسبق وأعلن فائز السراج رئيس المجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق» تحرير مدينة سرت من «تنظيم داعش» في الثامن عشر من ديسمبر (كانون الأول) عام 2016 منذ ذلك اليوم وفلول التنظيم، الذي استوطن المناطق الجبلية، يباغت الكثير من البلدات الجنوبية بعمليات إرهابية، كما يعود إلى سرت ملوحاً برياته السوداء، تاركاً حالة من الذعر بين المواطنين، قبل أن يغادرها إلى الصحراء.
ونقلت وكالة «إنترفاكس» عن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، قوله إن ليبيا تواجه خطر التحول إلى قاعدة رئيسية للإرهابيين في شمال أفريقيا، مشيراً إلى أن الصراع الدائر في شمال شرقي سوريا جراء العملية العسكرية التي تشنها تركيا هناك، فتح المجال أمام عناصر من «تنظيم داعش» للانتشار في جميع أنحاء العالم.
وقال مسؤول أمني ليبي، من شرق ليبيا، إن ما تحدث عنه وزير الخارجية الروسي «هو عين الحقيقة، وسبق ونبهنا عنه أكثر من مرة، والقيادة العامة في الجيش الليبي تدرك ذلك»، لكنه قال إن مناطق شرق البلاد «تخلصت من هذا الخطر وقضت عليه».
وأضاف العقيد محمد عبد السلام المصينعي لـ«الشرق الأوسط»: «كان هناك مخطط رهيب لغزو شمال أفريقيا وآسيا، وتكون ليبيا هي القاعدة الرئيسية ويتم الانطلاق منها إلى دول عربية». وكان المبعوث الأممي لدى ليبيا غسان سلامة، تحدث في إحاطة سابقة أمام مجلس الأمن الدولي بأن «تنظيم داعش» بدأ بالظهور مجدداً في ليبيا، وعادت راياته ترفرف في جنوب البلاد.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».